تفسير سورة فاطر

التفسير القيم

تفسير سورة سورة فاطر من كتاب التفسير القيم
لمؤلفه ابن القيم . المتوفي سنة 751 هـ

بين سبحانه في هذه الآية أن فقر العباد إليه أمر ذاتي لهم، لا ينفك عنهم، كما أن كونه غنيا حميدا ذاتي له فغناه وحمده ثابت له لذاته : لا لأمر أوجبه. وفقر من سواه إليه ثابت لذاته، لا لأمر أوجبه فلا يعلل هذا الفقر بحدوث ولا إمكان بل هو ذاتي للفقير. فحاجة العبد إلى ربه لذاته لا لعلة أوجبت تلك الحاجة. كما أن غنى الرب سبحانه لذاته لا لأمر أوجب غناه. كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والفقر لي وصف ذات لازم أبدا كما أن الغنى أبدا وصف له ذاتي
فالخلق فقير محتاج إلى ربه بالذات لا بعلة. وكل ما يذكر ويقرر من أسباب الفقر والحاجة فهي أدلة على الفقر والحاجة، لا علل لذلك. إذا ما بالذات لا يعلل فالفقير بذاته محتاج إلى الغني بذاته. فما يذكر من إمكان وحدوث واحتياج فهي أدلة على الفقر لا أسباب له.
ولهذا كان الصواب في مسألة علة احتياج العالم إلى الرب سبحانه غير القولين اللذين تذكرهما الفلاسفة والمتكلمون.
فإن الفلاسفة قالوا : علة الحاجة الإمكان. والمتكلمون قالوا : علة الحاجة الحدوث. والصواب : أن الإمكان والحدوث متلازمان، وكلاهما دليل الحاجة والافتقار وفقر العالم إلى الله سبحانه أمر ذاتي لا يعلل فهو فقير بذاته إلى ربه الغني بذاته ثم يستدل بإمكانه وحدوثه وغير ذلك من الأدلة على هذا الفقر.
والمقصود : أنه سبحانه أخبر عن حقيقة العباد وذواتهم بأنها فقيرة إليه سبحانه كما أخبر عن ذاته المقدسة، وحقيقته أنه غني حميد.
فالفقر المطلق من كل وجه ثابت لذواتهم وحقائقهم من حيث هي. والغنى المطلق من كل وجه ثابت لذاته تعالى وحقيقته من حيث هي فيستحيل أن يكون العبد إلا فقيرا. ويستحيل أن يكون الرب سبحانه إلا غنيا، كما أنه يستحيل أن يكون العبد إلا عبدا والرب إلا ربا.
سورة فاطر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (فاطرٍ) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بحمدِ الله على كمالِ قُدْرته في خَلْقِ هذا الكونِ والتصرُّفِ به، اللازمِ منه إثباتُ قُدْرته تعالى على البعث والجزاء؛ بالخيرِ خيرًا، وبالشرِّ شرًّا إن شاء سبحانه وتعالى، فأوضحت السورةُ مصيرَ الكافرين، وأبانت عن أسباب صُدودهم، وخُتِمت بدعوتهم للتفكير والتأمُّل فيما حولهم.

ترتيبها المصحفي
35
نوعها
مكية
ألفاظها
778
ترتيب نزولها
43
العد المدني الأول
46
العد المدني الأخير
46
العد البصري
45
العد الكوفي
45
العد الشامي
46

* سورةُ (فاطرٍ):

سُمِّيت سورةُ (فاطرٍ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بهذا الوصفِ لله عزَّ وجلَّ.

اشتمَلتْ سورةُ (فاطرٍ) على الموضوعات الآتية:

1. الاستفتاح بالحمد (١-٢).

2. يا أيها الناس (٣-٢٦).

3. النداء الأول: تذكيرٌ وتسلية (٣-٤).

4. النداء الثاني: أسباب الغُرور (٥-٨).

5. آيات الله في الكون (٩-١٤).

6. النداء الثالث: غِنى الله تعالى وعدلُه (١٥- ٢٦).

7. كتاب الله المنظورُ (٢٧-٢٨).

8. نعمة القرآن، ومصيرُ المؤمنين (٢٩-٣٥).

9. مصير الكافرين (٣٦- ٣٧).

10. دلائل العظمة، وشواهد القدرة (٣٨-٤١).

11. أسباب الصُّدود (٤٢-٤٣).

12. دعوة للسَّير والنظر (٤٤-٤٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /241).

مقصدُها إثباتُ كمالِ القدرةِ لله عزَّ وجلَّ، الخالقِ لهذا الكونِ بآياته العظام، القادرِ على أن يَبعَثَ الناسَ ويجازيَهم على أعمالهم؛ إنْ خيرًا فخيرٌ، وإنْ شرًّا فشرٌّ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور " للبقاعي (2 /385).