تفسير سورة الأنبياء

مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير

تفسير سورة سورة الأنبياء من كتاب مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير
لمؤلفه ابن باديس . المتوفي سنة 1359 هـ

من وعد الله للصالحين
" ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون "
( سورة الأنبياء الآية ١٠٥ )
المناسبة :
لما مضى في السورة ذكر الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – و أممهم، وختم الحديث عنهم بذكر الساعة وقربها ومقدماتها، وأحوال الخلق يوم القيامة – جاء في هذه الآية ذكر الأمة التي جاءت بعد تلك الأمم كلها، وهي أمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -.
توجيه :
وإنما كانت هذه الآية في أمة محمد ؛ لأنه لما تكلم على الأمم الخالية لم يسبق الكلام إلا عليها ؛ فخوطبت بما قضاه الله وكتبه من إرث الصالحين الأرض.
والمخاطبون بهذه الآية المكية هم المؤمنون بالله، الموحدون له، المتبعون لرسوله – محمد صلى الله عليه وآله وسلم – المصدق لجميع الرسل صلوات الله عليهم، وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهم الصالحون الموجودون يوم ذاك على وجه الأرض، فكانت الآية إعلاما بما كتبه الله لهم، ووعدا بإرثهم الأرض.
الألفاظ :
( الزبور ) : بمعنى المزبور أي المكتوب، والمراد به جنس ما أنزله الله من الوحي على رسله عليهم الصلاة والسلام، وأمر بكتابته. وقرأ حمزة الزبور جمع زبر، أي كتاب فعينت هذه القراءة أن المراد بالزبور في القراءة الأولى الكتب المنزلة، لا خصوص زبور داود عليه السلام.
( الذكر ) : المراد به هنا اللوح المحفوظ، الذي كتب الله فيه كل شيء قبل أن يخلق الخلق، وجاءت تسميته بالذكر، فيما رواه البخاري في مواضع من صحيحه، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال :
قال رسول اله - صلى الله عليه وآله وسلم - :" كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض "
ومما كتبه في الذكر ما أنزله على رسله عليه الصلاة والسلام، كما فال تعالى :
" بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ".
( الأرض ) : جنس الأرض الدنيوية، لأن هذا اللفظ موضوع لها، فإذا أطلق انصرف إليها، وبهذا فسرها ابن عباس من طريق علي بن طلحة وهي أصح طرقه.
( يرثها ) : تنتقل إليهم من يد غيرهم، وأصل الإرث الانتقال من سالف إلى خالف، وقد يطلق في غير هذا الموضع على أصل التمليك مجازا.
( الصالحون ) : الصالح من كل شيء وهو ما استقام نظامه، فحصلت منفعته.
وضده الفاسد، وهو ما اختل نظامه فبطلت منفعته، ويظهر هذا من تتبع مواقع الاستعمال :
فإذا قالوا : هذه آلة صالحة، عنوا أنها محصلة للمنفعة المرادة منها ؛ لانتظام أجزائها.
وإذا قالوا : آلة فاسدة، عنوا أنها لا تحصل المنفعة لاختلال في تركيبها.
والصالح في لسان الشرع – قرآنا وسنة – لم يخرج عن هذا المعنى حيثما جاء : فالصالح هو من استنار قلبه بالإيمان والعقائد الحقة، وزكت نفسه بالفضيلة والأخلاق الحميدة، واستقامت أعماله وطابت أقواله ؛ فكان مصدر خير ونفع لنفسه وللناس : استقام نظامه في عقده وخلقه وقوله وعمله، فعظمت وزكت منفعته، وهذا هو معنى الصالحين حيثما جاء، كما في قوله تعالى :" والشهداء الصالحين "، وكما في حديث التشهد " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ".
وقد بين القرآن من هم الصالحون بيانا شافيا كافيا بذكر صفاتهم، مثل قوله تعالى :" من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويسارعون في الخيرات، وأولئك من الصالحين ".
المعنى :
يخبرنا الله تعالى أنه كتب في الكتب التي أنزلها على رسله من بعد ما كتب في اللوح المحفوظ، الذي هو أصل تلك الكتب أن الأرض يرثها ويملكها عباده الصالحون أهل العقائد الصحيحة، والأخلاق الكريمة، والأعمال المستقيمة، الذين ينقعون العباد والبلاد.
تطبيق :
خاطب الله بهذه الآية المؤمنين بمكة، وهم في قلة عدد وعدد، يعدهم بذلك – لا بطريق صريح – أنهم يرثون الأرض ويكون لهم فيها القوة والنفوذ. ويبعثهم بتعليق الوعد بوصف الصلاح على التمسك به والازدياد منه والاستمرار عليه.
ثم صرح لهم بالوعد بعد في سورة النور، وهي مدنية بقوله تعالى :" وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا، ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ".
وقد حقق الله لهم هذا الوعد : ففتح لهم الفتوح، وأورثهم ملك كسرى وقيصر، ومد ملكهم في الشرق والغرب، وأولئك الذين كانوا في قلة وخوف يوم نزلت الآية المكية هم الذين شاهدوا ذلك النصر وتلك الفتوح، وترأسوا ذلك الملك العريض.
تعميم وتقييد :
علق الوعد بالوصف وهو الصلاح ؛ ليعلم أنه وعد عام، ولتعلم كل أمة صالحة أنها نائلة حظها – ولا محالة – من هذا الوعد.
واقتضى هذا التعليق بالوصف أيضا تقييده بأهله، فإذا زال وصف الصلاح من أمة زال من يدها ما ورثت.
ونظير هذا التقييد قوله في آية النور :" يعبدونني لا يشركون بي شيئا، ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ".
تنظير :
من إخبار النبي بالغيب :
مثل هذه الآية فيما تضمنته من الوعد الذي يقوي به قلوبهم، ويثبت إيمانهم، ويظهر به صدق نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم، بما أعلمه به من غيب أحاديث صحيحة١كقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – لخباب رضي الله عنه وقد لقي الصحابة من المشركين شدة، فسأله أن يدعو.
فقال له النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - :
" لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه.
ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه.
وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت ما يخاف إلا الله " ٢. و كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم – لعدي بن حاتم رضي الله عنه :
" فإن طالت بك حياة لتزين الضغينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله.
ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى ".
وقد امتدت به الحياة حتى رأى ذلك، ومثل هذا أحاديث أخرى في الصحيح، فقد تطابقت الآيات والأحاديث في هذا الوعد.
وقد صدق اله وعده لعباده الصالحين، وصدق نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم – بما لم يكن يعلمه أحد، ولا يرى شيئا من أسبابه، بل لا يرى إلا ما هو مناف له. ولكن العاقبة للمتقين.
إشكال وحله :
قال أناس : إن أرض الدنيا كما يستولي عليها الصالحون، ويستولي عليها غيرهم. والأرض التي لا يرثها إلا الصالحون هي أرض الجنة ؛ فيجب تأويل الآية بها.
والجواب :
إن هذا التأويل إنما يحتاج إليه أن لو كانت الآية هكذا :" إن الأرض لا يرثها إلا عبادي الصالحون " بطريق الحصر فيهم.
أما لما كانت الآية لا حصر فيها فلا حاجة إلى هذا التأويل، بل في لفظ الإرث وربطه بوصف الصلاح دلالة على أنها كانت لغيرهم فانتقلت إليهم، وإنها تزول مع زوال وصف الصلاح، وقد جاء التنبيه على أن الأرض يرثها الصالحون وغيرهم، في قوله تعالى :" إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ".
فيرثها الصالحون نعمة، ويرثها غيرهم فتنة ونقمة، كل ذلك حسب مشيئة الحكيم الخبير.
إيراد وجوابه :
قد يقال : فما هي الفائدة إذا في تخصيص الصالحين بالذكر في هذه الآية ؟
والجواب :
١. إن هذه الآية خوطب بها أول الناس الصحابة بمكة، وهم الصالحون في الأرض ؛ ليعلموا ما وعدهم الله به، وليعلموا أن قوة الباطل إلى ضعف وأن ضعف الحق إلى قوة.
٢. ولأن شأن الصالحين – إذا كانوا – أن يكونوا قليلا سيما أول أمرهم، فهم بحاجة إلى أن يعلموا هذا الوعد، ليزدادوا إيمانا وقوة وثباتا.
٣. ولأن الخلق مفتونون بالكثرة في العدد والعدة غافلون عن القوة الروحية والأخلاقية، وما ينشأ عنهما من استقامة، لا يحسبون لذلك حسابا ؛ فيحتاجون إلى العلم بأن الصالحين نائلون حظهم من هذا الوعد، وإن كانوا قلة في الناس. و " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ".
تحذير من تحريف :
رأى بعض الناس المدنية الغربية المسيطرة اليوم على الأرض – وهي مدنية مادية في نهجها وغايتها ونتائجها، فالقوة عندها فوق الحق والعدل والرحمة والإحسان – فقالوا : إن رجال هذه المدينة هم الصالحون الذين وعدهم الله بإرث الأرض، وزعموا أن المراد بالصالحون في الآية الصالحون لعمارة الأرض.
فيا لله للقرآن، وللإنسان، من هذا التحريف السخيف ! ! كأن عمارة الأرض هي كل شيء ولو ضلت العقائد، وفسدت الأخلاق، واعوجت الأعمال وساءت الأحوال، وعذبت الإنسانية بالأزمات الخانقة، وروعت بالفتن والحروب المخربة الجارفة، وهددت بأعظم حرب تأتي على الإنسانية من أصلها و المدينة من أساسها.
هذه هي بلايا الإنسانية التي يشكو منها أبناء هذه المدينة المادية التي عمرت الأرض وأفسدت الإنسان، ثم يريد هذا المحرف أن يطبق عليها آية القرآن : كتاب الحق والعدل والرحمة والإحسان، وإصلاح الإنسان ليصلح العمران.
فأما الصالحون، فهو لفظ قرآني كما قدمناه، وقد شرف أهله بإضافتهم إلى الله في قوله ( عبادي ) فحمله على الصالحين لعمارة الأرض تحريف للكلم عن مواضعه أبشع التحريف وأبطله، فليحذر المؤمن منه ومن مثله، من تحريفات المبطلين والمفتونين.
موعظة وإرشاد :
فعلى الأمم التي تريد أن تنال حظها من هذا الوعد، أن تصلح أنفسها الصلاح الذي بينه القرآن. فأما إذا لم يكن لها حظ من ذلك الصلاح فلا حظ لها من هذا الوعد وإن دانت بالإسلام.
ولله سنن نافذة بمقتضى حكمته ومشيئته في ملك الأرض وسيادة الأمم : يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء.
من أخذ بنوع من تلك السنن بلغت به وبلغ بها، إلى ما قدر له من عز وذل وسعادة وشقاء وشدة ورخاء، وكل محاولة لصدها عن غايتها – وهو آخذ بها – مقضي عليها بالفشل.
سنة الله، ومن ذا يبدلها أو يحولها ؟ " ولن تجد لسنة الله تبديلا "، " ولن تجد لسنة الله تحويلا "، " ثم لكل أمة أجل، إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة، ولا يستقدمون ".
١ البخاري في باب " ما لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المشركين "..
٢ البخاري في باب علامات النبوة في الإسلام..
سورة الأنبياء
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الأنبياء) سورةٌ مكية، ذكَرتِ الكثيرَ من قِصص الأنبياء بغرضِ بيان دَوْرهم في نشرِ الاعتقاد الصحيح، والدعوةِ إلى الله، وكذا أبانت عن مقصدٍ آخرَ عظيم؛ وهو قربُ الحساب؛ كما دلَّتْ على ذلك مجموعةُ قِصَصِ الأنبياء المذكورة، وهذا ما أشارت إليه فاتحةُ السورة من قُرْبِ الحساب، وغفلةِ الناس عن ذلك، وفي ذلك دلائلُ كثيرة على وَحْدانية الله عز وجل، وتنزيهِه عن العبث.

ترتيبها المصحفي
21
نوعها
مكية
ألفاظها
1174
ترتيب نزولها
73
العد المدني الأول
111
العد المدني الأخير
111
العد البصري
111
العد الكوفي
112
العد الشامي
111

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «آيةٌ في كتابِ اللهِ لا يَسألُني الناسُ عنها، ولا أدري أعرَفوها فلا يَسألوني عنها أم جَهِلوها فلا يَسألوني عنها؟! قيل: وما هي؟ قال: لمَّا نزَلتْ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، شَقَّ ذلك على أهلِ مكَّةَ، وقالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، فقامَ ابنُ الزِّبَعْرَى، فقال: ما شأنُكم؟ قالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، قال: وما قال؟ قالوا: قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، قال: ادعُوه لي، فدُعِيَ مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فقال ابنُ الزِّبَعْرَى: يا مُحمَّدُ، هذا شيءٌ لآلهتِنا خاصَّةً أم لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ؟ قال: «بل لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ عز وجل»، قال: فقال: خصَمْناه ورَبِّ هذه البَنِيَّةِ، يا مُحمَّدُ، ألستَ تزعُمُ أنَّ عيسى عبدٌ صالحٌ، وعُزَيرًا عبدٌ صالحٌ، والملائكةَ عبادٌ صالحون؟ قال: «بلى»، قال: فهذه النصارى يعبُدون عيسى، وهذه اليهودُ تعبُدُ عُزَيرًا، وهذه بنو مَلِيحٍ تعبُدُ الملائكةَ، قال: فضَجَّ أهلُ مكَّةَ؛ فنزَلتْ: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ} عيسى وعُزَيرٌ والملائكةُ {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]، قال: ونزَلتْ: {وَلَمَّا ‌ضُرِبَ ‌اْبْنُ ‌مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]؛ وهو الضَّجيجُ». "شرح مشكل الآثار" للطَّحاويِّ (986).

قال الشيخُ السعديُّ رحمه الله في هذه الآيةِ: «ودخولُ آلهة المشركين النارَ: إنما هو الأصنامُ، أو مَن عُبِدَ وهو راضٍ بعبادته، وأما المسيح، وعُزَيرٌ، والملائكة، ونحوُهم ممَّن عُبِد من الأولياء: فإنهم لا يُعذَّبون فيها، ويدخلون في قوله: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ}؛ أي: سبَقتْ لهم سابقةُ السعادة في علمِ الله، وفي اللَّوْحِ المحفوظ، وفي تيسيرِهم في الدنيا لليُسْرى والأعمالِ الصالحة، {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا}؛ أي: عن النار، {مُبْعَدُونَ} فلا يدخُلونها، ولا يكونون قريبًا منها، بل يُبعَدون عنها غايةَ البُعْدِ؛ حتى لا يَسمَعوا حسيسَها، ولا يَرَوْا شخصَها». "تفسير السعدي" (ص531).

* سورة (الأنبياء):

سُمِّيتْ سورة (الأنبياء) بهذا الاسمِ؛ لحديثها عن الأنبياء، ودَوْرِهم في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.

* تُعَدُّ سورة (الأنبياء) من قديم ما تعلَّمه الصحابةُ من النبي صلى الله عليه وسلم:

عن عبد الرَّحمنِ بن يَزيدَ بن جابرٍ، قال: «سَمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ في (بَنِي إسرائِيلَ)، و(الكَهْفِ)، و(مَرْيَمَ)، و(طه)، و(الأنبياءِ): إنَّهُنَّ مِن العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلادي». أخرجه البخاري (4994).

قال أبو عُبَيدٍ: «قولُه: «مِن تِلَادي» : يعني: مِن قديمِ ما أخَذْتُ مِن القرآنِ؛ وذلك أنَّ هذه السُّوَرَ نزَلتْ بمكَّةَ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص247).

جاءت موضوعاتُ سورة (الأنبياء) على النحو التالي:

1. غفلة الناس عن الساعة، وإعراضهم عن القرآن (١-٦).

2. الإنذار بالوحي سمةٌ مشتركة بين الرسل عليهم السلام (٧-١٥).

3. دلائل الوَحْدانية والقدرة، وتنزيهُه تعالى عن العبث (١٦-٣٣).

4. المصير المحتوم، وعناية الله بخَلْقه (٣٤-٤٧).

5. دعوة الأنبياء (٤٨-٩١).

6. وَحْدة الملة، وعدل الجزاء (٩٢-١٠٦).

7. ختام سلسلة الأنبياء رحمةٌ مهداة (١٠٧- ١٢١).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /5).

لسورة (الأنبياء) مقصدانِ عظيمانِ:

* الأول: بيانُ معالمِ التوحيد، ودَوْر الأنبياء في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.

* والثاني: الاستدلال على تحقُّقِ الساعة وقُرْبِها، ولو بالموت، ووقوعِ الحساب فيها على الجليل والحقير؛ لأن مُوجِدَها لا شريكَ له يعُوقُه عنها، وهو مَن لا يُبدَّل القولُ لديه، والدالُّ على ذلك أوضَحَ دَلالةٍ: مجموعُ قِصَصِ جماعةٍ ممَّن ذُكِر فيها من الأنبياء عليهم السلام، ولا تستقلُّ قصةٌ منها استقلالًا ظاهرًا لجميع ذلك.

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /5)، و"مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /268).