تفسير سورة سبأ

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة سبأ من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿لا يَعْزُبُ﴾ لا يَغِيبُ.
﴿مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ قُطِّعْتُمْ كُلَّ تَقْطِيعٍ.
﴿كِسَفًا﴾ قِطَعًا، جَمْعُ كِسْفَةٍ أي: قِطْعَةٍ.
﴿أَوِّبِي﴾ التأويبُ هُوَ الترجيعُ، أي: تَرْجِيعُ الصوتِ، فَأَوِّبِي مَعَهُ أي: رَجِّعِي معه التسبيحَ وَرَدِّدِيهِ، وقيل: التأويبُ بمعنى التَّسْبِيحِ.
﴿وَأَلَنَّا﴾ جَعَلْنَاهُ في اللِّينِ كَالعَجِينَةِ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ.
﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ أي: أَمَرْنَاهُ: أَنِ اعْمَلْ دُرُوعًا وَاسِعَةً تَامَّةً كَامِلَةً تُغَطِّي الجِسْمَ، والسَّابِغُ هُوَ الَّذِي يُغَطِّي كُلَّ ما هُوَ عَلَيْهِ وَيَزِيدُ.
﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ السَّرْدُ: نَسْجُ الدروعِ، وَيُقَالُ: السَّرْدُ وَالزَّرْدُ، أي: لا تَعْمَلْهَا صَغِيرَةً فَتَضْعُفْ وَلَا يَقْوَى الدِّرْعُ عَلَى الدِّفَاعِ، ولا تَعْمَلْهَا كبيرةً فَتَثْقُلْ عَلَى لَابِسِهَا، وذلك تَقْدِيرُهَا.
﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ﴾ الْغُدُوُّ: سَيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ إلى الزوالِ، والغدوةُ اسمٌ للوقتِ من طلوعِ الفجرِ إلى طلوعِ الشمسِ.
﴿وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ الرواحُ: سيرُ آخِرِ النهارِ في الرجوعِ، والرَّوَاحُ: اسمٌ للوقتِ من زوالِ الشمسِ إلى الليلِ، والمعنى: أن الله تعالى سَخَّرَ لِسُلَيْمَانَ الريحَ تَسِيرُ بِأَمْرِهِ بِغَدَاةٍ وَاحِدَةٍ مَسِيرَةَ شَهْرٍ عَلَى الأَقْدَامِ، وتَرُوحُ بِرَوَاحٍ واحدٍ مَسِيرَةَ شهرٍ آخَرَ، فيكون جَرْيُهَا في اليومِ الواحدِ مَسِيرَةَ شَهْرَيْنِ.
﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾ أي: أَجْرَيْنَا له عَيْنًا من النُّحَاسِ المُذَابِ، وَالْقِطْرُ: النحاسُ المذابُ، وقيل: أَذَابَ اللهُ لسليمانَ النحاسَ، كما أَلَانَ لداودَ الحديدَ.
﴿مَحَارِيبَ﴾ أي: قُصُورٌ وَمَبَانٍ مُرْتَفِعَةٌ، والمحرابُ في اللغةِ: كُلُّ موضعٍ مُرْتَفِعٍ، وقيل للمكان الَّذِي يُصلَّى فيه: محرابٌ؛ لأنه يجب أن يُرْفَعَ وَيُعَظَّمَ.
﴿وَجِفَانٍ﴾ جمع جَفْنَةٍ وهي القصعةُ العظيمةُ التي يجْفَنُ فيها الماءُ.
﴿كَالجَوَابِ﴾ كالحِيَاضِ، جمع جَابِيَةٍ، وهي الحوضُ العظيمُ الَّذِي يُجْمَعُ فيه الماءُ.
﴿وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ﴾ ثَابِتَاتٌ عَلَى الأَثَافِي لا تَتَحَرَّكُ لِعِظَمِهِنَّ وَكِبَرِهِنَّ، والقدورُ جَمْعُ قِدْرٍ، وهي أوعيةٌ تُصْنَعُ من النحاسِ أو الفخارِ أو تُنْحَتُ من الحجارةِ.
﴿مِنسَأَتَهُ﴾ عَصَاهُ.
﴿لِسَبَإٍ﴾ قبيلةُ سبأٍ اليَمَانِيَّةِ، سُمِّيَتْ بِاسْمِ جَدٍّ لهم من العَرَبِ.
﴿سَيْلَ الْعَرِمِ﴾ العَرِمُ: قال «ابنُ عباسٍ»: هُوَ السَّدُّ العظيمُ، وقيل: السيلُ العظيمُ الَّذِي لا يُطَاقُ، والعَرِمُ مُشْتَقٌّ من العَرَامَةِ وهي الشدةُ، ومنه: رَجُلٌ عَارِمٌ، أي: شَدِيدٌ، والمعنى: فَأَرْسَلْنَا عليهم سَيْلًا عَظِيمًا جَرَفَ السَّدَّ، فَلَمْ يَعُدِ الماءُ يُخْتَزَنُ لِوَقْتِ الحَاجَةِ.
﴿خَمْطٍ﴾ شَجَرُ الأَرَاكِ، وقيل: كلُّ شَجَرْ ذِي شَوْكٍ، وكلُّ نَبْتٍ أَخَذَ طَعْمًا من المرارةِ حتى لا يُمْكِن أَكْلُهُ فهو خَمْطٌ.
﴿وَأَثْلٍ﴾ شَجَرٌ، وقيل: الخَشَبُ.
﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾ صَدَقَ ظَنُّ إبليسَ في الكفارِ ومنهم سبأ بأنه يستطيعُ إِغْوَاءَهُمْ.
﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ﴾ التَّفْزِيعُ: إِزَالَةُ الفَزَعِ أي الخَوْفِ، والمعنى: حتى إذا كُشِفَ الخوفُ عن قلوبِ الشافعينَ والمشفوعِ لهم في المَحْشَرِ.
﴿زُلْفَى﴾ قُرْبَى.
﴿مِعْشَارَ﴾ المعشارُ والعُشْرُ لُغَتَانِ، وقيل: المِعْشَارُ عُشْرُ العُشْرِ، وقيل: المِعْشَارُ هُوَ عُشْرُ العَشِيرِ، والعَشِيرُ هُوَ عُشْرُ العُشْرِ فيكون جُزْءًا من أَلْفِ جُزْءٍ.
﴿فَزِعُوا﴾ خَافُوا.
﴿فَلَا فَوْتَ﴾ الفَوْتُ: هُوَ التفلُّتُ والخلاصُ من العقابِ، أي: ليس لهم عنه مَهْرَبٌ.
﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ مِنْ أَيْنَ لهم تَنَاوُلُ ما يُرِيدُونَ وهو رُجُوعُهُمْ إلى الدنيا وَهُمْ فِي مَكَانٍ بَعِيدٍ، والمرادُ: استبعادُ وُصُولِهمْ إلى مَطْلُوبِهِمْ، ولا يكون التناوشُ إلا لشيءٍ قريبٍ سَهْلٍ، فَالتَّنَاوُشُ: التناولُ، وهو الأخذُ بِسُهُولَةٍ.
﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ بِقَذْفِهِمُ البَاطِلِ لِيُدْحِضُوا به الحقَّ، ولكن لا سبيلَ إلى ذلك، كما لا سبيلَ للرَّامِي من مكانٍ بعيدٍ إلى إصابةِ الغَرَضِ، فكذلك الباطلُ من المُحَالِ أن يَغْلِبَ الحقَّ أو يَدْفَعَهُ.
53
سُورة فَاطِر
سورة سبأ
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (سَبَأٍ) من السُّوَر المكِّية، وقد نزَلتْ بعد سورة (لُقْمانَ)، وافتُتِحت بحمدِ الله وإثباتِ العلم له، وجاءت على ذِكْرِ إثباتِ البعث والجزاء، وأنَّه سبحانه يُعطِي مَن أطاع وآمَن، ويَمنَع من كفَر وجحَد، وقومُ (سَبَأٍ) هم مثالٌ واقعي لكفرِ النعمة وجحودها، ومثالٌ لقدرةِ الله عزَّ وجلَّ في الإيجاد والإعدام والتصرُّف في الكون، و(سَبَأٌ): اسمٌ لرجُلٍ.

ترتيبها المصحفي
34
نوعها
مكية
ألفاظها
884
ترتيب نزولها
58
العد المدني الأول
56
العد المدني الأخير
56
العد البصري
56
العد الكوفي
56
العد الشامي
55

* سورةُ (سَبَأٍ):

سُمِّيت سورةُ (سَبَأٍ) بهذا الاسم؛ لورودِ قصة أهل (سَبَأٍ) فيها، و(سَبَأٌ): اسمٌ لرجُلٍ؛ صح عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: «إنَّ رجُلًا سألَ رسولَ اللهِ ﷺ عن سَبَأٍ؛ ما هو؟ أرجُلٌ أم امرأةٌ أم أرضٌ؟ فقال: «بل هو رجُلٌ، ولَدَ عشَرةً، فسكَنَ اليمَنَ منهم ستَّةٌ، وبالشَّامِ منهم أربعةٌ؛ فأمَّا اليمانيُّون: فمَذْحِجٌ، وكِنْدةُ، والأَزْدُ، والأشعَريُّون، وأنمارٌ، وحِمْيَرُ، عرَبًا كلُّها، وأمَّا الشَّاميَّةُ: فلَخْمٌ، وجُذَامُ، وعاملةُ، وغسَّانُ»». أخرجه أحمد (٢٨٩٨).

1. الاستفتاح بالحمد (١-٢).

2. قضية البعث والجزاء (٣-٩).

3. أمثلة عن شكرِ النعمة وكفرها (١٠-٢١).

4. داودُ وسليمان عليهما السلام مثالٌ عملي للأوَّابين الشاكرين (١٠-١٤).

5. قومُ (سَبَأٍ) مثالٌ واقعي لعاقبة كفرِ النِّعمة (١٥-٢١).

6. حوار مع المشركين (٢٢-٢٨).

7. مِن مَشاهدِ يوم القيامة (٢٩-٣٣).

8. التَّرَف والمُترَفون (٣٤-٣٩).

9. عَوْدٌ إلى مَشاهدِ يوم القيامة (٤٠-٤٢).

10. عود إلى حال المشركين في الدنيا (٤٣-٤٥).

11. دعوة للتفكُّر والنظر (٤٦-٥٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم " لمجموعة من العلماء (6 /172).

مقصدُها هو إثباتُ قدرةِ الله عزَّ وجلَّ على الإيجادِ والإعدامِ والتَّصرُّفِ في الكونِ، يُعطِي مَن شكَر، ويَمنَع مَن جحَد وكفَر، وذلك حقيقٌ منه إثباتُ يوم البعث والجزاء، ووقوعُه لا محالة، وقصَّةُ (سَبَأٍ) أكبَرُ دليل على ذلك المقصد.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /377).