تفسير سورة الأنعام

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة الأنعام من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ﴾ [٥٢]١٨٣- أخبرنا محمد بن بشار، نا عبد الرحمن، نا سفيان، عن المِقدام بن شُريح، عن أبيه، عن سعد في هذه الآية ﴿ وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ ﴾ قال: نزلت في ستة: أنا وابن مسعود فيهم، فنزلت: أن ائذن لهؤلاء.
قوله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ / عَلَيْكُمْ عَذَاباً ﴾ [٦٥]١٨٤- أنا محمد بن النضر، ويحيى بن حبيب بن عربي، وقتيبة بن سعيد، عن حماد، عن عمرو بن دينار، عن جابر قال:" لما نزلت ﴿ قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ ﴾ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أعوذُ بوجهك " [قال: ﴿ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أعوذُ بوجهك " ] ﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ﴾ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " هذا أيسر " ". اللفظ لقتيبة. ١٨٥- أنا محمد بن رافع، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن عمرو بن دينار قال: سمعت جابراً قال:" لما نزلت ﴿ قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ ﴾ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أعوذُ بوجهك " ﴿ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أعوذُ بوجهك " ﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ﴾ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " هذا أهون " ".- قال أبو عبد الرحمن: بعض حروف ﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ ﴾ لم تصح عن محمد.
قوله تعالى: ﴿ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ [٨٢]١٨٦- أنا بشر بن خالد، أنا محمد بن جعفر، عن شُعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّنا لم يَظلم؟ فأنزل الله جل وعزَّ﴿ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[لقمان: ١٣].
بركة الذرية١٨٨- أنا محمد بن سلمة، أنا ابن القاسم، عن مالك قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عمرو بن سليم الزُّرقي قال: أخبرني أبو حُميد السَّاعدي أنهم قالوا:" يا رسول الله، كيف نصلي / عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا: اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " ".
قوله تعالى: ﴿ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [٨٦]١٨٧- أنا محمود بن غَيلان، نا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متَّى ".
قوله تعالى: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ ﴾ [٩٠]١٨٩- أنا عبيد الله بن سعد، نا عمي، عن شريك، عن حُصين بن عبد الرحمن، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه سجد في " صۤ " ثم قال: " أمرني الله أن أقتدي بالأنبياء " ثم قرأ ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ ﴾.
١٩٠- أنا عتبة بن عبد الله، أنا سفيان، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في صۤ ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ ﴾.
قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ [١٢١]١٩١- أنا عمرو بن علي، نا يحيى، نا سفيان، حدثني هارون بن أبي وكيع، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله [عزَّ وجل] ﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ قال: خاصمهم المشركون، فقالوا: ما ذبح [الله فَـ] لا تأكلوه، وما ذبحتم أنتم أكلتموه؟!
قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا ﴾ [١٤٦]١٩٢- إنا إسحاق بن إبراهيم، أنا سفيان، عن عمرو، عن طاووس، عن ابن عباس قال: بلغ [عمر] أن سمرة باع خمرا، فقال: قاتل الله سَمُرة، ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها "، قال سفيان: يعني أذابوها.
قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ ﴾ [١٥١]١٩٣- أنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن عمرو بن مُرَّة قال: سمعت أبا وائل قال: سمعت عبد الله يقول ورفعه قال:" لا أحد - يعني أغْيَر - من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وما أحدٌ / أحبُّ إليه المدح من الله عز وجل، ولذلك مدح نفسه ".
قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً ﴾ [١٥٣]١٩٤- أنا يحيى بن حبيب بن عربي، نا حماد، عن عاصم، عن أبي وائل قال: قال عبد الله:" خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطًّا، وخطَّه لنا عاصم - فقال: هذا سبيل الله، ثم خطَّ خطوطاً عن يمين الخط، وعن شماله فقال: " هذه السُّبل، وهذه سُبُل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه " ثم تلا هذه الآية ﴿ وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ ﴾ للخط الأول ﴿ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ ﴾ للخطوط ﴿ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ ". ١٩٥- أنا الفضل بن العباس بن إبراهيم، نا أحمد بن يونس، نا أبو بكر، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله قال:" خطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا وخطَّ عن يمين الخط وعن شماله خُطَطاً ثم قال: " هذا صراط الله مستقيماً، وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه "، ثم قرأ ﴿ وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً ﴾ ".
قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ ﴾ [١٥٨]١٩٦- أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس بن عبيد، عن إبراهيم التيميِّ، عن أبيه، عن أبي ذر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" " أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم قال: " فإنها تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فيقال لها: ارتفعي فاطلعي من مغربك، فتطلع من مغربها " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتدرون ماذاكم؟ ذاك حين ﴿ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ ﴾ الآية " ". ١٩٧- أنا أحمد بن حرب، نا ابن فضيل، عن عمارة، عن أبي زُرعة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم / يقول:" لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمن من عليها فذاك حين ﴿ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ ﴾ ". ١٩٨- نا محمد بن النضر بن مساور، نا حماد، عن عاصم، عن زِرٍّ قال: أتيت صفوان بن عسَّال المُرَاديَّ قلت:" هل حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهوى حديثا؟ قال: نعم، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر - قد سماه عاصم - إذ ناداه رجل كان في أُخريات القوم بصوت له جهوري جِلْف جَافي، فقال: يا محمد، يا محمد، فقال له القوم: مَهْ إنك نهيت عن هذا، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم على نحو من صوته: هاؤُمُ هاؤُمُ، فقال: الرجل يحب القوم، ولمَّا يلحق بهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرءُ مع من أحب " ". فما برح يحدثنا حتى حدثنا أن الله جعل بالمغرب بابا مسيرة عرضه سبعون عاما للتوبة، لا يُغلق ما لم تطلع الشمس من قِبَله قال: " وذلك قول الله عز وجل ﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً ﴾ ". ١٩٩- أنا علي بن خَشْرَم، أنا عيسى، عن عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه ". ٢٠٠- أنا أبو صالح المكِّي، نا فضيل، عن الأعمش، عن عمرو بن مرَّة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله تبارك وتعالى باسط يده لِمُسيء الليل ليتوب بالنهار، ولِمُسيء النهار ليتوب بالليل حتى تطلع الشمس من مغربها ".
قوله تعالى: ﴿ مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [١٦٠]٢٠١- أنا قتيبة بن سعيد، نا سفيان، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة/، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قال الله تعالى: إذا همَّ عبدي بحسنة، فاكتبوها له، فإن عملها فاكتبوها بعشر أمثالها، وإذا همَّ بسيئة فلا تكتبوها، فإن عملها، فاكتبوها واحدة، وإن تركها، فاكتبوها حسنة ".
سورة الأنعام
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

لم تَحْتَوِ سورةُ (الأنعام) على كثيرٍ من الأحكام الشَّرعية كأخواتِها من السُّوَر الطِّوال؛ بل اهتمَّت بتحقيقِ مقصدٍ عظيم؛ وهو (توحيدُ الألوهية، وتثبيتُ مسائلِ العقيدة)، وكما قال أبو إسحاقَ الأَسْفَرَائينيُّ: «في سورةِ الأنعام كلُّ قواعدِ التوحيد»؛ فقد رسَمتِ السورةُ معالمَ على طريق الهداية، ذاكرةً قصَّةَ إبراهيمَ في البحث عن الحنيفيَّةِ الخالصة بما حَوَتْهُ من حُجَجٍ عقلية، وبراهينَ قاطعة؛ فعنايةُ السورة بالعقيدة كانت واضحةً جليَّة؛ لكي يُحقِّقَ العبدُ ما افتُتحت به السورةُ: {اْلْحَمْدُ لِلَّهِ اْلَّذِي خَلَقَ اْلسَّمَٰوَٰتِ وَاْلْأَرْضَ} [الأنعام: 1].

ترتيبها المصحفي
6
نوعها
مكية
ألفاظها
3055
ترتيب نزولها
55
العد المدني الأول
167
العد المدني الأخير
167
العد البصري
166
العد الكوفي
165
العد الشامي
166

* قوله تعالى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلْغَدَوٰةِ وَاْلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٖ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٖ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ اْلظَّٰلِمِينَ﴾ [الأنعام: 52]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه، قال: «فِيَّ نزَلتْ: ﴿وَلَا تَطْرُدِ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلْغَدَوٰةِ وَاْلْعَشِيِّ [الأنعام: 52].

قال: نزَلتْ في ستَّةٍ؛ أنا وابنُ مسعودٍ منهم، وكان المشركون قالوا له: تُدْني هؤلاء؟!».

وفي روايةٍ: «كنَّا مع النبيِّ ﷺ في ستَّةِ نفَرٍ، فقال المشركون للنبيِّ ﷺ: اطرُدْ هؤلاء؛ لا يَجترِئون علينا!

قال: وكنتُ أنا وابنُ مسعودٍ ورجُلٌ مِن هُذَيلٍ وبلالٌ ورجُلانِ لستُ أُسمِّيهما، فوقَعَ في نفسِ رسولِ اللهِ ﷺ ما شاءَ أن يقَعَ، فحدَّثَ نفسَهُ؛ فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا تَطْرُدِ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلْغَدَوٰةِ وَاْلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٖ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٖ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ اْلظَّٰلِمِينَ﴾ [الأنعام: 52]». أخرجه مسلم (٢٤١٣).

* قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اْسْمُ اْللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: 121]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاءت اليهودُ إلى النبيِّ ﷺ، فقالوا: نأكلُ ممَّا قتَلْنا، ولا نأكلُ ممَّا قتَلَ اللهُ؟ فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اْسْمُ اْللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: 121] إلى آخِرِ الآيةِ». أخرجه أبو داود (٢٨١٩).

* قوله تعالى: ﴿مَن جَآءَ بِاْلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشْرُ أَمْثَالِهَاۖ﴾ [الأنعام: 160]:

صحَّ عن أبي ذَرٍّ الغِفَاريِّ رضي الله عنه أنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «مَن صامَ ثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ، فذلك صيامُ الدَّهْرِ؛ فأنزَلَ اللهُ تصديقَ ذلك في كتابِهِ: ﴿مَن جَآءَ بِاْلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشْرُ أَمْثَالِهَاۖ﴾ [الأنعام: 160]؛ فاليومُ بعشَرةِ أيَّامٍ». أخرجه الترمذي (٧٦٢).


سُمِّيتْ سورةُ (الأنعام) بذلك؛ لأنَّها السورةُ التي عرَضتْ لذِكْرِ (الأنعام) على تفصيلٍ لم يَرِدْ في غيرها من السُّوَر.

* جاء في فضلِ سورة (الأنعام): أنَّها نزَلتْ وحولها سبعون ألفَ مَلَكٍ يُسبِّحون:

دلَّ على ذلك ما رواه ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ سورةُ الأنعامِ بمكَّةَ ليلًا جُمْلةً، حولَها سبعون ألفَ مَلَكٍ، يَجأرون حولها بالتَّسْبيحِ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلَّام (ص240)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في "عمدة التفسير" (1/761).

وقريبٌ منه ما جاء عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «نزَلتْ سورةُ الأنعامِ على النَّبيِّ ﷺ ومعها مَوكِبٌ مِن الملائكةِ سَدَّ ما بين الخافِقَينِ، لهم زَجَلٌ بالتَّسْبيحِ والتَّقْديسِ، والأرضُ تَرتَجُّ، ورسولُ اللهِ ﷺ يقولُ: سُبْحانَ اللهِ العظيمِ، سُبْحانَ اللهِ العظيمِ». "المعجم الأوسط" للطبراني (٦٤٤٧).

اشتمَلتِ السُّورةُ على عِدَّة موضوعات جاءت مُرتَّبةً كالآتي:

الاستفتاح بالحمد، وخَلْق الإنسان وبَعْثه (١-٣).

إعراض المشركين (٤-١١).

مع الله حُجَج بالغة (١٢-٢٠).

في موقف الحشر (٢٢-٣٢).

تسليةٌ وتثبيت (٣٣-٣٥).

لماذا الإعراض؟ (٣٦-٤١).

سُنَنٌ ربانية (٤٢-٤٧).

مهمة الرسل عليهم السلام (٤٨- ٥٨).

مفاتيح الغيب (٥٩-٦٧).

تجنُّب مجال الخائضين (٦٨-٧٠).

معالمُ على طريق الهداية (٧١-٧٣).

قصة إبراهيمَ عليه السلام (٧٤-٩٠).

الاحتجاج على منكِري البعث (٩١-٩٤).

من دلائلِ القدرة (٩٥-٩٩).

الرد على مزاعمِ المشركين، وتقرير العقيدة (١٠٠-١٠٥).

منهج التعامل مع المشركين (١٠٦-١٠٨).

تعنُّتٌ وإصرار (١٠٩-١١١).

الإعلام المضلِّل وموقف الإسلام منه (١١٢-١١٤).

قواعدُ وأصول في العقيدة والدعوة (١١٥-١١٧).

قواعد وأصول في التحليل والتحريم (١١٨-١٢١).

من مظاهرِ الصُّدود وأسبابه (١٢٢-١٢٦).

وعدٌ ووعيد (١٢٧-١٣٥).

من جهالات المشركين (١٣٦-١٤٠).

حُجَجٌ باهرة، ونِعَمٌ ظاهرة (١٤١-١٥٠).

الوصايا العَشْرُ (١٥١-١٥٣).

من مشكاةٍ واحدة (١٥٤-١٥٧).

وماذا بعد الحُجَج؟ (١٥٨-١٦٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (2 /393).

أُقيمت هذه السُّورةُ على مقصدٍ عظيمٍ جدًّا؛ ألا وهو (تحقيق التَّوحيد)؛ وذلك بإشعار الناس بأنَّ حقَّ الحمد ليس إلا للهِ؛ لأنَّه مُبدِعُ العوالِمِ: جواهرَ وأعراضًا؛ فعُلِم أنه المتفرِّدُ بالإلهيَّة، وأنَّ الأصنامَ والجِنَّ تأثيرُها باطلٌ؛ فالذي خلَق الإنسانَ ونظامَ حياته وموته بحِكْمته هو المستحِقُّ لوصفِ الإلهِ المتصرِّف. وجاءت السورةُ بتنزيه اللهِ عن الولَدِ والصاحبة، وكما قال أبو إسحاقَ الأَسْفَرَائينيُّ: «في سورةِ الأنعامِ كلُّ قواعدِ التوحيد». واشتمَلتِ السورةُ على موعظة المُعرِضين عن آياتِ القرآن والمكذِّبين بالدِّين الحقِّ، وتهديدِهم بأن يحُلَّ بهم ما حَلَّ بالقرونِ المكذِّبين من قبلِهم والكافرين بنِعَمِ الله تعالى، وأنَّهم ما يضُرُّون بالإنكارِ إلا أنفسهم، ووعيدِهم بما سيَلقَون عند نزعِ أرواحهم، ثم عند البعثِ.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (7 /123).