تفسير سورة الأنعام

تذكرة الاريب في تفسير الغريب

تفسير سورة سورة الأنعام من كتاب تذكرة الاريب في تفسير الغريب
لمؤلفه ابن الجوزي . المتوفي سنة 597 هـ

بربهم يعدلون أي يجعلون له عديلا من الحجارة
ثم قضى أ جلا وهو اجل الحياة الى الموتواجل مسمى عنده وهو الاجل بعد الموت الى البعثتمترون تشكون في الوحدانيه
وهو الله في السموات أي هو المعبود في السموات وفي الارض
انباء ما كانوا به يستهزءون الانباء الاخبار والمعنى سيعلمون عاقبة استهزائهم
والقرن مقدار التوسط في اعمار ذلك الزمانوالسماء المطرومدرارا كثيرة الدر
لقضي الامر والمعنى لو عاينوا الملك ولم يؤمنوا هلكوا
لجعلناه رجلا أي في صورة رجل وللبسنا أي ولخلطنا عليهم ما يخلطون على انفسهم حيى يشكوا ولا يدرون املك هو ام ادمي
حاق احاط ونزلما كانوا به يستهزءون وهو العذاب
وله ما سكن أي وما تحرك فاختصر
فاطر خالق
أي شيىء أكبر شهادة أي أعظم فاذا أجابوك والا فقيل الله والمعنى قد شهد لك بنبوتكومن بلغ المعنى ومن بلغ اليه القران فانا نذير له
يعرفونه يعني النبي صلا الله عليه وسلم
ثم لم تكن فتنتهم أي بليتهم التي الزمتهم الحجه وزادتهم لائمه ووجه فتنتهم بهذا انهم كذبوا فيما قد كانوا يعرفونه من الشرك
وضل عنهم أي ذهب عنهم ما كانوا يدعون ان الاصنام شركاء وشفعاء
الاكنه جمع كنان وهو الغطاءوالوقر ثقل السمعأساطير ما سطر من اخبار الاولين وكذبهم
وهم ينهون عنه كان ابو طالب ينهى عن اذاه وينأى عن الايمان به
بل بدا لهم بنطق الجوارح ما كانوا يخفون من قبل بالسنتهم
اليس هذا البعث بالحق
فرطنا فيها أي في الدنيا
ليحزنك الذي يقولون يعني الكفر الله والتكذيب بالنبي صلا الله عليه وسلمفانهم لا يكذبونك بحجة وانما هو عناد
ولا مبدل لكلمات الله أي لحكم كلماته وقد حكم بقوله لاغلبن انا ورسلي
والنفق السرب والسلم المصعد
انما يستجيب الذين أي يجيبك الذين يسمعون سماع قبول والموتى يبعثهم الله أي لا يستجيبون حتى يبعثهم الله فضربهم مثلا للكفار
ولولا أي هلاوارادوا بالايه مثل ايات الانبياءالا امم امثالكم أي بعضها يفقه عن بعض بما ركب فيها فلذلك ركبت الافهام في المشركين ليتدبروا الحججما فرطنا أي ما تركنا من شيء الى وقد بيناه في القران والمراد بالشيء الذي يحتاج الى معرفته وذلك مبين في القران اما نصا واما مجملا واما دلاله
قل ارأيتكم أحبروني
الى أمم من قبلك المعنى ارسلنا اليهم رسلا فخافوهمفاخذنا بالباساء وهي الفقر والضراء نقص الاموال والانفس
ذكروا وعظوا به والملبس الساكت المتحيل
ودابرهم الذي يتخلف في ادبارهم والمعنى استؤصلوا
فتنا بعضهم ابتلينا الغني بالفقيرليقولوا يعني الكبراء أهؤلاء يعنون الفقراء من الله عليهم من بيننا بالهدى
مفاتيح الغيب قال النبي صلى الله عليه وسلم هن خمس لا يعلم متى تقوم الساعه الا الله ولا يعلم ما تغيض الارحام الا الله ولا يعلم ما في غد الا الله ولا تعلم نفس باي ارض تموت ولا يعلم متى ينزل الغيث الا الله
جرحتم كسبتمثم يبعثكم يوقظكم فيه في النهارليقضي اجل مسمى أي لتبلغوا الاجل المسمى لانقطاع حياتكم
او يلبسكم يخلط امركم حتى تكونوا شيعا أي فرقا مختلفين ويذيق بعضكم باس بعض أي يقتل بعضكم بيد البعض
لكل نبا مستقر أي خبر يخبرالله به وقت يقع فيه
يخوضون في اياتنا بالتكذيب والاستهزاءواما ينسينك المعنى تقعد معهم ناسيا نهينافقم اذا ذكرت
وما على الذين يتقون الشرك من حساب الخائضين شيء ولكن ذكرى أي عليهم ان يذكروهم
اتخذوا دينهم لعبا وهم اليهود والنصارىوذكر به أي عظ بالقرانان تبسل نفس أي لئلا تبسل أي تسلم الى الهلكه
ونرد على اعقابنا أي نرجع الى الكفر فنكون كالذي استهوته الشياطين أي هوت به وذهبت فضل في الارض في حال حيرتة و له اصحاب على الطريق يدعونه هلم الينا وهو يابى
ويوم يقول أي اذكر يوم يقول لذلك اليوم كن وهو يوم القيامهوالصور قرن ينفخ فيهوالشهادة ما يشهده الخلق
آزر لقب ابي ابراهيم واسمه تارخ
وكذلك أي وكما اريناه البصيرة في دينه نريه ملكوت السموات والارض أي ملكها
جن عليه الليل سترهقال هذا ربي أي في زعمكمأفل غاب
وجهت وجهي للذي أي جعلت قصدي
وحاجة جادلةولا اخاف ما تشركون به أي اصنامكمالا ان يشاء ربي شيئا فله اخاف
وكيف اخاف اصنامكم العاجزة وانتم لا تخافون القادرفاي الفريقين احق بان يامن العذاب الموحد ام المشرك ثم بين الاحق بقولهالذين امنوا ولم يلبسوا يخلطوا بظلم بشرك
وتلك حجتنا ما جرى بينه وبين قومه من الاستدلال على حدوث الكواكب والقمر والشمس
ومن ذريته يعني نوحا
واجتبياهم أي اصطفيناهم
ولو اشركوا يعني الانبياء
فان يكفر بها أي بالايات هؤلاء وهم كفار مكة فقد وكلنا بها أي بالاياتقوما وهو المهاجرون والانصار
وما قدروا الله أي عظموه وهم اهل الكتابيجعلونه قراطيس أي في قراطيس
ام القرى مكةيؤمنون به أي بالقران
سانزل مثل ما انزل الله أي ساقول وهذا جواب لقولهم لو نشاء لقلنا مثل هذاباسطوا ايديهم لقبض ارواحهنالهون الهوان
انهم فيكم أي عندكم شركاءبينكم وصلكم فالذي يزعمون شفاعة الهتهم
الاصباح والصبح واحد قاله الزجاجسكنا أي تسكنون فيه سكون راحةالحسبان الحساب فهما يجريان بحساب ويرجعان الى زيادة ونقصان
فمستقر في الارحام ومستودع في الاصلاب
فاخرجنا منه أي من النباتحبا متراكبا كالسنبلوالقنوان عذوق النخلمشتبها في المنظر وغير متشابهة في الطعموينعه نضجه وبلوغه
وجعلوا لله أي وصفوا لله شركاء الجن أي جعلوا الجن شركاء قال قتادة قالوا الملائكة بنات الله وخلقهم أي الله خلق الجن فكيف يكون شريكه مخلوقاوخرقوا أي اختلفوا له بنين كقول اليهود عزير ابن الله وقول النصارى المسيح ابن الله وقول مشركي العرب الملائكة بنات الله
ولا تدركه الابصار أي لا تحيط به
قد جاءكم أي قد جاءكم القران الذي فيه البيان
وليقولوا دارست أي ذاكرت اهل الكتاب
ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله وهي الاصنام فيسبوا من امركم فيعود ذلك الى الله تعالىعدوا أي ظلما
وما يشعركم انها من كسر الالف فالخطاب بما يشعركم للمشركين والمعنى وما يدريكم انكم تؤمنون اذا جاءت وانها مكسورة على الاستئناف والاخبار عن حالها ومن فتح الالف فالخطاب بما يشعركم للنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وانها بمعنى لعلها وقال الفراء لا صلة
ونقلب افئدتهم نحولها والمعنى لو اتيناها باية لقلبنا افئدتهم عن الايمان بها عقوبة لهم كما لم يؤمنوا به أي بالقران اول مرة في الدنيا
قبلا صفا صفا
ويوحي بعضهم الى بعض يوسوس زخرف القول أي ما زين منه والمعنى زين بعضهم لبعض الاعمال القبيحة
ولتصغي اليه أي لتميل اليه الى الزخرف
ظاهر الاثم الزنا وباطنه الاستسرار به
وانه يعني الاكل لفسقليوحون أي يوسوسون الى اوليائهم الكفار ليجادلوكم في الميتة فيقولون اتاكلون ما قتلتم ولا تاكلون ما قتل اللهوان اطعتموهم في استحلال الميتة
او من كان ميتا والمراد به حمزة وقيل عمر وقيل عمار والمعنى كان ضالا فهديناهوالنور الهدىكمن مثله أي كمن هو و المثل صلةوالظلمات الكفر وهو ابو جهل
اكابر مجرميها المعنى جعلنا في كل قرية مجرميها اكابرهم العظماءوالمكر الخديعة والحيلة وكان المشركون قد اجلسوا قوما على الطريق يقدحون في النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون شاعر كاهن ليصدوا عن الايمان به
مثل ما اوتي رسل الله يعنون حتى يوحي الينا بان محمدا صادقصغار وهو اشد الذل عند الله أي ثابت لهم عند الله
انما يصعد في السماء أي كانه اذا دعي الى الاسلام قد كلف صعود السماء من ثقله عليهوالرجس العذاب
دار السلام الجنة والسلام من اسماء الله تعالى
قد استكثرتم من الانس أي من اغوائهمربنا استمتع بعضنا ببعض استمتاع الجن بالانس طاعتهم لهم فيما يغرونهم به من المعاصي واستماع الانس بالجن ان الجن زينت لهم الشهوات حتى سهل عليهم فعلهاوبلغنا اجلنا وهو الموتخالدين فيها مذ يبعثون الا ما شاء الله من مقدار الحشر والحساب
وشهدوا على انفسهم أي اقروا حين نطقت جوارحهم انهم كانوا كافرين
ولكل درجات لكل عامل منازل يبلغها بعمله ان خيرا فخيرا وان شرا فشرا وانما قيل درجات لتفاضلها في الارتفاع والانحطاط
على مكانتكم أي على مواضعكم والمعنى على ما انتم عليه وهذا وعيد والمعنى ان رضيتم بالعذاب فاقيموا على حالكم وقيل هذا منسوخ باية السيف و عاقبة الدار الجنة
وذرا خلقوالحرث الزرع وكانوا اذا زرعوا خطوا خطا فقالوا هذا لله وهذا لالهتنا فاذا حصدوا ما جعلوه لله فوقع منه شيء فيما هو للاصنام قالوا هو غني فاذا وقع مما هو للاصنام فيما هو لله اعادوه وقالوا هي فقيرة وكانوا يجعلون من الانعام شيئا لله فاذا ولدت اناثا ميتا اكلوه وان وجد ذلك في انعام الهتهم عظموه ان ياكلوه
شركاؤهم الشياطين زينوا لهم واد البناتليردوهم أي ليهلكوهم وليلبسوا أي ليخلطوا
حجر أي حرام والمعنى انهم حرموا انعاما وهي البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وحرثا جعلوه لاصنامهموانعام حرمت ظهورها يعني الحامي وانعام لا يذكرون اسم الله عليها وهي قربان الهتهم
ما في بطون هذه الانعام المحرمات من الاجنة واللبنوان يكن ما بطونها ميتة اشترك فيها الرجال والنساءسيجزيهم وصفهم أي جزاء وصفهم الكذب
معروشات كالكرم والبطيخ وغير معروشات ما قام على ساق كالنخل والاشجارولا تسرفوا وهو الانفاق في المعصية
وحمولة وهو ما يحمل عليه من الابل والفرش صغارهاوخطوات الشيطان طرقه
ثماني ازواج أي افرادالذكرين من الضان والمعز حرم او اثنيين والمعنى ام كان حرم الذكرين فكل الذكور حرام وان كان حرم الانثيين فكل الاناث حرام وان كان حرم ما اشتملت عليه الارحام الانثيين فهو يشتمل على الذكور والاناث فيكون كل جنين حراما وهذا رد عليهم فيما حرموه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وفيما احلوه بقولهم خالصة لذكورنا
الدم المسفوح المصبوبوالرجس ما يستقذراو فسقا او ان يكون الملكول فسقا اهل أي رفع الصوت على ذبحه باسم غير الله
كل ذي ظفر وهو ما ليس بمنفرج الاصابع كالابل والنعام والاوز والبطوالحوايا اسم يجمع ما تحوي من الامعاء أي استدار فما تحمله الحوايا او ما اختلط بعظم فهو مباح
لو شاء الله ما اشركنا أي لو لم يرض شركنا حال بيننا وبينه فتعلقوا بالمشيئة وتركوا الامر ومشيئة الله تعالى تعم الكائنات وامره لا يعم مراداته فليس للانسان ان يتعلل بالمشيئة بعد ورود الامرهل عندكم من علم في تحريم ما حرمتمتخرسون تكذبون
الا تشركوا لا زائدةوالاملاق الفقروالفواحش كل ما عظم وظاهرها علانيتها وباطنها سرها
الا بالتي هي احسن وهو حفظه الى حين تسليمهوالاشد تناهي الشباب الى حد الرجال وهو البلوغولو كان يعني المشهود له او عليه ذا قرابة
السبل الضلالة فتفرق بكم عن سبيله أي تضلكم عن دينه
ثم اتينا موسى الكتاب أي كنا قد اتينا موسى الكتاب وهو التوراة تماما لكرامته على احسانه في الدنيا
ان تقولوا لئلا تقولوا والخطاب لاهل مكةعلى طائفتين وهم اليهود والنصارىوان كنا عن دراستهم لغافلين لا نعلم ما هي لان كتبهم ليست بلغتنا
لكنا اهدى منهم لموضع اذهاننا وافهامناوصدف اعرض
ينظرون ينتظرون الملائكة تقبض ارواحهمبعض ايات ربك طلوع الشمس من مغربها
فرقوا دينهم اليهود والنصارىالشيع الفرقلست منهم في شيء أي انت بريء منهم
قيما مستقيما
والنسك جمع نسيكة وهي الذبائح ومقصود الاية افعالي واحوالي لله لا لغيره كما انتم تشركون
خلائف جمع خليفة بعضهم يخلف بعضا
سورة الأنعام
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

لم تَحْتَوِ سورةُ (الأنعام) على كثيرٍ من الأحكام الشَّرعية كأخواتِها من السُّوَر الطِّوال؛ بل اهتمَّت بتحقيقِ مقصدٍ عظيم؛ وهو (توحيدُ الألوهية، وتثبيتُ مسائلِ العقيدة)، وكما قال أبو إسحاقَ الأَسْفَرَائينيُّ: «في سورةِ الأنعام كلُّ قواعدِ التوحيد»؛ فقد رسَمتِ السورةُ معالمَ على طريق الهداية، ذاكرةً قصَّةَ إبراهيمَ في البحث عن الحنيفيَّةِ الخالصة بما حَوَتْهُ من حُجَجٍ عقلية، وبراهينَ قاطعة؛ فعنايةُ السورة بالعقيدة كانت واضحةً جليَّة؛ لكي يُحقِّقَ العبدُ ما افتُتحت به السورةُ: {اْلْحَمْدُ لِلَّهِ اْلَّذِي خَلَقَ اْلسَّمَٰوَٰتِ وَاْلْأَرْضَ} [الأنعام: 1].

ترتيبها المصحفي
6
نوعها
مكية
ألفاظها
3055
ترتيب نزولها
55
العد المدني الأول
167
العد المدني الأخير
167
العد البصري
166
العد الكوفي
165
العد الشامي
166

* قوله تعالى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلْغَدَوٰةِ وَاْلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٖ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٖ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ اْلظَّٰلِمِينَ﴾ [الأنعام: 52]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه، قال: «فِيَّ نزَلتْ: ﴿وَلَا تَطْرُدِ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلْغَدَوٰةِ وَاْلْعَشِيِّ [الأنعام: 52].

قال: نزَلتْ في ستَّةٍ؛ أنا وابنُ مسعودٍ منهم، وكان المشركون قالوا له: تُدْني هؤلاء؟!».

وفي روايةٍ: «كنَّا مع النبيِّ ﷺ في ستَّةِ نفَرٍ، فقال المشركون للنبيِّ ﷺ: اطرُدْ هؤلاء؛ لا يَجترِئون علينا!

قال: وكنتُ أنا وابنُ مسعودٍ ورجُلٌ مِن هُذَيلٍ وبلالٌ ورجُلانِ لستُ أُسمِّيهما، فوقَعَ في نفسِ رسولِ اللهِ ﷺ ما شاءَ أن يقَعَ، فحدَّثَ نفسَهُ؛ فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا تَطْرُدِ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلْغَدَوٰةِ وَاْلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٖ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٖ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ اْلظَّٰلِمِينَ﴾ [الأنعام: 52]». أخرجه مسلم (٢٤١٣).

* قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اْسْمُ اْللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: 121]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاءت اليهودُ إلى النبيِّ ﷺ، فقالوا: نأكلُ ممَّا قتَلْنا، ولا نأكلُ ممَّا قتَلَ اللهُ؟ فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اْسْمُ اْللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: 121] إلى آخِرِ الآيةِ». أخرجه أبو داود (٢٨١٩).

* قوله تعالى: ﴿مَن جَآءَ بِاْلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشْرُ أَمْثَالِهَاۖ﴾ [الأنعام: 160]:

صحَّ عن أبي ذَرٍّ الغِفَاريِّ رضي الله عنه أنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «مَن صامَ ثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ، فذلك صيامُ الدَّهْرِ؛ فأنزَلَ اللهُ تصديقَ ذلك في كتابِهِ: ﴿مَن جَآءَ بِاْلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشْرُ أَمْثَالِهَاۖ﴾ [الأنعام: 160]؛ فاليومُ بعشَرةِ أيَّامٍ». أخرجه الترمذي (٧٦٢).


سُمِّيتْ سورةُ (الأنعام) بذلك؛ لأنَّها السورةُ التي عرَضتْ لذِكْرِ (الأنعام) على تفصيلٍ لم يَرِدْ في غيرها من السُّوَر.

* جاء في فضلِ سورة (الأنعام): أنَّها نزَلتْ وحولها سبعون ألفَ مَلَكٍ يُسبِّحون:

دلَّ على ذلك ما رواه ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ سورةُ الأنعامِ بمكَّةَ ليلًا جُمْلةً، حولَها سبعون ألفَ مَلَكٍ، يَجأرون حولها بالتَّسْبيحِ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلَّام (ص240)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في "عمدة التفسير" (1/761).

وقريبٌ منه ما جاء عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «نزَلتْ سورةُ الأنعامِ على النَّبيِّ ﷺ ومعها مَوكِبٌ مِن الملائكةِ سَدَّ ما بين الخافِقَينِ، لهم زَجَلٌ بالتَّسْبيحِ والتَّقْديسِ، والأرضُ تَرتَجُّ، ورسولُ اللهِ ﷺ يقولُ: سُبْحانَ اللهِ العظيمِ، سُبْحانَ اللهِ العظيمِ». "المعجم الأوسط" للطبراني (٦٤٤٧).

اشتمَلتِ السُّورةُ على عِدَّة موضوعات جاءت مُرتَّبةً كالآتي:

الاستفتاح بالحمد، وخَلْق الإنسان وبَعْثه (١-٣).

إعراض المشركين (٤-١١).

مع الله حُجَج بالغة (١٢-٢٠).

في موقف الحشر (٢٢-٣٢).

تسليةٌ وتثبيت (٣٣-٣٥).

لماذا الإعراض؟ (٣٦-٤١).

سُنَنٌ ربانية (٤٢-٤٧).

مهمة الرسل عليهم السلام (٤٨- ٥٨).

مفاتيح الغيب (٥٩-٦٧).

تجنُّب مجال الخائضين (٦٨-٧٠).

معالمُ على طريق الهداية (٧١-٧٣).

قصة إبراهيمَ عليه السلام (٧٤-٩٠).

الاحتجاج على منكِري البعث (٩١-٩٤).

من دلائلِ القدرة (٩٥-٩٩).

الرد على مزاعمِ المشركين، وتقرير العقيدة (١٠٠-١٠٥).

منهج التعامل مع المشركين (١٠٦-١٠٨).

تعنُّتٌ وإصرار (١٠٩-١١١).

الإعلام المضلِّل وموقف الإسلام منه (١١٢-١١٤).

قواعدُ وأصول في العقيدة والدعوة (١١٥-١١٧).

قواعد وأصول في التحليل والتحريم (١١٨-١٢١).

من مظاهرِ الصُّدود وأسبابه (١٢٢-١٢٦).

وعدٌ ووعيد (١٢٧-١٣٥).

من جهالات المشركين (١٣٦-١٤٠).

حُجَجٌ باهرة، ونِعَمٌ ظاهرة (١٤١-١٥٠).

الوصايا العَشْرُ (١٥١-١٥٣).

من مشكاةٍ واحدة (١٥٤-١٥٧).

وماذا بعد الحُجَج؟ (١٥٨-١٦٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (2 /393).

أُقيمت هذه السُّورةُ على مقصدٍ عظيمٍ جدًّا؛ ألا وهو (تحقيق التَّوحيد)؛ وذلك بإشعار الناس بأنَّ حقَّ الحمد ليس إلا للهِ؛ لأنَّه مُبدِعُ العوالِمِ: جواهرَ وأعراضًا؛ فعُلِم أنه المتفرِّدُ بالإلهيَّة، وأنَّ الأصنامَ والجِنَّ تأثيرُها باطلٌ؛ فالذي خلَق الإنسانَ ونظامَ حياته وموته بحِكْمته هو المستحِقُّ لوصفِ الإلهِ المتصرِّف. وجاءت السورةُ بتنزيه اللهِ عن الولَدِ والصاحبة، وكما قال أبو إسحاقَ الأَسْفَرَائينيُّ: «في سورةِ الأنعامِ كلُّ قواعدِ التوحيد». واشتمَلتِ السورةُ على موعظة المُعرِضين عن آياتِ القرآن والمكذِّبين بالدِّين الحقِّ، وتهديدِهم بأن يحُلَّ بهم ما حَلَّ بالقرونِ المكذِّبين من قبلِهم والكافرين بنِعَمِ الله تعالى، وأنَّهم ما يضُرُّون بالإنكارِ إلا أنفسهم، ووعيدِهم بما سيَلقَون عند نزعِ أرواحهم، ثم عند البعثِ.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (7 /123).