تفسير سورة الأنبياء

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة الأنبياء من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

٣٥١-/ أنا زيادُ بن أيوبَ، نا أبو مُعاوية، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي سعيدٍ،" عن النبي صلى الله عليه وسلم قولهُ: ﴿ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ﴾ قال: في الدُّنيا ". ٣٥٢- أنا أحمدُ بن نصرٍ، أنا هشام بن عبد الملكِ أبو الوليد الطَّيالسيُّ، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي سعيدٍ،" عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ﴿ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ﴾ قال: " في الدُّنيا " ".
ذيل التفسيرقوله تعالى: [ ﴿ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ ﴾ [٦٨] ]١٨/ ٧٥٣- (عن) خُشَيش بن أصرم، (عن) عبد الرزاق، (عن) الثوري، (عن) الشَّيباني، (عن) الحسن بن سعد، (عن) عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه عبد الله بن مسعود قال:" كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فمررنا بقرية نَمْل قد أُحْرِِقَت [فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه لا ينبغي لبشر ان يُعذِّب بعذاب الله " ] ".
قوله تعالى: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ﴾ [٩٦]٣٥٣- أنا عُبيدُ اللهِ بن إبراهيم، نا عمِّي، نا أبي، عن صالحٍ، عن ابن شهابٍ، قال حدثني عروةُ بن الزُّبير أن زينب بنت أبي سلمة أخبرت عن أُم حبيبة بنت أبي سُفيان، عن زينب بنت جحشٍ" أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقولُ " لا إلهَ إلاَّ اللهُ؛ ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب؛ فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه قال: وحلق بأُصبعهِ الإبهام والتي تليها - فقلت: يا رسول الله أنَهلكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كَثُر الخبثُ ". ٣٥٤- أنا أبو داود، نا سهلُ بن حمادٍ، نا شعبةُ، عن النُّعمانِ ابن سالمٍ، عن ابن عمرو وبن أوسٍ، عن أبيه، عن جدِّه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن يأجوج ومأجوج لهم [نساءٌ] يُجامعون ما شاؤُا، وشجرٌ يلقحون ما شاؤُا، فلا يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً ".
قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ﴾ [١٠٤]٣٥٥- أنا قُتيبة بن سعيدٍ، نا نوحٌ، عن يزيد بن كعبٍ، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاءِ، عن ابن عباسٍ قال: السِّجلُّ كاتبُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. ٣٥٦- أنا قُتيبة بنُ سعيدٍ، نا نوحٌ، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابنِ عباسٍ أنهُ كان يقول في هذه الآية ﴿ يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ ﴾ قال: السِّجلُّ هو الرَّجُلُ.﴿ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ﴾ [١٠٤]٣٥٧- أنا سليمانُ بن عُبيد الله بن عمرٍو، نا بهزٌ، نا شُعبةُ، أنا المُغيرةُ بن النُّعمانِ/ قال: سمعتُ سعيد بن جُبيرٍ يُحدثُ، عن ابن عباسٍ قال:" قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بموعِظَةٍ فقال: " أيُّها الناسُ إنكم محشورون إلى ربكم شُعثاً غُرلاً ثم قرأ هذه الآية " ﴿ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ﴾ إلى آخر الآية وإن أولُ من يُكسى من الخلائق إبراهيم عليه السلام، وإنه يُؤتى أُناسٌ من أُمتي فيؤخذُ بهم ذات الشمالِ فأقولُ: ربِّ أصحابي. فيقولُ: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقولُ مثل ما قال العبدُ الصالحُ: ﴿ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: ١١٨] فيُقالُ: إنَّهم لم يزالوا مُرتدين على أعقابهم القهقرى مُنذُ فارقتهم ". ٣٥٨- أنا الربيع بن سُليمان، نا شعيبُ بن اللَّيث، نا الليثُ، عن ابن عجلان، عن أبي الزُّبير، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" قال اللهُ عزَّ وجلَّ: كذَّبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يُكذبني، وشتمني ابنُ آدم ولم يكن ينبغي أن يشتُمني؛ أما تكذيبهُ إياي فقوله: لا أُعيدُهُ كما بدأتُهُ، وليس آخرُ بأعزَّ عليَّ من أولهِ، وأما شتمهُ إيَّايَ فقولهُ: اتخذ اللهُ ولداً، وأنا الله أحدٌ الصمدُ، لم ألد، ولم أُولد، ولم يكُن ليَّ كُفُواً أحدٌ ".
سورة الأنبياء
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الأنبياء) سورةٌ مكية، ذكَرتِ الكثيرَ من قِصص الأنبياء بغرضِ بيان دَوْرهم في نشرِ الاعتقاد الصحيح، والدعوةِ إلى الله، وكذا أبانت عن مقصدٍ آخرَ عظيم؛ وهو قربُ الحساب؛ كما دلَّتْ على ذلك مجموعةُ قِصَصِ الأنبياء المذكورة، وهذا ما أشارت إليه فاتحةُ السورة من قُرْبِ الحساب، وغفلةِ الناس عن ذلك، وفي ذلك دلائلُ كثيرة على وَحْدانية الله عز وجل، وتنزيهِه عن العبث.

ترتيبها المصحفي
21
نوعها
مكية
ألفاظها
1174
ترتيب نزولها
73
العد المدني الأول
111
العد المدني الأخير
111
العد البصري
111
العد الكوفي
112
العد الشامي
111

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «آيةٌ في كتابِ اللهِ لا يَسألُني الناسُ عنها، ولا أدري أعرَفوها فلا يَسألوني عنها أم جَهِلوها فلا يَسألوني عنها؟! قيل: وما هي؟ قال: لمَّا نزَلتْ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، شَقَّ ذلك على أهلِ مكَّةَ، وقالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، فقامَ ابنُ الزِّبَعْرَى، فقال: ما شأنُكم؟ قالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، قال: وما قال؟ قالوا: قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، قال: ادعُوه لي، فدُعِيَ مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فقال ابنُ الزِّبَعْرَى: يا مُحمَّدُ، هذا شيءٌ لآلهتِنا خاصَّةً أم لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ؟ قال: «بل لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ عز وجل»، قال: فقال: خصَمْناه ورَبِّ هذه البَنِيَّةِ، يا مُحمَّدُ، ألستَ تزعُمُ أنَّ عيسى عبدٌ صالحٌ، وعُزَيرًا عبدٌ صالحٌ، والملائكةَ عبادٌ صالحون؟ قال: «بلى»، قال: فهذه النصارى يعبُدون عيسى، وهذه اليهودُ تعبُدُ عُزَيرًا، وهذه بنو مَلِيحٍ تعبُدُ الملائكةَ، قال: فضَجَّ أهلُ مكَّةَ؛ فنزَلتْ: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ} عيسى وعُزَيرٌ والملائكةُ {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]، قال: ونزَلتْ: {وَلَمَّا ‌ضُرِبَ ‌اْبْنُ ‌مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]؛ وهو الضَّجيجُ». "شرح مشكل الآثار" للطَّحاويِّ (986).

قال الشيخُ السعديُّ رحمه الله في هذه الآيةِ: «ودخولُ آلهة المشركين النارَ: إنما هو الأصنامُ، أو مَن عُبِدَ وهو راضٍ بعبادته، وأما المسيح، وعُزَيرٌ، والملائكة، ونحوُهم ممَّن عُبِد من الأولياء: فإنهم لا يُعذَّبون فيها، ويدخلون في قوله: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ}؛ أي: سبَقتْ لهم سابقةُ السعادة في علمِ الله، وفي اللَّوْحِ المحفوظ، وفي تيسيرِهم في الدنيا لليُسْرى والأعمالِ الصالحة، {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا}؛ أي: عن النار، {مُبْعَدُونَ} فلا يدخُلونها، ولا يكونون قريبًا منها، بل يُبعَدون عنها غايةَ البُعْدِ؛ حتى لا يَسمَعوا حسيسَها، ولا يَرَوْا شخصَها». "تفسير السعدي" (ص531).

* سورة (الأنبياء):

سُمِّيتْ سورة (الأنبياء) بهذا الاسمِ؛ لحديثها عن الأنبياء، ودَوْرِهم في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.

* تُعَدُّ سورة (الأنبياء) من قديم ما تعلَّمه الصحابةُ من النبي صلى الله عليه وسلم:

عن عبد الرَّحمنِ بن يَزيدَ بن جابرٍ، قال: «سَمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ في (بَنِي إسرائِيلَ)، و(الكَهْفِ)، و(مَرْيَمَ)، و(طه)، و(الأنبياءِ): إنَّهُنَّ مِن العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلادي». أخرجه البخاري (4994).

قال أبو عُبَيدٍ: «قولُه: «مِن تِلَادي» : يعني: مِن قديمِ ما أخَذْتُ مِن القرآنِ؛ وذلك أنَّ هذه السُّوَرَ نزَلتْ بمكَّةَ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص247).

جاءت موضوعاتُ سورة (الأنبياء) على النحو التالي:

1. غفلة الناس عن الساعة، وإعراضهم عن القرآن (١-٦).

2. الإنذار بالوحي سمةٌ مشتركة بين الرسل عليهم السلام (٧-١٥).

3. دلائل الوَحْدانية والقدرة، وتنزيهُه تعالى عن العبث (١٦-٣٣).

4. المصير المحتوم، وعناية الله بخَلْقه (٣٤-٤٧).

5. دعوة الأنبياء (٤٨-٩١).

6. وَحْدة الملة، وعدل الجزاء (٩٢-١٠٦).

7. ختام سلسلة الأنبياء رحمةٌ مهداة (١٠٧- ١٢١).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /5).

لسورة (الأنبياء) مقصدانِ عظيمانِ:

* الأول: بيانُ معالمِ التوحيد، ودَوْر الأنبياء في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.

* والثاني: الاستدلال على تحقُّقِ الساعة وقُرْبِها، ولو بالموت، ووقوعِ الحساب فيها على الجليل والحقير؛ لأن مُوجِدَها لا شريكَ له يعُوقُه عنها، وهو مَن لا يُبدَّل القولُ لديه، والدالُّ على ذلك أوضَحَ دَلالةٍ: مجموعُ قِصَصِ جماعةٍ ممَّن ذُكِر فيها من الأنبياء عليهم السلام، ولا تستقلُّ قصةٌ منها استقلالًا ظاهرًا لجميع ذلك.

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /5)، و"مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /268).