تفسير سورة النّمل

معاني القرآن

تفسير سورة سورة النمل من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

وقال ﴿ بِشِهَابٍ قَبَسٍ ﴾ ( ٧ ) إِذا جعل " القَبَسَ " بدلا من " الشِّهابِ " وإِنْ أضافَ " الشِّهابَ " إلى " القَبَسِ " لم ينون " الشِّهابَ " وكلٌّ حسن.
قال ﴿ نُودِيَ أَن بُورِكَ ﴾ ( ٨ ) أَيْ : نُودِيَ بذلك.
وقال ﴿ إَلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ ﴾ ( ١١ ) لأن ﴿ إِلاَّ ﴾ تدخل في مثل هذا الكلام كمثل قول العرب : " ما أَشْتَكِي إِلاَّ خَيْراً " فلم يجعل قوله " إِلاَّ خَيْراً " على الشكوى ولكنه علم إذا قال لهم " مَا أَشْتَكي شَيْئاً " أنه يذكر [ ١٥٦ ب ] من نفسه خيراً. كأنه قال " ما أَذْكُرُ إِلاّ خَيْراً ".
وقال ﴿ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً ﴾ ( ١٣ ) أي : إِنَّها تُبَصِّرُهُم حتَّى أَبْصَرُوا. وإن شئت قلت ﴿ مُبْصَرَةً ﴾ ففتحت فقد قرأها بعض الناس وهي جيدة يعني مُبْصَرَةً مُبَيَّنَةً.
وقال ﴿ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ ﴾ ( ١٦ ) لأنها لما كانت تكلمهم صار كالمنطق. وقال الشاعر :[ من الخفيف وهو الشاهد الثالث والثلاثون بعد المئتين ] :
صدّها منطق الدجاج عن القصد ........
وقال :[ من الرجز وهو الشاهد الخامس والثلاثون بعد المئتين ] :
فَصَبَّحَتْ والطَيْرُ لَمْ تَكَلَّم ........
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٥:وقال ﴿ أَلاَّ يَسْجُدُواْ ﴾ ( ٢٥ ) يقول ﴿ وَزَيَّنَ* لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾ ( ٢٤ ) ل " أَنْ لاّ يَسْجُدُوا ". وقال بعضهم ﴿ أَلا يَسْجُدوا ﴾ فجعله أمْراً كأنه قال لهم " أَلاَ اسْجُدُوا " وزاد بينهما " يَا " التي تكون للتنبيه ثم اذهب ألف الوصل التي في " اِسْجُدُوا " وأذهب الألف التي في " يا " لأنها " ساكنة لقيت السين فصارت ﴿ أَلاَ يَسْجُدُوا ﴾. وفي الشعر :[ من الطويل وهو الشاهد الثاني والستون بعد المئتين ] :
أَلاَ يَا سْلِمَى يَا دَاَرَمّيٍ على البِلَى [ وَلاَ زَالَ مُنْهَلاً بِجَرْعَائِكِ القِطْرُ ]*
وإنَّما هي : ألا يا اسْلَمِي.

وقال ﴿ أَلاَّ يَسْجُدُواْ ﴾ ( ٢٥ ) يقول ﴿ وَزَيَّنَ* لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾ ( ٢٤ ) ل " أَنْ لاّ يَسْجُدُوا ". وقال بعضهم ﴿ أَلا يَسْجُدوا ﴾ فجعله أمْراً كأنه قال لهم " أَلاَ اسْجُدُوا " وزاد بينهما " يَا " التي تكون للتنبيه ثم اذهب ألف الوصل التي في " اِسْجُدُوا " وأذهب الألف التي في " يا " لأنها " ساكنة لقيت السين فصارت ﴿ أَلاَ يَسْجُدُوا ﴾. وفي الشعر :[ من الطويل وهو الشاهد الثاني والستون بعد المئتين ] :
أَلاَ يَا سْلِمَى يَا دَاَرَمّيٍ على البِلَى [ وَلاَ زَالَ مُنْهَلاً بِجَرْعَائِكِ القِطْرُ ]*
وإنَّما هي : ألا يا اسْلَمِي.
قال ﴿ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ﴾ ( ٢٨ ) ف﴿ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ ﴾ مؤخرة لأن المعنى " فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهَمُ ".
وقال ﴿ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ﴾ ( ٣٠ ) على ﴿ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ ﴾ ( ٢٩ ) ﴿ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ ﴾ و﴿ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ ﴾ و " بِسْمِ اللهِ " مقدمة في المعنى.
وقال ﴿ لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ﴾ ( ٤٠ ) أَيْ : لِيَنْظُرَ أَأَشْكُرُ أم أكفر. كقولك : " جِئْتُ لِأَنْظُرَ أَزَيْدٌ أَفْضَلُ أَمْ عَمْرٌو ".
و[ قال ]* ﴿ قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ ﴾ ( ٤٧ ) فأدغم التاء في الطاء لأنها من مخرجها وإذا استأنفت قلت " اِطَّيَّرْنا ".
وقال ﴿ تِسْعَةُ رَهْطٍ ﴾ ( ٤٨ ) فجمع وليس لهم واحد من لفظهم مثل " ذَوْدٍ ".
قوله ﴿ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ ( ٥٩ ) إنما هي بمنزلة " الّذِي ".
وقال ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ [ ١٥٧ ء ] السَّمَاوَاتِ ﴾ ( ٦٠ ) ﴿ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ﴾ ( ٦٤ ) حتى ينقضي الكلام ﴿ مَنْ ﴾ ها هنا ليست باستفهام على
وقال [ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاَتِ والأَرْضِ ] ﴿ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ ﴾ ( ٦٥ ) كما قال ﴿ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ﴾ وفي حرف ابن مسعود ﴿ قَلِيلاً ﴾ بدلاً من الأول لأنك نفيته عنه وجعلته للآخر.
وقال ﴿ رَدِفَ لَكُم ﴾ ( ٧٢ ) ونظنها* " رَدِفَكُمْ " وأدخل اللام فأضاف بها الفعل كما قال ﴿ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾ و﴿ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ وتقول العرب : " رَدِفَهُ أمْرٌ " كما يقولون : " تَبِعَه " و " أَتْبَعَهُ ".
وقال ﴿ أَنَّ النَّاسَ ﴾ ( ٨٢ ) أي : بأنَّ النَّاسَ، وبعضهم يقول ﴿ إِنَّ النَّاسَ ﴾ كما قال ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ ﴾ إنما معناه يقولون : " ما نَعْبُدُهُم ".
سورة النمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (النَّمْلِ) من السُّوَر المكية التي جاءت ببيانِ إعجاز القرآن الكريم، ووصفِه بالهداية والإرشاد، وأشارت السورةُ إلى ذِكْرِ دلائل وَحْدانية الله عز وجل وقُدْرته، وجاء فيها ذكرُ قِصَصِ عددٍ من الأنبياء؛ من ذلك: قصَّةُ سيدنا سُلَيمانَ عليه السلام عندما مرَّ بالنمل، وفي ذلك عِبَرٌ ومواعظُ كثيرة؛ منها: إظهارُ علمِ الله وحِكْمته من خلال تدبيره في خَلْقه.

ترتيبها المصحفي
27
نوعها
مكية
ألفاظها
1160
ترتيب نزولها
48
العد المدني الأول
195
العد المدني الأخير
195
العد البصري
94
العد الكوفي
93
العد الشامي
94

* سورة (النَّمْلِ):

سُمِّيت سورة (النَّمْلِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ النَّمْلة التي خاطبت النَّمْلَ في تضاعيفِ قصة سليمان، ولِما للنَّمْلِ من ارتباطٍ بمقصد السورة؛ كما أشرنا.

جاءت سورةُ (النَّمْلِ) على ذكرِ الموضوعات الآتية:

1. بيان إعجاز القرآن الكريم (١-٢).

2. صفات المؤمنين والكافرين، وجزاؤهم (٣-٦).

3. نداء الله تعالى لموسى عليه السلام بوادي طُوًى (٧-١٤).

4. قصة داود وسليمان عليهما السلام (١٥-٤٤).

5. قصة صالح عليه السلام (٤٥-٥٣).

6. قصة لوط عليه السلام (٥٤-٥٨).

7. البراهين الدالة على وَحْدانية الله تعالى (٥٩-٦٦).

8. إنكار المشركين للبعث، والردُّ عليهم (٦٧-٧٥).

9. إخبار القرآن عن أنباء السابقين (٧٦-٨١).

10. علامات الساعة، ومشاهد يوم القيامة (٨٢-٩٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /420).

مقصدُ سورة (النَّمْلِ): هو وصفُ هذا الكتاب بالكفاية لهدايةِ الخَلْقِ أجمعين؛ بالفصل بين الصراط المستقيم، وطريق الحائرين، والجمعِ لأصول الدِّين؛ لإحاطة علم مُنزِله بالخَفِيِّ والمُبِين، وبشارة المؤمنين ونِذارة الكافرين؛ بيوم اجتماع الأوَّلين والآخِرين، وكلُّ ذلك يرجع إلى العلمِ المستلزم للحكمة.

فالمقصودُ الأعظم منها: إظهار العلم والحكمة، وأدلُّ ما فيها على هذا المقصود: ما للنَّمل من حُسْنِ التَّدبير، وسَداد المذاهب في العيش، ولا سيما ما ذكَر عنها سبحانه من صِحَّةِ القصد في السِّياسة، وحُسْنِ التَّعبير عن ذلك القصد، وبلاغة التأدية، و(النَّمْلُ) آيةٌ من آيات الله في كونه، ضرَبه الله تعالى ليتأمَّلوا عجيبَ خَلْقه.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /333).