مكية في قول جميعهم
ﰡ
(فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع | فألهيتها عن ذي تمائم محوِلِ) |
٨٩ (كضعث حلمٍ غُرَّ منه حالمه.} ٩
الثالث: أنه ما لم يكن له تأويل، قاله اليزيدي. وفي الأحلام تأويلان: أحدهما: ما لم يكن له تأويل ولا تفسير، قاله الأخفش. الثاني: إنها الرؤيا الكاذبة، قاله ابن قتيبة، ومنه قول الشاعر:
(أحاديث طسم أو سراب بفدفَدٍ | ترقوق للساري وأضغاث حالم) |
فمثلك١ حبلى قد طرقت ومرضع | فألهيتها عن ذي تمائم محوِلِ |
ولبعض أصحاب الخواطر ( وجه ثالث ) : أنها غافلة عما يراد بها ومنها.
﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ٢ ظَلَمُوا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ذكره ابن كامل إنهم أخفوا كلامهم الذي يتناجون به، قاله الكلبي.
الثاني : يعني أنهم أظهروه وأعلنوه. وأسروا من الأضداد المستعملة وإن كان الأظهر في حقيقتها أن تستعمل في الإِخفاء دون الإِظهار إلا بدليل.
﴿ هَلْ هَذَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾ إنكاراً منهم لتميزه عنهم بالنبوة.
﴿ أَفَتأتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ ويحتمل وجهين :
أحدهما : أفتقبلون السحر وأنتم تعلمون أنه سحر.
الثاني : أفتعدلون إلى الباطل وأنتم تعرفون الحق.
٢ أجاز الأخفش أن يكون "الذين" فاعل أسروا وذلك على لغة أكلوني البراغيث..
أحدها : أهاويل أحلام رآها في المنام، قاله مجاهد.
الثاني : تخاليط أحلام رآها في المنام، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر :
كضعث حلمٍ غُرَّ منه حالمه. ***
الثالث : أنه ما لم يكن له تأويل، قاله اليزيدي.
وفي الأحلام تأويلان :
أحدهما : ما لم يكن له تأويل ولا تفسير، قاله الأخفش.
الثاني : إنها الرؤيا الكاذبة، قاله ابن قتيبة، ومنه قول الشاعر :
أحاديث طسم أو سراب بفدفَدٍ | ترقوق للساري وأضغاث حالم |
أحدهما : معناه وما جعلنا الأنبياء قبلك أجساداً لا يأكلون الطعام ولا يموتون فنجعلك كذلك، وذلك لقولهم :
﴿ مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾
[ المؤمنون : ٢٤ ] قاله ابن قتيبة.
الثاني : إنما جعلناهم جسداً يأكلون الطعام وما كانوا خالدين، فلذلك جعلناك جسداً مثلهم، قاله قتادة.
قال الكلبي : أو الجسد هو الجسد١ الذي فيه الروح ويأكل ويشرب، فعلى مقتضى هذا القول يكون ما لا يأكل ولا يشرب جسماً. وقال مجاهد : الجسد ما لا يأكل ولا يشرب، فعلى مقتضى هذا القول يكون ما يأكل ويشرب نفساً.
﴿ إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من القرية.
الثاني : من العذاب، والركض الإِسراع.
﴿ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لعلكم تسألون عن دنياكم شيئاً، استهزاء بهم، قاله قتادة.
الثاني : لعلكم تقنعون بالمسألة، قاله مجاهد.
الثالث : لتسألوا عما كنتم تعملون، قاله ابن بحر.
﴿ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ ﴾ فيه قولان : أحدهما : بالعذاب، قاله الحسن.
الثاني : بالسيف، قال مجاهد : حتى قتلهم بختنصر.
والحصيد قطع الاستئصال كحصاد الزرع. والخمود : الهمود كخمود النار إذا أطفئت، فشبه خمود الحياة بخمود النار، كما يقال لمن مات قد طفئ تشبيهاً بانطفاء النار.
(ويلعينني في اللهو أن لا أحبه | وللهو داعٍ لبيب غير غافلِ) |
(بها جيف الحسرى فأما عظامها | فبيض وأما جلدها فصليب) |
ويلحينني في اللهو أن لا أحبه | وللهو داعٍ لبيب غير غافلِ |
وفي ﴿ إِن كُنََّا فَاعِلِينَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : وما كنا فاعلين، قاله ابن جريج١.
الثاني : أنه جاء بمعنى الشرط، وتقدير الكلام لو كنا لاتخذناه بحيث لا يصل علمه إليكم.
أحدها : أن الحق الكلام المتبوع، والباطل المدفوع. ومعنى يدمغه أي يذهبه ويهلكه كالمشجوج [ تكون ] دامغة في أم رأسه [ تؤدي ] لهلاكه١.
الثاني : أن الحق القرآن، والباطل إبليس.
الثالث : أن الحق المواعظ والباطل المعاصي، قاله بعض أهل الخواطر.
ويحتمل رابعاً : أن الحق الإِسلام، والباطل الشرك.
﴿ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : هالك، قاله قتادة.
الثاني : ذاهب، قاله ابن شجرة.
أحدها : لا يملون١، قاله ابن زيد.
الثاني : لا يعيون، قاله قتادة.
الثالث : لا يستنكفون، قاله الكلبي.
الرابع : لا ينقطعون، مأخوذ من الحسير وهو البعير المنقطع بالإِعياء٢، قال الشاعر :
بها جيف الحسرى٣ فأما عظامها | فبيض وأما جلدها فصليب |
٢ وقيل لا يكلون، وقيل لا يفشلون..
٣ يصف الشاعر علقمة بن عبدة فلاة بها رمم الإبل التي انقطعت عن السير أعياء فماتت. وتبدو عظامها بيضاء وجلودها صلبة لأن الشمس جففتها..
(حتى يقول الناس مما رأوا | يا عجباً للميت الناشِر) |
(يهون عليهم إذا يغضبو | ن سخط العداة وإرغامُها) |
(ورتق الفتوق وفتق الرتو | ق ونقض الأمور وإبرامها) |
(رسا أصله تحت الثرى وسما به | إلى النجم فرعٌ لا يزال طويل) |
(تضيق بنا النجاح وهنّ فج | ونجهل ماءها السلم الدفينا) |
(باتت تقاسي الفلك الدّوار | حتى الصباح تعمل الأقتار) |
أحدهما : لأنها رست في الأرض وثبتت، قال الشاعر١ :
رسا أصله تحت الثرى وسما به | إلى النجم فرعٌ لا يزال طويل |
أحدهما : أنها الثوابت : قاله قطرب.
الثاني : أنها الثقال، قاله الكلبي.
﴿ أَن تَمِيدَ بِهِم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : لئلا تزول بهم.
الثاني : لئلا تضطرب بهم. الميد الاضطراب.
﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً ﴾ في الفجاج وجهان : أحدهما : أنها الأعلام التي يهتدى بها.
الثاني : الفجاج جمع فج وهو الطريق٢ الواسع بين جبلين. قال الكميت :
تضيق بنا النجاج وهنّ فج | ونجهل ماءها السلم الدفينا |
أحدهما : سبل الاعتبار ليهتدوا بالاعتبار بها إلى دينهم.
الثاني : مسالك ليهتدوا بها [ إلى ] طرق بلادهم.
٢ في الأصل: الريق وهو تحريف..
أحدها : محفوظاً من أن تسقط على الأرض.
الثاني : محفوظاً من الشياطين، قاله الفراء.
الثالث : بمعنى مرفوعاً، قاله مجاهد.
ويحتمل رابعاً : محفوظاً من الشرك والمعاصي.
أحدهما : أن الفلك السماء، قاله السدي.
الثاني : أنه القطب المستدير الدائر بما فيه من الشمس والقمر والنجوم، ومنه سميت فلكة المغزل لاستدارتها، قال الشاعر :
باتت تقاسي الفلك الدّوار | حتى الصباح تعمل الأقتار |
أحدهما : أنه كدوران الأكرة١.
الثاني : كدوران الرحى قاله الحسن وابن جريج.
واختلف في الفلك على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه السماء تدور بالشمس والقمر والنجوم.
الثاني : أنه استدارة في السماء تدور فيها النجوم مع ثبوت السماء، قاله قتادة.
الثالث : أنها استدارة بين السماء والأرض تدور فيها النجوم، قاله [ زيد ] بن أسلم.
وفي ﴿ يَسْبَحُونَ٢ ﴾ وجهان :
أحدهما : يجرون، قاله مجاهد.
الثاني : يدورون، قاله ابن عباس، فعلى الوجه الأول يكون الفلك مديرها، وعلى الثاني تكون هي الدائرة في الفلك.
٢ يسبحون: لم يقل تسبح أو يسبحن لأنه تعالى لما أخبر عنهن بفعل من يعقل وهو السبح جعلهن في الطاعة بمنزلة من يعقل..
أحدها : بالشدة والرخاء، قاله ابن عباس.
الثاني : أن الشر : الفقر والمرض، والخير الغنى والصحة، قاله الضحاك.
الثالث : أن الشر : غلبة الهوى على النفس، والخير : العصمة من المعاصي، قاله التستري.
الرابع : ما تحبون وما تكرهون، لنعلم شكركم لما تحبون، وصبركم على ما تكرهون، قاله ابن زيد.
قوله تعالى﴿ فِتْنَةً ﴾ فيه وجهان : أحدهما : اختباراً. الثاني : ابتلاء.
(والنبع في الصخرة الصماء منبته | والنخل ينبت بين الماء والعجل) |
أحدهما : أن المعنيّ بالإِنسان آدم، فعلى هذا في قوله :﴿ مِنْ عَجَلٍ ﴾ ثلاثة تأويلات :
أحدها : أي معجل قبل غروب الشمس من يوم١ الجمعة وهو آخر الأيام الستة، قاله مجاهد والسدي.
الثاني : أنه سأل ربه بعد إكمال صورته ونفخ الروح في عينيه ولسانه أن يعجل إتمام خلقه وإجراء الروح في جميع جسده، قاله الكلبي.
الثالث : أن معنى ﴿ من عجل ﴾ أي من طين، ومنه قول الشاعر :
والنبع في الصخرة الصماء منبته | والنخل ينبت بين الماء والعجل |
أحدها : يعني خلق الإِنسان عجولاً، قاله قتادة.
الثاني : خلقت العجلة في الإِنسان، ٢ قاله ابن قتيبة.
الثالث : يعني أنه خلق على حُب العجلة.
[ والعجلة ] تقديم الشيء قبل وقته، والسرعة تقديمه في أول أوقاته.
٢ هذا على أنه من المقلوب كقول الشاعر:
وبدا الصبح كأن غرته وجه الخليفة حين يمتدح.
(إن سليمى والله يكلؤها | ضنت بشيء ما كان يرزؤها) |
(ينادي بأعلى صوته متعوذاً | ليصحب منها والرماح دواني) |
إن سليمى والله يكلؤها | ضنت بشيء ما كان يرزؤها |
أحدها : يجارون، قاله ابن عباس. من قولهم : إن لك من فلان صاحباً، أي مجيراً، قال الشاعر :
ينادي بأعلى صوته متعوذاً | ليصحب منها والرماح دواني |
الثالث : ينصرون، وهو مأثور.
الرابع : ولا يصحبون من الله بخير، قاله قتادة.
أحدهما : رشْده : النبوة، حكاه ابن عيسى.
الثاني : هو أن هداه صغيراً، قاله مجاهد، وقتادة.
﴿ مِن قَبْلُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من قبل أن يرسل نبياً.
الثاني : من قبل موسى وهارون.
﴿ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : عالمين أنه أهل لإِيتاء الرشد.
الثاني : أنه يصلح للنبوة.
(جَّذذ الأصنام في محرابها | ذاك في الله العلي المقتدر) |
(ما الشعر إلا خطبةٌ من مؤلفٍ | لمنطق حق أو لمنطق باطل) |
جَّذذ الأصنام في محرابها | ذاك في الله العلي المقتدر |
﴿ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يشهدون عقابه، قاله ابن عباس.
الثاني : يشهدون عليه بما فعل، لأنهم كرهوا أن يعاقبوه بغير بينة، قاله الحسن وقتادة والسدي.
الثالث : يشهدون بما يقول من حجة، وما يقال له من جواب، قاله ابن كامل.
أحدهما : بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون فاسألوهم، فجعل إضافة الفعل إليهم مشروطاً بنطقهم تنبيهاً لهم على فساد اعتقادهم.
الثاني : أن هذا القول من إبراهيم سؤال إلزام خرج مخرج الخبر وليس بخبر، ومعناه : أن من اعتقد أن هذه آلهة لزمه سؤالها، فلعله فعله [ كبيرهم ] فيجيبه إن كان إلهاً ناطقاً.
وقوله :﴿. . . إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ﴾ أي يخبرون، كما قال الأحوص :
ما الشعر إلا خطبةٌ من مؤلفٍ | لمنطق حق أو لمنطق باطل |
أحدها : معناه أنها رجعوا إلى شِركهم بعد اعترافهم بالحق.
الثاني : يعني أنهم رجعوا إلى احتجاجهم على إبراهيم بقولهم :﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤلاءِ يَنطِقُونَ ﴾.
الثالث : أنهم نكسوا على رؤوسهم واحتمل ذلك منهم واحداً من أمرين : إما انكساراً بانقطاع حجتهم، وإما فكراً في جوابهم، فأنطقهم الله بعد ذلك بالحجة إذعاناً لها وإقراراً بها، بقولهم :﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلاءِ يَنطِقُونَ ﴾ فأجابهم إبراهيم بعد اعترافهم بالحجة.
قال أبو العالية : ولو لم يقل " وسلاماً " لكان بردها أشد عليه من حرها، ولو لم يقل " على إبراهيم " لكان بردها باقيا على الأبد.
٨٩ (لله نافلة الأفضل.} ٩
الثاني: أن النافلة الابن، حكاه السدي. الثالث: أنها الزيادة في العطاء. وفيما هو زيادة قولان: أحدهما: أن يعقوب هو النافلة، لأنه دعا بالولد فزاده الله ولد الولد، قاله ابن عباس وقتادة. الثاني: أن إسحاق ويعقوب هما جميعاً نافلة، لأنهما زيادة على ما تقدم من النعمة عليه، قاله مجاهد، وعطاء. قوله وجل: ﴿وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً﴾ فيه تأويلان: أحدهما: أنه القضاء بالحق بين الخصوم قاله ابن عيسى. الثاني: النبوة، قاله........ ﴿عِلْمَاً﴾ يعني فهماً. ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيةِ الَّتي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَآئِثَ﴾ وهي قرية سدوم. وفي الخبائث التي كانوا يعملونها قولان: أحدهما: اللواط. الثاني: الضراط ﴿ونجيناه﴾ قيل من قلب المدائن ورمي الحجارة.
أحدها : أن النافلة الغنيمة، قال لبيد :
لله نافلة الأفضل. ***
الثاني : أن النافلة الابن، حكاه السدي.
الثالث : أنها الزيادة في العطاء. وفيما هو زيادة قولان :
أحدهما : أن يعقوب هو النافلة، لأنه دعا بالولد فزاده الله ولد الولد، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني : أن إسحاق ويعقوب هما جميعاً نافلة، لأنهما زيادة على ما تقدم من النعمة عليه، قاله مجاهد وعطاء.
أحدهما : أنه القضاء بالحق بين الخصوم، قاله ابن عيسى.
الثاني : النبوة، قاله١.
﴿ عِلْمَاً ﴾ يعني فهماً.
﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيةِ الَّتي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبائِثَ ﴾ وهي قرية سدوم.
وفي الخبائث التي كانوا يعملونها قولان :
أحدهما : اللواط.
الثاني : الضراط٢ ﴿ ونجيناه ﴾ قيل من قلب المدائن ورمي الحجارة.
٢ أي كانوا يتضارطون في ناديهم ومجالسهم..
أحدهما : نصرناه عليهم بإجابة دعائه فيهم. الثاني : معناه خلصناه منهم بسلامته دونهم.
(متعلقة بأفناء البيوت | ناقشاً في عشا التراب) |
(يا جيد القصر نِعم القصر والوادي | وجيداً أهله من حاضر بادي) |
(توفي قراقره والوحش راتعه | والضب والنون والملاح والحادي) |
أحدهما : أنه ثواب من الله للداعي، ولا يجوز أن يكون غير ثواب.
والثاني : أنه استصلاح، فربما كان ثواباً وربما كان غير ثواب.
﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : من الغم بخطيئته.
الثاني : من بطن الحوت لأن الغم التغطية. وقيل : إن الله أوحى إلى الحوت ألاّ تكسر له عظماً، ولا تخدش له جلداً.
وحينما صار في بطنه : قال يا رب اتخذتَ لي١ مسجداً في مواضع ما اتخذها أحد.
وفي مدة لبثه في بطن الحوت ثلاثة أقاويل :
أحدها : أربعون يوماً.
الثاني : ثلاثة أيام.
الثالث : من ارتفاع النهار إلى آخره. قال الشعبي : أربع ساعات، ثم فتح الحوت فاه فرأى يونس ضوء الشمس، فقال : سبحانك إني كنت من الظالمين، فلفظه الحوت.
أحدهما : أنها كانت عاقراً فَجُعَِلَتْ ١ولوداً. قال الكلبي : وَلَدَتْ له وهو ابن بضع وسبعين سنة.
والثاني : أنها كانت في لسانها طول فرزقها حُسْنَ الخَلْقِ، وهذا قول عطاء، وابن كامل.
قوله تعالى :﴿. . . يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ أي يبادرون في الأعمال الصالحة، يعني زكريا وامرأته ويحيى.
﴿ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : رغباً في ثوابنا ورهباً من عذابنا.
الثاني : رغباً في الطاعات ورهباً من المعاصي.
والثالث : رغباً ببطون الأكف، ورهباً بظهور الأكف٢.
والرابع : يعني طمعاً وخوفاً.
ويحتمل وجهاً خامساً : رغباً فيما يسعون من خير، ورهباً مما يستدفعون من شر.
﴿ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني متواضعين، وهذا قول ابن عباس.
والثاني : راغبين راهبين، وهو قول الضحاك.
والثالث : أنه وضع اليمنى على اليسرى، والنظر إلى موضع السجود في الصلاة، حكاه النقاش.
٢ فالرغب من حيث هو طلب يحسن معه أن يوجه باطن كفه نحو المطلوب منه إذ هو موضع إعطاء، أو به يتملك، والرهب من حيث هو دفع مضرة يحسن معه طرح ذلك إشارة إلى توقيه بنفض اليد..
(فما رعشت يداي ولا ازْدَهاني | تواترهم إليَّ من الحِداب) |
٨٩ (فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِ} ٩
والثاني: معناه يسرعون، ومنه قول الشاعر:
(عسلان الذئب أمسى قارباً | برد الليل عليه فنسل) |
فما رعشت يداي ولا ازْدَهاني | تواترهم إليَّ من الحِداب |
أحدها : معناه يخرجون، ومنه قول امرئ القيس :
فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِ٢ ***
والثاني : معناه يسرعون، ومنه قول الشاعر٣ :
عسلان الذئب أمسى قارباً | برد الليل عليه فنسل |
أحدهما : هم يأجوج ومأجوج، وهذا قول ابن مسعود.
الثاني : أنهم الناس يحشرون إلى الموقف، وهذا قول مجاهد.
٢ صدر البيت: وإن تك قد ساءتك مني خليقة..
٣ البيت للنابغة الذبياني وقيل: هو للبيد كما في اللسان مادة عسل. يقال عسل عسلانا وعسلا إذا أعنق وأسرع. وقاربا: سائر ليلا..
(مستقبلين شمال الشام يضربنا | بحاصب كنديف القطن منثور) |
أحدها : أنها الطاعة لله تعالى، حكاه ابن عيسى.
والثاني : السعادة من الله، وهذا قول ابن زيد.
والثالث : الجنة، وهو قول السدي.
ويحتمل تأويلاً رابعاً : أنها التوبة.
﴿ أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴾ يعني عن جهنم. وفيهم ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم عيسى والعزير والملائكة الذين عُبِدوا من دون الله وهم كارهون وهذا قول مجاهد.
الثاني : أنهم عثمان وطلحة والزبير، رواه النعمان بن بشير عن علي بن أبي طالب.
الثالث : أنها عامة في كل من سبقت له من الله الحسنى.
وسبب نزول هذه الآية ما حكي أنه لما نزل قوله تعالى :﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دَونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ﴾، قال المشركون : فالمسيح والعزير والملائكة قد عُبِدُوا، فأنزل الله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مَّنَّا الْحُسْنَى أُولئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ١ ﴾ يعني عن جهنم، ويكون قوله :﴿ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ﴾ محمولاً على من عذبه ربه.
أحدها : أن الفزع الأكبر النفخة الأخيرة، وهذا قول الحسن.
والثاني : أنه ذبْحُ الموتِ، حكاه ابن عباس.
والثالث : حين تطبق جهنم على أهلها، وهذا قول ابن جريج.
ويحتمل تأويلاً رابعاً : أنه العرض في المحشر.
أحدهما : يعني في القرآن.
والثاني : في هذه السورة.
وفي قوله :﴿ لَبَلاَغاً لَّقُوْمٍ عَابِدِينَ ﴾ وجهان :
أحدهما : أنه بلاغ إليهم يَكُفُّهُم عن المعصية ويبعثهم على الطاعة.
الثاني : أنه بلاغ لهم يبلغهم إلى رضوان الله وجزيل ثوابه.
وفي قوله :﴿ عَابِدِينَ ﴾ وجهان :
أحدهما : مطيعين.
والثاني : عالمين.
أحدهما : الهداية إلى طاعة الله واستحقاق ثوابه.
الثاني : أنه ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال.
وفي قوله :﴿ لِلْعَالَمِينَ ﴾ وجهان :
أحدهما : من آمن منهم، فيكون على الخصوص في المؤمنين إذا قيل إن الرحمة الهداية.
الثاني : الجميع، فيكون على العموم في المؤمنين والكافرين إذا قيل إن الرحمة ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال.
مدنية كلها، وقال ابن عباس إلا أربع آيات مكيات، من قوله سبحانه ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول﴾ إلى آخر الأربع. وحكى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكية كلها إلا آيتين من قوله تعالى: ﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف﴾ وما بعدها، لأن ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ مدني و ﴿يا أيها الناس﴾ مكي. بسم الله الرحمن الرحيم
أحدهما : عنك.
والثاني : عن القرآن.
﴿ فَقُلْ آذَنْتَكُمْ عَلَى سَواءٍ ﴾ فيه سبعة تأويلات :
أحدها : على أمر بَيِّنٍ سَوِيّ، وهذا قول السدي.
والثاني : على مَهْل، وهذا قول قتادة.
والثالث : على عدل، وهذا قول الفراء.
والرابع : على بيان علانية غير سر، وهذا قول الكلبي.
والخامس : على سَواءٍ في الإِعلام [ لا ] يظهر لبعضهم ميلاً عن بعض، وهذا قول علي بن عيسى.
والسادس : استواء في الإِيمان به.
والسابع : معناه أن من كفر به فهم سواء في قتالهم وجهادهم، وهذا قول الحسن.
أحدهما : لعل تأخير العذاب فتنة لكم.
والثاني : لعل رفع عذاب الاستئصال فتنة لكم.
وفي هذه الفتنة ثلاثة أوجه :
أحدها : هلاك لكم.
والثاني : محنة لكم.
والثالث : إحسان لكم.
﴿ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : إلى يوم القيامة، وهذا قول الحسن.
والثاني : إلى الموت، وهذا قول قتادة.
والثالث : إلى أن يأتي قضاء الله تعالى فيهم.
أحدهما : عجّل الحكم بالحق.
الثاني : معناه افصل بيننا وبين المشركين بما يظهر به الحق للجميع، وهذا معنى قول قتادة.
﴿ وَرَبُّنَا الرَّحَمنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : على ما تكذبون، قاله قتادة.
والثاني : على ما تكتمون، قاله الكلبي.
وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالاً قرأ هذه الآية. والله أعلم.
سورة الأنبياء
سورةُ (الأنبياء) سورةٌ مكية، ذكَرتِ الكثيرَ من قِصص الأنبياء بغرضِ بيان دَوْرهم في نشرِ الاعتقاد الصحيح، والدعوةِ إلى الله، وكذا أبانت عن مقصدٍ آخرَ عظيم؛ وهو قربُ الحساب؛ كما دلَّتْ على ذلك مجموعةُ قِصَصِ الأنبياء المذكورة، وهذا ما أشارت إليه فاتحةُ السورة من قُرْبِ الحساب، وغفلةِ الناس عن ذلك، وفي ذلك دلائلُ كثيرة على وَحْدانية الله عز وجل، وتنزيهِه عن العبث.
ترتيبها المصحفي
21نوعها
مكيةألفاظها
1174ترتيب نزولها
73العد المدني الأول
111العد المدني الأخير
111العد البصري
111العد الكوفي
112العد الشامي
111* قوله تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]:
عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «آيةٌ في كتابِ اللهِ لا يَسألُني الناسُ عنها، ولا أدري أعرَفوها فلا يَسألوني عنها أم جَهِلوها فلا يَسألوني عنها؟! قيل: وما هي؟ قال: لمَّا نزَلتْ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، شَقَّ ذلك على أهلِ مكَّةَ، وقالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، فقامَ ابنُ الزِّبَعْرَى، فقال: ما شأنُكم؟ قالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، قال: وما قال؟ قالوا: قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، قال: ادعُوه لي، فدُعِيَ مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فقال ابنُ الزِّبَعْرَى: يا مُحمَّدُ، هذا شيءٌ لآلهتِنا خاصَّةً أم لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ؟ قال: «بل لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ عز وجل»، قال: فقال: خصَمْناه ورَبِّ هذه البَنِيَّةِ، يا مُحمَّدُ، ألستَ تزعُمُ أنَّ عيسى عبدٌ صالحٌ، وعُزَيرًا عبدٌ صالحٌ، والملائكةَ عبادٌ صالحون؟ قال: «بلى»، قال: فهذه النصارى يعبُدون عيسى، وهذه اليهودُ تعبُدُ عُزَيرًا، وهذه بنو مَلِيحٍ تعبُدُ الملائكةَ، قال: فضَجَّ أهلُ مكَّةَ؛ فنزَلتْ: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ} عيسى وعُزَيرٌ والملائكةُ {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]، قال: ونزَلتْ: {وَلَمَّا ضُرِبَ اْبْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]؛ وهو الضَّجيجُ». "شرح مشكل الآثار" للطَّحاويِّ (986).
قال الشيخُ السعديُّ رحمه الله في هذه الآيةِ: «ودخولُ آلهة المشركين النارَ: إنما هو الأصنامُ، أو مَن عُبِدَ وهو راضٍ بعبادته، وأما المسيح، وعُزَيرٌ، والملائكة، ونحوُهم ممَّن عُبِد من الأولياء: فإنهم لا يُعذَّبون فيها، ويدخلون في قوله: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ}؛ أي: سبَقتْ لهم سابقةُ السعادة في علمِ الله، وفي اللَّوْحِ المحفوظ، وفي تيسيرِهم في الدنيا لليُسْرى والأعمالِ الصالحة، {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا}؛ أي: عن النار، {مُبْعَدُونَ} فلا يدخُلونها، ولا يكونون قريبًا منها، بل يُبعَدون عنها غايةَ البُعْدِ؛ حتى لا يَسمَعوا حسيسَها، ولا يَرَوْا شخصَها». "تفسير السعدي" (ص531).
* سورة (الأنبياء):
سُمِّيتْ سورة (الأنبياء) بهذا الاسمِ؛ لحديثها عن الأنبياء، ودَوْرِهم في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.
* تُعَدُّ سورة (الأنبياء) من قديم ما تعلَّمه الصحابةُ من النبي صلى الله عليه وسلم:
عن عبد الرَّحمنِ بن يَزيدَ بن جابرٍ، قال: «سَمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ في (بَنِي إسرائِيلَ)، و(الكَهْفِ)، و(مَرْيَمَ)، و(طه)، و(الأنبياءِ): إنَّهُنَّ مِن العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلادي». أخرجه البخاري (4994).
قال أبو عُبَيدٍ: «قولُه: «مِن تِلَادي» : يعني: مِن قديمِ ما أخَذْتُ مِن القرآنِ؛ وذلك أنَّ هذه السُّوَرَ نزَلتْ بمكَّةَ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص247).
جاءت موضوعاتُ سورة (الأنبياء) على النحو التالي:
1. غفلة الناس عن الساعة، وإعراضهم عن القرآن (١-٦).
2. الإنذار بالوحي سمةٌ مشتركة بين الرسل عليهم السلام (٧-١٥).
3. دلائل الوَحْدانية والقدرة، وتنزيهُه تعالى عن العبث (١٦-٣٣).
4. المصير المحتوم، وعناية الله بخَلْقه (٣٤-٤٧).
5. دعوة الأنبياء (٤٨-٩١).
6. وَحْدة الملة، وعدل الجزاء (٩٢-١٠٦).
7. ختام سلسلة الأنبياء رحمةٌ مهداة (١٠٧- ١٢١).
ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /5).
لسورة (الأنبياء) مقصدانِ عظيمانِ:
* الأول: بيانُ معالمِ التوحيد، ودَوْر الأنبياء في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.
* والثاني: الاستدلال على تحقُّقِ الساعة وقُرْبِها، ولو بالموت، ووقوعِ الحساب فيها على الجليل والحقير؛ لأن مُوجِدَها لا شريكَ له يعُوقُه عنها، وهو مَن لا يُبدَّل القولُ لديه، والدالُّ على ذلك أوضَحَ دَلالةٍ: مجموعُ قِصَصِ جماعةٍ ممَّن ذُكِر فيها من الأنبياء عليهم السلام، ولا تستقلُّ قصةٌ منها استقلالًا ظاهرًا لجميع ذلك.
ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /5)، و"مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /268).