تفسير سورة الأنعام

التبيان في تفسير غريب القرآن

تفسير سورة سورة الأنعام من كتاب التبيان في تفسير غريب القرآن
لمؤلفه ابن الهائم . المتوفي سنة 815 هـ

" تمترون " تشكون وقيل تختلفون.
" من قرن " القرن الزمان والقرن أهل الزمان وقد نقل خلاف في هذا الاستعمال فقيل القرن حقيقة في الزمان وفي أهله فيكون مشتركا وقيل حقيقة في الزمان مجاز في أهله وقيل العكس وقال الزجاج القرن أهل مدة فيها نبي أو كان طبقة من أهل العلم قلت السنون إن كثرت واشتقاقه من قرنت الشيء وقيل إنه اسم لزمان محدود وحينئذ ففيه عشرة أقوال فقيل ثماني عشرة سنة وقيل عشرون وقيل ثلاثون وقيل أربعون وقيل خمسون وقيل ستون وقيل سبعون وقيل ثمانون وقيل مائة وقيل مائة وعشرون، " مكناهم في الأرض " ثبتناهم وأرسلناهم فيها ومكناهم يقال مكنتك ومكنت لك بمعنى واحد، " مدرارا " متتابعا بلغة هذيل أي دارة عند الحاجة إلى المطر لا أن تدر ليلا ونهارا ومدرارا للمبالغة.
" في قرطاس " أي في صحيفة والجمع قراطيس - زه - وفيه لغتان كسر القاف وضمها.
" وللبسنا عليهم " أي خلطنا.
- " حاق أي أحاط بهم - زه - وقال الزجاج الحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله وقيل معناه وجب وقيل حاق وحق بمعنى.
" فاطر السماوات والأرض " خالقهما وموجدهما وأصل الفطر الشق.
" بضر " الضر ضد النفع.
" أكنة " أغطية واحدها كنان
وقرا " صمما، " أساطير الأولين " أباطيل وترهات واحدها أسطورة وأسطارة ويقال أساطير الأولين ما سطره الأولون من الكتب.
" وينأون عنه " يتباعدون عنه.
" بغتة " فجأة، " أوزارهم على ظهورهم " أثقالهم أي آثامهم وأصل الوزر ما حمله الإنسان، " فرطنا فيها " قدمنا العجز - زه - وقيل قصرنا وقال ابن بحر فرط سبق والفارط السابق وفرط خلى السبق لغيره.
" نفقا في الأرض " أي سربا فيها بلغة عمان - زه - والنفق سرب له مخلص إلى مكان آخر، " أو سلما في السماء " أي مصعدا وقيل سببا وسمي سلما لتسليمه إلى المقصد،
﴿ ما فرطنا في الكتاب من شيء ﴾ أي ما تركنا ولا ضيعنا - زه - قيل الكتاب اللوح المحفوظ وهو مشتمل على ما يجري في العالم من جليل ودقيق من جميع الحيوانات وغيرها وقيل القرآن، وقوله من شيء احتججتم إليه وإلى بيانه، وهو مشتمل على ما تعبدنا به كناية وتصريحا أو مجملا وتفصيلا أجله ولقوله كتابا مؤجلا.
" مبلسون " بائسون ملقون بأيديهم ويقال المبلس الحزين النادم ويقال المبلس المتحير الساكت المنقطع الحجة.
" دابر القوم " آخرهم.
" يصدفون " يعرضون والصدوف الإعراض عن الشيء.
" سلام عليكم " السلام على أربعة أوجه اسم الله تعالى والسلامة والتسليم وشجر عظام واحدتها سلامة - زه - والثلاثة الأول ممكنة هنا.
" جرحتم بالنهار " أي كسبتم.
" وهم لا يفرطون " لا يقصرون أي لا يضيعون ما أمروا به ولا يقصرون فيه.
" له الحكم " الحكمة يقال حكم وحكمة وذل وذلة وبخل وبخلة وخبر وخبرة وقل وقلة وعذر وعذرة وبغض وبغضة وقر وقرة وقيل له القضاء والفصل يوم القيامة.
" أو يلبسكم شيعا " فرقا - زه - أي أحزابا متفرقين فتفرق كلمتكم
" بوكيل " أي بكفيل وقيل بكاف - زه - وقيل بمسلط وقيل بحافظ
" لكل نبإ مستقر " أي لكل خبر - زه - وقت يقع فيه ويظهر وقيل لكل عمل جزاء
" تبسل نفس " ترتهن وتسلم للهلكة - زه - وأصل الكلمة البسل وهو المنع أي ترهن حتى لا محيص لها، " من حميم " ماء حار والحميم أيضا القريب في النسب ويطلق أيضا على الخاص يقال دعينا في الحامة لا في العامة.
" ونرد على أعقابنا " يقال رد فلان على عقبيه إذا جاء لينفذ فسد سبيله حتى رجع ثم قيل لكل من لم يظفر بما يريد قد رد على عقبيه - زه - وتقول العرب لمن أدبر قد رجع إلى خلف وقد رجع القهقرى، " استهوته الشياطين " هوت به وأذهبته - زه - وقيل هو استفعل من هوى يهوى هويا وقيل من هوى يهوى هويا وقيل هوى
حيران " أي حائر يقال حار يحار وتحير يتحير أيضا إذا لم يكن له مخرج من أمره فمضى وعاد إلى حاله.
" ينفخ في الصور " قال أهل اللغة الصور جمع الصورة ينفخ فيها روحها فتحيا والذي جاء في التفسير أن الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل.
" ملكوت " ملك والواو والتاء زائدتان مثل الرحموت والرهبوت من الرحمة والرهبة تقول العرب رهبون خير من رحموت أي أن ترهب خير من أن ترحم.
" جن عليه الليل " أي غطى عليه وأظلم، " أفل " غاب
" بازغا " طالعا - زه - وقيل البزوغ ابتداء الطلوع
" غمرات الموت " شدائده التي تغمره وتزكيه كما يغمر الماء الشيء إذا علاه وغطاه
" فرادى " أي فردا فردا كل واحد منفرد عن شقيقه وشريكه في الغي وهو جمع فرد وفرد وفريد بمعنى واحد - زه - وقيل منفردا عن معين وناصر ويقال أيضا فارد وفرد وأفرد وفردان وقيل فرادى جمع فريد كأسير وأسارى وقال الفراء فرادى اسم مفرد على فعالى وقيل جمع فردان كسكران وسكارى خولناكم " ملكناكم - زه - من الخول والخول من يزهى بهم الإنسان ويعجب، " بينكم " وصلكم والبين من الأضداد يكون بمعنى الوصل ويكون بمعنى الفراق.
" فالق الحب والنوى " شاقهما بالنبات - زه - والفلق والفطر والخلق قال الكرماني ثلاثتها بمعنى واحد.
" فالق الإصباح " شاقه حتى يبين من الليل - زه - والإصباح مصدر أصبح إذا دخل في الصبح والصبح إضاءة الفجر وقرىء شاذا الأصباح بالفتح جمع صبح والمعنى فالق ما به يحصل الإصباح وقيل خالق نور النهار وقيل الإصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل، " سكنا " أي يسكن فيه الناس سكون الراحة، " حسبانا " أي بحساب جعلهما فهما يجريان بحساب معلوم عنده وقيل جمع حساب مثل شهاب وشهبان - زه - والحاصل أنه مصدر أو جمع.
" أنشأكم " ابتدأكم وخلقكم، " فمستقر " يعني الولد في صلب الأب
ومستودع " يعني الولد في صلب رحم الأم - زه - قرىء
مستقر بالكسر والفتح فبالكسر اسم فاعل بمعنى القار وبالفتح المصدر أو المكان لأن استقر لازم ومستودع يصلح للمفعول والمصدر والمكان فمن قرأ مستقر بالكسر فالمستودع اسم مفعول فيكون تقديره فمنكم مستقر ومنكم مستودع ومن قرأ بالفتح فالمستودع مثله في أن يكون مصدرا أو مكانا أي فلكم مستقر ولكم مستودع واختلف في معناهما والذي تقدم قول ابن بحر وعكسه قتادة وقال ابن مسعود فمستقر في الرحم ومستودع في القبر وقيل مستقر في الدنيا ومستودع في الآخرة وقيل فمستقر من خلق ومستودع من لم يخلق وقيل فمستقر الأب ومستودع الأم قال الكرماني ويحتمل فمستقر الجنة والنار ومستودع من يوم الخلق إلى أن صار إلى جنة أو نار
" قنوان " عذوق النخل واحدها قنو - زه - ومثله صنو وصنوان قال الكرماني لا نظير لهما " دانية " قال الحسن ملتفة متداخلة وقيل مائلة وقيل قريبة من الجناة يجنون منها قائمين وقاعدين وقيل دانية وغير دانية فاكتفي بأحد الضدين
" مشتبها وغير متشابه " وقيل مشتبه في المنظر وغير متشابه في المطعم منه حلو ومنه حامض وقيل مشتبه في المنظر وغير متشابه في الألوان والطعوم - زه - وقيل يشبه بعضها بعضا من وجه وتختلف من وجه، " ثمرة " هو بالضم جمع ثمار ويقال الثمر بضم الثاء المال وبفتحها جمع ثمرة من الثمار المأكولة، " وينعه " مدركه واحدة يانع مثل تاجر وتجر يقال ينعت الفاكهة والثمرة وأينعت إذا أدركت - زه - وقيل الينع مصدر ينع أي أدرك وينعه وهو النضيج منه وقرىء في الشواذ ينعه ويانعه.
" وخرقوا له بنين وبنات " افتعلوا ذلك واختلقوه كذبا وخرقوا معناه فعلوا مرة بعد أخرى وحرقوا أي بالمهملة أي افتعلوا ما لا " أصل له وهي قراءة ابن عباس.
" بديع السماوات والأرض " أي مبتدعهما أي مبتدئهما.
" درست " أي قرأت دارست أي قارأت المعنى قرأت وقرىء عليك ويقرأ درست أي قرأت ويقرأ درست أي قرئت وتعلمت ويقرأ درست أي درست هذه الأخبار التي تأتينا بها أي انمحت وذهبت وقد كان يتحدث بها.
" عدوا بغير علم " أي اعتداء.
" يشعركم " يدريكم.
" وحشرنا " جمعنا والحشر والجمع بكره، " قبلا " أي أصنافا جمع قبيل قبيل أي صنف صنف وقبلا أيضا جمع قبيل أي كفيل وقبلا وقبلا مقابلة أيضا وقبلا عيانا وقبلا استباقا.
" زخرف القول " أي الباطل المزين المحسن.
" ولتصغى إليه " تميل، " وليقترفوا " يقترفون يكتسبون والاقتراف الاكتساب ويقال يقترفون يدعون والقرفة التهمة والادعاء.
" يخرصون " يحدسون.
" أكابر مجرميها " أي عظماء مذنبيها.
" صغار عند الله " الصغار أشد الذل - زه - والصغار في القدر والصغر في السن وغيره.
" لهم دار السلام " أي دار السلامة وهي الجنة.
" وما أنتم بمعجزين " أي فائتين.
" اعملوا على مكانتكم " مكانتكم ومكانكم بمعنى.
" من الحرث " هو إصلاح الأرض وإلقاء البذر فيها ويسمى الزرع الحرث أيضا
" ليردوهم " أي يهلكوهم والردى الهلاك.
" حجر " أي حرام وأصله المنع، " افتراء عليه " الافتراء العظيم من الكذب يقال لمن عمل عملا وبالغ فيه إنه ليفري الفري.
" معروشات وغير معروشات " معروشات ومعرشات واحد يقال عرشت الكرم وعرشته إذا جعلت تحته قصبا وأشباهه ليمتد عليه وغير معروشات من سائر الشجر الذي لا يعرش، " مختلفا أكله " أي ثمره.
" حمولة وفرشا " الحمولة الإبل التي تطيق ان يحمل عليها والفرش الصغار التي لا تطيق الحمل قال المفسرون الحمولة الإبل والخيل والبغال والحمير وكل ما حمل عليه والفرش الغنم.
" مسفوحا " مصبوبا، " رجس " قذر منتن.
" الحوايا " المباعر ويقال الحوايا ما تحوي من البطن أي استدار ويقال الحوايا بنات اللبن وهي متحوية أي مستديرة واحدتها حاوية وحوية وحاوياء - زه - مثل زاوية ووصية وقاصفاء.
" هلم " أقبل.
" من إملاق " أي فقر او جوع بلغة لخم.
" أشده " قيل إنه اسم جمع لا واحد له بمنزلة الآنك وهو الرصاص والأسرب وقيل جمع واحدة شد مثل فلس وأفلس وشد مثل قولهم فلان ود والقوم أود وشدة مثل نعمة وأنعم وأشد اليتيم قالوا ثماني عشرة سنة - زه - وقيل إذا احتلم وقيل حتى يبلغ الحنث وقيل ثلاثين سنة حكاه الكرماني.
" دينا قيما " أي قائما مستقيما، " ملة إبراهيم " دينه.
" خلائف الأرض " أي في الأرض يخلف بعضهم بعضا واحدهم خليفة.
سورة الأنعام
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

لم تَحْتَوِ سورةُ (الأنعام) على كثيرٍ من الأحكام الشَّرعية كأخواتِها من السُّوَر الطِّوال؛ بل اهتمَّت بتحقيقِ مقصدٍ عظيم؛ وهو (توحيدُ الألوهية، وتثبيتُ مسائلِ العقيدة)، وكما قال أبو إسحاقَ الأَسْفَرَائينيُّ: «في سورةِ الأنعام كلُّ قواعدِ التوحيد»؛ فقد رسَمتِ السورةُ معالمَ على طريق الهداية، ذاكرةً قصَّةَ إبراهيمَ في البحث عن الحنيفيَّةِ الخالصة بما حَوَتْهُ من حُجَجٍ عقلية، وبراهينَ قاطعة؛ فعنايةُ السورة بالعقيدة كانت واضحةً جليَّة؛ لكي يُحقِّقَ العبدُ ما افتُتحت به السورةُ: {اْلْحَمْدُ لِلَّهِ اْلَّذِي خَلَقَ اْلسَّمَٰوَٰتِ وَاْلْأَرْضَ} [الأنعام: 1].

ترتيبها المصحفي
6
نوعها
مكية
ألفاظها
3055
ترتيب نزولها
55
العد المدني الأول
167
العد المدني الأخير
167
العد البصري
166
العد الكوفي
165
العد الشامي
166

* قوله تعالى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلْغَدَوٰةِ وَاْلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٖ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٖ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ اْلظَّٰلِمِينَ﴾ [الأنعام: 52]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه، قال: «فِيَّ نزَلتْ: ﴿وَلَا تَطْرُدِ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلْغَدَوٰةِ وَاْلْعَشِيِّ [الأنعام: 52].

قال: نزَلتْ في ستَّةٍ؛ أنا وابنُ مسعودٍ منهم، وكان المشركون قالوا له: تُدْني هؤلاء؟!».

وفي روايةٍ: «كنَّا مع النبيِّ ﷺ في ستَّةِ نفَرٍ، فقال المشركون للنبيِّ ﷺ: اطرُدْ هؤلاء؛ لا يَجترِئون علينا!

قال: وكنتُ أنا وابنُ مسعودٍ ورجُلٌ مِن هُذَيلٍ وبلالٌ ورجُلانِ لستُ أُسمِّيهما، فوقَعَ في نفسِ رسولِ اللهِ ﷺ ما شاءَ أن يقَعَ، فحدَّثَ نفسَهُ؛ فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا تَطْرُدِ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلْغَدَوٰةِ وَاْلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٖ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٖ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ اْلظَّٰلِمِينَ﴾ [الأنعام: 52]». أخرجه مسلم (٢٤١٣).

* قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اْسْمُ اْللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: 121]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاءت اليهودُ إلى النبيِّ ﷺ، فقالوا: نأكلُ ممَّا قتَلْنا، ولا نأكلُ ممَّا قتَلَ اللهُ؟ فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اْسْمُ اْللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: 121] إلى آخِرِ الآيةِ». أخرجه أبو داود (٢٨١٩).

* قوله تعالى: ﴿مَن جَآءَ بِاْلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشْرُ أَمْثَالِهَاۖ﴾ [الأنعام: 160]:

صحَّ عن أبي ذَرٍّ الغِفَاريِّ رضي الله عنه أنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «مَن صامَ ثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ، فذلك صيامُ الدَّهْرِ؛ فأنزَلَ اللهُ تصديقَ ذلك في كتابِهِ: ﴿مَن جَآءَ بِاْلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشْرُ أَمْثَالِهَاۖ﴾ [الأنعام: 160]؛ فاليومُ بعشَرةِ أيَّامٍ». أخرجه الترمذي (٧٦٢).


سُمِّيتْ سورةُ (الأنعام) بذلك؛ لأنَّها السورةُ التي عرَضتْ لذِكْرِ (الأنعام) على تفصيلٍ لم يَرِدْ في غيرها من السُّوَر.

* جاء في فضلِ سورة (الأنعام): أنَّها نزَلتْ وحولها سبعون ألفَ مَلَكٍ يُسبِّحون:

دلَّ على ذلك ما رواه ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ سورةُ الأنعامِ بمكَّةَ ليلًا جُمْلةً، حولَها سبعون ألفَ مَلَكٍ، يَجأرون حولها بالتَّسْبيحِ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلَّام (ص240)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في "عمدة التفسير" (1/761).

وقريبٌ منه ما جاء عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «نزَلتْ سورةُ الأنعامِ على النَّبيِّ ﷺ ومعها مَوكِبٌ مِن الملائكةِ سَدَّ ما بين الخافِقَينِ، لهم زَجَلٌ بالتَّسْبيحِ والتَّقْديسِ، والأرضُ تَرتَجُّ، ورسولُ اللهِ ﷺ يقولُ: سُبْحانَ اللهِ العظيمِ، سُبْحانَ اللهِ العظيمِ». "المعجم الأوسط" للطبراني (٦٤٤٧).

اشتمَلتِ السُّورةُ على عِدَّة موضوعات جاءت مُرتَّبةً كالآتي:

الاستفتاح بالحمد، وخَلْق الإنسان وبَعْثه (١-٣).

إعراض المشركين (٤-١١).

مع الله حُجَج بالغة (١٢-٢٠).

في موقف الحشر (٢٢-٣٢).

تسليةٌ وتثبيت (٣٣-٣٥).

لماذا الإعراض؟ (٣٦-٤١).

سُنَنٌ ربانية (٤٢-٤٧).

مهمة الرسل عليهم السلام (٤٨- ٥٨).

مفاتيح الغيب (٥٩-٦٧).

تجنُّب مجال الخائضين (٦٨-٧٠).

معالمُ على طريق الهداية (٧١-٧٣).

قصة إبراهيمَ عليه السلام (٧٤-٩٠).

الاحتجاج على منكِري البعث (٩١-٩٤).

من دلائلِ القدرة (٩٥-٩٩).

الرد على مزاعمِ المشركين، وتقرير العقيدة (١٠٠-١٠٥).

منهج التعامل مع المشركين (١٠٦-١٠٨).

تعنُّتٌ وإصرار (١٠٩-١١١).

الإعلام المضلِّل وموقف الإسلام منه (١١٢-١١٤).

قواعدُ وأصول في العقيدة والدعوة (١١٥-١١٧).

قواعد وأصول في التحليل والتحريم (١١٨-١٢١).

من مظاهرِ الصُّدود وأسبابه (١٢٢-١٢٦).

وعدٌ ووعيد (١٢٧-١٣٥).

من جهالات المشركين (١٣٦-١٤٠).

حُجَجٌ باهرة، ونِعَمٌ ظاهرة (١٤١-١٥٠).

الوصايا العَشْرُ (١٥١-١٥٣).

من مشكاةٍ واحدة (١٥٤-١٥٧).

وماذا بعد الحُجَج؟ (١٥٨-١٦٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (2 /393).

أُقيمت هذه السُّورةُ على مقصدٍ عظيمٍ جدًّا؛ ألا وهو (تحقيق التَّوحيد)؛ وذلك بإشعار الناس بأنَّ حقَّ الحمد ليس إلا للهِ؛ لأنَّه مُبدِعُ العوالِمِ: جواهرَ وأعراضًا؛ فعُلِم أنه المتفرِّدُ بالإلهيَّة، وأنَّ الأصنامَ والجِنَّ تأثيرُها باطلٌ؛ فالذي خلَق الإنسانَ ونظامَ حياته وموته بحِكْمته هو المستحِقُّ لوصفِ الإلهِ المتصرِّف. وجاءت السورةُ بتنزيه اللهِ عن الولَدِ والصاحبة، وكما قال أبو إسحاقَ الأَسْفَرَائينيُّ: «في سورةِ الأنعامِ كلُّ قواعدِ التوحيد». واشتمَلتِ السورةُ على موعظة المُعرِضين عن آياتِ القرآن والمكذِّبين بالدِّين الحقِّ، وتهديدِهم بأن يحُلَّ بهم ما حَلَّ بالقرونِ المكذِّبين من قبلِهم والكافرين بنِعَمِ الله تعالى، وأنَّهم ما يضُرُّون بالإنكارِ إلا أنفسهم، ووعيدِهم بما سيَلقَون عند نزعِ أرواحهم، ثم عند البعثِ.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (7 /123).