تفسير سورة فاطر

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة فاطر من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ يزيد في الخلق ما يشاء ﴾( ١ ).
٨٧٧- قيل في غريب التأويل : اللحية هي المراد بقوله تعالى :﴿ يزيد في الخلق ما يشاء ﴾. ( الإحياء : ١/١٧٠ )
٨٧٨- يدل على إباحة سماع الصوت الحسن امتنان الله تعالى على عباده إذ قال :﴿ يزيد في الخلق ما يشاء ﴾ فقيل هو الصوت الحسن. ( نفسه : ٢/٢٩٥ )
﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ﴾( ٢ )
٨٧٩- هذه الرحمة مبذولة بحكم الجود والكرم من الله سبحانه وتعالى غير مضنون بها على أحد، ولكن إنما تظهر في القلوب المتعرضة لنفحات رحمة الله تعالى، كما قال صلى الله عليه وسله :( إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها )١ والتعرض لها بتطهير القلب وتزكيته من الخبث والكدورة الحاصلة من الأخلاق المذمومة. ( نفسه : ٣/١٠ وميزان العمل : ٢٠٨ ).
١ قال العراقي: أخرجه الترمذي الحكيم في النوادر، والطبراني في الوسط من حديث محمد بن مسلمة بلفظ: [[إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم منفحة منها فلا تشفون بعدها أبدا]] وقال السيوطي حديث ضعيف. ن الجماع الصغير للسيوطي: ١/٣٦٧ح: ٢٣٩٨ والمغني ١/٢١٩ والإتحاف: ٣/٤٦٠..
﴿ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ﴾( ٦ )
٨٨٠- هذا أقصى التحذير وغايته. ( منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين : ١٠٨ )
﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور ﴾( ١٠ )
٨٨١- ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب ﴾ أي المعرفة ﴿ والعمل الصالح يرفعه ﴾ فالعمل الصالح كالجبال لهذه المعرفة وكالخادم، وإنما العمل الصالح كله في تطهير القلب أولا من الدنيا، ثم إدامة طهارته، فلا يراد العمل إلا لهذه المعرفة. ( الإحياء : ٤/٣٣٥ )
٨٨٢- ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾ والكلم الطيب يرجع إلى العلم عند البحث، فهو الذي يصعد ويقع الموقع.
والعمل كالخادم له، يرفعه ويحمله، وهذا تنبيه على علو رتبة العلم. ( ميزان العمل : ١٩٤ )
٨٨٣- ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾ الكلم الطيب : هو التوحيد والمعرفة، والعمل الصالح : هو طهارة القلب الرافعة لقدر التوحيد والمعرفة، ومعنى الرفعة هو حضور القلب وتأثره بهما، لينقاد خضوعا ومسكنة ومهابة، فحينئذ يكون قريبا من الله تعالى. ( روضة الطالبين وعمدة السالكين ضمن المجموعة رقم ٢ ص : ٩٧ )
٨٨٤- ﴿ والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور ﴾
قال مجاهد : هم أهل الرياء. ( الإحياء : ٣/٣١٠ ).
﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾( ٢٨ )
٨٨٥-إن العلم النافع يثمر خشية الله تعالى ومهابته، قال الله تعالى :﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ وذلك أن من لم يعرفه حق معرفته لم يهبه حق مهابته، ولم يعظمه حق تعظيمه وحرمته، فالعلم يعرفه ويعظمه ويهابه، فصار العلم يثمر الطاعة كلها ويحجز عن المعصية كلها بتوفيق الله تعالى. ( منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين : ٦٣-٦٤ )
٨٨٦- إنما العلم : الخشية لقوله تعالى :﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ وكأنه أشار إلى ثمرات العلم. ( الإحياء : ١/٦٣ )
٨٨٧- ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ وصفهم بالعلم لخشيتهم. ( نفسه : ٤/١٦٩ )
﴿ وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ﴾( ٢٩ )
٨٨٨- ندب إلى العلانية أيضا لما فيها من فائدة الترغيب، فليكن العبد دقيق التأمل في وزن هذه الفائدة بالمحذور الذي فيه، فإن ذلك يختلف بالأحوال والأشخاص، فقد يكون الإعلان في بعض الأحوال لبعض الأشخاص أفضل، ومن عرف الفوائد والغوائل ولم ينظر بعين الشهوة اتضح له الأولى والأليق بكل حال. ( نفسه : ١/٢٥٦ ).
﴿ إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ﴾( ٤١ )
٨٨٩- قال بعض السلف : ما من عبد يعصى إلا استأذن مكانه من الأرض أن يخسف به، واستأذن سقفه من السماء أن يسقط عليه كسفا، فيقول الله تعالى للأرض والسماء كفا عن عبدي وأمهلاه، فإنكما لم تخلقاه ولو خلقتماه لرحمتماه، ولعله يتوب إلي فأغفر له، ولعله يستدل صالحا فأبدله له حسنات. فذلك معنى قوله تعالى :﴿ إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ﴾. ( نفسه : ٤/٤٥ ).
سورة فاطر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (فاطرٍ) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بحمدِ الله على كمالِ قُدْرته في خَلْقِ هذا الكونِ والتصرُّفِ به، اللازمِ منه إثباتُ قُدْرته تعالى على البعث والجزاء؛ بالخيرِ خيرًا، وبالشرِّ شرًّا إن شاء سبحانه وتعالى، فأوضحت السورةُ مصيرَ الكافرين، وأبانت عن أسباب صُدودهم، وخُتِمت بدعوتهم للتفكير والتأمُّل فيما حولهم.

ترتيبها المصحفي
35
نوعها
مكية
ألفاظها
778
ترتيب نزولها
43
العد المدني الأول
46
العد المدني الأخير
46
العد البصري
45
العد الكوفي
45
العد الشامي
46

* سورةُ (فاطرٍ):

سُمِّيت سورةُ (فاطرٍ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بهذا الوصفِ لله عزَّ وجلَّ.

اشتمَلتْ سورةُ (فاطرٍ) على الموضوعات الآتية:

1. الاستفتاح بالحمد (١-٢).

2. يا أيها الناس (٣-٢٦).

3. النداء الأول: تذكيرٌ وتسلية (٣-٤).

4. النداء الثاني: أسباب الغُرور (٥-٨).

5. آيات الله في الكون (٩-١٤).

6. النداء الثالث: غِنى الله تعالى وعدلُه (١٥- ٢٦).

7. كتاب الله المنظورُ (٢٧-٢٨).

8. نعمة القرآن، ومصيرُ المؤمنين (٢٩-٣٥).

9. مصير الكافرين (٣٦- ٣٧).

10. دلائل العظمة، وشواهد القدرة (٣٨-٤١).

11. أسباب الصُّدود (٤٢-٤٣).

12. دعوة للسَّير والنظر (٤٤-٤٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /241).

مقصدُها إثباتُ كمالِ القدرةِ لله عزَّ وجلَّ، الخالقِ لهذا الكونِ بآياته العظام، القادرِ على أن يَبعَثَ الناسَ ويجازيَهم على أعمالهم؛ إنْ خيرًا فخيرٌ، وإنْ شرًّا فشرٌّ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور " للبقاعي (2 /385).