تفسير سورة النّمل

مجاز القرآن

تفسير سورة سورة النمل من كتاب مجاز القرآن
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ ﴾ أي تأخذه عنه ويلقى عليك.
﴿ إنِّي آنَسْتُ نَاراً ﴾ أي أبصرت وأحسست بها.
﴿ بِشِهَابٍ قَبَسٍ ﴾ أي بشعالة نارٍ، ومجاز ﴿ قَبَس ﴾ ما اقتبست منها من الجمر قال :
في كفِّه صَعْدة مثقفَّة فيها سِنانٌ كشُعْلة الْقَبَسِ
﴿ كَأَنَّهَا جَانٌّ ﴾ وهي جنس من الحيات.
﴿ وَلَمْ يُعَقِّبْ ﴾ أي ولم يرجع يقال : عقب عليه فأخذه.
﴿ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾ أي يدفعون فيستحث آخرهم ويحبس أولهم، وفي آية أخرى :﴿ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ﴾
﴿ قاَلَتْ نَمْلَةٌ يَأيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلوا مَسَاكِنَكُمْ ﴾ هذا من الحيوان الذي خرج مخرج الآدميين والعرب قد تفعل ذلك قال :
شَربتُ إذا ما الدِّيك يدعو صباحه إذا ما بنوا نَعْشٍ دَنَوْا فَتَصَوَّبوا
﴿ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ﴾ مجازه : شددني إليه ومنه قولهم : وزعني الحلم من السفاه أي منعني، ومنه قوله :
على حين عاقبتُ المَشيبَ على الصَّبا فقلت ألمَّا تَصْحُ والشَّيبُ وازِعُ
ومنه الوزعة الذين يدفعون الخصوم والناس عن القضاة والأمراء.
﴿ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ أي غير طويل، كاف " مكث " مفتوحة، وبعضهم يضمها.
﴿ أَلاَ يَسْجُدُوا لِلِه ﴾ مجازه الأمر، وهذه الياء التي قبل الألف ﴿ اسجدوا ﴾ تزيدها العرب للتنبيه إذا كانت ألف الأمر التي فيها من ألفات الوصل نحو قولك : اضرب يا فتى، واسجد واسلم ونحو ذلك قال العجاج :
يا دار سَلْمَى يا سلَمِى ثم اسلَمِى ***
فالياء زائدة في قوله : " يا سلمى "، وقال ذو الرمة :
ألا يا سِلَمى يا دار مّيٍ على البِلَى ولا زال مُنْهَلاً بجَرْعائِكِ القَطْرُ
وقال الأخطل :
ألا يا سلمى يا هند بني بَدْر وإن كان حَيّاناً عَدى آخر الدهرِ
﴿ الَّذِي يُخِرجُ الْخَبْءَ في السَّموَاتِ والأرْضِ ﴾ ما خبأت في نفسك أي ما أسررت.
﴿ لاَ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ﴾ مجازه لا طاقة لهم بها ولا يدين.
﴿ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الِجْنِّ ﴾ وهو من كل جن وإنس أو شيطان الفائق المبالغ الرئيس، يقال عفرية نفرية وعفارية وهما مثل عفريت قال جرير :
قرنتُ الظالمين بمَرْمَريس بِذلُّ له العفاريةُ المَريدُ
المرميس : الداهية الشديدة، قال ذو الرمة :
كأنه كوكبٌ في إثر عِفْرية مسوَّم في سواد الليل منقضِبُ
قال ﴿ الصَّرْحَ ﴾ القصر وكان من قوارير قال أبو ذؤيب :
بهن نَعامٌ بناها الرجا لُ تُشَبِّه أَعلامَهن الصروحا
كل بناء بنيتَه من حجارة فهو نعامة والجماع نعام وإذا كان من شجر وثرى فهو ثاية.
﴿ قَالُوا تَقَاسَمُوا باللِه ﴾ أي تحالفوا وهو من القسم.
﴿ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الغَابِرِينَ ﴾ أي جعلناها من الباقين.
﴿ آللّهُ خَيْرٌ أَمَّا تُشْرِكُونَ ﴾ مجازه أم ما تشركون أي أم الذي تشركون به فأدغمت الميم في الميم فثقلت و " ما " قد يوضع في موضع " من " و " الذي " وكذلك هي في آية أخرى :﴿ وَالسَّمَاءِ ومَا بَنَاهَا ﴾ ومن بناها ؛ ﴿ والأرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴾ ومن طحاها.
﴿ فَأَنْبَتْنَا بِه حَدَائِقَ ﴾ أي جناناً من جنان الدنيا واحدتها حديقة.
﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ ﴾ مجازه متى وفي آية أخرى :﴿ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ﴾ أي متى.
﴿ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ ﴾ مجازه جاء بعدكم.
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ﴾ أمة كل نبي الذين آمنوا به، ومن كل أمة أي من كل قرن فوجاً جماعة، ويقال جاءوني أفواجاً أي جماعات، وفي آية أخرى :﴿ وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلونَ في دينِ اللهِ أَفْوَاجاً ﴾ أي جماعات.
﴿ وَوَقَعً الْقَوْلُ علَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا ﴾ مجازه وجب المقاب عليهم بما كفروا.
﴿ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً ﴾ مجازه مجاز ما كان العمل والفعل فيه لغيره أي يبصر فيه، ألا ترى أن البصر إنما هو في النهار والنهار لا يبصر كما أن النوم في الليل ولا ينام الليل فإذا نيم فيه قالوا : ليله قائم ونهاره صائم قال جرير :
﴿ وَكُلٌّ أَتوْهُ دَاخِرِينَ ﴾ أي صاغرين خاضعين ﴿ كل ٌ ﴾ لفظه لفظ واحد ومعناه جميع، فهذه الآية في موضع جميع وقد يجوز في الكلام أن تجعله في موضع واحد فتقول : كل آتيه ذاخراً.
سورة النمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (النَّمْلِ) من السُّوَر المكية التي جاءت ببيانِ إعجاز القرآن الكريم، ووصفِه بالهداية والإرشاد، وأشارت السورةُ إلى ذِكْرِ دلائل وَحْدانية الله عز وجل وقُدْرته، وجاء فيها ذكرُ قِصَصِ عددٍ من الأنبياء؛ من ذلك: قصَّةُ سيدنا سُلَيمانَ عليه السلام عندما مرَّ بالنمل، وفي ذلك عِبَرٌ ومواعظُ كثيرة؛ منها: إظهارُ علمِ الله وحِكْمته من خلال تدبيره في خَلْقه.

ترتيبها المصحفي
27
نوعها
مكية
ألفاظها
1160
ترتيب نزولها
48
العد المدني الأول
195
العد المدني الأخير
195
العد البصري
94
العد الكوفي
93
العد الشامي
94

* سورة (النَّمْلِ):

سُمِّيت سورة (النَّمْلِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ النَّمْلة التي خاطبت النَّمْلَ في تضاعيفِ قصة سليمان، ولِما للنَّمْلِ من ارتباطٍ بمقصد السورة؛ كما أشرنا.

جاءت سورةُ (النَّمْلِ) على ذكرِ الموضوعات الآتية:

1. بيان إعجاز القرآن الكريم (١-٢).

2. صفات المؤمنين والكافرين، وجزاؤهم (٣-٦).

3. نداء الله تعالى لموسى عليه السلام بوادي طُوًى (٧-١٤).

4. قصة داود وسليمان عليهما السلام (١٥-٤٤).

5. قصة صالح عليه السلام (٤٥-٥٣).

6. قصة لوط عليه السلام (٥٤-٥٨).

7. البراهين الدالة على وَحْدانية الله تعالى (٥٩-٦٦).

8. إنكار المشركين للبعث، والردُّ عليهم (٦٧-٧٥).

9. إخبار القرآن عن أنباء السابقين (٧٦-٨١).

10. علامات الساعة، ومشاهد يوم القيامة (٨٢-٩٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /420).

مقصدُ سورة (النَّمْلِ): هو وصفُ هذا الكتاب بالكفاية لهدايةِ الخَلْقِ أجمعين؛ بالفصل بين الصراط المستقيم، وطريق الحائرين، والجمعِ لأصول الدِّين؛ لإحاطة علم مُنزِله بالخَفِيِّ والمُبِين، وبشارة المؤمنين ونِذارة الكافرين؛ بيوم اجتماع الأوَّلين والآخِرين، وكلُّ ذلك يرجع إلى العلمِ المستلزم للحكمة.

فالمقصودُ الأعظم منها: إظهار العلم والحكمة، وأدلُّ ما فيها على هذا المقصود: ما للنَّمل من حُسْنِ التَّدبير، وسَداد المذاهب في العيش، ولا سيما ما ذكَر عنها سبحانه من صِحَّةِ القصد في السِّياسة، وحُسْنِ التَّعبير عن ذلك القصد، وبلاغة التأدية، و(النَّمْلُ) آيةٌ من آيات الله في كونه، ضرَبه الله تعالى ليتأمَّلوا عجيبَ خَلْقه.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /333).

لقد لُمْتِنَا يا أُمِّ غيلانَ في السُّرَى ونَمِت وما ليل المَطيِّ بنائِم