تفسير سورة الفيل

الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور

تفسير سورة سورة الفيل من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
لمؤلفه بشير ياسين . المتوفي سنة 2006 هـ

سورة الفيل
قوله تعالى ﴿ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ﴾ قال : أقبل أبرهة الأشرم من الحبشة يوما ومن معه من عداد أهل اليمن إلى بيت الله ليهدمه من أجل بيعة لهم أصابها العرب بأرض اليمن، فأقبلوا بفيلهم حتى إذا كانوا بالصّفّاح برك، فكانوا إذا وجّهوه إلى بيت الله ألقى بجرانه على الأرض، وإذا وجهوه إلى بلدهم انطلق وله هرولة، حتى إذا كانت بنخلة اليمانية بعث الله عليهم طيرا بيضا أبابيل. والأبابيل : الكثيرة، مع كل طير ثلاثة أحجار : حجران في رجليه، وحجر في منقارة، فجعلت ترميهم بها حتى جعلهم الله عز وجل كعصف مأكول، قال : فنجا أبو يكسوم وهو أبرهة، فجعل كلما قدم أرضا تساقط بعض لحمه، حتى أتى قومه. فأخبرهم الخبر ثم هلك.
وله شاهد ذكره الحافظ ابن حجر عن ابن مردويه بسند حسن، عن عكرمة، عن ابن عباس نحوه مختصرا [ انظر فتح الباري ١٢/ ٢٠٧ ] والصفاح : بكسر الصاد وتخفيف الفاء موضع بين حنين وأنصاب الحرم يسرة الداخل إلى مكة، من جهة طريق اليمن { انظر معجم معالم الحجاز ٥/ ١٤٤- ١٤٦ٍ ].
قوله تعالى ﴿ وأرسل عليهم طيرا أبابيل ﴾.
قال الطبري : حدثنا سوّار بن عبد الله، قال : ثنا يحيى بن سعيد، قال : ثنا عاصم بن بهدلة، عن زرّ، عن عبد الله ﴿ طيرا أبابيل ﴾ قال : فرق.
وإسناده حسن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ طيرا أبابيل ﴾ قال : يتبع بعضها بعضا.
قال الحافظ ابن حجر : وعند الطبري بسند صحيح عن عكرمة أنها كانت طيرا خضرا خرجت من البحر لها رؤوس كرؤوس السباع [ فتح الباري ١٢/ ٢٠٧ ].
قوله تعالى ﴿ ترميهم بحجارة من سجيل ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ حجارة من سجيل ﴾ قال : هي من الطين.
قوله تعالى ﴿ فجعلهم كعصف مأكول ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ كعصف مأكول ﴾ قال : هو التبن.
سورة الفيل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفيل) من السُّوَر المكية، وفيها تذكيرُ قُرَيش بقدرة الله عز وجل؛ إذ حمَى بيته ممن يَكِيد له، وانفرَد بحمايته دُونَ الأصنام العاجزة عن ذلك، وفيها تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بأن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفعَ كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه.

ترتيبها المصحفي
105
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
19
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفيل):

سُمِّيت سورة (الفيل) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ قصة (الفيل) فيها، ولم يَرِدْ في غيرها.

قدرة الله في تعذيبِ مَن انتهَك حُرْمةَ بيته (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /353).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «قد تضمَّنتِ التذكيرَ بأن الكعبة حرَمُ الله، وأن اللهَ حماه ممن أرادوا به سوءًا، أو أظهَرَ غضبَه عليهم فعذَّبهم؛ لأنهم ظلموا بطمعِهم في هدمِ مسجد إبراهيم وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيدًا، وليكونَ ما حَلَّ بهم تذكرةً لقريش بأن فاعل ذلك هو ربُّ ذلك البيت، وأنْ لا حظَّ فيه للأصنام التي نصَبوها حوله.
وتنبيهَ قُرَيش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند الله؛ إذ أهلَك أصحابَ الفيل في عام ولادته.
ومِن وراء ذلك تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن اللهَ يدفع عنه كيدَ المشركين؛ فإن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفع كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه، ويُشعِر بهذا قولُه: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٖ} [الفيل: 2].
ومن وراء ذلك كلِّه التذكير بأن اللهَ غالبٌ على أمره، وألا تغُرَّ المشركين قوَّتُهم ووفرةُ عددهم، ولا يُوهِنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تألُّبُ قبائلهم عليه؛ فقد أهلك اللهُ من هو أشدُّ منهم قوةً، وأكثَرُ جمعًا». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /543-544).