تفسير سورة لقمان

تفسير ابن عباس

تفسير سورة سورة لقمان من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس.
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الم﴾ يَقُول أَنا الله أعلم وَيُقَال قسم أقسم بِهِ
﴿تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم﴾ إِن هَذِه السُّورَة آيَات الْقُرْآن الْمُبين للْحَلَال وَالْحرَام وَالْأَمر وَالنَّهْي
﴿هُدىً﴾ من الضَّلَالَة ﴿وَرَحْمَةً﴾ من الْعَذَاب ﴿لِّلْمُحْسِنِينَ﴾ المخلصين الْمُوَحِّدين
﴿الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة﴾ يتمون الصَّلَوَات الْخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وَمَا يجب فِيهَا فِي مواقيتها ﴿وَيُؤْتونَ الزَّكَاة﴾ يُعْطون زَكَاة أَمْوَالهم ﴿وهم بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿هُمْ يُوقِنُونَ﴾ يصدقون
﴿أُولَئِكَ على هُدىً﴾ على بَيَان وكرامة ﴿مِّن رَبهم وَأُولَئِكَ هم المفلحون﴾ الناجون من السخط وَالْعَذَاب
﴿وَمن النَّاس﴾ وَهُوَ النَّضر ابْن الْحَارِث ﴿مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيث﴾ أباطيل الحَدِيث وَكتب الأساطير وَالشَّمْس والنجوم والحساب والغناء وَيُقَال هُوَ الشّرك بِاللَّه ﴿لِيُضِلَّ﴾ بذلك ﴿عَن سَبِيلِ الله﴾ عَن دين الله وطاعته ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بِلَا علم وَلَا حجَّة ﴿وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً﴾ سخرية ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ شَدِيد
﴿وَإِذَا تتلى﴾ تقْرَأ ﴿عَلَيْهِ آيَاتُنَا﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي ﴿ولى مستكبرا﴾ رَجَعَ متعظا عَن الْإِيمَان بهَا ﴿كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا﴾ لم يعها ﴿كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً﴾ صمماً ﴿فَبَشِّرْهُ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ وجيع يَوْم بدر فَقتل يَوْم بدر صبرا
﴿إِن الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعيم﴾ لَا يفنى نعيمها
﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ مقيمين فِيهَا لَا يموتون وَلَا يخرجُون مِنْهَا ﴿وَعْدَ الله﴾ الْمُؤمنِينَ بِالْجنَّةِ ﴿حَقّاً﴾ صدقا ﴿وَهُوَ الْعَزِيز﴾ فِي ملكه وسلطانه ﴿الْحَكِيم﴾ فِي أمره وقضائه
﴿خَلَقَ﴾ الله ﴿السَّمَاوَات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ بِلَا عمد وَيُقَال بعمد لَا ترونها ﴿وَألقى فِي الأَرْض﴾ خلق للْأَرْض ﴿رَوَاسِيَ﴾ الْجبَال الثوابت أوتاداً لَهَا ﴿أَن تَمِيدَ بِكُمْ﴾ لكَي لَا تميد بكم ﴿وَبَثَّ فِيهَا﴾ خلق وَبسط فِي الأَرْض ﴿مِن كُلِّ دَآبَّةٍ﴾ فِيهَا الرّوح ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً﴾ مَطَرا ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا﴾ الأَرْض ﴿مِن كُلِّ زَوْجٍ﴾ لون ﴿كَرِيمٍ﴾ حسن
﴿هَذَا خلق الله﴾ هَذَا مَخْلُوق أَنا خلقته ﴿فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذين مِن دُونِهِ﴾ من دون الله يَعْنِي الْأَوْثَان ﴿بَلِ الظَّالِمُونَ﴾ الْمُشْركُونَ ﴿فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ فِي خطأ بَين
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا﴾ أعطينا ﴿لُقْمَانَ الْحِكْمَة﴾ الْعلم والفهم وإصابة القَوْل وَالْفِعْل ﴿أَنِ اشكر لِلَّهِ﴾ بِالتَّوْحِيدِ وَالطَّاعَة ﴿وَمَن يَشْكُرْ﴾ نعْمَته بِالتَّوْحِيدِ وَالطَّاعَة ﴿فَإِنَّمَا يَشْكُرُ﴾ بِالتَّوْحِيدِ وَالطَّاعَة ﴿لِنَفْسِهِ﴾ الثَّوَاب ﴿وَمَن كَفَرَ﴾ نعْمَته ﴿فَإِنَّ الله غَنِيٌّ﴾ عَن شكره ﴿حَمِيدٌ﴾ فى أَفعاله
﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ﴾ سَلام ﴿وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ ينهاه عَن الشَّرّ ويأمره بِالْخَيرِ ﴿يَا بني لاَ تُشْرِكْ بِاللَّه إِنَّ الشّرك﴾ بِاللَّه ﴿لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ لذنب عَظِيم عُقُوبَته عِنْد الله
﴿وَوَصينَا الْإِنْسَان﴾
344
سعد بن وَقاص ﴿بِوَالِدَيْهِ﴾ برا بهما ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ﴾ فِي بَطنهَا ﴿وَهْناً على وَهْنٍ﴾ ضعفا على ضعف وَشدَّة على شدَّة ومشقة على مشقة كلما كبر الْوَلَد فِي بَطنهَا كَانَ أَشد عَلَيْهَا ﴿وَفِصَالُهُ﴾ فطامه ﴿فِي عَامَيْنِ﴾ فِي سنتَيْن ﴿أَنِ اشكر لِي﴾ بِالتَّوْحِيدِ وَالطَّاعَة ﴿وَلِوَالِدَيْكَ﴾ بالتربية ﴿إِلَيَّ الْمصير﴾ مصيرك ومصير والديك
345
﴿وَإِن جَاهَدَاكَ﴾ أمراك وأراداك ﴿على أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أَنه شَرِيكي وَلَك بِهِ علم أَنه لَيْسَ بشريكي ﴿فَلاَ تُطِعْهُمَا﴾ فِي الشّرك ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾ بِالْبرِّ وَالْإِحْسَان ﴿وَاتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ دين من أقبل إِلَيّ وَإِلَى طَاعَتي وَهُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ ومرجع أبويكم ﴿فَأُنَبِّئُكُمْ﴾ أخْبركُم ﴿بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر ثمَّ رَجَعَ إِلَى كَلَام لُقْمَان
﴿يَا بني إِنَّهَآ﴾ يَعْنِي الْحَسَنَة وَيُقَال الرزق ﴿إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ﴾ وزن حَبَّة ﴿مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ﴾ الَّتِي تَحت الْأَرْضين ﴿أَوْ فِي السَّمَاوَات﴾ أَو فَوق السَّمَوَات ﴿أَوْ فِي الأَرْض﴾ أَو فِي بطن الأَرْض ﴿يَأْتِ بِهَا الله﴾ إِلَى صَاحبهَا حَيْثُمَا يكون ﴿إِنَّ الله لَطِيفٌ﴾ باستخراجها ﴿خَبِير﴾ بمكانها
﴿يَا بني أَقِمِ الصَّلَاة﴾ أتم الصَّلَاة ﴿وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِحْسَان ﴿وانه عَنِ الْمُنكر﴾ عَن الشّرك والقبيح من القَوْل وَالْعَمَل ﴿واصبر على مَآ أَصَابَكَ﴾ فيهمَا ﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ يَعْنِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَيُقَال الصَّبْر ﴿مِنْ عَزْمِ الْأُمُور﴾ من حزم الْأُمُور وَخير الْأُمُور
﴿وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ لَا تعرض وَجهك من النَّاس تكبراً وتعظماً عَلَيْهِم وَيُقَال لَا تحقر فُقَرَاء الْمُسلمين ﴿وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْض مَرَحاً﴾ بالتكبر وَالْخُيَلَاء ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ﴾ فِي مشيته ﴿فَخُورٍ﴾ بنعم الله
﴿واقصد فِي مَشْيِكَ﴾ تواضع فِيهَا ﴿واغضض مِن صَوْتِكَ﴾ واخفض صَوْتك وَلَا تكن سليطاً ﴿إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَات﴾ يَقُول أقبح وأشر الْأَصْوَات ﴿لَصَوْتُ الْحمير﴾
﴿أَلَمْ تَرَوْاْ﴾ ألم تخبروا فِي الْقُرْآن ﴿أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ﴾ ذلل لكم ﴿مَّا فِي السَّمَاوَات﴾ من الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم والسحاب والمطر ﴿وَمَا فِي الأَرْض﴾ من الشّجر وَالدَّوَاب ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ﴾ وَأتم عَلَيْكُم ﴿نِعَمَهُ ظَاهِرَةً﴾ بِالتَّوْحِيدِ ﴿وَبَاطِنَةً﴾ بالمعرفة وَيُقَال ظَاهِرَة مَا يعلم النَّاس من حَسَنَاتك وباطنة مَا لَا يعلم النَّاس من سيئاتك وَيُقَال ظَاهِرَة من الطَّعَام وَالشرَاب وَالدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَغير ذَلِك وباطنة من النَّبَات وَالثِّمَار والأمطار والمياه وَغير ذَلِك وَيُقَال ظَاهِرَة مَا أكرمك بهَا وباطنة مَا حفظك عَنْهَا ﴿وَمِنَ النَّاس﴾ وَهُوَ نضر بن الْحَرْث ﴿مَن يُجَادِلُ فِي الله﴾ يُخَاصم فِي دين الله ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بِلَا علم ﴿وَلاَ هُدىً﴾ وَلَا حجَّة ﴿وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾ مُبين بِمَا يَقُول
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ﴾ لكفار مَكَّة ﴿اتبعُوا مَآ أنزل الله﴾ على نبيه من الْقُرْآن اقرءوه وَاعْمَلُوا بِمَا فِيهِ ﴿قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا﴾ من الدّين وَالسّنة ﴿أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَان يَدعُوهُم﴾ يدعوا آبَاءَهُم ﴿إِلَى عَذَابِ السعير﴾ إِلَى الْكفْر والشرك وَمَا يجب بِهِ عَذَاب السعير فهم يقتدون بهم
﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله﴾ من يخلص دينه وَعَمله لله ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ موحد مخلص ﴿فَقَدِ استمسك﴾ فقد أَخذ ﴿بالعروة﴾ بِلَا إِلَه إِلَّا الله ﴿الوثقى﴾ الْوَثِيقَة الَّتِي لَا انفصام لَهَا
345
﴿وَإِلَى الله عَاقِبَةُ الْأُمُور﴾ ترجع عواقب الْأُمُور فِي الْآخِرَة الَّتِي يموتون عَلَيْهَا
346
﴿وَمَن كَفَرَ﴾ بِاللَّه من قُرَيْش أَو من غَيرهم ﴿فَلَا يحزنك﴾ يَا مُحَمَّد كفره وهلاكه فِي ﴿كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿فَنُنَبِّئُهُم﴾ فنخبرهم ﴿بِمَا عمِلُوا﴾ فِي الدُّنْيَا فِي كفرهم ﴿إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور﴾ بِمَا فِي الْقُلُوب من الْخَيْر وَالشَّر
﴿نُمَتِّعُهُمْ﴾ نعيشهم ﴿قَلِيلاً﴾ يَسِيرا فِي الدُّنْيَا ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ﴾ نصيرهم وَيُقَال نلجئهم ﴿إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ شَدِيد لوناً بعد لون
﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض لَيَقُولُنَّ﴾ كفار مَكَّة خلقهما ﴿الله قُلِ الْحَمد لِلَّهِ﴾ الشُّكْر لله فاشكروه ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ﴾ كلهم ﴿لاَ يَعْلَمُونَ﴾ تَوْحِيد الله وَلَا يشكرون نعمه
﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات﴾ من الْخلق ﴿وَالْأَرْض إِنَّ الله هُوَ الْغَنِيّ﴾ عَن خلقه ﴿الحميد﴾ الْمَحْمُود فِي فعاله
﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ﴾ تبرى أقلاماً ﴿وَالْبَحْر يَمُدُّهُ﴾ يُعْطِيهِ المدد ﴿مِن بَعْدِهِ﴾ من بعد مَا صيرت ﴿سَبْعَةُ أَبْحُرٍ﴾ مداداً فَكتب بهَا كَلَام الله وَعلم الله ﴿مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله﴾ كَلَام الله وَعلم الله يُقَال تَدْبِير الله ﴿إِنَّ الله عَزِيزٌ﴾ فِي ملكه وسلطانه ﴿حَكِيمٌ﴾ فِي أمره وقضائه
﴿مَّا خَلْقُكُمْ﴾ على الله إِذْ خَلقكُم ﴿وَلاَ بَعْثُكُمْ﴾ إِذْ يبعثكم ﴿إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ إِلَّا بِمَنْزِلَة نفس وَاحِدَة ﴿إِنَّ الله سَمِيعٌ﴾ لمقالتكم كَيفَ يبعثنا ﴿بَصِيرٌ﴾ ببعثكم
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ ألم تخبر فِي الْقُرْآن ﴿أَنَّ الله يُولِجُ اللَّيْل فِي النَّهَار﴾ يزِيد اللَّيْل على النَّهَار فَيكون اللَّيْل خمس عشرَة سَاعَة وَالنَّهَار تسع سَاعَات ﴿وَيُولِجُ النَّهَار فِي اللَّيْل﴾ يزِيد النَّهَار على اللَّيْل فَيكون النَّهَار خمس عشرَة سَاعَة وَاللَّيْل تسع سَاعَات ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْس﴾ ذلل الشَّمْس ﴿وَالْقَمَر كُلٌّ يجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ إِلَى وَقت مَعْلُوم فِي منَازِل مَعْرُوفَة لَهما ﴿وَأَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر ﴿خَبِير﴾
﴿ذَلِكَ﴾ الْقُدْرَة لِتَعْلَمُوا وتقروا ﴿بِأَنَّ الله هُوَ الْحق﴾ بِأَن عِبَادَته هُوَ الْحق ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ﴾ يعْبدُونَ ﴿مِن دُونِهِ﴾ من دون الله ﴿الْبَاطِل﴾ هُوَ الْبَاطِل ﴿وَأَنَّ الله هُوَ الْعلي﴾ أَعلَى كل شَيْء ﴿الْكَبِير﴾ أكبر كل شَيْء
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ ألم تخبر ﴿أَنَّ الْفلك﴾ السفن ﴿تَجْرِي فِي الْبَحْر بِنِعْمَةِ الله﴾ بمنة الله ﴿لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ﴾ من عجائبه ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ فِيمَا ذكرت ﴿لآيَاتٍ﴾ لعلامات وعبرات ﴿لِّكُلِّ صَبَّارٍ﴾ على الطَّاعَة ﴿شَكُورٍ﴾ بنعم الله
﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ﴾ ركبهمْ ﴿مَّوْجٌ﴾ غمر ﴿كالظلل﴾ فِي الِارْتفَاع كالسحاب فَوْقهم ﴿دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدّين﴾ مفردين لَهُ بالدعوة ﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ﴾ من الْبَحْر ﴿إِلَى الْبر﴾ إِلَى الْقَرار ﴿فَمِنْهُمْ﴾ من الْكفَّار ﴿مُّقْتَصِدٌ﴾ بالْقَوْل وَالْفِعْل فَيكون أَلين مِمَّا كَانَ قبل ذَلِك ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ﴾ غدار ﴿كَفُورٍ﴾ كَافِر بِاللَّه وبنعمته
﴿يَا أَيهَا النَّاس﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿اتَّقوا رَبَّكُمْ﴾ أطِيعُوا ربكُم ﴿واخشوا يَوْماً﴾ عَذَاب يَوْم
346
﴿لاَّ يَجْزِي﴾ لَا يُغني ﴿وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ﴾ مغن ﴿عَن وَالِدِهِ شَيْئاً﴾ عَذَاب الله ﴿إِنَّ وَعْدَ الله﴾ الْبَعْث بعد الْمَوْت ﴿حَقٌّ﴾ كَائِن صدق ﴿فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاة الدنيآ﴾ مَا فِي الدُّنْيَا من الزهرة وَالنَّعِيم ﴿وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّه الْغرُور﴾ الشَّيْطَان وَيُقَال الأباطيل إِن قَرَأت بِضَم الْغَيْن
347
﴿إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَة﴾ علم قيام السَّاعَة وَهُوَ مخزون عَن الْعباد ﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيْث﴾ الْمَطَر يعلم نزُول الْغَيْث وَهُوَ مخزون عَن الْعباد ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَام﴾ من الْوَلَد ذكر أَو أُنْثَى تَامّ أَو غَيره شقي أَو سعيد وَهُوَ مخزون عَن الْعباد ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً﴾ من الْخَيْر وَالشَّر وَهُوَ مخزون عَن الْعباد ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ بِأَيّ قدم تُؤْخَذ وَهُوَ مخزون عَن الْعباد ﴿إِنَّ الله عَلَيمٌ﴾ بخلقه ﴿خَبِير﴾ بأعمالهم وَبِمَا يصيبهم من النَّفْع والضر ﴿إِن الله عليم﴾ بخلقه ﴿خَبِير﴾ بأعمالهم وَبِمَا يصيبهم من النَّفْع والضر
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا السَّجْدَة وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها تسع وَعِشْرُونَ وكلماتها ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثُونَ كلمة وحروفها ألف وَخَمْسمِائة وَثَمَانِية عشر
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
سورة لقمان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (لُقْمانَ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ عظمة هذا الكتاب، واتصافه بالحِكْمة، ومن ثَمَّ إثبات صفة الحِكْمة لله عز وجل، كما ذكرت السورةُ الكريمة وصايا (لُقْمانَ) الحكيمِ لابنه، التي يجدُرُ بكلِّ مَن آمَن بهذا الكتاب أن يأخذ بها، وقد تعرَّضتِ السورةُ لدلائلِ وَحْدانية الله وعظمته في هذا الكون، وبيان أقسام الناس، وموقفهم من الكتاب؛ من مؤمنٍ به وكافر.

ترتيبها المصحفي
31
نوعها
مكية
ألفاظها
550
ترتيب نزولها
57
العد المدني الأول
33
العد المدني الأخير
33
العد البصري
34
العد الكوفي
34
العد الشامي
34

* قوله تعالى: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتِ: {اْلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌وَلَمْ ‌يَلْبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شَقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّنا لا يَظلِمُ نفسَه؟ قال: «ليس ذلك؛ إنما هو الشِّرْكُ؛ ألَمْ تَسمَعوا ما قال لُقْمانُ لابنِهِ وهو يَعِظُه: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]؟!»». أخرجه البخاري (٣٤٢٩).

* سورة (لُقْمانَ):

سُمِّيتْ سورةُ (لُقْمانَ) بهذا الاسم؛ لذكرِ (لُقْمانَ) فيها، ولم يُذكَرْ في سورة أخرى.

* قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها في صلاة الظُّهْرِ:

عن البَراء بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي بنا الظُّهْرَ، فنَسمَعُ منه الآيةَ بعد الآياتِ مِن سورةِ لُقْمانَ، والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

اشتمَلتْ سورةُ (لُقْمانَ) على الموضوعات الآتية:

1. المحسِنون: تعريفٌ وجزاء (١-٥).

2. فريق اللَّهْوِ من الناس (٦-٧).

3. آية الحِكْمة والقُدْرة (٨-١١).

4. نعمة الحِكْمة، والدعوةُ إلى شُكْرها (١٢-١٩).

5. إسباغ النِّعَم (٢٠-٢١).

6. الإنسان بين الكفرِ والإيمان (٢٢-٢٦).

7. كلمات الله التى لا تَنفَدُ (٢٧- ٢٨).

8. نعمة التسخير (٢٩- ٣٢).

9. المُغيَّبات وغُرور الحياة (٣٣-٣٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /27).

جاءت سورةُ (لُقْمانَ) بمقاصِدَ عظيمةٍ؛ منها: إثباتُ الحِكْمة للكتاب، التي يلزم منها حِكْمةُ مُنزِلِه في أقواله وأفعاله؛ وهو اللهُ عزَّ وجلَّ.

ومنها: تذكيرُ المشركين بدلائلِ وَحْدانية الله تعالى، وبنِعَمِه عليهم؛ من خلال وصايا (لُقْمانَ) عليه السلام لابنه، وذكَرتْ مزيَّةَ دِين الإسلام، وتسليةَ الرسول صلى الله عليه وسلم بتمسُّك المسلمين بالعُرْوة الوثقى، وأنه لا يُحزِنه كفرُ مَن كفروا.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /356)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /139).