تفسير سورة آل عمران

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة آل عمران من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ ٱلتَّوْرَاةَ ﴾: معناه الضياء والنور؛ وقال البصريون أصلها وَوَرْيَةَ (فوعلة) من ورَى الزند وروى (لغتان) إذا خرجت ناره ولكن الواو الأولى قلبت تاء؛ كما قلبت في تولج؛ وأصلها وولج من ولج أي دخل؛ والياء قلبت ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. وقال الكوفيون: توراة: أصلها تورية " على تفعلة " إلا أن الياء قلبت ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. ويجوز أن تكون تورية * على وزن تفعلة فنقل من الكسر إلى الفتح كما قالوا: جارية وجاراة؛ وناصية وناصاة (إنجيل): إفعيل من النجل وهو الأصل؛ والإنجيل أصل لعلوم وحكم. ويقال: هو من نجلت الشيء إذا استخرجته وأظهرته؛ والإنجيل مستخرج به علوم وحكم.
﴿ آيَاتٌ ﴾ علامات؛ وعجائب أيضاً؛ وآية من القرآن كلام متصل إلى انقطاعه. وقيل معنى آية من القرآن أي جماعة حروف؛ يقال خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم. قال الشاعر: خرجنا من النقبين لا حي مثلنا   بآيتنا نزجي اللقاح المطافلاأي بجماعتنا أي لم يدعوا وراءهم شيئا ﴿ زَيْغٌ ﴾: ميل. وقوله عز وجل ﴿ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾ أي ميل عن الحق﴿ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار ﴾[ص: ٦٣] أي مالت. وقوله تعالى جل ذكره﴿ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾[الصف: ٥] أي لما مالوا عن الحق أمال الله قلوبهم عن الإيمان والخير ﴿ تَأْوِيلِ ﴾ أي مصير ومرجع وعاقبة؛ وقوله عز وجل: ﴿ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ أي ما يئول إليه من معنى وعاقبة. ويقال: تأول فلان الآية؛ أي نظر إلى ما يئول معناها ﴿ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ ﴾: الذين رسخ عليهم وإيمانهم وثبت كما يرسخ النخل في منابته؛ قال أبو عمر: سمعت المبرد وثعلبا يقولان: معنى قوله عز وجل ﴿ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ ﴾: المتذاكرون بالعلم؛ وقالا لا يذاكر بالعلم إلا حافظ.
﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ﴾ أي كعادتهم. ويقال: ما زال لك دأبه ودينه وديدنه: أي عادته.
﴿ ٱلْقَنَاطِيرِ ﴾ جمع قنطار؛ وقد اختلف في تفسير القنطار؛ فقال بعضهم: ملء مَسك ثور ذهبا أو فضة. وقيل ألف ألف مثقال؛ وقيل غير ذلك. وجملته أنه كثير من المال. والمقنطرة: المكملة كما تقول: بدرة مبدرة وألف مؤلفة: أي تامة. وقال الفراء: المقنطرة: المضعفة؛ كأن القناطير ثلاثة والمقنطرة تسعة (مسومة) تكون من سامت أي رعت؛ فهي سائمة؛ وأسمتها أنا وسومتها. وتكون مسومة: معلمة، من السيماء: وهي العلامة. وقيل: المسومة المطهمة؛ والتطهيم التحسين. وقوله عز وجل﴿ مَّنْضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ﴾[هود: ٨٢-٨٣] يعني حجارة معلمة عليها أمثال الخواتيم.(مآب): مرجع.
﴿ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ ﴾: أخلصت عبادتي لله.
﴿ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ﴾: انظر ٢١٧ من البقرة.
﴿ تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ ﴾: أي تدخل هذا في هذا؛ فما زاد في واحد نقص من الآخر مثله.﴿ تُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ ﴾: تخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن؛ وقيل: بعض الحيوان من النطفة والبيضة وهما ميتان؛ من الحي.﴿ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ أي بغير تقدير وتضييق.﴿ تُقَـٰةً ﴾ وتقية بمعنى واحد.
﴿ ذُرِّيَّةً ﴾: أي أولاد وأولاد أولاد. قل بعض النحويين: ذرية: تقديره فعلية من الذر؛ لأن الله أخرج الخلق من صلب آدم كالذر وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا بلى. وقال غيره: أصل ذرية ذُرُّورة على وزن فُعلولة فلما كثر ذلك التضعيف أبدلت الراء الأخيرة ياء فصارت ذروية؛ ثم أدغمت الواو في الياء فصارت ذرية. وقيل ذرية: فُعُّولة من ذرأ الله الخلق؛ فأبدلت الهمزة ياء كما أبدلت أبدلت في نبئ.
﴿ مُحَرَّراً ﴾ أي عتيقا لله.
﴿ كَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ﴾ أي ضمها إليه وحضنها ﴿ ٱلْمِحْرَابَ ﴾ هو مقدم المجلس وأشرفه؛ وكذلك هو في المسجد. والمحراب أيضا: الغرفة، والجمع المحاريب ﴿ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا ﴾ من أين لك هذا؟ وقوله:﴿ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ﴾[البقرة: ٢٢٣] كيف شئتم؛ ومتى شئتم؛ وحيث شئتم؛ فتكون أنى على ثلاث معان.
﴿ حَصُوراً ﴾ على ثلاثة أوجه: الذي لا يأتي النساء؛ والذي لا يولد له؛ والذي لا يُخرج مع التذاذَّما شيئا.
﴿ عَاقِرٌ ﴾ وعقيم: بمعنى واحد؛ وهي التي لا تلد والذي لا يولد له.
﴿ رَمْزاً ﴾ الرمز: تحريك الشفتين باللفظ من غير إبانة بصوت. وقد يكون إشارة بالعين والحاجبين.
﴿ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴾ أي على عالم دهرها كما فضلت فاطمة وخديجة على نساء أمة محمد صلى الله عليه وسلم. انظر ١٤٠ من الأعراف.
﴿ أَقْلاَمَهُمْ ﴾ قداحهم: يعني سهامهم التي كانوا يجيلونها عند العزم على الأمر.
﴿ يُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً ﴾: يكلمهم في المهد آية وأعجوبة؛ ويكلمهم كهلا بالوحي والرسالة. والكهل: الذي انتهى شبابه؛ يقال اكتهل الرجل إذا انتهى شبابه.
﴿ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ ﴾ انظر ١١٠ من المائدة ﴿ ٱلأَكْمَهَ ﴾ الذي يولد أعمى ﴿ تَدَّخِرُونَ ﴾: تفتعلون من الذخر.
﴿ أَحَسَّ ﴾ علم ووجد ﴿ أَنصَارِيۤ ﴾ أعواني ﴿ ٱلْحَوَارِيُّونَ ﴾: هم صفوة الأنبياء عليهم السلام الذين خلصوا وأخلصوا في التصديق بهم ونصرتهم؛ وقيل إنهم كانوا قصَّارين فسموا الحواريين لتبييضهم الثياب؛ ثم صار هذا الإسم مستعملا فيمن أشبههم من المصدقين؛ وقيل كانوا صيادين؛ وقيل كانوا ملوكا، والله أعلم * قال أبو عمر: فيه ثلاث لغات: صَفوة وصِفوة وصُفوة والكسر أجودهن.
(ممترين) أي شاكين.
﴿ نَبْتَهِلْ ﴾ أي نلتعن: أن ندعو الله على الظالمين.
﴿ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾: أي عدل ونصف انظر ٥٨ من طه.
﴿ حَنِيفاً ﴾ انظر ١٣٥ من البقرة.
﴿ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ ﴾: أحقهم به.
﴿ تَلْبِسُونَ ﴾ أي تخلطون.
﴿ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ ﴾ أي أول النهار.
﴿ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ ﴾ أي يقلبونه ويحرفونه.
(ربانيون) كاملو العلم؛ قال محمد بن الحنفية رضوان الله عليه حين مات ابن عباس رضي الله عنهما: اليوم مات رباني هذه الأمة. وقال أبو العباس ثعلب: إنما قيل للفقهاء الربانيون، لأنهم يربون العلم أي يقومون به. وقال أبو عمر عن ثعلب: العرب تقول: رجل رباني وربي إذا كان عالما عاملا.
(إصر): ثقل وعهد أيضاً.
﴿ طَوْعاً ﴾ أي انقيادا بسهولة.
﴿ ٱفْتَرَىٰ ﴾.
اختلق.
﴿ بَكَّةَ ﴾: اسم لبطن مكة لأنهم يتباكُّون فيه، أي يزدحمون، ويقال بكة: مكان البيت ومكة سائر البلد، وسميت مكة لاجتذابها الناس من كل أفق، يقال: امتك الفصيل ما في ضرع الناقة: إذا استقصى فلم يدع منه شيئا.
﴿ عِوَجاً ﴾ أي اعوجاجا في الدين ونحوه. وعوج: ميل في الحائط والقناة ونحوهما.
﴿ يَعْتَصِم بِٱللَّهِ ﴾ أي يمتنع بالله.
﴿ أَنقَذَكُمْ مِّنْهَا ﴾: خلصكم منها.
﴿ حَبْلٍ ﴾: عهد.
﴿ آنَآءَ ٱللَّيْلِ ﴾ ساعاته، واحدها أنْى وإني وإنىً.
﴿ وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ ﴾: أي فلن تجحدوا ثوابه.
﴿ صِرٌّ ﴾: أي برد شديد.
﴿ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ ﴾: أي دخلاء من غيركم. وبطانة الرجل ودخلاؤه: أهل سره ممن يسكن إليه ويثق بمودته.﴿ خَبَالاً ﴾: فسادا.
﴿ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ﴾: أي تتخذ لهم مصاف ومعسكرا.
﴿ فَوْرِهِمْ ﴾ أي من وجههم، ويقال من غضبهم. ويقال فار فهو فائر إذا غضب ﴿ مُسَوِّمِينَ ﴾ أي معلمين بعلامة يعرفونها في الحروب.
﴿ يَكْبِتَهُمْ ﴾ أي يغيظهم ويحزنهم، ويقال: يكبتهم أي يصرعهم لوجوههم.﴿ خَآئِبِينَ ﴾: أي فاتهم الظفر.
﴿ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ ﴾ أي سعتها، ولم يرد العرض الذي هو خلاف الطول.
(سراء) وسُر وسرور، بمعنى واحد.(كاظمين الغيظ) أي حابسين الغيظ.
﴿ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ ﴾ أي يقيموا عليه.
﴿ تَهِنُوا ﴾ أي تضعفوا.
﴿ قَرْحٌ ﴾، وقُرح أي جراح. وقيل: القرح بفتح القاف: الجراح، والقراح بالضم: ألم الجراح.
﴿ يُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ أي يخلص الله الذين آمنوا من ذنوبهم وينقيهم منها، يقال: محص الحبل يمحص محصا، إذا ذهب منه الوبر حتى يتملص، وحبل محص وملص، وأملص يملص. وقولهم: ربنا محص ذنوبنا: أي أذهب ما تعلق بنا من الذنوب.
﴿ ثَوَابَ ﴾: أجر على العمل.
﴿ كَأَيِّن ﴾ وكائن وكئن - على وزن كعين وكاع وكع - ثلاث لغات: بمعنى كم ﴿ رِبِّيُّونَ ﴾: جماعات كثيرة، الواحد رِبّي ﴿ ٱسْتَكَانُواْ ﴾: خضعوا ﴿ إِسْرَافَنَا ﴾: إفراطنا.
﴿ تَحُسُّونَهُمْ ﴾: أي تستأصلونهم قتلا.﴿ فَشِلْتُمْ ﴾ أي جبنتم.
﴿ تُصْعِدُونَ ﴾ الأصعاد: الابتداء في السفر، والانحدار الرجوع.﴿ أُخْرَٰكُمْ ﴾: أي آخركم.
﴿ ذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾: حاجة الصدور.
﴿ غُزًّى ﴾: جمع غاز.﴿ حَسْرَةً ﴾: ندامة واغتمام على مافات ولا يمكن ارتجاعه.
﴿ انْفَضُّواْ ﴾: تفرقوا. وأصل الفض الكسر.﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ ﴾ أي استخرج آراءهم وعلم ما عندهم، مأخوذ من شُرت الدابة وشَّورتها إذا استخرجت جريها وعلمت خبرها.﴿ عَزَمْتَ ﴾ أي صححت رأيك في إمضاء الأمر.
﴿ يَغُلَّ ﴾ أي يخون، ويُغل يخون ﴿ بِمَا غَلَّ ﴾: أي بما خان.
﴿ دَرَجَـٰتٌ عِندَ ٱللَّهِ ﴾ الجنة درجات أي منازل بعضها فوق بعض.
﴿ ادْرَءُوا ﴾: ادفعوا.
﴿ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾: أي يفرحون.
(استجاب): أي أجاب.
(حظ): نصيب.
﴿ نُمْلِي لَهُمْ ﴾: أي نطيل لهم المدة.
﴿ يَمِيزَ ﴾: ويميّز، وقوله: ﴿ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ ﴾: أي يخلص المؤمنين من الكفار ﴿ يَجْتَبِي ﴾: أي يختار.
﴿ يُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾ قال النبي صلى الله عليه وسلم:" يأتي كنز أحدكم شجاعا أقرع له زبيبتان فيتطوق في حلقه ويقول أنا الزكاة التي منعتني، ثم ينهشه ".
(حريق): نار تلتهب.
﴿ زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ ﴾: أي نحي عنها وبُعّد.
﴿ مَفَازَةٍ ﴾ أي منجاة، مفعلة من الفوز يقال: فاز فلان: أي نجا، والفوز: الظفر. وقوله تعالى:﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً ﴾[النبأ: ٣١] أي ظفرا بما يريدون. يقال: فاز فلان بالأمر إذا ظفر به.
(قيام) على ثلاثة معان: جمع قائم، ومصدر قمت قياما. وقيام الأمر وقوامه: ما يقوم به الأمر. ومنه قوله جل وعز:﴿ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً ﴾[النساء: ٥].
أي قواما.
﴿ أَخْزَيْتَهُ ﴾: أهلكته. قال أبو عمر: ويقال باعدته من الخير، ومنه قوله تعالى:﴿ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ ﴾[التحريم: ٨].
﴿ خَٰشِعِينَ ﴾ أي متواضعين ﴿ رَابِطُواْ ﴾: أي اثبتوا ودوموا، وأصل المرابطة والرباط أن يربط هؤلاء خيولهم ويربط هؤلاء خيولهم في الثغر، كل يعد لصاحبه، فسمي المقام بالثغور رباطا.
سورة آل عمران
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

اتصَلتْ سورةُ (آلِ عِمْرانَ) من حيث الفضلُ بسورةِ (البقرة)؛ فقد وصَفهما الرسولُ ﷺ بـ (الزَّهْراوَينِ)؛ لِما احتوتا عليه من نورٍ وهداية.

وجاءت هذه السُّورةُ ببيانِ هداية هذا الكتابِ للناس، متضمِّنةً الحوارَ مع أهل الكتاب، مُحاجِجَةً إياهم في صِدْقِ هذا الدِّين وعلوِّه على غيره، مبرهنةً لصِدْقِ النبي ﷺ بهذه الرسالة، وهَيْمنةِ هذا الدِّينِ على غيره، ونَسْخِه للأديان الأخرى؛ فمَن ابتغى غيرَ الإسلام فأمرُه ردٌّ غيرُ مقبولٍ، كما أشارت إلى غزوةِ (أُحُدٍ)، وأمرِ المسلمين بالثَّبات على هذا الدِّين.

ترتيبها المصحفي
3
نوعها
مدنية
ألفاظها
3501
ترتيب نزولها
89
العد المدني الأول
200
العد المدني الأخير
200
العد البصري
200
العد الكوفي
200
العد الشامي
200

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اْللَّهِ وَأَيْمَٰنِهِمْ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمْ فِي اْلْأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اْللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٞ} [آل عمران: 77]:

ورَد عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ - رضي الله عنه -، عن النبيِّ ﷺ، قال: «مَن حلَفَ على يمينٍ يقتطِعُ بها مالَ امرئٍ مسلمٍ، وهو فيها فاجرٌ: لَقِيَ اللهَ وهو عليه غضبانُ»، ثم أنزَلَ اللهُ تصديقَ ذلك: {إِنَّ اْلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اْللَّهِ وَأَيْمَٰنِهِمْ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمْ فِي اْلْأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اْللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٞ} [آل عمران: 77]، ثم إنَّ الأشعَثَ بنَ قيسٍ خرَجَ إلينا، فقال: ما يُحدِّثُكم أبو عبدِ الرَّحمنِ؟ قال: فحدَّثْناه، قال: فقال: صدَقَ؛ لَفِيَّ نزَلتْ، كانت بيني وبين رجُلٍ خصومةٌ في بئرٍ، فاختصَمْنا إلى رسولِ اللهِ ﷺ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «شاهِدَاكَ أو يمينُهُ»، قلتُ: إنَّه إذًا يَحلِفُ ولا يُبالي، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «مَن حلَفَ على يمينٍ يستحِقُّ بها مالًا، وهو فيها فاجرٌ: لَقِيَ اللهَ وهو عليه غضبانُ»، ثم أنزَلَ اللهُ تصديقَ ذلك، ثم اقترَأَ هذه الآيةَ: {إِنَّ اْلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اْللَّهِ وَأَيْمَٰنِهِمْ ثَمَنٗا قَلِيلًا} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٞ} [آل عمران: 77]. أخرجه البخاري (٢٣٥٦).

* قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اْللَّهُ قَوْمٗا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَٰنِهِمْ وَشَهِدُوٓاْ أَنَّ اْلرَّسُولَ حَقّٞ وَجَآءَهُمُ اْلْبَيِّنَٰتُۚ وَاْللَّهُ لَا يَهْدِي اْلْقَوْمَ اْلظَّٰلِمِينَ ٨٦ أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اْللَّهِ وَاْلْمَلَٰٓئِكَةِ وَاْلنَّاسِ أَجْمَعِينَ ٨٧ خَٰلِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ اْلْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ ٨٨ إِلَّا اْلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ اْللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 86-89]:

صحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما -، قال: «كان رجُلٌ مِن الأنصارِ أسلَمَ، ثم ارتَدَّ ولَحِقَ بالشِّرْكِ، ثم نَدِمَ، فأرسَلَ إلى قومِه: سَلُوا رسولَ اللهِ ﷺ: هل لي مِن توبةٍ؟ فجاء قومُهُ إلى رسولِ اللهِ ﷺ، فقالوا: إنَّ فلانًا قد نَدِمَ، وإنَّه قد أمَرَنا أن نسألَك: هل له مِن توبةٍ؟ فنزَلتْ: {كَيْفَ يَهْدِي اْللَّهُ قَوْمٗا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَٰنِهِمْ} [آل عمران: 86] إلى {غَفُورٞ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 89]، فأرسَلَ إليه قومُهُ، فأسلَمَ». أخرجه النسائي (٤٠٧٩).

* قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتُ اْللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُۥۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاْللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسْتَقِيمٖ ١٠١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ اْتَّقُواْ اْللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ١٠٢ وَاْعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اْللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَاْذْكُرُواْ نِعْمَتَ اْللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنٗا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٖ مِّنَ اْلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَاۗ} [آل عمران: 101-103]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما -، قال: «كان الأَوْسُ والخَزْرجُ يَتحدَّثون، فغَضِبوا، حتى كان بينهم حربٌ، فأخَذوا السِّلاحَ بعضُهم إلى بعضٍ؛ فنزَلتْ: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتُ اْللَّهِ} [آل عمران: 101] إلى قوله تعالى: {فَأَنقَذَكُم مِّنْهَاۗ} [آل عمران: 103]. "المعجم الكبير" للطبراني (١٢٦٦٦).

* قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ اْلْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَٰلِمُونَ} [آل عمران: 128]:

صحَّ عن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه - أنَّه قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يقولُ حين يفرُغُ مِن صلاةِ الفجرِ مِن القراءةِ ويُكبِّرُ ويَرفَعُ رأسَه: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ»، ثم يقولُ وهو قائمٌ: «اللهمَّ أنْجِ الوليدَ بنَ الوليدِ، وسلَمةَ بنَ هشامٍ، وعيَّاشَ بنَ أبي ربيعةَ، والمستضعَفِينَ مِن المؤمنين، اللهمَّ اشدُدْ وَطْأتَك على مُضَرَ، واجعَلْها عليهم كَسِنِي يوسُفَ، اللهمَّ العَنْ لِحْيانَ، ورِعْلًا، وذَكْوانَ، وعُصَيَّةَ؛ عصَتِ اللهَ ورسولَه»، ثم بلَغَنا أنَّه ترَكَ ذلك لمَّا أُنزِلَ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإنَّهُمْ ظالِمُونَ}». أخرجه مسلم (675).

وعن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ - رضي الله عنهما -: أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ ﷺ إذا رفَعَ رأسَه مِن الرُّكوعِ مِن الركعةِ الآخِرةِ مِن الفجرِ يقولُ: «اللهمَّ العَنْ فلانًا وفلانًا وفلانًا» بعدما يقولُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ»؛ فأنزَلَ اللهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ اْلْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَٰلِمُونَ} [آل عمران: 128]. أخرجه البخاري (٤٠٦٩).

* قوله تعالى: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنۢ بَعْدِ اْلْغَمِّ أَمَنَةٗ نُّعَاسٗا يَغْشَىٰ طَآئِفَةٗ مِّنكُمْۖ وَطَآئِفَةٞ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]:

عن أنسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه -، أنَّ أبا طَلْحةَ قال: «غَشِيَنا النُّعَاسُ ونحن في مَصافِّنا يومَ أُحُدٍ، قال: فجعَلَ سيفي يسقُطُ مِن يدي وآخُذُه، ويسقُطُ وآخُذُه؛ وذلك قولُه عز وجل: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنۢ بَعْدِ اْلْغَمِّ أَمَنَةٗ نُّعَاسٗا يَغْشَىٰ طَآئِفَةٗ مِّنكُمْۖ وَطَآئِفَةٞ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]، والطائفةُ الأخرى: المنافقون، ليس لهم إلا أنفسُهم؛ أجبَنُ قومٍ وأرعَبُهُ، وأخذَلُهُ للحقِّ». أخرجه البخاري (٤٠٦٨).

* قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٖ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 161]:

صحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما - أنَّه قال: «نزَلتْ هذه الآيةُ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّۚ} في قَطيفةٍ حَمْراءَ فُقِدتْ يومَ بدرٍ، فقال بعضُ الناسِ: لعلَّ رسولَ اللهِ - ﷺ - أخَذَها؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٖ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 161]». أخرجه أبو داود (٣٩٧١).

* قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اْلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اْللَّهِ أَمْوَٰتَۢاۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]:

عن مسروقٍ، قال: سأَلْنا عبدَ اللهِ - هو ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه - عن هذه الآيةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اْلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اْللَّهِ أَمْوَٰتَۢاۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، قال: «أمَا إنَّا قد سأَلْنا عن ذلك، فقال: أرواحُهم في جوفِ طيرٍ خُضْرٍ، لها قناديلُ معلَّقةٌ بالعرشِ، تَسرَحُ مِن الجَنَّةِ حيث شاءت، ثم تَأوي إلى تلك القناديلِ، فاطَّلَعَ إليهم ربُّهم اطِّلاعةً، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أيَّ شيءٍ نشتهي ونحن نَسرَحُ في الجَنَّةِ حيث شِئْنا؟! ففعَلَ ذلك بهم ثلاثَ مرَّاتٍ، فلمَّا رأَوْا أنَّهم لن يُترَكوا مِن أن يَسألوا، قالوا: يا ربُّ، نريدُ أن ترُدَّ أرواحَنا في أجسادِنا؛ حتى نُقتَلَ في سبيلِك مرَّةً أخرى، فلمَّا رأى أنْ ليس لهم حاجةٌ، تُرِكوا». أخرجه مسلم (١٨٨٧).

سُمِّيتْ (آلُ عِمْرانَ) بهذا الاسم لذِكْرِ (آلِ عِمْرانَ) فيها، وثبَت لها اسمٌ آخَرُ؛ وهو (الزَّهْراءُ):

لِما جاء في حديث أبي أُمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ: «اقرَؤُوا الزَّهْراوَينِ: البقرةَ، وسورةَ آلِ عِمْرانَ». أخرجه مسلم (804).

يقول ابنُ منظورٍ: «والزَّهْراوانِ: أي: المُنِيرتانِ المُضِيئتانِ، واحدتها: زَهْراءُ». لسان العرب (4 /332).

وقد عدَّ بعضُ العلماء أنَّ ذِكْرَ (الزَّهْراوانِ) في هذا الحديثِ هو من بابِ الوصف، لا التسمية. انظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (3 /143)، "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /20).

* تُحاجُّ عن صاحبِها:

صحَّ عن أبي أُمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «اقرَؤُوا القرآنَ؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِه؛ اقرَؤُوا الزَّهْراوَينِ: البقرةَ، وسورةَ آلِ عِمْرانَ؛ فإنَّهما تأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَمَامتانِ، أو كأنَّهما غَيَايتانِ، أو كأنَّهما فِرْقانِ مِن طيرٍ صوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤُوا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أَخْذَها برَكةٌ، وتَرْكَها حَسْرةٌ، ولا تستطيعُها البَطَلةُ». أخرجه مسلم (804).

* كان يعظُمُ بين الصحابةِ قارئُ سورةِ (آلِ عِمْرانَ):

فعن أنسٍ رضي الله عنه، قال: «كان الرَّجُلُ إذا قرَأ البقرةَ وآلَ عِمْرانَ، جَدَّ فينا - يعني: عظُمَ -»، وفي روايةٍ: «يُعَدُّ فينا عظيمًا»، وفي أخرى: «عُدَّ فينا ذا شأنٍ». أخرجه أحمد (12236).

* ورَدتْ قراءتُه ﷺ لسورة (آل عِمْران) في قيام الليل:

فعن حُذَيفةَ بن اليمانِ رضي الله عنهما، قال: «صلَّيْتُ مع رسولِ اللهِ ﷺ ذاتَ ليلةٍ، فاستفتَحَ بسورةِ البقرةِ، فقرَأَ بمائةِ آيةٍ لم يَركَعْ، فمضى، قلتُ: يَختِمُها في الرَّكعتَينِ، فمضى، قلتُ: يَختِمُها ثم يَركَعُ، فمضى حتى قرَأَ سورةَ النِّساءِ، ثم قرَأَ سورةَ آلِ عِمْرانَ، ثم ركَعَ نحوًا مِن قيامِهِ، يقولُ في ركوعِهِ: سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، ثم رفَعَ رأسَهُ، فقال: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ربَّنا لك الحمدُ، وأطال القيامَ، ثم سجَدَ، فأطال السُّجودَ، يقولُ في سجودِهِ: سبحانَ ربِّيَ الأعلى، سبحانَ ربِّيَ الأعلى، سبحانَ ربِّيَ الأعلى، لا يمُرُّ بآيةِ تخويفٍ أو تعظيمٍ للهِ عز وجل إلا ذكَرَهُ». أخرجه النسائي (١١٣٢).

* كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ خواتمَها منتصَفَ الليلِ عندما يستيقظُ مِن نومِه:

فممَّا صحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّه باتَ عند مَيْمونةَ زَوْجِ النبيِّ ﷺ - وهي خالتُهُ -، قال: «فاضطجَعْتُ في عَرْضِ الوِسادَةِ، واضطجَعَ رسولُ اللهِ ﷺ وأهلُهُ في طُولِها، فنامَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى انتصَفَ الليلُ - أو قَبْله بقليلٍ، أو بعده بقليلٍ -، ثم استيقَظَ رسولُ اللهِ ﷺ، فجعَلَ يَمسَحُ النَّوْمَ عن وجهِهِ بيدَيهِ، ثم قرَأَ العَشْرَ الآياتِ الخواتِمَ مِن سُورةِ آلِ عِمْرانَ، ثم قامَ إلى شَنٍّ معلَّقةٍ، فتوضَّأَ منها، فأحسَنَ وُضُوءَهُ، ثم قامَ يُصلِّي، فصنَعْتُ مِثْلَ ما صنَعَ، ثُمَّ ذهَبْتُ فقُمْتُ إلى جَنْبِهِ، فوضَعَ رسولُ اللهِ ﷺ يَدَهُ اليُمْنى على رَأْسي، وأخَذَ بأُذُني بيدِهِ اليُمْنى يَفتِلُها، فصلَّى ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم أوتَرَ، ثم اضطجَعَ حتى جاءه المؤذِّنُ، فقامَ فصلَّى ركعتَينِ خفيفتَينِ، ثم خرَجَ فصلَّى الصُّبْحَ». أخرجه البخاري (٤٥٧١).

جاءت مواضيعُ سورةِ (آل عِمْرانَ) مُرتَّبةً على النحوِ الآتي:

مقدِّمات للحوار مع النَّصارى (١-٣٢).

إنزال الكتاب هدايةً للناس (١-٩).

تحذير الكافرين وحقيقةُ الدنيا (١٠-١٨).

انتقال الرسالة لأمَّة الإسلام (٢٩-٣٢).

اصطفاء الله تعالى لرُسلِه (٣٣-٤٤).

حقيقة عيسى عليه السلام (٤٥-٦٣).

الإسلام هو دِين الحقِّ، وهو دِينُ جميع الأنبياء (٦٤-٩٩).

إبراهيم عليه السلام كان حنيفًا مسلمًا (٦٤-٦٨).

مخاطبة فِرَق أهل الكتاب، وبيان حقائقهم (٦٩-٨٠).

وَحْدة الرسالات، والدِّين الحق هو الإسلام (٨١- ٩٢).

صلة المسلمين بإبراهيم، وافتراء أهل الكتاب (٩٣-٩٩).

بيان خَيْرية هذه الأمَّة، وتحذيرها من أعدائها (١٠٠-١٢٠).

التحذير من الوقوع في أخطاء السابقين (١٠٠-١٠٩).

خيرية هذه الأمَّة وفضلها (١١٠-١١٥).

تحذير الأمَّة من المنافقين (١١٦-١٢٠).

معركة (أُحُد) (١٢١-١٤٨).

مقدِّمات معركة (أُحُد) (١٢١-١٢٩).

أهمية الطاعة ومواعظُ (١٣٠-١٣٨).

تعزية المسلمين، والنهيُ عن الهوان (١٣٩-١٤٨).

دروس مستفادة من الهزيمة (١٤٩-١٨٩).

التحذير من طاعة الأعداء والتنازل (١٤٩-١٥٨).

أهمية الشورى وطاعة الرسول (١٥٩-١٦٤).

أسباب الهزيمة وفوائدها (١٦٥-١٧٩).

تحذير المنافقين والبخلاء (١٨٠-١٨٩).

أولو الألباب يستفيدون من الآيات الكونية (١٩٠-١٩٥).

الأمورُ بخواتيمها (١٩٦-٢٠٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /426).

افتُتِحت السُّورةُ بمقصدٍ عظيمٍ؛ وهو التنويهُ بالقرآن، وبمحمَّدٍ ﷺ، وتقسيمُ آيات القرآن، ومراتبُ الأفهام في تَلقِّيها، والتنويهُ بفضيلة الإسلام، وأنه لا يَعدِله دِينٌ، وأنه لا يُقبَل دِينٌ عند الله بعد ظهور الإسلام غيرُ الإسلام.

ومِن مقاصدِها: مُحاجَّةُ أهلِ الكتابينِ في حقيقة الحنيفيَّة، وأنهم بُعَداءُ عنها، وما أخَذ اللهُ من العهد على الرُّسلِ كلِّهم: أن يؤمنوا بالرسول الخاتم.

واشتملت على أمرِ المسلمين بفضائلِ الأعمال: مِن بذلِ المال في مواساة الأمَّة، والإحسان، وفضائل الأعمال، وتركِ البخل، ومَذمَّةِ الربا.

وخُتِمت السُّورةُ بآياتِ التفكير في ملكوت الله.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (3 /145).