تفسير سورة الأنبياء

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الأنبياء من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لمَّا أوهمهم بالتربص، أخبرهم بقرب الموعدِ، فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * ٱقْتَرَبَ ﴾: قَربَ ﴿ لِلنَّاسِ ﴾: الكفار.
﴿ حِسَابُهُمْ ﴾: بالنسبة إلى ما مضى، أو عند الله تعالى ﴿ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ﴾: عنه ﴿ مُّعْرِضُونَ ﴾: عن التأهب له.
﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ ﴾: طائفة من القرآن.
﴿ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ ﴾: تنزيله لتكرير عظتهم ﴿ إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾: يستهزءون به ﴿ لاَهِيَةً ﴾: ذاهلة وطالبة للهو.
﴿ قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ﴾: بالغوا في إخفائها.
﴿ ٱلَّذِينَ ﴾: بدل من الواو.
﴿ ظَلَمُواْ ﴾: قائلين: ﴿ هَلْ ﴾ ما ﴿ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾: فرسالته محال ومعجزته سحر.
﴿ أَفَتَأْتُونَ ﴾: تتبعون.
﴿ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾: أنه سحر.
﴿ قَالَ ﴾: أو قال الرسول ﴿ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ ﴾: كائنا ﴿ لْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴾: فلا يخفي عليهم نجواهم.
﴿ بَلْ قَالُوۤاْ ﴾: بعضهم هو ﴿ أَضْغَاثُ ﴾: أخاليطُ.
﴿ أَحْلاَمٍ ﴾: الرؤيا كما مرَّ، وبعضهم.
﴿ بَلِ ٱفْتَرَاهُ ﴾: وبعضهم.
﴿ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ﴾: كلامه شعري خيل إلى السامع معاني بلا حقيقة.
﴿ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ﴾: بها ﴿ ٱلأَوَّلُونَ ﴾: كالعصا ﴿ مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن ﴾: أهل ﴿ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ ﴾: بتكذيبهم ﴿ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ﴾: لو جئتهم بها فلا نأتي بها لئلا بها يستأصلوا كما مر.
﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ ﴾: رد لقولهم " هل هذا إلا بشر ".. إلى آخره ﴿ فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ ﴾: الكتاب.
﴿ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾: أن الرسل بشرٌ فالمشركون إن قالوا: لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه، لكن تواتر النقل يفيد العلم للكل.
﴿ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ ﴾: الرسل.
﴿ جَسَداً ﴾: جسما ذا لون أو تركيب ﴿ لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ ﴾: في الدنيا، والملكُ لصفائه منزهٌ عن اللون والتركيب والموت فيها.
﴿ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ ﴾: المؤمنين منهم، ومن في إبقائه حكمة كترقب إيمانه أو إيمان ذريته ﴿ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ ﴾: بتكذيبهم ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ ﴾: يا قريش ﴿ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ ﴾: عِظتكم أو وصيتكم.
﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾: فتؤمنوا ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا ﴾: كسرنا وأهلكنا ﴿ مِن ﴾: أهل.
﴿ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً ﴾: كأهل حنظلة -عليه السلام- إذ بعث إلى بعض أهل اليمن فقتلوه ﴿ وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا ﴾: مكانهم.
﴿ قَوْماً آخَرِينَ * فَلَمَّآ أَحَسُّواْ ﴾: أدركوا.
﴿ بَأْسَنَآ ﴾: شدة عذابنا إذْ سُلّط عليهم بختنصر فدمرهم ﴿ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴾: دوابهم يهربون بسرعة فتقول لهم الملائكة: ﴿ لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ ﴾: نُعّمتم.
﴿ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴾: من أموالكم فتمنعون من شئتم أو تشاورون في المهام " فلما رأوا بأسنا " العذاب.
﴿ قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ ﴾: هلاكنا كما مر.
﴿ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِلْكَ ﴾: المقالة.
﴿ دَعْوَاهُمْ ﴾: يدعون بها ﴿ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً ﴾: كزرع محصودٍ ﴿ خَامِدِينَ ﴾: ميتين.
﴿ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ ﴾: بل تبصرةً وتذكرةً لكم ﴿ لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً ﴾: ما يلهى به كالزوجة والولد.
﴿ لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ ﴾: ممَّا يليق بحضرتنا، لا مثل المسيح وأمه.
﴿ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾: لهوا.
﴿ بَلْ نَقْذِفُ ﴾: نرمي ﴿ بِٱلْحَقِّ ﴾: الذي من جملته الجد.
﴿ عَلَى ٱلْبَاطِلِ ﴾: الذي منه اللهو.
﴿ فَيَدْمَغُهُ ﴾: يمحقه، استعارة عن شق دماغ حيوان يرمى بشيءٍ صلب ﴿ فَإِذَا هُوَ ﴾: الباطل.
﴿ زَاهِقٌ ﴾: هالك.
﴿ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾: الله تعالى به مما لا يليق بعزته ﴿ وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُلاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ ﴾: في محل كرامته من الملائكة.
﴿ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ ﴾: يعيون.
﴿ يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ ﴾: إذ التسبيح لهم كالتنفس لنا ﴿ أَمِ ﴾: بل.
﴿ ٱتَّخَذُوۤاْ آلِهَةً ﴾: كائنةً ﴿ مِّنَ ٱلأَرْضِ ﴾: كالحجر.
﴿ هُمْ يُنشِرُونَ ﴾: يحيون الموتى، قل: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ ﴾: غير الله، وصف للتأكيد لا للتخصيص، ولا يجوز البدلية لأنه في موجب.
﴿ لَفَسَدَتَا ﴾: إشارة إلى برهان التمانع وتقريره: أن تعدد الألهين يستلزم إمكان تخالفهما، وإلاَّ لم يكونا أو أحدهما مختارا والإله يجب كونه مختارا، إمكان التخالف يستلزم إمكان أحد ثلاثة، إنجاح مراد كل منهما أو عدمه أو أحدهما فقط، والكل مُحالٌ لاجتماع النقيضين أو عجزهما، أو عجز أحدهما إمكان المحال محال.
﴿ فَسُبْحَانَ ﴾: تنزيه ﴿ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ ﴾: المحيط بجميع الأجسام.
﴿ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾: من الشريك.
﴿ لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ﴾: لتفرده بسلطانه ﴿ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾: فإنهم عبيدهُ ﴿ أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً ﴾: كرَّره استفظاعاً ﴿ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ ﴾: على ذلكَ ﴿ هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ ﴾: أُمتي يعني القرآن ﴿ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ﴾: الكتب السماوية، هل يجدون فيها إلا الأمر بالتوحيد.
﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ ﴾: لا يُميزون بينه وبين الباطل.
﴿ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ ﴾: عن التوحيد
﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ ﴾: وحدي ﴿ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً ﴾: كالملائكة.
﴿ سُبْحَانَهُ ﴾: عن ذلك ﴿ بَلْ ﴾: هم ﴿ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ﴾: عنده، وهذا ينافي الولادة، نبّه به على مدحهم.
﴿ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ ﴾: لا يقولون حتى يقول كالعبيد وأنتم تقولون عليه ما لم يقل.
﴿ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾: ما قدَّموا ﴿ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾: ما أَّخروا ﴿ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ ﴾: أن يشفعوا له.
﴿ وَهُمْ ﴾: مع كرامتهم ﴿ مِّنْ خَشْيَتِهِ ﴾: هي خوف مع تعظيم.
﴿ مُشْفِقُونَ ﴾: لما رأوا أمر إبليس وغيره والإنشفاق خوف مع اعتناء.
﴿ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ ﴾: فرضاٍ: ﴿ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ﴾: وهذا ينافي الولادة ﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ ﴾: المشركين.
﴿ أَوَلَمْ يَرَ ﴾: يعلم.
﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ ﴾: من أخبار كتب الله.
﴿ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا ﴾: أي: الجماعتان.
﴿ رَتْقاً ﴾: مرتوقتين، مسدودتين، أي: شي واحدا.
﴿ فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾: فصلنا بينهما بالهواء للإمطار والإنبات وغيره، أو المراد كل منهما، فجعل كُلا منهما سَبْعًا بالفتق.
﴿ وَجَعَلْنَا ﴾: خلقنا ﴿ مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾: من الحيوانات أو كل موجود بعضهم بلا واسطة، وبعضهم بواسطة كما بينه الحديث.
﴿ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾: جبالا.
﴿ رَوَاسِيَ ﴾: ثوابت كراهة ﴿ أَن تَمِيدَ ﴾: تميل.
﴿ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا ﴾: في الرواسي ﴿ فِجَاجاً ﴾: طُرقًا واسعةَ و ﴿ سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾: إلى مصالحهم ﴿ وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً ﴾: على الأرض.
﴿ مَّحْفُوظاً ﴾: من وقوعها عليها، أو من الشياطين ﴿ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا ﴾: الدالة على كمال قدرتنا ﴿ مُعْرِضُونَ * وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ ﴾: قدم لتقدم الظلمة على النور ﴿ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ ﴾: منهما.
﴿ فِي فَلَكٍ ﴾: أي: جنسه.
﴿ يَسْبَحُونَ ﴾: يسرعون على سطحه إسراع السابح جمع باعتبار المطالع أو نظراً إلى المعنى جمع العقلاء لأن السباحة فعلهم.
﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ ﴾: البقاء في الدنيا قيل: دل على موت الخضر، والأصح أنه إلياس سيموتان ولو بعد حين.
﴿ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ ﴾: فلم يقولون: نتربص به ريب المنون.
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ﴾: مرارة ﴿ ٱلْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم ﴾: نختبركم.
﴿ بِٱلشَّرِّ ﴾: كالمصائب ﴿ وَٱلْخَيْرِ ﴾: كالنعم ﴿ فِتْنَةً ﴾: امتحانا لننظر الصابر والشاكر وغيرهما ﴿ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾: فنجازيكم.
﴿ وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن ﴾: ما ﴿ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً ﴾: مهزوءا به قائلين: ﴿ أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ ﴾: أي: يعيب.
﴿ آلِهَتَكُمْ ﴾: فإن الذكر من العدو لوم كما أنه من الصديق ثناء.
﴿ وَهُمْ بِذِكْرِ ﴾: بصفات ﴿ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾: فهم أحق أن يهزأ بهم ﴿ خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ﴾: كالنضر بن حارث يتعجل بالعذاب هذا مبالغة لفرط استعجاله كخلقت من كرم.
﴿ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي ﴾: نقماتي في الدَّارين ﴿ فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ ﴾: بها.
﴿ وَيَقُولُونَ ﴾: استهزاء: ﴿ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ ﴾: عذاب القيامة الموعود.
﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾: أيها المؤمنون.
﴿ لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ ﴾: يَذَرُوْنَ ﴿ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ﴾: منهُ، أي: لو يعلمون الوقت الذي يتعجلونه لما استعجلوا.
﴿ بَلْ تَأْتِيهِم ﴾: عدتهم.
﴿ بَغْتَةً ﴾: فجأة.
﴿ فَتَبْهَتُهُمْ ﴾: تحيرهم.
﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾: يُمْهلُون ﴿ وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ ﴾: أحاط أو نزل ﴿ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ ﴾: من الأمم السالفة، جزاءً ﴿ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾: من العذاب، فهؤلاء مثلهم ﴿ قُلْ ﴾: للمستزئين: ﴿ مَن يَكْلَؤُكُم ﴾: يحفَظُكُمْ ﴿ بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ﴾: عذاب.
﴿ ٱلرَّحْمَـٰنِ ﴾: نبه بذكره على أن لا كاليء لهم إلا رحمته العامة.
﴿ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ ﴾: فكيف يخافونه حتى يسألوا عن كالئهم.
﴿ أَمْ ﴾: بل ﴿ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن ﴾: العذاب من.
﴿ دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ ﴾: الآلهة.
﴿ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ ﴾: بالنصر، فكيف ينصرون غيرهم.
﴿ بَلْ ﴾: سبب غرورهم أنا.
﴿ مَتَّعْنَا هَـٰؤُلاۤءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ ﴾: فقست قلوبهم ﴿ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ ﴾: أرضهم ﴿ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ ﴾: بتسليط المسلمين.
﴿ أَفَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ ﴾: أم المؤمنين؟ ﴿ قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ ﴾: من الله.
﴿ وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ ﴾: أي: أنتم مثلهم، والتقييد لأن الكلام في الإنذار.
﴿ وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ ﴾: أدنى رائحة.
﴿ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ ﴾: كما مرَّ ﴿ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾: فكيف بسوط عذابنا ﴿ وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ﴾: كما في الأعراف أو ﴿ ٱلْقِسْطَ ﴾: العدل، فيه مبالغة.
﴿ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ﴾: فيه.
﴿ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ﴾: من الظلم ﴿ وَإِن كَانَ ﴾: العمل.
﴿ مِثْقَالَ ﴾: زنة ﴿ حَبَّةٍ ﴾: جُزْء من ثمانية وأربعين ﴿ مِّنْ خَرْدَلٍ ﴾: يعني أقل قليل.
﴿ أَتَيْنَا بِهَا ﴾: أحضرناها للجزاء، أنث للمضاف إليه.
﴿ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ﴾: لكمال عدلنا وعلمنا ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ ﴾: كتابا فارقا بين الحق والباطل ﴿ وَضِيَآءً ﴾: للقلوب.
﴿ وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ * ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ ﴾: القيامة ﴿ مُشْفِقُونَ * وَهَـٰذَا ﴾: القرآن.
﴿ ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ ﴾: كثير الخير.
﴿ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ ﴾: يا قريشُ ﴿ لَهُ مُنكِرُونَ ﴾: استفهام توبيخ
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ ﴾: هدى مثله، أفهم به عظمته.
﴿ مِن قَبْلُ ﴾: محمد أو بلوغه ﴿ وَكُنَّا بِهِ ﴾: بأنه أهل له.
﴿ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ ﴾: الصورة بلا روح.
﴿ أَنتُمْ لَهَا ﴾: على عبادتها ﴿ عَاكِفُونَ ﴾: مقيمون.
﴿ قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴾: فقلدناهم ﴿ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * قَالُوۤاْ ﴾: استبعادا لهذا: ﴿ اْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ * قَالَ ﴾: لا لعب.
﴿ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ ﴾: اخترعهنَّ ﴿ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ ﴾: التوحيد.
﴿ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ ﴾: المتحققين.
﴿ وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ﴾: بكسرها ﴿ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ ﴾: عنها.
﴿ مُدْبِرِينَ ﴾: إلى عيدكم، قاله سرًّا فسمعه واحد وأفشاه فتولوا إلى عيدهم ﴿ فَجَعَلَهُمْ ﴾: الأصنام.
﴿ جُذَاذاً ﴾: مجذوذا مقطوعا.
﴿ إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ ﴾: من ذهب وعلق الفأس على عنقه.
﴿ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ ﴾: إلى كبيرهم.
﴿ يَرْجِعُونَ ﴾: فيعتقدونه كاسرهنَّ أو إلى إبراهيم فيبكتهم، فلما انصرفوا.
﴿ قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ * قَالُواْ ﴾: هو الذي سمع مقالته: ﴿ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ ﴾: يعيبهم كما مرَّ ﴿ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾: يسمى به فهذا فعله ﴿ قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ ﴾: بمرأى منهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴾: عذابه أو عليه بفعله. فلما أتوا به ﴿ قَالُوۤاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يٰإِبْرَاهِيمُ * قَالَ ﴾: استهزاء أو تبكيتا أو إخبارا معلقا بالنطق، أو تم الخبر بقوله: ﴿ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ ﴾: مبتدأٌ، خبرهُ ﴿ هَـٰذَا ﴾: ولا ينافي حديث كذبة الثلاثة إذ أراد أنَّ صُورته صورته ﴿ فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ * فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ ﴾: بالتفكر.
﴿ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ ﴾: بعبادتهم ﴿ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ ﴾: اعوجُّوا بعدما استقاموا استعارة من المنتكس قائلين: ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ ﴾: فكيف نسألهم.
﴿ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً ﴾: إن عبدتمهو.
﴿ وَلاَ يَضُرُّكُمْ ﴾: إن تركتموه ﴿ أُفٍّ ﴾: نتناً وقبحاً ﴿ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾: قبحه، فلما عجزوا عن جوابه ﴿ قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ ﴾: بإهلاكه.
﴿ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾: نصرتهم قاله رجل من الأكراد اسمه " هَيْزَن " وخسف به الأرض، فلما أوقدوا نارا لم ير مثلها ورموه فيها بالمنجنيق.
﴿ قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً ﴾: فصارت باردة بالنسبة إليه مضيئة ﴿ وَسَلَٰماً ﴾: قيد به، وإلا لهلك ببردها.
﴿ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴾: قيد به، وإلا لما أحرقت نار بعدها، ثم مكث فيها خمسين يوما وهو ابن ست عشر، وما أحرقت إلا وثاقه، فإنه من السلام أيضاً.
﴿ وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ ﴾: فصار سعيهم برهانا على بطلانهم.
﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً ﴾: من العراق.
﴿ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا ﴾: ببعثه أكثر الأنبياء وكثرة الأشجار والأنهار فيها.
﴿ لِلْعَالَمِينَ ﴾: يعني الشام.
﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ﴾: عطيةً أو ولد ولدٍ أو زيادة على ما سأل ﴿ وَكُلاًّ ﴾: منهم.
﴿ جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴾: الكاملين في الصلاح ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ ﴾: الناس.
﴿ بِأَمْرِنَا ﴾: بديننا.
﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ ﴾: بأن يحثوا على فعلها.
﴿ وَإِقَامَ ﴾: إقامة.
﴿ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ * وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً ﴾: نبوةً ﴿ وَعِلْماً ﴾: بما ينبغي للأنبياء.
﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ ﴾: أي: أهلها.
﴿ ٱلْخَبَائِثَ ﴾: كاللّواطة والتضارط في مجالسهم.
﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُ ﴾: بإنجائه ﴿ فِي ﴾: أهل ﴿ رَحْمَتِنَآ إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ * و ﴾: اذكر.
﴿ وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ ﴾: قبل المذكورين بقوله:﴿ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ ﴾]سورة القمر: ١٠[ ﴿ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ ﴾: أذى قومه، بالغرق ﴿ وَنَصَرْنَاهُ ﴾: جعلناه منتصراً ﴿ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * وَ ﴾: اذكر ﴿ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ ﴾: الزرع أو الكرم.
﴿ إِذْ نَفَشَتْ ﴾: رعت ليلاً بلا راع فيه ﴿ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ ﴾: فأفسدته ﴿ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ﴾: جمع باعتبارهما مع المتحاكمين ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا ﴾: الحكومة.
﴿ سُلَيْمَانَ ﴾: وهو ابن إحدى عشر سنة، فإنَّ داود حكم بالغنم لصاحب الكرم كحكم الحنفية في العبد الجاني أن يدفعه سيده بها أو يفديه، وسليمان بأن يدفع الكرم إلى صاحب الغنم ليقوم عليه حتى يعود كما كان، ودفع الغنم إلى صاحب الكرم ينتفع بها إلى يومئذ، ثم يأخذ كل منهما ماله كحكم الشافعي بغرم الحيلولة في مغصوب آبق، فرجع داود إليه، وهما حكما اجتهادا، أوحكمه في شرعنا ضمان المتلف بالليل لا النهار عند الشافعي لقصة ناقة البراء وعدم الضَّمان ألاَّ أن يكون معها حافظ لحديث" جُرْحُ العَجْمَاء جُبَار "أي: هدر ﴿ وَكُلاًّ ﴾: منهما ﴿ آتَيْنَا حُكْماً ﴾: نبوة.
﴿ وَعِلْماً ﴾: أفهم أن خطأ المجتهد لا يقدح فيه لا أن كل مجتهد مصيب لمنافاته مع فهمنا ﴿ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ ﴾: الله تعالى، معه لينشط كالحصى في كف نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
﴿ وَٱلطَّيْرَ ﴾: كذلك.
﴿ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾: لأمثاله، فلا بدع.
﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ ﴾: درع.
﴿ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ ﴾: تَقِيْكُم ﴿ مِّن بَأْسِكُمْ ﴾: حَرْبكم، قيل: كان لبوسهم صفائح، وهو حلقها وسَرْدها ﴿ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ ﴾: أي: اشكروا ذلك.
﴿ وَ ﴾: سخرنا.
﴿ وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ ﴾: لاستخدامه، أتى هنا باللام وفي الأول مع لاشتراكهما هناك واختصاصه بالنفع هنا و ﴿ عَاصِفَةً ﴾: صفَة، شديدة الهبوب، من حيث السرعة، رخاء من حيث عدم الإزعاج، او كل منهما في وقت أراده فلا منافاة.
﴿ تَجْرِي بِأَمْرِهِ ﴾: حاملة لبساط بسطه مائة فرسخ، أو فرسخ مع جنوده عليه مظللا بالطير ﴿ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا ﴾: فيها للعاملين: الشام رواحاً بعدما سار منه بكرة.
﴿ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ﴾: فنجزيه على الحكمة.
﴿ وَ ﴾: سخرنا ﴿ وَمِنَ ٱلشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ ﴾: ]ي البحر[ فيخرجون له نفائسه ﴿ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ﴾: سوى.
﴿ ذٰلِكَ ﴾: كمحاريب وتماثيل ﴿ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾: من أن يزيغوا عن أمره،
﴿ وَ ﴾: اذكر.
﴿ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي ﴾: بأني ﴿ مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ ﴾: الشدة.
﴿ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ ﴾: كان رُوميًّا ذا أموال وأولاد كثيرةٍ، فهلك الكل وابتلى بجسده ثمانية عشر سنة بحيث ما سلم إلَّا قلبه ولسانه ونفر عنه الخلق إلا زوجته، فشكر وصبر ثم دعا كذلك.
﴿ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ ﴾: دعاءه الضمني.
﴿ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ ﴾: بإحيائهم ﴿ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ ﴾: ولد منه نوافل ضعف ما كان وزيد في شباب زوجته.
﴿ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا ﴾: عليه، روي أنه أمطر الذهب على مخزن قمحه، والفضة على مخزن شعيره حتى فاضَا ﴿ وَذِكْرَىٰ ﴾: تذكرة.
﴿ لِلْعَابِدِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا ٱلْكِفْلِ ﴾: إلياس أو يوشع أو رجل صالح.
﴿ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا ﴾: النبوة.
﴿ إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ ﴾: كما مرَّ ﴿ وَذَا ٱلنُّونِ ﴾: صاحب الحوت يونس ﴿ إِذ ذَّهَبَ ﴾: من قومه بلا أمر منا ﴿ مُغَاضِباً ﴾: لهم لإضرارهم.
﴿ فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ ﴾: نضيق ]أو[ نقضي.
﴿ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ ﴾: بطن الحوت والبحر الليل ﴿ أَن ﴾: بأن ﴿ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: بالمبادرة إلى المهاجرة ﴿ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ ﴾: دعاءه الضمني ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ ﴾: الانتقام أو الخطيئة، بعد أربعين يوماً، قذفه الحوتُ في الساحل سالما.
﴿ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: إذا دعونا بهذا الدعاء، أو في الشدة ﴿ وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً ﴾: بلا ولدٍ ﴿ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ ﴾: الباقي بعد فناء كلهم.
﴿ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾: للولادة.
﴿ إِنَّهُمْ ﴾: الأنبياء المذكورون أو زكريا وأهله.
﴿ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ ﴾: القربات.
﴿ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً ﴾: راغبين في رحمتنا ﴿ وَرَهَباً ﴾: راهبين من غضبنا.
﴿ وَكَانُواْ لَنَا ﴾: فقط.
﴿ خاشِعِينَ * وَ ﴾: اذكر مريم ﴿ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ﴾: حفظته من الوطء.
﴿ فَنَفَخْنَا ﴾: في عيسى روحه.
﴿ فِيهَا ﴾: في جوفها أجرينا فيه إجراء الهواء بالنفخ.
﴿ مِن ﴾: جهة.
﴿ رُّوحِنَا ﴾: جبريل.
﴿ وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً ﴾: أي: حبها دلالة على كمال قدرتنا.
﴿ لِّلْعَالَمِينَ ﴾: وهي حملها بلا فحل ﴿ إِنَّ هَـٰذِهِ ﴾: ملة الإسلام.
﴿ أُمَّتُكُمْ ﴾: ملتكم أيها المخاطبون.
﴿ أُمَّةً ﴾: ملة.
﴿ وَاحِدَةً ﴾: حال لازمة، أي: لا يختلف فيها الأنبياء.
﴿ وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ * وَتَقَطَّعُوۤاْ ﴾: أي: تفرق بعض المخاطبين.
﴿ أَمْرَهُمْ ﴾: أمر دينهم.
﴿ بَيْنَهُمْ ﴾: كاليهود والنصارى.
﴿ كُلٌّ ﴾: منهم ﴿ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾: فنجازيهم.
﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِه ﴾: استعارة لمنع الثواب كالشكر في إعطائه.
﴿ وَإِنَّا لَهُ ﴾: لسعيه.
﴿ كَاتِبُونَ ﴾: في صحيفته ﴿ وَ ﴾: العمل المذكور ﴿ حَرَامٌ ﴾: ممتنع.
﴿ عَلَىٰ ﴾: أهل.
﴿ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ ﴾: حكمنا بإهلاكها ﴿ أَنَّهُمْ ﴾: لأنهم.
﴿ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾: بالتوبة، أو حرام بمعنى واجب أو بمعناه، ولا صلة وأنهم إلى آخره خبره.
﴿ حَتَّىٰ ﴾: غاية الامتناع.
﴿ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ﴾: أي: سدهم، وحاصله لا يتوبون إلى مشاهدة أمارات القيامة.
﴿ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ ﴾: مرتفع من الأرض.
﴿ يَنسِلُونَ ﴾: يسرعون، أراد كثرتهم.
﴿ وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ ﴾: القيامة.
﴿ فَإِذَا هِيَ ﴾: القصَّة.
﴿ شَاخِصَةٌ ﴾: مفتوحة لا تطرف خبره: ﴿ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: قائلين: ﴿ يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي ﴾: الدنيا في.
﴿ غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا ﴾: اليوم ﴿ ذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾: بتكذيب الرسل، إذ نبهونا به.
﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾: إلا ما سيستثنى.
﴿ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ ﴾: وقود.
﴿ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ ﴾: المعبودون.
﴿ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ ﴾: من العابد والمعبود إلا ما استثنيَ ﴿ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾: إهانة لعابديهم ﴿ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ ﴾: أنبين وتنفس شديد.
﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ ﴾: زفير غيرهم لشدة عذابهم.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ﴾: الخصلة.
﴿ ٱلْحُسْنَىٰ ﴾: من السعادة، فخرج نحو عزير.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا ﴾: عن جهنم.
﴿ مُبْعَدُونَ ﴾: يعني بعد الورود بقوله تعالى:﴿ مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً ﴾[سورة مريم: ٧١]عليٌّ رضي الله عنه تعالى عنه في الخطبة: أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وابن عوف وابن الجراح، ثم أقيمت الصلاة فقام يجر رداءه ويقولُ: ﴿ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ﴾: صوتها ﴿ وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ ﴾: من التَّنعم ﴿ خَالِدُونَ * لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ ﴾: النفخة الأخرى أو إطباق باب النار على أهلها ﴿ وَتَتَلَقَّاهُمُ ﴾: تستقبلهم.
﴿ ٱلْمَلاَئِكَةُ ﴾: بالتهنئة قائلين: ﴿ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾: للثواب، اذكر ﴿ يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ ﴾: طيًّا ﴿ لسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ ﴾: الصحيفة أو الكاتب.
﴿ لِلْكُتُبِ ﴾: لأجل الكتابة، أو ما كتب فيه أو اللام صلة.
﴿ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ ﴾: من العدم ﴿ نُّعِيدُهُ ﴾: نعيد ما خلقنا إعادةً ﴿ وَعْداً عَلَيْنَآ ﴾: إنجازه.
﴿ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾: ذلك البتة ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ ﴾: لداود أو الكتب السماوية.
﴿ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ ﴾: التوراة أو اللوح ﴿ أَنَّ ٱلأَرْضَ ﴾: أرض الكفار أو الجنة ﴿ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ ﴾: أُمَّة محمد أو عام.
﴿ إِنَّ فِي هَـٰذَا ﴾: القرآن.
﴿ لَبَلاَغاً ﴾: كفاية.
﴿ لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ ﴾: لله.
﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَقُلْ إِنَّمَآ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ﴾: برَّا وفاجرًا، رُفع بك نحو الخسف والمسخ عن الكفار.
﴿ قُلْ إِنَّمَآ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ﴾: إذ المقصود من كل الوحي التوحيد.
﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾: مخلصون العبادة له ﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾: عن الإسلام.
﴿ فَقُلْ ءَاذَنتُكُمْ ﴾: أعلمتكم ما أمرت به على كوني.
﴿ عَلَىٰ سَوَآءٍ ﴾: عدل واستقامة ﴿ وَإِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ ﴾: من العذاب لا الحشر، فإنه أخبر عن قربه.
﴿ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ ﴾: من الطعن في الدّين.
﴿ وَإِنْ ﴾: ما ﴿ أَدْرِي لَعَلَّهُ ﴾: تأخير الموعود أو الجهل بوقته.
﴿ فِتْنَةٌ ﴾: اختبار واستدراج.
﴿ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ ﴾: تمتع ﴿ إِلَىٰ حِينٍ ﴾: أجل مقدر.
﴿ قَالَ رَبِّ ٱحْكُم ﴾: اقض، بيننا وبينهم.
﴿ بِٱلْحَقِّ ﴾: المقتضي لاستعجال عذابهم، وقد وقع ببدر.
﴿ وَرَبُّنَا ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلْمُسْتَعَانُ ﴾: المسئول منه المعونة.
﴿ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴾: من قرب كسر راية الإسلام ورجوع الشوكة إليكم، كان عليه الصلاة والسلام إذا شهد حربا يقرأ هذه الآية.
سورة الأنبياء
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الأنبياء) سورةٌ مكية، ذكَرتِ الكثيرَ من قِصص الأنبياء بغرضِ بيان دَوْرهم في نشرِ الاعتقاد الصحيح، والدعوةِ إلى الله، وكذا أبانت عن مقصدٍ آخرَ عظيم؛ وهو قربُ الحساب؛ كما دلَّتْ على ذلك مجموعةُ قِصَصِ الأنبياء المذكورة، وهذا ما أشارت إليه فاتحةُ السورة من قُرْبِ الحساب، وغفلةِ الناس عن ذلك، وفي ذلك دلائلُ كثيرة على وَحْدانية الله عز وجل، وتنزيهِه عن العبث.

ترتيبها المصحفي
21
نوعها
مكية
ألفاظها
1174
ترتيب نزولها
73
العد المدني الأول
111
العد المدني الأخير
111
العد البصري
111
العد الكوفي
112
العد الشامي
111

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «آيةٌ في كتابِ اللهِ لا يَسألُني الناسُ عنها، ولا أدري أعرَفوها فلا يَسألوني عنها أم جَهِلوها فلا يَسألوني عنها؟! قيل: وما هي؟ قال: لمَّا نزَلتْ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، شَقَّ ذلك على أهلِ مكَّةَ، وقالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، فقامَ ابنُ الزِّبَعْرَى، فقال: ما شأنُكم؟ قالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، قال: وما قال؟ قالوا: قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، قال: ادعُوه لي، فدُعِيَ مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فقال ابنُ الزِّبَعْرَى: يا مُحمَّدُ، هذا شيءٌ لآلهتِنا خاصَّةً أم لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ؟ قال: «بل لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ عز وجل»، قال: فقال: خصَمْناه ورَبِّ هذه البَنِيَّةِ، يا مُحمَّدُ، ألستَ تزعُمُ أنَّ عيسى عبدٌ صالحٌ، وعُزَيرًا عبدٌ صالحٌ، والملائكةَ عبادٌ صالحون؟ قال: «بلى»، قال: فهذه النصارى يعبُدون عيسى، وهذه اليهودُ تعبُدُ عُزَيرًا، وهذه بنو مَلِيحٍ تعبُدُ الملائكةَ، قال: فضَجَّ أهلُ مكَّةَ؛ فنزَلتْ: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ} عيسى وعُزَيرٌ والملائكةُ {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]، قال: ونزَلتْ: {وَلَمَّا ‌ضُرِبَ ‌اْبْنُ ‌مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]؛ وهو الضَّجيجُ». "شرح مشكل الآثار" للطَّحاويِّ (986).

قال الشيخُ السعديُّ رحمه الله في هذه الآيةِ: «ودخولُ آلهة المشركين النارَ: إنما هو الأصنامُ، أو مَن عُبِدَ وهو راضٍ بعبادته، وأما المسيح، وعُزَيرٌ، والملائكة، ونحوُهم ممَّن عُبِد من الأولياء: فإنهم لا يُعذَّبون فيها، ويدخلون في قوله: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ}؛ أي: سبَقتْ لهم سابقةُ السعادة في علمِ الله، وفي اللَّوْحِ المحفوظ، وفي تيسيرِهم في الدنيا لليُسْرى والأعمالِ الصالحة، {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا}؛ أي: عن النار، {مُبْعَدُونَ} فلا يدخُلونها، ولا يكونون قريبًا منها، بل يُبعَدون عنها غايةَ البُعْدِ؛ حتى لا يَسمَعوا حسيسَها، ولا يَرَوْا شخصَها». "تفسير السعدي" (ص531).

* سورة (الأنبياء):

سُمِّيتْ سورة (الأنبياء) بهذا الاسمِ؛ لحديثها عن الأنبياء، ودَوْرِهم في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.

* تُعَدُّ سورة (الأنبياء) من قديم ما تعلَّمه الصحابةُ من النبي صلى الله عليه وسلم:

عن عبد الرَّحمنِ بن يَزيدَ بن جابرٍ، قال: «سَمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ في (بَنِي إسرائِيلَ)، و(الكَهْفِ)، و(مَرْيَمَ)، و(طه)، و(الأنبياءِ): إنَّهُنَّ مِن العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلادي». أخرجه البخاري (4994).

قال أبو عُبَيدٍ: «قولُه: «مِن تِلَادي» : يعني: مِن قديمِ ما أخَذْتُ مِن القرآنِ؛ وذلك أنَّ هذه السُّوَرَ نزَلتْ بمكَّةَ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص247).

جاءت موضوعاتُ سورة (الأنبياء) على النحو التالي:

1. غفلة الناس عن الساعة، وإعراضهم عن القرآن (١-٦).

2. الإنذار بالوحي سمةٌ مشتركة بين الرسل عليهم السلام (٧-١٥).

3. دلائل الوَحْدانية والقدرة، وتنزيهُه تعالى عن العبث (١٦-٣٣).

4. المصير المحتوم، وعناية الله بخَلْقه (٣٤-٤٧).

5. دعوة الأنبياء (٤٨-٩١).

6. وَحْدة الملة، وعدل الجزاء (٩٢-١٠٦).

7. ختام سلسلة الأنبياء رحمةٌ مهداة (١٠٧- ١٢١).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /5).

لسورة (الأنبياء) مقصدانِ عظيمانِ:

* الأول: بيانُ معالمِ التوحيد، ودَوْر الأنبياء في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.

* والثاني: الاستدلال على تحقُّقِ الساعة وقُرْبِها، ولو بالموت، ووقوعِ الحساب فيها على الجليل والحقير؛ لأن مُوجِدَها لا شريكَ له يعُوقُه عنها، وهو مَن لا يُبدَّل القولُ لديه، والدالُّ على ذلك أوضَحَ دَلالةٍ: مجموعُ قِصَصِ جماعةٍ ممَّن ذُكِر فيها من الأنبياء عليهم السلام، ولا تستقلُّ قصةٌ منها استقلالًا ظاهرًا لجميع ذلك.

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /5)، و"مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /268).