تفسير سورة آل عمران

جهود ابن عبد البر في التفسير

تفسير سورة سورة آل عمران من كتاب جهود ابن عبد البر في التفسير
لمؤلفه ابن عبد البر . المتوفي سنة 463 هـ

١٢٤- أخبرنا علي بن إبراهيم قال : حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا علي بن سعيد بن بشير، حدثنا أبو ياسر عمار بن عمر بن المختار قال : حدثني أبي قال : حدثني غالب القطان١ قال : أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريبا من الأعمش فكنت أختلف إليه، فلما كان ليلة أردت أن أنحدر إلى البصرة، قام فتهجد من الليل فقرأ هذه الآية :﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ( ١٨ ) إن الدين عند الله الإسلام ﴾، قال الأعمش : وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الله وديعة، وإن الدين عند الله الإسلام، قالها مرارا، فغدوت إليه فودعته ثم قلت : إني سمعتك تقرأ هذه الآية ترددها فما بلغك فيها ؟ أنا عندك منذ سنة لم تحدثني به، قال : والله لا أحدثك به سنة. قال : فأقمت وكتبت على بابه ذلك اليوم، فلما مضت السنة قلت : يا أبا محمد ! قد مضت السنة، قال : حدثني أبو وائل عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :( يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالى : عبدي عهد إلي وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة )٢. ( جامع بيان العلم وفضله : ١/١١٩ ).
١ - هو الفقيه أبو سلمة بن أبي غيلان. خطاف بالفتح. وقيل خطاف مولى الأمير عبد الله بن عامر بن كريز القرشي. سمع الحسن وابن سيرين، وبكر بن عبد الله، وعنه ابن علية، وبشر بن المفضل، وخالد بن عبد الرحمان السلمي، قال أحمد: ثقة. وسئل عنه يحيى بن معين فقال: لا أعرفه. أعلام النبلاء: ٦/٢٠٥- ٢٠٦..
٢ - كذا هو عند القرطبي في جامع: ٣/٤١- ٤٢. وابن كثير في تفسيره: ١/٢٥٥..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:١٢٤- أخبرنا علي بن إبراهيم قال : حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا علي بن سعيد بن بشير، حدثنا أبو ياسر عمار بن عمر بن المختار قال : حدثني أبي قال : حدثني غالب القطان١ قال : أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريبا من الأعمش فكنت أختلف إليه، فلما كان ليلة أردت أن أنحدر إلى البصرة، قام فتهجد من الليل فقرأ هذه الآية :﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ( ١٨ ) إن الدين عند الله الإسلام ﴾، قال الأعمش : وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الله وديعة، وإن الدين عند الله الإسلام، قالها مرارا، فغدوت إليه فودعته ثم قلت : إني سمعتك تقرأ هذه الآية ترددها فما بلغك فيها ؟ أنا عندك منذ سنة لم تحدثني به، قال : والله لا أحدثك به سنة. قال : فأقمت وكتبت على بابه ذلك اليوم، فلما مضت السنة قلت : يا أبا محمد ! قد مضت السنة، قال : حدثني أبو وائل عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :( يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالى : عبدي عهد إلي وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة )٢. ( جامع بيان العلم وفضله : ١/١١٩ ).
١ - هو الفقيه أبو سلمة بن أبي غيلان. خطاف بالفتح. وقيل خطاف مولى الأمير عبد الله بن عامر بن كريز القرشي. سمع الحسن وابن سيرين، وبكر بن عبد الله، وعنه ابن علية، وبشر بن المفضل، وخالد بن عبد الرحمان السلمي، قال أحمد: ثقة. وسئل عنه يحيى بن معين فقال: لا أعرفه. أعلام النبلاء: ٦/٢٠٥- ٢٠٦..
٢ - كذا هو عند القرطبي في جامع: ٣/٤١- ٤٢. وابن كثير في تفسيره: ١/٢٥٥..

١٢٥- أما قوله تعالى :﴿ يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ﴾، فجائز أن تكون عبادتها في شريعتها السجود قبل الركوع.
وإن صح أن ذلك ليس كذلك فالوجه فيه أن الله تعالى أمرها بالقنوت وهو الطاعة، ثم السجود وهو الصلاة بعينها، كما قال تعالى :﴿ وإدبار السجود ﴾١، يريد إدبار الصلوات، ثم قال :﴿ واركعي مع الراكعين ﴾، أي اشكري مع الشاكرين، ومنه قوله تعالى :﴿ وخر راكعا وأناب ﴾٢، أي سجد شكرا لله، وكذلك قال ابن عباس : إنها سجدة شكر. ( س : ٢/٦٤ ).
١ - سورة ق: ٤٠..
٢ - سورة ص: ٢٣..
١٢٦- أما اختلاف العلماء في قول الله –عز وجل- :﴿ يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ﴾، فقالت طائفة : أراد إني رافعك، ومتوفيك، قالوا : وهذا جائز في " الواو "، والمعنى عند هؤلاء، أنه توفي موت، إلا أنه لم يمت بعد. وقال زيد بن أسلم وجماعة : متوفيك : قابضك من غير موت، مثل توفيت المال واستوفيته، أي قبضته. وقال الربيع بن أنس : يعني وفاة منام ؛ لأن الله تعالى رفعه في منامه. وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : متوفيك أي مميتك، وقال وهب : توفاه الله ثلاث ساعات من النهار.
والصحيح عندي في ذلك، قول من قال : متوفيك : قابضك من الأرض١، لما صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم - من نزوله٢. وإذا حملت رواية علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس على التقديم والتأخير، أي رافعك ومميتك، لم يكن بخلاف لما ذكرناه. ( ت : ١٤/٢٠٣ ).
١ - وهو اختيار ابن جرير الطبري: انظر تفسيره: ٣/٢٩١..
٢ - أخرج الإمام البخاري أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصيب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها، ثم يقول أبو هريرة: واقرأوا إن شئتم: ﴿وإن من أهل الكتاب إلا ليومن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا﴾- النساء: ١٥٨. انظر صحيحه بشرح الكرماني، كتاب بدء الخلق، باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام: ١٤/٨٧- ٨٨..
١٢٧- في قول الله – عز وجل- :﴿ فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم ﴾، دليل على أن الاحتجاج بالعلم مباح سائغ لمن تدبر. ( جامع بيان العلم وفضله : ٢/١٣٢ ).
١٢٨- ﴿ ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ﴾، يريد الشيء الكثير، لم يرد القنطار بعينه. ﴿ ومنهم من إن تأمنه بدينار ﴾، يريد الشيء الحقير القليل، لم يرد الدينار بعينه ﴿ لا يؤده إليك ﴾. ( ت : ١٨/٣٣٨. وانظر س : ٢٣/٢٤٠ ).
١٢٩- أي أن منهم من يؤتمن على بيت مال فلا يخون، ومنهم من يؤتمن على فلس أو نحوه فيخون. ( ت : ٢/٢٨٨ ).
١٣٠- ﴿ إلا ما دمت قائما ﴾، أي مواظبا بالاختلاف والاحتضار. ( س : ٥/٨١ ).
١٣١- روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- في تأويل هذه الآية حديث ابن مسعود، رواه الأعمش، وعاصم بن أبي النجود، وعبد الملك بن أعين، وجامع بن شداد عن أبي وائل، عن عبد الله١، عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال :( من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان )٢. فقال الأشعث بن قيس : في نزلت هذه الآية، كانت بيني وبين رجل خصومة، وبعضهم قال فيه : وبين رجل يهودي خصومة في الأرض، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :( ألك بينة ؟ قلت : لا، فيحلف صاحبك ؟ ) فقلت : إذن يذهب بمالي فنزلت هذه الآية٣. ( ت : ٢٠/٢٦٤ ).
١٣٢- روى معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب في قوله :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾، قال : هي اليمين الفاجرة، قال : واليمين الفاجرة من الكبائر، ثم تلا هذه الآية. ( ت : ٢٠/٢٦٨ ).
١ - أي ابن مسعود..
٢ - أخرجه الإمام البخاري في التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة على ربها ناظرة﴾: ٨/١٥٨. والإمام مسلم في الإيمان، باب وعبد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجر بالنار: ١/١٢٢. والترمذي في التفسير، سورة آل عمران: ٧٦. ٤/٢٩٢..
٣ - انظر جامع البيان: ٣/٣٢١..
١٣٣- حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ، قال : حدثنا أحمد بن زهير، قال : حدثنا سعيد بن سليمان، قال : حدثنا ميمون أبو عبد الله، عن الضحاك في قوله :﴿ كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب ﴾، قال : حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيها، فمن حفظه قبل بلوغه ثم فرغ على ما يستعين به على فهمه من لسان العرب، كان له ذلك عونا كبيرا على مراده منه ومن سنن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- تنبيه على كثير من الناسخ والمنسوخ في السنن. ومن طلب السنن فليكن معوله على حديث الأئمة الثقات الحفاظ الذين جعلهم الله خزائن لعلم دينه، وأمناء على سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ( جامع بيان العلم وفضله : ٢/٢٤٠- ٢٠٥ ).
١٣٤- اختلف العلماء في الاستطاعة التي عنى الله – عز وجل- بقوله :﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾، فروي عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال :( السبيل : الزاد والراحلة )١، وهذا الحديث لو صح لكان فرض الحج في المال والبدن نصا، كما قال الشافعي ومن تابعه، ولكنه حديث انفرد به إبراهيم بن يزيد الخوزي، وهو ضعيف.
وروى معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله :﴿ من استطاع إليه سبيلا ﴾، قال : السبيل : أن يصح بدن العبد، ويكون له ثمن زاد وراحلة غير أن يجحف به. وبه قال الحسن البصري، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وإليه ذهب الشافعي، وأبو حنيفة وأصحابهما، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه. ( ت : ٩/١٢٥- ١٢٦ ).
١٣٥- مالك، عن العلاء بن عبد الرحمان، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- خرج على المقبرة فقال :( السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ؛ وددت أني قد رأيت إخواننا، قالوا : يا رسول الله، ألسنا بإخوانك ؟ قال : بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض ؛ قالوا : يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك ؟ قال : أرأيت لو كانت لرجل خيل غر محجلة٢ في خيل دهم بهم٣، ألا يعرف خيله ؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض فلا يذادن رجل عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلم، ألا هلم، ألا هلم، فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول : فسحقا، فسحقا، فسحقا )٤. ( ت : ٢٠/٢٣٨- ٢٣٩ ).
١٣٦- كان سفيان بن عيينة يقول : تفسير هذا الحديث وما كان مثله بين في كتاب الله، وهو قوله :﴿ وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾. ( ت : ٢٠/٢٤٩ ).
١ - أخرجه الترمذي في التفسير، سورة آل عمران: ٩٧. ٤/٢٩٣..
٢ - المحجل من الخيل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد. النهاية في غريب الحديث: ١/٣٤٦..
٣ - البهم جمع بهيم، وهو في الأصل، الذي لا يخالط لونه لون سواه: النهاية: ١/١٦٧..
٤ - الموطأ، كتاب الطهارة، باب جامع الوضوء: ٢٣..
١٣٧- قال عبد الله بن مسعود في قول الله – عز وجل- :﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾، أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى١.
وقال قتادة مثل ذلك، وزاد عليها : فاتقوا الله ما استطعتم. ( بهجة المجالس : ١/٣٩٣ ).
١ - أخرجه ابن جرير في تفسيره: ٤/٢٨..
١٣٨- روى يزيد بن زريع عن سعيد، عن قتادة، في قوله :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ﴾ الآية، قال : حبل الله الذي أمر أن يعتصم به : القرآن. وقال قتادة : إن الله قد كره إليكم الفرقة وقدم إليكم فيها وحذركموها ونهاكم عنها، ورضي لكم بالسمع والطاعة والألفة والجماعة، فارضوا لأنفسكم بما رضي الله لكم. ( ت : ٢١/١٧٢ ).
١٣٩- روى معمر، عن قتادة في قوله :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾، قال : بعهد الله وأمره. وروى ابن عيينة عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله ابن مسعود :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾، قال : حبل الله وصراط الله المستقيم : كتاب الله. وأبو معاوية، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :( إن هذا القرآن هو حبل الله )١. فهذا قول.
والقول الثاني : روى بقي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال : حدثنا هشيم، عن العوام بن حوشب، عن الشعبي، عن عبد الله في قوله :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾، قال : حبل الله : الجماعة. قال بقي : وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال : حدثنا محمد ابن الحسن الأسدي، عن هشيم، عن العوام بن حوشب، عن الشعبي، عن عبد الله في قوله :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾ -الآية، قال : الحبل الذي أيد الله به الجماعة. قال : وحدثنا أبو كريب٢، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين٣، عن الشعبي، عن ثابت بن قطبة، قال : قال عبد الله بن مسعود في خطبته : أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة، خير مما تحبون في الفرقة. ( ت : ٢١/٢٧٣ ).
١ - أخرجه الدارمي في فضائل القرآن، باب فضل من قرأ القرآن: ٢/٤٣١. وذلك من حديث أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود..
٢ - هو محمد بن العلاء بن كريب الحافظ الثقة الإمام، شيخ المحدثين، أبو كريب الهمداني الكوفي، حدث عن أبي بكر ابن عياش، وابن المبارك، وسفيان بن عيينة... وعنه الجماعة الستة، وأبو زرعة. وأبو حاتم وآخرون، توفي سنة: ٢٤٨هـ انظر طبقات ابن سعد: ٦/٢٨٩. وسير أعلام النبلاء: ١١/٣٩٤- ٣٩٨..
٣ - هو عثمان بن عاصم بن حصين، وقيل: بدل حصين زيد بن كثير، الإمام الحافظ الأسدي الكوفي، روى عن جابر بن سمرة، وابن عباس، وابن الزبير، وأنس، وأبي سعيد الخدري، والشعبي... وعنه الثوري، وأبو الأحوص الحنفي، وأبو بكر ابن عياش، وسفيان بن عيينة، وسواهم. توفي سنة ١٢٨هـ انظر سير أعلام النبلاء: ٥/٤١٢- ٤١٧..
١٤٠- في سماع ابن قاسم، قال مالك : ما آية في كتاب الله أشد على أهل الأهواء من هذه الآية :﴿ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ﴾، يقول الله تعالى :﴿ فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ﴾، قال : فأي كلام أبين من هذا، ورأيته تأولها على أهل الأهواء. ( الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء : ٣٣- ٣٤ ).
١٤١- قال عمر بن الخطاب في قوله –عز وجل- :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ﴾، قال : من فعل مثل فعلهم كان مثلهم١. وقال ابن عباس في قوله :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾، هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، وشهدوا بدرا والحديبية٢.
وقيل في قول الله :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾، أنهم أمة محمد – صلى الله عليه وسلم- يعني الصالحين منهم، وأهل الفضل هم شهداء على الناس يوم القيامة. قالوا : وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون، لأنهم آمنوا حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، وعزروه ونصروه، وآووه وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وقاتلوا غيرهم على كفرهم، حتى أدخلوهم في الإسلام٣. ( ت : ٢٠/٢٥١ ).
﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ( ١١٣ ) يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين ﴾ ( ١١٤ ).
١٤٢- حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قراءة عليه، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن زياد، قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال : حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق، قال : حدثني محمد بن أبي محمد بن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال : لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، ومن أسلم من يهود، فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام، قالت أحبار يهود : ما أتى محمدا إلا شرارنا، فأنزل الله تعالى :﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ﴾-الآية، إلى قوله تعالى :﴿ من الصالحين ﴾٤. ( الاستيعاب : ١/٩٦- ٩٧. وكذا في ١/٢١٠- ٢١١ ).
١ - انظر جامع البيان: ٤/٤٣..
٢ - انظر جامع لأحكام القرآن: ٤/١٧٠..
٣ - قال الحافظ ابن كثير: والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. انظر تفسيره: ١/٣٩٢..
٤ - انظر جامع البيان: ٤/٥٢- ٥٣..
١٤٣- كانت بئر معونة١ سنة أربع من الهجرة، فدعا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة أربعين صباحا حتى نزلت :﴿ ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ﴾، فأمسك عنهم.
وقد روي أن قول –عز وجل- :﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾، نزلت في غير هذا، وذكروا فيها وجوها ليس هذا موضعا لذكرها٢. ( المصدر السابق : ٢/٧٩٦- ٧٩٧ ).
١ - نقل ياقوت الحمري عن ابن إسحاق قوله: بئر معونة بين أرض بني عامر وحرة بني سليم، وكلا البلدين منها قريب إلا أنها إلى حرة بني سليم أقرب. انظر معجم البلدان: ١/٣٦٢..
٢ - قال ابن إسحاق في هذه الآية: أي ليس لك من الحكم شيء في عبادي، إلا ما أمرتك به فيهم أو أتوب عليهم برحمتي، فإن شئت فعلت، أو أعذبهم فبحقي، ﴿فإنهم ظالمون﴾، أي قد استوجبوا ذلك بمعصيتهم إياي. الروض الأنف: ٣/١٨٢..
١٤٤- فيمن فر يوم أحد نزلت :﴿ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ﴾. ( المصدر السابق : ٢/٦٠٠. وانظر الدرر : ١٥٩-١٦٠ ).
١٤٥- قال بقي : وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :( لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمرها وتأوي إلى قناديل من ذهب مذللة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم، قالوا : من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق، ليلا ينكلوا عن الحرب ولا يزهدوا في الجهاد، قال : فقال الله عز وجل : أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ﴾ )١. ( ت : ١١/٦١. وانظر س : ٨/٣٦١ ).
١٤٦- ثبت عن ابن عباس، ومجاهد وسعيد بن جبير أن هذه الآية، نزلت في الشهداء، قوله تعالى :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ﴾، وهو قول ابن مسعود، وجابر، وهو الصحيح، وبالله التوفيق. ( ت : ١١/٦٥ ).
١٤٧- لمجاهد في قول الله – عز وجل- في الشهداء :﴿ أحياء عند ربهم يرزقون ﴾، قال : ليس هم في الجنة، ولكن يأكلون من ثمارها ويجدون ريحها.
قال أبو عمر : ظاهر حديث مالك يرد قول مجاهد هذا ؛ لأن فيه : " إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة " ٢، ومن ادعى على أن شجر الجنة وثمرها في غيرها فقد أحال ظاهر الحديث. ( س : ٨/٣٦٠ ).
١ - أخرجه أبو داود في الجهاد، باب في فضل الشهادة: ٣/١٥. والإمام أحمد في مسنده: ١/٢٦٦..
٢ - انظر الموطأ، كتاب الجنائز، باب جامع الجنائز: ١٤٥..
١٤٨- يعني نعيم بن مسعود١ وحده، كنى عنه وحده بالناس في قول طائفة من أهل التفسير، قال بعض أهل المعاني٢ : إنما قيل ذلك ؛ لأن كل واحد من الناس يقوم مقام الآخر في مثل ذلك. ( الاستيعاب : ٤/١٥٠٨ ).
١٤٩- معروف من كلام العرب الإتيان بلفظ العموم، والمراد به الخصوص ؛ ألا ترى إلى قول الله – عز وجل- :﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ﴾، وهذه الإشارة في الناس إنما هي رجل واحد أخبر أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم- أن قريشا جمعت لهم، وجاء اللفظ – كما ترى- على العموم. ومثله :﴿ تدمر كل شيء ﴾٣، ﴿ ما تذر من شيء أتت عليه ﴾٤، ومثل هذا كثير لا يجهله إلا من لا عناية له بالعلم. ( ت : ٢١/ ٢٦٥- ٢٦٦. وانظر س : ٢٦/ ٢٦٤ ).
١ - هو نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي، هاجر إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في الخندق، وهو الذي خذل المشركين وبني قريظة حتى صرف الله المشركين بعد أن أرسل عليهم ريحا وجنودا لم يروها. سكن المدينة، ومات في خلافة عثمان. انظر الاستيعاب: ٤/١٥٠٨- ١٥٠٩..
٢ - أهل المعاني هم الذين لهم نوع اختصاص بالبحث في معاني الكتاب والسنة، غير المفسرين، انظر الفهرست لابن النديم: ٥٧- ٥٨..
٣ - سورة الأحقاف: ٢٤..
٤ - سورة الذاريات: ٤٢..
١٥٠- ذكر ابن أبي شيبة، قال : حدثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشم، عن أبي وائل، عن مسروق، في قوله :﴿ سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ﴾ قال : هو الرجل يرزقه الله المال، فيمنع قرابته الحق الذي فيه، فيجعل حية يطوقها، فيقول : مالي ولك ؟ فتقول الحية : أنا مالك. قال : وحدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن عبد الله :﴿ سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ﴾ قال : ثعبان بفيه زبيبتان، ينهشه١، يقول : أنا مالك الذي بخلت به٢.
وليس في هذا بيان أنه غير الزكاة، والأكثر على أن ذلك في الزكاة، والله أعلم. وقد روي عن ابن مسعود في هذه الآية :﴿ سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ﴾، قال : ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته، إلا جاء يوم القيامة شجاع أقرع، يطوق في عنقه ينهشه. ( ت : ١٧/١٤٩- ١٥٠. وانظر س : ٩/١٢٤ ).
١ - نهش ينهش نهشا: تناول الشيء بفمه ليعضه فيؤثر فيه ولا يجرحه، وكذلك نهش الحية، والفعل كالفعل. اللسان، مادة "نهش": ٦/٣٦٠..
٢ - انظر جامع البيان: ٤/١٩٢..
١٥١- عن مالك بن مغول في قوله :﴿ فنبذوه وراء ظهورهم ﴾، قال : تركوا العمل به١. ( جامع بيان العلم وفضله : ٢/١٤ ).
١ - الذي في جامع البيان: ٤/٢٠٤. قال: حدثني محمد بن سنان، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا مالك ابن مغول، قال: نبئت عن الشعبي في هذه الآية: ﴿فنبذوه وراء ظهورهم﴾، قال: قذفوه بين أيديهم وتركوا العمل به..
١٥٢- حدثني خلف بن قاسم، قال : حدثنا ابن الورد – عبد الله بن جعفر- قال : حدثنا عبدوس بن دورويه الدمشقي، قال : حدثنا المسيب بن واضح، قال : حدثنا معتمر بن سليمان، عن حميد، عن أنس، قال : لما جاءت وفاة النجاشي إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه : صلوا عليه، فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وقمنا معه، فصلى عليه، فقالوا : صلى على علج مات، فنزلت :﴿ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ﴾ –الآية١. ( ت : ٦/٣٢٩- ٣٣٠. والنظر س : ٨/٢٣٦ ).
١ - انظر جامع البيان: ٤/٢١٨..
١٥٣- قال سنيد : وحدثنا عبد الله بن المبارك، عن مصعب بن ثابت، عن داود ابن صالح، عن أبي سلمة بن عبد الرحمان، قال : ما كان الرباط على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ولكن نزلت في انتظار الصلاة بعد الصلاة، يعني قوله :﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾١. ( ت : ٢٠/٢٢٤ ).
١٥٤- قال أبو عمر : أحسن ما روي في قول الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾، ما قاله محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية :﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾، قال : اصبروا على دينكم، وصابروا الوعد الذي وعدتكم عليه، ورابطوا عدوكم وعدوي حتى يترك دينه لدينكم، واتقوا الله في ما بيني وبينكم، ﴿ لعلكم تفلحون ﴾، إذا لقيتموني٢. ( س : ١٤/٤٧- ٤٨ ).
١ - انظر المصدر السابق: ٤/٢٢٢..
٢ - انظر المصدر السابق: ٤/٢٢١..
سورة آل عمران
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

اتصَلتْ سورةُ (آلِ عِمْرانَ) من حيث الفضلُ بسورةِ (البقرة)؛ فقد وصَفهما الرسولُ ﷺ بـ (الزَّهْراوَينِ)؛ لِما احتوتا عليه من نورٍ وهداية.

وجاءت هذه السُّورةُ ببيانِ هداية هذا الكتابِ للناس، متضمِّنةً الحوارَ مع أهل الكتاب، مُحاجِجَةً إياهم في صِدْقِ هذا الدِّين وعلوِّه على غيره، مبرهنةً لصِدْقِ النبي ﷺ بهذه الرسالة، وهَيْمنةِ هذا الدِّينِ على غيره، ونَسْخِه للأديان الأخرى؛ فمَن ابتغى غيرَ الإسلام فأمرُه ردٌّ غيرُ مقبولٍ، كما أشارت إلى غزوةِ (أُحُدٍ)، وأمرِ المسلمين بالثَّبات على هذا الدِّين.

ترتيبها المصحفي
3
نوعها
مدنية
ألفاظها
3501
ترتيب نزولها
89
العد المدني الأول
200
العد المدني الأخير
200
العد البصري
200
العد الكوفي
200
العد الشامي
200

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اْللَّهِ وَأَيْمَٰنِهِمْ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمْ فِي اْلْأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اْللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٞ} [آل عمران: 77]:

ورَد عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ - رضي الله عنه -، عن النبيِّ ﷺ، قال: «مَن حلَفَ على يمينٍ يقتطِعُ بها مالَ امرئٍ مسلمٍ، وهو فيها فاجرٌ: لَقِيَ اللهَ وهو عليه غضبانُ»، ثم أنزَلَ اللهُ تصديقَ ذلك: {إِنَّ اْلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اْللَّهِ وَأَيْمَٰنِهِمْ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمْ فِي اْلْأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اْللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٞ} [آل عمران: 77]، ثم إنَّ الأشعَثَ بنَ قيسٍ خرَجَ إلينا، فقال: ما يُحدِّثُكم أبو عبدِ الرَّحمنِ؟ قال: فحدَّثْناه، قال: فقال: صدَقَ؛ لَفِيَّ نزَلتْ، كانت بيني وبين رجُلٍ خصومةٌ في بئرٍ، فاختصَمْنا إلى رسولِ اللهِ ﷺ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «شاهِدَاكَ أو يمينُهُ»، قلتُ: إنَّه إذًا يَحلِفُ ولا يُبالي، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «مَن حلَفَ على يمينٍ يستحِقُّ بها مالًا، وهو فيها فاجرٌ: لَقِيَ اللهَ وهو عليه غضبانُ»، ثم أنزَلَ اللهُ تصديقَ ذلك، ثم اقترَأَ هذه الآيةَ: {إِنَّ اْلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اْللَّهِ وَأَيْمَٰنِهِمْ ثَمَنٗا قَلِيلًا} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٞ} [آل عمران: 77]. أخرجه البخاري (٢٣٥٦).

* قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اْللَّهُ قَوْمٗا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَٰنِهِمْ وَشَهِدُوٓاْ أَنَّ اْلرَّسُولَ حَقّٞ وَجَآءَهُمُ اْلْبَيِّنَٰتُۚ وَاْللَّهُ لَا يَهْدِي اْلْقَوْمَ اْلظَّٰلِمِينَ ٨٦ أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اْللَّهِ وَاْلْمَلَٰٓئِكَةِ وَاْلنَّاسِ أَجْمَعِينَ ٨٧ خَٰلِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ اْلْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ ٨٨ إِلَّا اْلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ اْللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 86-89]:

صحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما -، قال: «كان رجُلٌ مِن الأنصارِ أسلَمَ، ثم ارتَدَّ ولَحِقَ بالشِّرْكِ، ثم نَدِمَ، فأرسَلَ إلى قومِه: سَلُوا رسولَ اللهِ ﷺ: هل لي مِن توبةٍ؟ فجاء قومُهُ إلى رسولِ اللهِ ﷺ، فقالوا: إنَّ فلانًا قد نَدِمَ، وإنَّه قد أمَرَنا أن نسألَك: هل له مِن توبةٍ؟ فنزَلتْ: {كَيْفَ يَهْدِي اْللَّهُ قَوْمٗا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَٰنِهِمْ} [آل عمران: 86] إلى {غَفُورٞ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 89]، فأرسَلَ إليه قومُهُ، فأسلَمَ». أخرجه النسائي (٤٠٧٩).

* قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتُ اْللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُۥۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاْللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسْتَقِيمٖ ١٠١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ اْتَّقُواْ اْللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ١٠٢ وَاْعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اْللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَاْذْكُرُواْ نِعْمَتَ اْللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنٗا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٖ مِّنَ اْلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَاۗ} [آل عمران: 101-103]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما -، قال: «كان الأَوْسُ والخَزْرجُ يَتحدَّثون، فغَضِبوا، حتى كان بينهم حربٌ، فأخَذوا السِّلاحَ بعضُهم إلى بعضٍ؛ فنزَلتْ: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتُ اْللَّهِ} [آل عمران: 101] إلى قوله تعالى: {فَأَنقَذَكُم مِّنْهَاۗ} [آل عمران: 103]. "المعجم الكبير" للطبراني (١٢٦٦٦).

* قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ اْلْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَٰلِمُونَ} [آل عمران: 128]:

صحَّ عن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه - أنَّه قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يقولُ حين يفرُغُ مِن صلاةِ الفجرِ مِن القراءةِ ويُكبِّرُ ويَرفَعُ رأسَه: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ»، ثم يقولُ وهو قائمٌ: «اللهمَّ أنْجِ الوليدَ بنَ الوليدِ، وسلَمةَ بنَ هشامٍ، وعيَّاشَ بنَ أبي ربيعةَ، والمستضعَفِينَ مِن المؤمنين، اللهمَّ اشدُدْ وَطْأتَك على مُضَرَ، واجعَلْها عليهم كَسِنِي يوسُفَ، اللهمَّ العَنْ لِحْيانَ، ورِعْلًا، وذَكْوانَ، وعُصَيَّةَ؛ عصَتِ اللهَ ورسولَه»، ثم بلَغَنا أنَّه ترَكَ ذلك لمَّا أُنزِلَ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإنَّهُمْ ظالِمُونَ}». أخرجه مسلم (675).

وعن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ - رضي الله عنهما -: أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ ﷺ إذا رفَعَ رأسَه مِن الرُّكوعِ مِن الركعةِ الآخِرةِ مِن الفجرِ يقولُ: «اللهمَّ العَنْ فلانًا وفلانًا وفلانًا» بعدما يقولُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ»؛ فأنزَلَ اللهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ اْلْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَٰلِمُونَ} [آل عمران: 128]. أخرجه البخاري (٤٠٦٩).

* قوله تعالى: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنۢ بَعْدِ اْلْغَمِّ أَمَنَةٗ نُّعَاسٗا يَغْشَىٰ طَآئِفَةٗ مِّنكُمْۖ وَطَآئِفَةٞ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]:

عن أنسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه -، أنَّ أبا طَلْحةَ قال: «غَشِيَنا النُّعَاسُ ونحن في مَصافِّنا يومَ أُحُدٍ، قال: فجعَلَ سيفي يسقُطُ مِن يدي وآخُذُه، ويسقُطُ وآخُذُه؛ وذلك قولُه عز وجل: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنۢ بَعْدِ اْلْغَمِّ أَمَنَةٗ نُّعَاسٗا يَغْشَىٰ طَآئِفَةٗ مِّنكُمْۖ وَطَآئِفَةٞ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]، والطائفةُ الأخرى: المنافقون، ليس لهم إلا أنفسُهم؛ أجبَنُ قومٍ وأرعَبُهُ، وأخذَلُهُ للحقِّ». أخرجه البخاري (٤٠٦٨).

* قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٖ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 161]:

صحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما - أنَّه قال: «نزَلتْ هذه الآيةُ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّۚ} في قَطيفةٍ حَمْراءَ فُقِدتْ يومَ بدرٍ، فقال بعضُ الناسِ: لعلَّ رسولَ اللهِ - ﷺ - أخَذَها؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٖ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 161]». أخرجه أبو داود (٣٩٧١).

* قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اْلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اْللَّهِ أَمْوَٰتَۢاۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]:

عن مسروقٍ، قال: سأَلْنا عبدَ اللهِ - هو ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه - عن هذه الآيةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اْلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اْللَّهِ أَمْوَٰتَۢاۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، قال: «أمَا إنَّا قد سأَلْنا عن ذلك، فقال: أرواحُهم في جوفِ طيرٍ خُضْرٍ، لها قناديلُ معلَّقةٌ بالعرشِ، تَسرَحُ مِن الجَنَّةِ حيث شاءت، ثم تَأوي إلى تلك القناديلِ، فاطَّلَعَ إليهم ربُّهم اطِّلاعةً، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أيَّ شيءٍ نشتهي ونحن نَسرَحُ في الجَنَّةِ حيث شِئْنا؟! ففعَلَ ذلك بهم ثلاثَ مرَّاتٍ، فلمَّا رأَوْا أنَّهم لن يُترَكوا مِن أن يَسألوا، قالوا: يا ربُّ، نريدُ أن ترُدَّ أرواحَنا في أجسادِنا؛ حتى نُقتَلَ في سبيلِك مرَّةً أخرى، فلمَّا رأى أنْ ليس لهم حاجةٌ، تُرِكوا». أخرجه مسلم (١٨٨٧).

سُمِّيتْ (آلُ عِمْرانَ) بهذا الاسم لذِكْرِ (آلِ عِمْرانَ) فيها، وثبَت لها اسمٌ آخَرُ؛ وهو (الزَّهْراءُ):

لِما جاء في حديث أبي أُمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ: «اقرَؤُوا الزَّهْراوَينِ: البقرةَ، وسورةَ آلِ عِمْرانَ». أخرجه مسلم (804).

يقول ابنُ منظورٍ: «والزَّهْراوانِ: أي: المُنِيرتانِ المُضِيئتانِ، واحدتها: زَهْراءُ». لسان العرب (4 /332).

وقد عدَّ بعضُ العلماء أنَّ ذِكْرَ (الزَّهْراوانِ) في هذا الحديثِ هو من بابِ الوصف، لا التسمية. انظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (3 /143)، "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /20).

* تُحاجُّ عن صاحبِها:

صحَّ عن أبي أُمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «اقرَؤُوا القرآنَ؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِه؛ اقرَؤُوا الزَّهْراوَينِ: البقرةَ، وسورةَ آلِ عِمْرانَ؛ فإنَّهما تأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَمَامتانِ، أو كأنَّهما غَيَايتانِ، أو كأنَّهما فِرْقانِ مِن طيرٍ صوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤُوا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أَخْذَها برَكةٌ، وتَرْكَها حَسْرةٌ، ولا تستطيعُها البَطَلةُ». أخرجه مسلم (804).

* كان يعظُمُ بين الصحابةِ قارئُ سورةِ (آلِ عِمْرانَ):

فعن أنسٍ رضي الله عنه، قال: «كان الرَّجُلُ إذا قرَأ البقرةَ وآلَ عِمْرانَ، جَدَّ فينا - يعني: عظُمَ -»، وفي روايةٍ: «يُعَدُّ فينا عظيمًا»، وفي أخرى: «عُدَّ فينا ذا شأنٍ». أخرجه أحمد (12236).

* ورَدتْ قراءتُه ﷺ لسورة (آل عِمْران) في قيام الليل:

فعن حُذَيفةَ بن اليمانِ رضي الله عنهما، قال: «صلَّيْتُ مع رسولِ اللهِ ﷺ ذاتَ ليلةٍ، فاستفتَحَ بسورةِ البقرةِ، فقرَأَ بمائةِ آيةٍ لم يَركَعْ، فمضى، قلتُ: يَختِمُها في الرَّكعتَينِ، فمضى، قلتُ: يَختِمُها ثم يَركَعُ، فمضى حتى قرَأَ سورةَ النِّساءِ، ثم قرَأَ سورةَ آلِ عِمْرانَ، ثم ركَعَ نحوًا مِن قيامِهِ، يقولُ في ركوعِهِ: سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، ثم رفَعَ رأسَهُ، فقال: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ربَّنا لك الحمدُ، وأطال القيامَ، ثم سجَدَ، فأطال السُّجودَ، يقولُ في سجودِهِ: سبحانَ ربِّيَ الأعلى، سبحانَ ربِّيَ الأعلى، سبحانَ ربِّيَ الأعلى، لا يمُرُّ بآيةِ تخويفٍ أو تعظيمٍ للهِ عز وجل إلا ذكَرَهُ». أخرجه النسائي (١١٣٢).

* كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ خواتمَها منتصَفَ الليلِ عندما يستيقظُ مِن نومِه:

فممَّا صحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّه باتَ عند مَيْمونةَ زَوْجِ النبيِّ ﷺ - وهي خالتُهُ -، قال: «فاضطجَعْتُ في عَرْضِ الوِسادَةِ، واضطجَعَ رسولُ اللهِ ﷺ وأهلُهُ في طُولِها، فنامَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى انتصَفَ الليلُ - أو قَبْله بقليلٍ، أو بعده بقليلٍ -، ثم استيقَظَ رسولُ اللهِ ﷺ، فجعَلَ يَمسَحُ النَّوْمَ عن وجهِهِ بيدَيهِ، ثم قرَأَ العَشْرَ الآياتِ الخواتِمَ مِن سُورةِ آلِ عِمْرانَ، ثم قامَ إلى شَنٍّ معلَّقةٍ، فتوضَّأَ منها، فأحسَنَ وُضُوءَهُ، ثم قامَ يُصلِّي، فصنَعْتُ مِثْلَ ما صنَعَ، ثُمَّ ذهَبْتُ فقُمْتُ إلى جَنْبِهِ، فوضَعَ رسولُ اللهِ ﷺ يَدَهُ اليُمْنى على رَأْسي، وأخَذَ بأُذُني بيدِهِ اليُمْنى يَفتِلُها، فصلَّى ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم ركعتَينِ، ثم أوتَرَ، ثم اضطجَعَ حتى جاءه المؤذِّنُ، فقامَ فصلَّى ركعتَينِ خفيفتَينِ، ثم خرَجَ فصلَّى الصُّبْحَ». أخرجه البخاري (٤٥٧١).

جاءت مواضيعُ سورةِ (آل عِمْرانَ) مُرتَّبةً على النحوِ الآتي:

مقدِّمات للحوار مع النَّصارى (١-٣٢).

إنزال الكتاب هدايةً للناس (١-٩).

تحذير الكافرين وحقيقةُ الدنيا (١٠-١٨).

انتقال الرسالة لأمَّة الإسلام (٢٩-٣٢).

اصطفاء الله تعالى لرُسلِه (٣٣-٤٤).

حقيقة عيسى عليه السلام (٤٥-٦٣).

الإسلام هو دِين الحقِّ، وهو دِينُ جميع الأنبياء (٦٤-٩٩).

إبراهيم عليه السلام كان حنيفًا مسلمًا (٦٤-٦٨).

مخاطبة فِرَق أهل الكتاب، وبيان حقائقهم (٦٩-٨٠).

وَحْدة الرسالات، والدِّين الحق هو الإسلام (٨١- ٩٢).

صلة المسلمين بإبراهيم، وافتراء أهل الكتاب (٩٣-٩٩).

بيان خَيْرية هذه الأمَّة، وتحذيرها من أعدائها (١٠٠-١٢٠).

التحذير من الوقوع في أخطاء السابقين (١٠٠-١٠٩).

خيرية هذه الأمَّة وفضلها (١١٠-١١٥).

تحذير الأمَّة من المنافقين (١١٦-١٢٠).

معركة (أُحُد) (١٢١-١٤٨).

مقدِّمات معركة (أُحُد) (١٢١-١٢٩).

أهمية الطاعة ومواعظُ (١٣٠-١٣٨).

تعزية المسلمين، والنهيُ عن الهوان (١٣٩-١٤٨).

دروس مستفادة من الهزيمة (١٤٩-١٨٩).

التحذير من طاعة الأعداء والتنازل (١٤٩-١٥٨).

أهمية الشورى وطاعة الرسول (١٥٩-١٦٤).

أسباب الهزيمة وفوائدها (١٦٥-١٧٩).

تحذير المنافقين والبخلاء (١٨٠-١٨٩).

أولو الألباب يستفيدون من الآيات الكونية (١٩٠-١٩٥).

الأمورُ بخواتيمها (١٩٦-٢٠٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /426).

افتُتِحت السُّورةُ بمقصدٍ عظيمٍ؛ وهو التنويهُ بالقرآن، وبمحمَّدٍ ﷺ، وتقسيمُ آيات القرآن، ومراتبُ الأفهام في تَلقِّيها، والتنويهُ بفضيلة الإسلام، وأنه لا يَعدِله دِينٌ، وأنه لا يُقبَل دِينٌ عند الله بعد ظهور الإسلام غيرُ الإسلام.

ومِن مقاصدِها: مُحاجَّةُ أهلِ الكتابينِ في حقيقة الحنيفيَّة، وأنهم بُعَداءُ عنها، وما أخَذ اللهُ من العهد على الرُّسلِ كلِّهم: أن يؤمنوا بالرسول الخاتم.

واشتملت على أمرِ المسلمين بفضائلِ الأعمال: مِن بذلِ المال في مواساة الأمَّة، والإحسان، وفضائل الأعمال، وتركِ البخل، ومَذمَّةِ الربا.

وخُتِمت السُّورةُ بآياتِ التفكير في ملكوت الله.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (3 /145).