تفسير سورة لقمان

تفسير ابن أبي زمنين

تفسير سورة سورة لقمان من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين.
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
وهي مكية كلها.

قَوْلُهُ: ﴿الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيم﴾ هَذِهِ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ الْمُحْكَمِ؛ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْأَمْرِ وَالنَّهْي
﴿ تلك آيات الكتاب الحكيم( ٢ ) ﴾ هذه آيات الكتاب الحكيم المحكم ؛ أحكمت آياته بالحلال والحرام، والأمر والنهي.
﴿هدى وَرَحْمَة للمحسنين﴾ لِلْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ: ﴿وَرَحْمَة﴾ بِالنّصب فعلى الْحَال.
﴿الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة﴾ الْمَفْرُوضَة ﴿وَيُؤْتونَ الزَّكَاة﴾ الْمَفْرُوضَة
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيث﴾ تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ: يَخْتَارُ بَاطِلَ الْحَدِيثِ عَلَى الْقُرْآنِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ؛ وَكَانَ رَجُلًا رَاوِيَةً لِأَحَادِيثِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَشْعَارِهِمْ ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أَتَاهُ مِنَ
372
اللَّهِ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الشّرك ﴿ويتخذها﴾ يَتَّخِذُ آيَاتِ اللَّهِ الْقُرْآنَ ﴿هُزُوًا﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ: ﴿وَيَتَّخِذُهَا﴾ بِالرَّفْع فعلى الِابْتِدَاء.
373
﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مستكبرا﴾ أَيْ: جَاحِدًا ﴿كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا﴾ أَيْ: قَدْ سَمِعَهَا بِأُذُنَيْهِ، وَلَمْ يَقْبَلْهَا قَلْبُهُ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بِهَا الْحُجَّةُ. ﴿كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا﴾ صمما.
سُورَة لُقْمَان من (آيَة ٨ - آيَة ١١).
﴿خلق السَّمَاوَات بِغَيْر عمد ترونها﴾ فِيهَا تَقْدِيمٌ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ: خَلَقَ السَّمَوَاتِ تَرَوْنَهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ، وَتَفْسِيرُ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهَا عَمَدٌ وَلَكِنْ لَا تَرَوْنَهَا ﴿وَأَلْقَى فِي الأَرْض رواسي﴾ يَعْنِي: الْجِبَالَ أَثْبَتَ بَهَا الْأَرْضَ ﴿أَن تميد بكم﴾ أَيْ: لِئَلَّا تَحَرَّكَ بِكُمْ ﴿وَبَثَّ فِيهَا﴾ خَلَقَ ﴿مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾.
﴿فَأَرُونِي مَاذَا خلق﴾ يَقُوله للْمُشْرِكين (ل ٢٦٦) ﴿مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ يَعْنِي: الْأَوْثَان ﴿بل الظَّالِمُونَ﴾ الْمُشْركُونَ ﴿فِي ضلال مُبين﴾ بَين.
سُورَة لُقْمَان من (آيَة ١٢ آيَة ١٦).
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: الْفِقْهَ وَالْعَقْلَ، وَالْإِصَابَةَ فِي الْقَوْلِ فِي غَيْرِ نبوة ﴿أَن اشكر لله﴾ النِّعْمَةَ. ﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لنَفسِهِ﴾ وَهُوَ الْمُؤمن ﴿وَمن كفر﴾ يَعْنِي: كَفَرَهَا ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ﴾ عَن خلقه ﴿حميد﴾ اسْتوْجبَ عَلَيْهِم أَن يحمدوه
﴿إِن الشّرك لظلم عَظِيم﴾ يَعْنِي: يَظْلِمُ بِهِ الْمُشْرِكُ نَفْسَهُ وينقصها.
﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهنا على وَهن﴾ أَيْ: ضَعْفًا عَلَى ضَعْفٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَعْنَى: لَزِمَهَا لِحَمْلِهَا إِيَّاهُ أَنْ تَضْعُفَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.
﴿وَإِن جَاهَدَاك﴾ يَعْنِي: أَرَادَاكَ ﴿عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم﴾ أَيْ أَنَّكَ لَا تَعْلَمُ أَنَّ لِي شَرِيكًا؛ يَعْنِي: الْمُؤْمِنَ ﴿فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ طَرِيقَ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيَّ بِقَلْبِهِ مخلصا
﴿يَا بني﴾ رَجَعَ إِلَى كَلَامِ لُقْمَانَ ﴿إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَال حَبَّة﴾ أَيْ: وَزْنَ حَبَّةٍ ﴿مِنْ خَرْدَلٍ﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ (مِثْقَالُ) بِالرَّفْع مَعَ تَأْنِيث (تَكُ) فَلِأَنَّ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ
374
خَرْدَلٍ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى خَرْدَلَةٍ؛ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ: إِنْ تَكُ حَبَّةٌ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ.
قَالَ يَحْيَى: بَلَغَنَا أَنَّهَا الصَّخْرَةُ الَّتِي عَلَيْهَا الْحُوتُ الَّذِي عَلَيْهِ قَرَار الأَرْض. ﴿أَو فِي السَّمَاوَات أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا الله﴾ أَيْ: احْذَرْ؛ فَإِنَّهُ سَيُحْصِي عَلَيْكَ عَمَلَكَ وَيَعْلَمُهُ؛ كَمَا عَلِمَ هَذِهِ الْحَبَّةَ مِنَ الْخَرْدَلِ ﴿إِنَّ اللَّهَ لطيف﴾ باستخراجها ﴿خَبِير﴾ بمكانها.
سُورَة لُقْمَان من (آيَة ١٧ آيَة ١٩).
375
﴿وَأمر بِالْمَعْرُوفِ﴾ بِالتَّوْحِيدِ ﴿وانه عَن الْمُنكر﴾ الشِّرْكِ ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور﴾ والعزم أَن يصبر
﴿وَلَا تصاعر خدك للنَّاس﴾ لَا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنْهُمُ اسْتِكْبَارًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمَنْ قَرَأَ (تُصَعِّرْ) فَعَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَصَابَ الْبَعِيرَ صَعْرٌ؛ إِذْ أَصَابَهُ دَاءٌ فَلَوَى مِنْهُ عُنُقَهُ.
375
قَالَ الْمُتَلَمِّسُ:
(وَكُنَّا إِذَا الْجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ أَقَمْنَا لَهُ مِنْ رَأْسِهِ فَتَقَوَّمَا)
قَوْلُهُ: ﴿وَلا تَمْشِ فِي الأَرْض مرحا﴾ أَيْ: تَعَظُّمًا ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يحب كل مختال فخور﴾ أَيْ: مُتَكَبِّرٍ فَخُورٍ، يَعْنِي: يُزْهَى بِمَا أُعْطِيَ، وَلَا يَشْكُرُ اللَّهَ
376
﴿واقصد فِي مشيك﴾ كَقَوْلِهِ: ﴿وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مرحا﴾ ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَات﴾ يَعْنِي: أقبح ﴿لصوت الْحمير﴾.
قَالَ مُحَمَّد: معنى (اغضض): انْقُصْ؛ الْمَعْنَى: عَرَّفَهُ قُبْحَ رَفْعِ الْصَوْتِ فِي الْمُخَاطَبَةِ وَالْمُلَاحَاةِ بِقُبْحِ أصوات الْحمير؛ لِأَنَّهَا عالية.
سُورَة لُقْمَان من (آيَة ٢٠ آيَة ٢٢).
﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لكم مَا فِي السَّمَاوَات﴾ يَعْنِي: شَمْسَهَا وَقَمَرَهَا وَنُجُومَهَا، وَمَا يَنْزِلُ مِنْهَا مِنْ مَاءٍ ﴿وَمَا فِي الأَرْض﴾ من شَجَرهَا وجبالها
376
وأنهارها وبحارها وَبَهَائِمِهَا ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وباطنة﴾ أَيْ: فِي بَاطِنِ أَمْرِكِمْ وَظَاهِرِهِ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي الله﴾ فَيَعْبُدُ الْأَوْثَانَ دُونَهُ ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هدى﴾ أَتَاهُ مِنَ اللَّهِ ﴿وَلا كِتَابٍ مُنِير﴾ بَيِّنَ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الشّرك.
377
﴿بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ يعنون: عبَادَة الْأَوْثَان ﴿أَو لَو كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السعير﴾ أَيْ: أَيَتَّبِعُونَ مَا وَجَدُوا عَلَيْهِ آبَاءَهُمْ، وَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ؛ أَيْ: قَدْ فعلوا.
﴿وَمن يسلم وَجهه﴾ يَعْنِي: وِجْهَتَهُ فِي الدِّينِ ﴿إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بالعروة الوثقى﴾ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴿وَإِلَى الله عَاقِبَة الْأُمُور﴾ يَعْنِي: مصيرها فِي الْآخِرَة.
سُورَة لُقْمَان من (آيَة ٢٣ آيَة ٢٨).
﴿نمتعهم قَلِيلا﴾ فِي الدُّنْيَا؛ يَعْنِي: إِلَى مَوْتِهِمْ.
﴿بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ﴾ أَنهم مبعوثون
﴿وَلَو أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَات الله﴾ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ يَكْتُبُ بِهَا عِلْمَهُ، وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ
377
أَبْحُرٍ؛ يُسْتَمَدُّ مِنْهُ لِلْأَقْلَامِ لَانْكَسَرَتِ الْأَقْلَامُ وَنَفِدَ الْبَحْرُ وَلَمَاتَ الْكُتَّابُ، وَمَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ يَعْنِي بِمَا خَلَقَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ: ﴿وَالْبَحْر﴾ بِالرَّفْع فَهُوَ على الِابْتِدَاء.
378
﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفس وَاحِدَة﴾ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: يَا مُحَمَّدُ، خَلَقَنَا الله (ل ٢٦٧) أَطْوَارًا: نُطَفًا ثُمَّ عَلَقًا ثُمَّ مُضَغًا ثُمَّ عِظَامًا ثُمَّ لَحْمًا، ثُمَّ أَنْشَأَنَا خَلْقًا آخَرَ كَمَا تَزْعُمْ، وَتَزْعُمُ أَنَّا نُبْعَثُ فِي سَاعَة وَاحِدَة؟ ّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَوَابًا لِقَوْلِهِمْ: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَة﴾ إِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيُكُونُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ (فَيَكُونُ) بِالرَّفْعِ فَعَلَى مَعْنَى: فَهُو يَكُونُ).
سُورَة لُقْمَان من (آيَة ٢٩ آيَة ٣٢).
﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَار فِي اللَّيْل﴾ هُوَ أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا من صَاحبه
﴿ليريكم من آيَاته﴾ يَعْنِي: جَرْيَ السُّفُنِ. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ وَهُوَ الْمُؤمن
﴿وَإِذا غشيهم موج كالظلل﴾ كالجبال. ﴿فَمنهمْ مقتصد﴾ هَذَا الْمُؤْمِنُ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَعَادَ فِي كُفْرِهِ ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كل ختار﴾ أَي: غدار ﴿كفور﴾ يَقُولُ: أَخْلَصَ لَهُ فِي الْبَحْرِ لِلْمَخَافَةِ مِنَ الْغَرَقِ، ثُمَّ غَدَرَ.
سُورَة لُقْمَان من (آيَة ٣٣ آيَة ٣٤).
﴿وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَده﴾ أَيْ: لَا يَفْدِيهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ. ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ يَعْنِي: الْبَعْثَ وَالْحِسَابَ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ. ﴿وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور﴾ الشَّيْطَانُ، وَتُقْرَأُ: (الْغُرُورُ) بِرَفْعِ الْغَيْنِ؛ يَعْنِي: غُرُورُ الدُّنْيَا، وَهُوَ أَبَاطِيلُهَا.
﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ علم مجيئها ﴿وَينزل الْغَيْث﴾ الْمَطَرَ ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ﴾ من ذكر وَأُنْثَى وَكَيْفَ صَوَّرَهُ ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ الله عليم﴾ بخلقه ﴿خَبِير﴾ بِأَعْمَالِهِمْ.
379
تَفْسِيرُ الم السَّجْدَةُ وَهِيَ مَكِيَّةٌ كلهَا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَة السَّجْدَة من (آيَة ١ آيَة ٥).
380
سورة لقمان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (لُقْمانَ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ عظمة هذا الكتاب، واتصافه بالحِكْمة، ومن ثَمَّ إثبات صفة الحِكْمة لله عز وجل، كما ذكرت السورةُ الكريمة وصايا (لُقْمانَ) الحكيمِ لابنه، التي يجدُرُ بكلِّ مَن آمَن بهذا الكتاب أن يأخذ بها، وقد تعرَّضتِ السورةُ لدلائلِ وَحْدانية الله وعظمته في هذا الكون، وبيان أقسام الناس، وموقفهم من الكتاب؛ من مؤمنٍ به وكافر.

ترتيبها المصحفي
31
نوعها
مكية
ألفاظها
550
ترتيب نزولها
57
العد المدني الأول
33
العد المدني الأخير
33
العد البصري
34
العد الكوفي
34
العد الشامي
34

* قوله تعالى: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتِ: {اْلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌وَلَمْ ‌يَلْبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شَقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّنا لا يَظلِمُ نفسَه؟ قال: «ليس ذلك؛ إنما هو الشِّرْكُ؛ ألَمْ تَسمَعوا ما قال لُقْمانُ لابنِهِ وهو يَعِظُه: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]؟!»». أخرجه البخاري (٣٤٢٩).

* سورة (لُقْمانَ):

سُمِّيتْ سورةُ (لُقْمانَ) بهذا الاسم؛ لذكرِ (لُقْمانَ) فيها، ولم يُذكَرْ في سورة أخرى.

* قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها في صلاة الظُّهْرِ:

عن البَراء بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي بنا الظُّهْرَ، فنَسمَعُ منه الآيةَ بعد الآياتِ مِن سورةِ لُقْمانَ، والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

اشتمَلتْ سورةُ (لُقْمانَ) على الموضوعات الآتية:

1. المحسِنون: تعريفٌ وجزاء (١-٥).

2. فريق اللَّهْوِ من الناس (٦-٧).

3. آية الحِكْمة والقُدْرة (٨-١١).

4. نعمة الحِكْمة، والدعوةُ إلى شُكْرها (١٢-١٩).

5. إسباغ النِّعَم (٢٠-٢١).

6. الإنسان بين الكفرِ والإيمان (٢٢-٢٦).

7. كلمات الله التى لا تَنفَدُ (٢٧- ٢٨).

8. نعمة التسخير (٢٩- ٣٢).

9. المُغيَّبات وغُرور الحياة (٣٣-٣٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /27).

جاءت سورةُ (لُقْمانَ) بمقاصِدَ عظيمةٍ؛ منها: إثباتُ الحِكْمة للكتاب، التي يلزم منها حِكْمةُ مُنزِلِه في أقواله وأفعاله؛ وهو اللهُ عزَّ وجلَّ.

ومنها: تذكيرُ المشركين بدلائلِ وَحْدانية الله تعالى، وبنِعَمِه عليهم؛ من خلال وصايا (لُقْمانَ) عليه السلام لابنه، وذكَرتْ مزيَّةَ دِين الإسلام، وتسليةَ الرسول صلى الله عليه وسلم بتمسُّك المسلمين بالعُرْوة الوثقى، وأنه لا يُحزِنه كفرُ مَن كفروا.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /356)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /139).