تفسير سورة لقمان

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة لقمان من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

إلا﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾[لقمان: ٢٧] إلى ثلاث آيات. لمَّا قال:﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ ﴾[الزمر: ٥٨] إلى آخره، وهدد بتكذيبه، اتبعه بما ينبيء، عن كمال عظمته تعالى فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * الۤـمۤ * تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ ﴾: حال كونها ﴿ هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ * ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴾: الفائزون ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي ﴾: بالمال أو يختار ﴿ لَهْوَ ﴾: لهوا من ﴿ ٱلْحَدِيثِ ﴾: الغناء، أو اشتراء المغنية وفي معناه كل من اختار اللهو واللعب والمزامير والمعازف على القرآن ﴿ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ﴾: دين ﴿ ٱللَّهِ ﴾: وبالفتح ليتبت على ضلاله ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾: بخسرانه ﴿ وَيَتَّخِذَهَا ﴾: سبيل الله ﴿ هُزُواً ﴾: سخرية ﴿ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾: لإهانتهم دينه ﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا وَلَّىٰ ﴾: أدبر ﴿ مُسْتَكْبِراً كَأَن ﴾: كأنه ﴿ لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً ﴾: ثقلا من استماعها ﴿ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ * خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً ﴾: مصدران مؤكدان لنفسه ولغيره ﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: في انجاز وعده ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في فعله ﴿ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ ﴾: متعلق ﴿ تَرَوْنَهَا ﴾: كما مر ﴿ وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: جبالا ﴿ رَوَاسِيَ ﴾: شوامخ كراهة ﴿ أَن تَمِيدَ ﴾: تميل ﴿ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴾: كثير النفع ﴿ هَـٰذَا خَلْقُ ﴾: مخلوق ﴿ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ﴾: الآلهة ﴿ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ ﴾: ليستحقروا العبادة ﴿ بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾: ظاهر
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ﴾: بن لاعورا ابن اخت أيوب، عاش مُفتياً إلى زمن داود وصحبه، وأخذ عنه العلم وترك النساء، وليس بنبي عند الجمهور ﴿ ٱلْحِكْمَةَ ﴾: هي استكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية، ثم اكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة بقدر طاقتها قائلين ﴿ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ ﴾: على هذه النعمة ﴿ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾: منفعتُهُ له ﴿ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ ﴾: عن شكره ﴿ حَمِيدٌ ﴾: وإن لم يحمد ﴿ وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ ﴾: أنعم أو أشْكم أو ماتان، كان مع امرأته كافرين، فما زال بهما حتى أسلما ﴿ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ ﴾: تصغير إشفاق ﴿ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ﴾: ببرهما ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ ﴾: وهنت ﴿ وَهْناً ﴾: ضعفا ﴿ عَلَىٰ وَهْنٍ ﴾: ضعف، فإنهما لا تزال يزيد ضعفها ﴿ وَفِصَالُهُ ﴾: وفطامه ﴿ فِي عَامَيْنِ ﴾: اعتراض الحمل والفصال في البين توصيه في خصومها قائلين: ﴿ أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾: قال سفيان: حق بر الأول يؤدي بالصلوات الخمس، والثاني بالدعاء لهما أدبرها ﴿ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ ﴾: فأجازى ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ ﴾: باستحقاته للإشتراك ﴿ عِلْمٌ ﴾: كما مر ﴿ فَلاَ تُطِعْهُمَا ﴾: فيه ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا ﴾: صاحبا ﴿ مَعْرُوفاً ﴾: بنحو البر، وسئل الحسن: لو نهيَاهُ عن الصلاة بالمسجد فقال: فليطعهما، فإنه للشفقة ﴿ وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ ﴾: رجع ﴿ إِلَيَّ ﴾: بالطاعة كأبي بكر كما بُيّنَ في العنكبوت ﴿ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾: بالجزاء، ولما اعترض الإتيان لتأكيد مَنْع الشرك رجع إلى وصيه لقمان حيث قال له ابنه: أن عملت خيرا خفيا كيف يعلمه الله؟ فقال: ﴿ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ ﴾: الخصلة حسنة كانت أو سيئة ﴿ إِن تَكُ مِثْقَالَ ﴾: مقدار ﴿ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ ﴾: صغيرا ﴿ فَتَكُنْ فِي ﴾: جوف ﴿ صَخْرَةٍ ﴾: أخفى مكان أو السجين تحت الأرضين ﴿ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ ﴾: أعلاها ﴿ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: أسفلها ﴿ يَأْتِ بِهَا ﴾: يحضرها ﴿ ٱللَّهُ ﴾: فيجازى ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ ﴾: عالم بكل خفي ﴿ خَبِيرٌ ﴾: بنكهة ﴿ يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ ﴾: من البلاء ﴿ إِنَّ ذَلِكَ ﴾: المذكور ﴿ مِنْ عَزْمِ ﴾: معزوم ﴿ ٱلأُمُورِ ﴾: مفروضها ﴿ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ﴾: لا تمله عنهم تكبرا ﴿ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: تمرح ﴿ مَرَحاً ﴾: اختيالا ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ ﴾: ذي خيلاء أو متبختر في مشيه ﴿ فَخُورٍ ﴾: على الناس بغير الحق، وأخر مقابل التصغير للفواصل ﴿ وَٱقْصِدْ ﴾: توسط بين الدبيب والإسراع ﴿ فِي مَشْيِكَ ﴾: في الحديث:" سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن "والإسراع الوارد في مشيه عليه الصلاة والسلام محمول على ما فوق البطء المفرط ﴿ وَٱغْضُضْ ﴾: اقصر ﴿ مِن صَوْتِكَ ﴾: كانت العرب تفتخر بجهارة الصوت ﴿ إِنَّ أَنكَرَ ﴾: أقبح ﴿ ٱلأَصْوَاتِ لَ ﴾: جنس ﴿ صَوْتُ ٱلْحَمِيرِ ﴾: خصصها لأنها تختص بالجهر غاية وسعها، تمتِ الوصيَّةُ.
﴿ أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾: بأن جعلهما من أسباب منافعكم ﴿ وَأَسْبَغَ ﴾: أتم، وقريء في الشَّاذة بإبدال السين صادا، وجوازه مطرود في اجتماعها مع غين أو خاء أو قاف، ولو بفاصلة كصلخ وصقر ﴿ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً ﴾: تعرفونها ﴿ وَبَاطِنَةً ﴾: لا تعرفونها أو محسوسة ومعقولة ﴿ وَ ﴾: مع هذا ﴿ مِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ﴾: دين ﴿ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى ﴾: من رسول ﴿ وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ ﴾: يضئ، بل بتقليد الجهلة ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا ﴾: وتتبعونهم ﴿ أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ ﴾: آبائهم ﴿ إِلَىٰ ﴾: موجبات ﴿ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ * وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾: في عمله ﴿ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ ﴾: الحبل الأوثق الموصل إلى الله تعالى بلا انفصام ﴿ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ ﴾: مرجعها ﴿ وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ ﴾: بالجزاء ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾: فضلاً عن غيرها، فيجازي عليها ﴿ نُمَتِّعُهُمْ ﴾: في الدنيا ﴿ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ ﴾: نلجئهم في الآخرة ﴿ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾: ثقيل عليهم ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾: على تمام حجتي ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾: أنه يلزمهم ﴿ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ﴾: عن عبادتهم ﴿ ٱلْحَمِيدُ ﴾: المستحق للحمد وإن لم يحمد ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ ﴾: وحدها لإرادة تفصيل آحادها ﴿ أَقْلاَمٌ ﴾: لكتابة معلومات الله ﴿ وَٱلْبَحْرُ ﴾: المحيط بسعته مدادا ﴿ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ ﴾: بعد نفاده ﴿ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ﴾: والسبعة للكثرة أي: لو كُتبت بها معلوماته ﴿ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ ﴾: وقد أفاد بجمع القلة انها لا تفي بقليلها، وبالغ في المداد لنفردها بالكتابة دون القلم ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ﴾: لا يعجزه شيء ﴿ حَكِيمٌ ﴾: في أفعاله ﴿ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾: كخلقها وبعثها ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾: بالكل لا يشغله إدراك بعض ع بعض، فكذا خلقه ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ ﴾: كما مر ﴿ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ ﴾: منهما ﴿ يَجْرِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾: القيامة، والفرق بين إلى واللام إفادة منتهى الجري، والغَرض منه ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * ذَلِكَ ﴾: الاختصاص بالقدرة التامة ﴿ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ﴾: الثابت ﴿ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ﴾: هو ﴿ ٱلْبَاطِلُ ﴾: الزائل ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ﴾: شأنا ﴿ ٱلْكَبِيرُ ﴾: سلطانا ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ ﴾: مصحوبة ﴿ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ ﴾: أي: بسبب رحمته ﴿ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ ﴾: على بلائه ﴿ شَكُورٍ ﴾: على نعمائه ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ ﴾: علاهم ﴿ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ ﴾: كما يظل من نحو الجبال ﴿ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ ﴾: عدل موحد، والباقي يجحدون الحق ﴿ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ ﴾: ومنها الإنجاء ﴿ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ ﴾: غدار ﴿ كَفُورٍ ﴾: للمنعم ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي ﴾: لا يقضي ﴿ وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ ﴾: قاض ﴿ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً ﴾: أفهم بتغيير أنه أولى بأن لا يجزي عنه ﴿ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ ﴾: بالجزاء ﴿ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ﴾: برحمته الشيطان ﴿ ٱلْغَرُورُ ﴾: بترجيه عفوه ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ ﴾: فقط هذه الخمسة: ﴿ عِلْمُ ﴾: تعيين ﴿ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ ﴾: وقته ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ ﴾: ذكورة وأنوثة وغيرهما ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً ﴾: خيراً أو شراً، جعل لنا الدراية التي فيها معنى الحيلة ولجنابه تعالى العلم تفرقة بين العملين، وأفاد أم ما هو بحيلتنا لا نعرف عاقبته، فكيف بغيره ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾: خص المكان ليعرف الزمان من باب أولى، لأن الأول في وسعنا بخلاف الثاني وَتَخْصيص الخمسة لسؤالهم عنها ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ ﴾: بالظواهر والبواطن، سبحانه وتعالى - واللهُ أعْلَمُ بالصَّوَاب.
سورة لقمان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (لُقْمانَ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ عظمة هذا الكتاب، واتصافه بالحِكْمة، ومن ثَمَّ إثبات صفة الحِكْمة لله عز وجل، كما ذكرت السورةُ الكريمة وصايا (لُقْمانَ) الحكيمِ لابنه، التي يجدُرُ بكلِّ مَن آمَن بهذا الكتاب أن يأخذ بها، وقد تعرَّضتِ السورةُ لدلائلِ وَحْدانية الله وعظمته في هذا الكون، وبيان أقسام الناس، وموقفهم من الكتاب؛ من مؤمنٍ به وكافر.

ترتيبها المصحفي
31
نوعها
مكية
ألفاظها
550
ترتيب نزولها
57
العد المدني الأول
33
العد المدني الأخير
33
العد البصري
34
العد الكوفي
34
العد الشامي
34

* قوله تعالى: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتِ: {اْلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌وَلَمْ ‌يَلْبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شَقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّنا لا يَظلِمُ نفسَه؟ قال: «ليس ذلك؛ إنما هو الشِّرْكُ؛ ألَمْ تَسمَعوا ما قال لُقْمانُ لابنِهِ وهو يَعِظُه: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]؟!»». أخرجه البخاري (٣٤٢٩).

* سورة (لُقْمانَ):

سُمِّيتْ سورةُ (لُقْمانَ) بهذا الاسم؛ لذكرِ (لُقْمانَ) فيها، ولم يُذكَرْ في سورة أخرى.

* قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها في صلاة الظُّهْرِ:

عن البَراء بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي بنا الظُّهْرَ، فنَسمَعُ منه الآيةَ بعد الآياتِ مِن سورةِ لُقْمانَ، والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

اشتمَلتْ سورةُ (لُقْمانَ) على الموضوعات الآتية:

1. المحسِنون: تعريفٌ وجزاء (١-٥).

2. فريق اللَّهْوِ من الناس (٦-٧).

3. آية الحِكْمة والقُدْرة (٨-١١).

4. نعمة الحِكْمة، والدعوةُ إلى شُكْرها (١٢-١٩).

5. إسباغ النِّعَم (٢٠-٢١).

6. الإنسان بين الكفرِ والإيمان (٢٢-٢٦).

7. كلمات الله التى لا تَنفَدُ (٢٧- ٢٨).

8. نعمة التسخير (٢٩- ٣٢).

9. المُغيَّبات وغُرور الحياة (٣٣-٣٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /27).

جاءت سورةُ (لُقْمانَ) بمقاصِدَ عظيمةٍ؛ منها: إثباتُ الحِكْمة للكتاب، التي يلزم منها حِكْمةُ مُنزِلِه في أقواله وأفعاله؛ وهو اللهُ عزَّ وجلَّ.

ومنها: تذكيرُ المشركين بدلائلِ وَحْدانية الله تعالى، وبنِعَمِه عليهم؛ من خلال وصايا (لُقْمانَ) عليه السلام لابنه، وذكَرتْ مزيَّةَ دِين الإسلام، وتسليةَ الرسول صلى الله عليه وسلم بتمسُّك المسلمين بالعُرْوة الوثقى، وأنه لا يُحزِنه كفرُ مَن كفروا.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /356)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /139).