تفسير سورة فاطر

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة فاطر من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ مِنْ قِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَهْلِيلٍ وَكُلِّ كلامٍ حَسَنٍ طَيِّبٍ فَيُرْفَعُ إلى اللهِ وَيُعْرَضُ عليه، وَيُثْنِي اللهُ عَلَى صَاحِبِهِ بَيْنَ المَلَأِ الأَعْلَى.
﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ﴾ مِنْ أَعْمَالِ القلوبِ وأعمالِ الجَوَارِحِ.
﴿يَرْفَعُهُ﴾ يَرْفَعُهُ اللهُ تعالى إليه أيضًا كَالْكَلِمِ الطَّيِّبِ.
وقيل: العملُ الصالحُ يَرْفَعُ الكَلِمَ الطَّيِّبَ، فيكون رَفْعُ الكَلِمِ الطيبِ بحسبِ أعمالِ العبدِ الصالحةِ، فهي التي تَرْفَعُ كَلِمَهُ الطَّيِّبَ، فإذا لم يكن له عَمَلٌ صَالِحٌ لَمْ يُرْفَعْ له قَوْلٌ إلى اللهِ تَعَالَى.
﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ﴾ أي: عُمْرُ الَّذِي كَانَ مُعَمَّرًا عُمْرًا طَوِيلًا ﴿إِلَّا﴾ بِعِلْمِهِ تَعَالَى، أو ما يُنْقَصُ من عُمْرِ الإنسانِ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِ أن يصلَ إليه، لولا ما سَلَكَهُ من أسبابِ قِصَرِ العُمْرِ؛ كَالزِّنَا وعقوقِ الوَالِدَيْنِ وَقَطِيعَةِ الأَرْحَامِ ونحوِ ذلك مما ذُكِرَ أنها من أسبابِ قِصَرِ العُمْرِ.
والمعنى: أن طولَ العُمْرِ وَقِصَرَهُ بِسَبَبٍ وَبِغَيْرِ سَبَبٍ، كُلُّهُ بِعِلْمِهِ تَعَالَى، وقد أَثْبَتَ ذَلِكَ: ﴿فِي كِتَابٍ﴾ حَوَى مَا يَجْرِي عَلَى العبدِ في جميعِ أَوْقَاتِهِ وَأَيَّامِ حَيَاتِهِ.
﴿عَذْبٌ فُرَاتٌ﴾ الفُرَاتُ: الماءُ العَذْبُ الَّذِي يَكْسِرُ العَطَشَ.
﴿مَوَاخِرَ﴾ جَوَارِيَ تَشُقُّ الماءَ، وَهِيَ مُقْبِلَةٌ وَمُدْبِرَةٌ، وَالمَخْرُ: الشَّقُّ، وَقَدْ مَخَرَتِ السَّفِينَةُ تَمْخَرُ: إِذَا شَقَّتِ الماءَ.
﴿مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ﴾ أي: لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا، لا قَلِيلًا، ولا كَثِيرًا؛ حتى ولا القِطْمِيرَ الَّذِي هُوَ أَحْقَرُ الأَشْيَاءِ.
﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ أي: لا أَحَدٌ يُنْبِئُكَ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ العَلِيمِ الخبيرِ، فَاجْزِمْ بأن هذا الأمرَ الَّذِي نَبَّأَ به كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ، فَلَا تَشُكَّ وَلَا تَمْتَرِ.
﴿مُثْقَلَةٌ﴾ هي التي أَثْقَلَتْهَا الذُّنُوبُ والأَوْزَارُ.
﴿الحَرُورُ﴾ الرِّيحُ الحَارَّةُ المُحْرِقَةُ.
﴿جُدَدٌ﴾ الطُّرُقُ التي في الجبالِ؛ إِذِ الجُدَّةُ: الطريقُ، وَمِنْهُ جَادَّةُ الطَّرِيقِ، والجبالُ مختلفةُ الألوانِ.
﴿وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ شَدِيدُ السَّوَادِ، والغرابيبُ جَمْعُ غِرْبِيبٍ، والعربُ تقولُ للشديدِ السوادِ الَّذِي لَوْنُهُ كَلَوْنِ الغُرَابِ الأَسْوَدِ: غِرْبِيبٌ، والمرادُ بها الجبالُ، وقيل: الأوديةُ.
﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ وَهُمْ هذه الأُمَّةُ.
﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ بِالمَعَاصِي التي هي دُونَ الكُفْرِ.
﴿وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ﴾ مُقْتَصِرٌ عَلَى ما يَجِبُ عَلَيْهِ، تَارِكٌ لِلْمُحَرَّمِ.
﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ﴾ أي: سَارَعَ فيها وَاجْتَهَدَ فَسَبَقَ غَيْرَهُ، وهو المُؤَدِّي للفرائضِ، المُكْثِرُ من النوافلِ، التَّارِكُ لِلْمُحَرَّمِ وَالمَكْرُوهِ.
﴿الحَزَنَ﴾ وَهُوَ الهَمُّ وَالمَصَائِبُ وَالخَوْفُ، وَكُلُّ ما يُفْقِدُ الإنسانَ السُّرُورَ.
﴿أَحَلَّنَا﴾ أَنْزَلَنَا وَأَسْكَنَنَا.
﴿يَصْطَرِخُونَ﴾ يَسْتَغِيثُونَ وَيَصِيحُونَ في النَّارِ، وَالصُّرَاخُ: الصَّوْتُ العَالِي.
﴿خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ﴾ يَخْلُفُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَالخَلَائِفُ جَمْعُ خَلِيفَةٍ.
﴿أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ﴾ نَصِيبٌ.
﴿تَزُولَا﴾ تَفْنَيَا.
41
سُورة يس
سورة فاطر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (فاطرٍ) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بحمدِ الله على كمالِ قُدْرته في خَلْقِ هذا الكونِ والتصرُّفِ به، اللازمِ منه إثباتُ قُدْرته تعالى على البعث والجزاء؛ بالخيرِ خيرًا، وبالشرِّ شرًّا إن شاء سبحانه وتعالى، فأوضحت السورةُ مصيرَ الكافرين، وأبانت عن أسباب صُدودهم، وخُتِمت بدعوتهم للتفكير والتأمُّل فيما حولهم.

ترتيبها المصحفي
35
نوعها
مكية
ألفاظها
778
ترتيب نزولها
43
العد المدني الأول
46
العد المدني الأخير
46
العد البصري
45
العد الكوفي
45
العد الشامي
46

* سورةُ (فاطرٍ):

سُمِّيت سورةُ (فاطرٍ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بهذا الوصفِ لله عزَّ وجلَّ.

اشتمَلتْ سورةُ (فاطرٍ) على الموضوعات الآتية:

1. الاستفتاح بالحمد (١-٢).

2. يا أيها الناس (٣-٢٦).

3. النداء الأول: تذكيرٌ وتسلية (٣-٤).

4. النداء الثاني: أسباب الغُرور (٥-٨).

5. آيات الله في الكون (٩-١٤).

6. النداء الثالث: غِنى الله تعالى وعدلُه (١٥- ٢٦).

7. كتاب الله المنظورُ (٢٧-٢٨).

8. نعمة القرآن، ومصيرُ المؤمنين (٢٩-٣٥).

9. مصير الكافرين (٣٦- ٣٧).

10. دلائل العظمة، وشواهد القدرة (٣٨-٤١).

11. أسباب الصُّدود (٤٢-٤٣).

12. دعوة للسَّير والنظر (٤٤-٤٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /241).

مقصدُها إثباتُ كمالِ القدرةِ لله عزَّ وجلَّ، الخالقِ لهذا الكونِ بآياته العظام، القادرِ على أن يَبعَثَ الناسَ ويجازيَهم على أعمالهم؛ إنْ خيرًا فخيرٌ، وإنْ شرًّا فشرٌّ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور " للبقاعي (2 /385).