تفسير سورة لقمان

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة لقمان من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه إلكيا الهراسي . المتوفي سنة 504 هـ

قوله تعالى :﴿ ومِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَري لَهْوَ الحَدِيثِ ﴾، الآية :[ ٦ ].
قال ابن عباس : هو الغناء، والله الذي لا إله إلا هو يردها ثلاث، ومثله عن مجاهد وزاد فيه : هو الغناء والاستماع إليه.
وقال الحسن : هم الكفر والشرك، وأنهم يضلون عن سبيل الله بغير علم.
وتأوله قوم على الأحاديث التي يتلهى به أهل الباطل واللعب، وذلك أن المعنيّ بذلك، النضر بن الحارث، الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قد كان يشتري كتباً فيها أحاديث الفرس، فكان يتلهى بها في مجالسهم ويجعلها كالمعارضة للقرآن.
وهذه الأقوال أليق بالظاهر، لأن الغناء لا يطلق عليه الوصف بأنه حديث ولا إضلال، وإنما يطلق ذلك على الأحاديث الكاذبة الجارية مجرى القدح في القرآن، على ما روي فيما كان يتعاطاه النضر بن الحارث، فمن هذا الوجه يدل على أن الإقدام على كل قوم بغير علم لا يحسن، لأن الله تعالى قبح ذلك من حيث إنه كان إقداماً بغير علم١
١ - لم يراع المؤلف في هذه السورة ـ سورة لقمان ـ ترتيب الآيات عل نسق السورة، ورأينا ترك ما وضعه المؤلف على وضعه، ولم نتصرف فيه لمقتضى الأمانة، واكتفينا بهذا التنبيه..
قوله تعالى :﴿ وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ﴾، الآية :[ ١٤ ]. بيناه في مواضع.
قوله تعالى :﴿ وَفِصَالُهُ في عَامَيْنِ ﴾، الآية :[ ١٤ ]. وفي آية أخرى :﴿ وَحَمْلُهُ وفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً١. فنحصل من مجموع الآيتين أن الحمل أقله ستة أشهر. فاستدل به ابن عباس على مدة الحمل، واتفق أهل العلم عليه.
١ - سورة الأحقاف، الآية ١٥..
قوله تعالى :﴿ واتّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إليَّ ﴾، الآية :[ ١٥ ]. مثل قوله :﴿ وَيَتّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ١. إلا أن دلالة هذا على الإجماع أبعد لأن وصية لقمان لابنه لا تقتضي الاحتجاج بالإجماع.
١ - سورة النساء، آية ١١٥..
قوله تعالى :﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وأْمُرْ بِالمعْرُوفِ وانْه عَنِ المُنْكَرِ، واصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾، الآية :[ ١٧ ]، من الناس في الأمر بالمعروف، فظاهره يقتضي وجوب الصبر.
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ ﴾، الآية :[ ١٨ ]، نهي عن التكبر.
سورة لقمان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (لُقْمانَ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ عظمة هذا الكتاب، واتصافه بالحِكْمة، ومن ثَمَّ إثبات صفة الحِكْمة لله عز وجل، كما ذكرت السورةُ الكريمة وصايا (لُقْمانَ) الحكيمِ لابنه، التي يجدُرُ بكلِّ مَن آمَن بهذا الكتاب أن يأخذ بها، وقد تعرَّضتِ السورةُ لدلائلِ وَحْدانية الله وعظمته في هذا الكون، وبيان أقسام الناس، وموقفهم من الكتاب؛ من مؤمنٍ به وكافر.

ترتيبها المصحفي
31
نوعها
مكية
ألفاظها
550
ترتيب نزولها
57
العد المدني الأول
33
العد المدني الأخير
33
العد البصري
34
العد الكوفي
34
العد الشامي
34

* قوله تعالى: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتِ: {اْلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌وَلَمْ ‌يَلْبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شَقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّنا لا يَظلِمُ نفسَه؟ قال: «ليس ذلك؛ إنما هو الشِّرْكُ؛ ألَمْ تَسمَعوا ما قال لُقْمانُ لابنِهِ وهو يَعِظُه: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]؟!»». أخرجه البخاري (٣٤٢٩).

* سورة (لُقْمانَ):

سُمِّيتْ سورةُ (لُقْمانَ) بهذا الاسم؛ لذكرِ (لُقْمانَ) فيها، ولم يُذكَرْ في سورة أخرى.

* قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها في صلاة الظُّهْرِ:

عن البَراء بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي بنا الظُّهْرَ، فنَسمَعُ منه الآيةَ بعد الآياتِ مِن سورةِ لُقْمانَ، والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

اشتمَلتْ سورةُ (لُقْمانَ) على الموضوعات الآتية:

1. المحسِنون: تعريفٌ وجزاء (١-٥).

2. فريق اللَّهْوِ من الناس (٦-٧).

3. آية الحِكْمة والقُدْرة (٨-١١).

4. نعمة الحِكْمة، والدعوةُ إلى شُكْرها (١٢-١٩).

5. إسباغ النِّعَم (٢٠-٢١).

6. الإنسان بين الكفرِ والإيمان (٢٢-٢٦).

7. كلمات الله التى لا تَنفَدُ (٢٧- ٢٨).

8. نعمة التسخير (٢٩- ٣٢).

9. المُغيَّبات وغُرور الحياة (٣٣-٣٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /27).

جاءت سورةُ (لُقْمانَ) بمقاصِدَ عظيمةٍ؛ منها: إثباتُ الحِكْمة للكتاب، التي يلزم منها حِكْمةُ مُنزِلِه في أقواله وأفعاله؛ وهو اللهُ عزَّ وجلَّ.

ومنها: تذكيرُ المشركين بدلائلِ وَحْدانية الله تعالى، وبنِعَمِه عليهم؛ من خلال وصايا (لُقْمانَ) عليه السلام لابنه، وذكَرتْ مزيَّةَ دِين الإسلام، وتسليةَ الرسول صلى الله عليه وسلم بتمسُّك المسلمين بالعُرْوة الوثقى، وأنه لا يُحزِنه كفرُ مَن كفروا.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /356)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /139).