تفسير سورة الأنبياء

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة الأنبياء من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه ابن العربي . المتوفي سنة 543 هـ
سُورَةُ الْأَنْبِياءِ
فِيهَا ثَلاثُ آيَاتٍ

الْآيَةُ الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى :﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴾.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ، وَاللَّفْظُ لَهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : قَوْلُهُ : إنِّي سَقِيمٌ، وَلَمْ يَكُنْ سَقِيمًا ؛ وَقَوْلُهُ لِسَارَةَ : أُخْتِي ؛ وقَوْله تَعَالَى :﴿ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ ).
وَثَبَتَ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ إلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ : ثِنْتَيْنِ مِنْهَا فِي ذَاتِ اللَّهِ ؛ قَوْلُهُ :﴿ إنِّي سَقِيمٌ ﴾.
وَقَوْلُهُ :﴿ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ وَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ إذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ من الْجَبَابِرَةِ فَقِيلَ : إنَّ هَاهُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ من أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : أُخْتِي. فَأَتَى سَارَةَ فَقَالَ : يَا سَارَةُ ؛ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرك، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْته أَنَّك أُخْتِي، فَلَا تَكْذِبِينَنِي. فَأَرْسَلَ إلَيْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ، فَأُخِذَ، فَقَالَ : اُدْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّك، فَدَعَتْ اللَّهَ، فَأُطْلِقَ.
ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ. فَقَالَ : اُدْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّك، فَأُطْلِقَ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ : لَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ، إنَّمَا أَتَيْتنِي بِشَيْطَانٍ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ ).
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ :
اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ظَاهِرِ الْمَقْصُودِ بِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هَذَا تَعْرِيضٌ، وَفِي التَّعَارِيضِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ إنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ؛ فَشَرَطَ النُّطْقَ فِي الْفِعْلِ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ : لِأَنَّهُ عَدَّدَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّعْرِيضِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَيَتَّخِذُونَهُمْ آلِهَةً دُونَ اللَّهِ، وَهُمْ كَمَا قَالَ إبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْك شَيْئًا ؟ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، لِيَقُولُوا إنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يَفْعَلُونَ وَلَا يَنْفَعُونَ وَلَا يَضُرُّونَ ؛ فَيَقُولُ لَهُمْ : فَلِمَ تَعْبُدُونَ ؟ فَتَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ. وَلِهَذَا يَجُوزُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ فَرْضُ الْبَاطِلِ مَعَ الْخَصْمِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْحَقِّ من ذَاتِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ فِي الْحُجَّةِ وَأَقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ، كَمَا قَالَ لِقَوْمِهِ : هَذَا رَبِّي، عَلَى مَعْنَى الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، حَتَّى إذَا أَفَلَ مِنْهُمْ تَبَيَّنَ حُدُوثُهُ، وَاسْتِحَالَةُ كَوْنِهِ إلَهًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : هَذَا رَبِّي، هَذِهِ أُخْتِي، وَإِنِّي سَقِيمٌ، وَبَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ : هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَعَارِيضَ وَحَسَنَاتٍ، وَحُجَجًا فِي الْحَقِّ، وَدَلَالَاتٍ، لَكِنَّهَا أَثَّرَتْ فِي الرُّتْبَةِ، وَخَفَّضَتْ عَنْ مُحَمَّدٍ من الْمَنْزِلَةِ، وَاسْتَحْيَا مِنْهَا قَائِلُهَا عَلَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَلِيقُ بِمَرْتَبَتِهِ فِي النُّبُوَّةِ وَالْخِلَّةِ أَنْ يَصْدَعَ بِالْحَقِّ، وَيُصَرِّحَ بِالْأَمْرِ فَيَكُونُ مَا كَانَ، وَلَكِنَّهُ رُخِّصَ لَهُ فَقَبِلَ الرُّخْصَةَ، فَكَانَ مَا كَانَ من الْقِصَّةِ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ :( إنَّمَا اُتُّخِذْت خَلِيلًا من وَرَاءَ وَرَاءَ ) يَعْنِي بِشَرْطِ أَنْ تُتَّبَعَ عَثَرَاتِي، وَتُخْتَبَرَ أَحْوَالِي، وَالْخِلَّةُ الْمُطْلَقَةُ لِمُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ :﴿ لِيَغْفِرَ لَك اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ من ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ ﴾، وَلِذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ فِي أَمْثَالِهَا : ابْغِنِي من وَرَائِي، أَيْ اخْتَبِرْ حَالِي.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ نُكْتَةٌ عُظْمَى تَقْصِمُ الظَّهْرَ، وَهِيَ أَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :( لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ إلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ : ثِنْتَيْنِ مِنْهَا مَاحَلَ بِهِمَا عَنْ دِينِ اللَّهِ ) وَهِيَ قَوْلُهُ : إنِّي سَقِيمٌ، وَبَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، وَلَمْ يَعُدَّ قَوْلَهُ : هَذِهِ أُخْتِي فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ بِهَا مَكْرُوهًا، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ فِيهَا حَظٌّ من صِيَانَةِ فِرَاشِهِ، وَحِمَايَةِ أَهْلِهِ، لَمْ يَجْعَلْ فِي جَنْبِ اللَّهِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْعَلُ فِي ذَاتِ اللَّهِ إلَّا الْعَمَلَ الْخَالِصَ من شَوَائِبِ الْحُظُوظِ الدُّنْيَوِيَّةِ، أَوْ الْمَعَانِي الَّتِي تَرْجِعُ إلَى النَّفْسِ، حَتَّى إذَا خَلَصَتْ لِلدِّينِ كَانَتْ لِلَّهِ، كَمَا قَالَ :﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ وَهَذَا لَوْ صَدَرَ مِنَّا لَكَانَ لِلَّهِ، وَلَكِنَّ مَنْزِلَةَ إبْرَاهِيمَ اقْتَضَتْ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْآيَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَدَاوُد وَسُلَيْمَانَ إذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ وَالنَّسَائِيُّ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾.
فِيهَا ثَمَانِي عَشْرَةَ مَسْأَلَةً :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ :﴿ وَدَاوُد وَسُلَيْمَانَ إذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ﴾ :
لَمْ يُرِدْ - إذْ جَمَعَهُمَا فِي الْقَوْلِ - اجْتِمَاعَهُمَا فِي الْحُكْمِ، فَإِنَّ حَاكِمَيْنِ عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ ؛ وَإِنَّمَا حَكَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادٍ بِحُكْمٍ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ هُوَ الْفَاهِمُ لَهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي دُسْتُورٍ فِي قَصَصِ الْقُرْآنِ :
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ لِرَسُولِهِ مَا جَرَى من الْأُمَمِ وَعَلَيْهَا، وَأَقْوَالَ الْأَنْبِيَاءِ وَأَفْعَالَهَا، فَأَحْسَنَ الْقَصَصَ وَهُوَ أَصْدَقُهُ ؛ فَإِنَّ الإسرائليات ذَكَرُوهَا مُبَدَّلَةً وَبِزِيَادَةٍ بَاطِلَةٍ مَوْصُولَةٍ، أَوْ بِنُقْصَانٍ مُحَرَّفٍ لِلْمَقْصِدِ مَنْقُولَةٍ، وَمَا نُقِلَ من حَدِيثِ نَفْشِ الْغَنَمِ، وَقَضَاءِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ فِيهَا، اُنْظُرُوا إلَيْهِ، فَمَا وَافَقَ مِنْهُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَمَا خَالَفَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَمَا لَمْ يَرِدْ لَهُ فِيهِ ذِكْرٌ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ، رَبُّك أَعْلَمُ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : فِي ذِكْرِ وَصْفِ مَا قَضَاهُ النَّبِيَّانِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ فِيهِ :
وَفِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ كَانَ زَرْعًا وَقَعَتْ فِيهِ الْغَنَمُ لَيْلًا، قَالَهُ قَتَادَةُ.
الثَّانِي : أَنَّهُ كَانَ كَرْمًا نَبَتَتْ عَنَاقِيدُهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَشُرَيْحٍ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّفْشَ رَعْيُ اللَّيْلِ، وَالْهَمَلَ رَعْيُ النَّهَارِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي ذِكْرِ وَصْفِ قَضَائِهِمَا :
أَمَّا حُكْمُ دَاوُد فَإِنَّهُ يُرْوَى أَنَّهُ قَضَى لِصَاحِبِ الْحَرْثِ بِالْغَنَمِ. وَأَمَّا حُكْمُ سُلَيْمَانَ فَإِنَّهُ قَضَى بِأَنْ تُدْفَعَ الْغَنَمُ لِصَاحِبِ الْحَرْثِ عَلَّه يَغْتَلُّهَا، وَيُدْفَعَ الْحَرْثُ إلَى صَاحِبِ الْغَنَمِ لِيَقُومَ بِعِمَارَتِهِ، فَإِذَا عَادَ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ إلَى مِثْلِ حَالَتِهِ رُدَّ إلَى كُلِّ أَحَدٍ مَالُهُ ؛ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَمُجَاهِدٌ، فَرَجَعَ دَاوُد إلَى حُكْمِ سُلَيْمَانَ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : فِي صِفَةِ حُكْمِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا :
رَوَى الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَحَرَامُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ ( أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطًا، فَأَفْسَدَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظُهَا بِالنَّهَارِ، وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا ). وَفِي رِوَايَةٍ :( وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظُهَا بِاللَّيْلِ ). وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا كَلَامَ فِيهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : فِي هَذِهِ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِ الْقَاضِي عَمَّا حَكَمَ بِهِ، إذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْحَقَّ فِي غَيْرِهِ، وَهَكَذَا فِي رِسَالَةِ عُمَرَ إلَى أَبِي مُوسَى : فَأَمَّا أَنْ يَنْظُرَ قَاضٍ فِيمَا حَكَمَ بِهِ قَاضٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَدَاعَى إلَى مَا لَا آخِرَ لَهُ، وَفِيهِ مَضَرَّةٌ عُظْمَى من جِهَةِ نَقْضِ الْأَحْكَامِ، وَتَبْدِيلِ الْحَلَالِ بِالْحَرَامِ، وَعَدَمِ ضَبْطِ قَوَانِينِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ أَحَدٌ من الْخُلَفَاءِ إلَى نَقْضِ مَا رَآهُ الْآخَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِمَا يَظْهَرُ إلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إنَّ دَاوُد لَمْ يَكُنْ أَنْفَذَ الْحُكْمَ، وَظَهَرَ لَهُ مَا قَالَ غَيْرُهُ.
وَقَالَ آخَرُونَ : لَمْ يَكُنْ حُكْمًا، وَإِنَّمَا كَانَتْ فُتْيَا ؛ فَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ من دَاوُد كَانَ فُتْيَا فَهُوَ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ النَّبِيُّ، وَفُتْيَاهُ حُكْمٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ الْآخَرُ : إنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَنْفَذَ الْحُكْمَ فَظَهَرَ لَهُ مَا قَالَ غَيْرُهُ. فَهُوَ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :﴿ إذْ يَحْكُمَانِ ﴾، فَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ قَدْ حَكَمَ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ : إنَّ الْفُتْيَا حُكْمٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ لَفْظًا، وَفِي بَعْضِ الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقَلِّدَ قَوْلُهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُجْتَهِدَ قَوْلُ غَيْرِهِ.
وَقَدْ قِيلَ : إنَّ اللَّهَ أَوْحَى أَنَّ الْحُكْمَ حُكْمُ سُلَيْمَانَ، فَعَلَى هَذَا كَانَ الْقَضَاءُ من اللَّهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ. وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَجُوزُ لَهُمْ الْحُكْمُ بِالِاجْتِهَادِ، وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ التَّمْحِيصِ أَنَّ اجْتِهَادَهُمْ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، فَلَا إحَالَةَ فِي أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ.
فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا إذَا عُدِمَ النَّصُّ، وَهُمْ لَا يَعْدَمُونَهُ، لِأَجْلِ نُزُولِ الْمَلَكِ.
قُلْنَا : إذَا لَمْ يَنْزِلْ الْمَلَكُ فَقَدْ عَدِمُوا النَّصَّ.
جَوَابٌ آخَرُ : وَذَلِكَ أَنَّهُ عِنْدَنَا دَلِيلٌ مَعَ عَدَمِ النَّصِّ، وَعِنْدَهُمْ هُوَ دَلِيلٌ مَعَ وُجُودِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلِّهَا :
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، لَكِنَّ الْمَوَاشِيَ جَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :( الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ ). فَحَكَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ فِعْلَ الْبَهَائِمِ هَدَرٌ، وَهَذَا عُمُومٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ سَنَدًا وَمَتْنًا ؛ وَحَدِيثُ نَاقَةِ الْبَرَاءِ خَاصٌّ، وَمَا قَضَى بِهِ دَاوُد وَسُلَيْمَانُ غَيْرُ مَعْلُومٍ عَلَى التَّعْيِينِ مِمَّنْ يَقْطَعُ بِصِدْقِهِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ نَعْتَنِيَ بِشَرْعِنَا، فَنَقُولَ :
لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَامَّ يَقْضِي عَلَيْهِ الْخَاصُّ، وَقَضَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاقَةِ الْبَرَاءِ بِأَنَّ حِفْظَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَرْبَابِهَا ؛ لِمَا عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي من الْمَشَقَّةِ فِي حِفْظِهَا بِالنَّهَارِ، وَبِأَنَّ حِفْظَ الْكُلِّ بِاللَّيْلِ عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ من حِفْظِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ شَاقٌّ عَلَى أَرْبَابِهَا، فَجَرَى الْحُكْمُ عَلَى الْأَوْفَقِ وَالْأَسْمَحِ بِمُقْتَضَى الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَمَجْرَى الْمَصْلَحَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوْفَقَ لِلْفَرِيقَيْنِ، وَأَسْهَلَ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَأَحْفَظَ لِلْمَالِكَيْنِ.
وَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ ؛ لِمَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّينَ الْمُتَقَدِّمِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ فِي صِفَتِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ : لَا ضَمَانَ عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي فِيمَا أَصَابَتْ بِالنَّهَارِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ : يَضْمَنُ أَرْبَابُ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إذَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِهَا ضَمَانٌ. وَتَحْقِيقُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَعْنَى حَدِيثِ ( الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ ) وَهَذَا يَنْفِي الضَّمَانَ كُلَّهُ، وَمَعْنَى حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَهُوَ نَصٌّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَوَجَبَ تَخْصِيصُ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بِحَدِيثِ الْعَجْمَاءِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا بِقَضَاءِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ نَصٌّ، فَنَقُولُ : إنَّهُ يُعَارِضُ هَذَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا، فَيُفْتَقَرُ حِينَئِذٍ إلَى الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحِ فِيهِ ؛ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهَا وَقْفَ بِنَاءِ النَّصِّ عَلَيْهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا قُلْنَا : إنَّ أَرْبَابَ الْمَوَاشِي يَضْمَنُونَ مَا أَفْسَدَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ، فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ قِيمَةَ الزَّرْعِ عَلَى رَجَاءِ أَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا يَتِمّ ؛َ قَالَ عَنْهُ مُطَرِّفٌ، وَلَا يَسْتَأْنِي بِالزَّرْعِ أَنْ يَنْبُتَ أَوْ لَا يَنْبُتَ كَمَا يَفْعَلُ فِي سِنِّ الصَّغِيرِ.
وَقَالَ عِيسَى، عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ : قِيمَتُهُ لَوْ حَلَّ بَيْعُهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ، وَابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ : وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ.
وَالْأَوَّلُ أَقْوَى ؛ لِأَنَّهَا صِفَتُهُ، فَيُقَوَّمُ كَذَلِكَ لَوْ تَمَّ أَوْ لَمْ يَتِمَّ، كَمَا يُقَوَّمُ كُلُّ مُتْلَفٍ عَلَى صِفَتِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي ذَلِكَ فَعَلَى أَرْبَابِهَا قِيمَةُ مَا أَفْسَدَتْ، وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا.
وَقَالَ اللَّيْثُ : تَسْقُطُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقِيمَةِ، وَهَذَا بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي، وَلَيْسَتْ عَلَى الْمَوَاشِي، وَتُخَالِفُ هَذَا جِنَايَةُ الْعَبْدِ، فَإِنَّهَا عَلَيْهِ، فَيَحْمِلُ السَّيِّدُ مِنْهَا إنْ أَرَادَ فِدَاءَهُ قِيمَتَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : لَوْ لَمْ يُقْضَ فِي الْمُفْسِدِ بِشَيْءٍ حَتَّى نَبَتَ أَوْ انْجَبَرَ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْفَعَةُ ر
ت ٧٨
سورة الأنبياء
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الأنبياء) سورةٌ مكية، ذكَرتِ الكثيرَ من قِصص الأنبياء بغرضِ بيان دَوْرهم في نشرِ الاعتقاد الصحيح، والدعوةِ إلى الله، وكذا أبانت عن مقصدٍ آخرَ عظيم؛ وهو قربُ الحساب؛ كما دلَّتْ على ذلك مجموعةُ قِصَصِ الأنبياء المذكورة، وهذا ما أشارت إليه فاتحةُ السورة من قُرْبِ الحساب، وغفلةِ الناس عن ذلك، وفي ذلك دلائلُ كثيرة على وَحْدانية الله عز وجل، وتنزيهِه عن العبث.

ترتيبها المصحفي
21
نوعها
مكية
ألفاظها
1174
ترتيب نزولها
73
العد المدني الأول
111
العد المدني الأخير
111
العد البصري
111
العد الكوفي
112
العد الشامي
111

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «آيةٌ في كتابِ اللهِ لا يَسألُني الناسُ عنها، ولا أدري أعرَفوها فلا يَسألوني عنها أم جَهِلوها فلا يَسألوني عنها؟! قيل: وما هي؟ قال: لمَّا نزَلتْ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، شَقَّ ذلك على أهلِ مكَّةَ، وقالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، فقامَ ابنُ الزِّبَعْرَى، فقال: ما شأنُكم؟ قالوا: شتَمَ مُحمَّدٌ آلهتَنا، قال: وما قال؟ قالوا: قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ} [الأنبياء: 98]، قال: ادعُوه لي، فدُعِيَ مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فقال ابنُ الزِّبَعْرَى: يا مُحمَّدُ، هذا شيءٌ لآلهتِنا خاصَّةً أم لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ؟ قال: «بل لكلِّ مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ عز وجل»، قال: فقال: خصَمْناه ورَبِّ هذه البَنِيَّةِ، يا مُحمَّدُ، ألستَ تزعُمُ أنَّ عيسى عبدٌ صالحٌ، وعُزَيرًا عبدٌ صالحٌ، والملائكةَ عبادٌ صالحون؟ قال: «بلى»، قال: فهذه النصارى يعبُدون عيسى، وهذه اليهودُ تعبُدُ عُزَيرًا، وهذه بنو مَلِيحٍ تعبُدُ الملائكةَ، قال: فضَجَّ أهلُ مكَّةَ؛ فنزَلتْ: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ} عيسى وعُزَيرٌ والملائكةُ {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]، قال: ونزَلتْ: {وَلَمَّا ‌ضُرِبَ ‌اْبْنُ ‌مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]؛ وهو الضَّجيجُ». "شرح مشكل الآثار" للطَّحاويِّ (986).

قال الشيخُ السعديُّ رحمه الله في هذه الآيةِ: «ودخولُ آلهة المشركين النارَ: إنما هو الأصنامُ، أو مَن عُبِدَ وهو راضٍ بعبادته، وأما المسيح، وعُزَيرٌ، والملائكة، ونحوُهم ممَّن عُبِد من الأولياء: فإنهم لا يُعذَّبون فيها، ويدخلون في قوله: {إِنَّ اْلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا اْلْحُسْنَىٰٓ}؛ أي: سبَقتْ لهم سابقةُ السعادة في علمِ الله، وفي اللَّوْحِ المحفوظ، وفي تيسيرِهم في الدنيا لليُسْرى والأعمالِ الصالحة، {أُوْلَٰٓئِكَ عَنْهَا}؛ أي: عن النار، {مُبْعَدُونَ} فلا يدخُلونها، ولا يكونون قريبًا منها، بل يُبعَدون عنها غايةَ البُعْدِ؛ حتى لا يَسمَعوا حسيسَها، ولا يَرَوْا شخصَها». "تفسير السعدي" (ص531).

* سورة (الأنبياء):

سُمِّيتْ سورة (الأنبياء) بهذا الاسمِ؛ لحديثها عن الأنبياء، ودَوْرِهم في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.

* تُعَدُّ سورة (الأنبياء) من قديم ما تعلَّمه الصحابةُ من النبي صلى الله عليه وسلم:

عن عبد الرَّحمنِ بن يَزيدَ بن جابرٍ، قال: «سَمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ في (بَنِي إسرائِيلَ)، و(الكَهْفِ)، و(مَرْيَمَ)، و(طه)، و(الأنبياءِ): إنَّهُنَّ مِن العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلادي». أخرجه البخاري (4994).

قال أبو عُبَيدٍ: «قولُه: «مِن تِلَادي» : يعني: مِن قديمِ ما أخَذْتُ مِن القرآنِ؛ وذلك أنَّ هذه السُّوَرَ نزَلتْ بمكَّةَ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص247).

جاءت موضوعاتُ سورة (الأنبياء) على النحو التالي:

1. غفلة الناس عن الساعة، وإعراضهم عن القرآن (١-٦).

2. الإنذار بالوحي سمةٌ مشتركة بين الرسل عليهم السلام (٧-١٥).

3. دلائل الوَحْدانية والقدرة، وتنزيهُه تعالى عن العبث (١٦-٣٣).

4. المصير المحتوم، وعناية الله بخَلْقه (٣٤-٤٧).

5. دعوة الأنبياء (٤٨-٩١).

6. وَحْدة الملة، وعدل الجزاء (٩٢-١٠٦).

7. ختام سلسلة الأنبياء رحمةٌ مهداة (١٠٧- ١٢١).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /5).

لسورة (الأنبياء) مقصدانِ عظيمانِ:

* الأول: بيانُ معالمِ التوحيد، ودَوْر الأنبياء في تصحيح العقيدة، وتذكير البشرية.

* والثاني: الاستدلال على تحقُّقِ الساعة وقُرْبِها، ولو بالموت، ووقوعِ الحساب فيها على الجليل والحقير؛ لأن مُوجِدَها لا شريكَ له يعُوقُه عنها، وهو مَن لا يُبدَّل القولُ لديه، والدالُّ على ذلك أوضَحَ دَلالةٍ: مجموعُ قِصَصِ جماعةٍ ممَّن ذُكِر فيها من الأنبياء عليهم السلام، ولا تستقلُّ قصةٌ منها استقلالًا ظاهرًا لجميع ذلك.

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /5)، و"مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /268).