تفسير سورة الفيل

تفسير ابن جزي

تفسير سورة سورة الفيل من كتاب التسهيل لعلوم التنزيل المعروف بـتفسير ابن جزي.
لمؤلفه ابن جُزَيِّ . المتوفي سنة 741 هـ
سورة الفيل
مكية وآياتها ٥ نزلت بعد الكافرون
نزلت هذه السورة منبهة على العبرة في قصة الفيل التي وقعت في عام مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها تدل على كرامة الله للكعبة وإنعامه على قريش بدفع العدو عنهم، فكان يجب عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به، وفيها مع ذلك عجائب من قدرة الله وشدة عقابه.
وقد ذكرت القصة في كتب السير وغيرها، واختصارها أن أبرهة ملك الحبشة بنى بيتا باليمن وأراد أن يحج الناس إليه كما يحجون إلى الكعبة، فذهب أعرابي وأحدث في البيت، فغضب أبرهة وحلف أن يهدم الكعبة، فاحتفل في جموعه وركب الفيل وقصد مكة، فلما وصل قريبا منها فر أهلها إلى الجبال وأسلموا له الكعبة، وأخذ لعبد المطلب مائتي بعير، فكلمه فيها فقال له : كيف تكلمني في الإبل ولا تكلمني في الكعبة، وقد جئت لهدمها، وهي شرفك وشرف قومك ؟ فقال له : أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، فبرك الفيل بذي الغميس ولم يتوجه إلى مكة، فكانوا إذا وجهوه إلى غيرها هرول، وإذا وجهوه إليها توقف ولو بضعوه بالحديد، فبينما هم كذلك أرسل الله عليهم طيورا سودا، وقيل : خضرا، عند كل طائر ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه، فرمتهم الطيور بالحجارة، فكان الحجر يقتل من وقع عليه، وروي : أنه كان يدخل في رأسه ويخرج من دبره، ووقع في سائرهم الجدري والأسقام، وانصرفوا فماتوا في الطريق متفرقين في المراحل، وتقطع أبرهة أنملة أنملة.

سورة الفيل
مكية وآياتها ٥ نزلت بعد الكافرون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة الفيل) نزلت هذه السورة منبهة على العبرة في قصة الفيل، التي وقعت في عام مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها تدل على كرامة الله للكعبة، وإنعامه على قريش بدفع العدو عنهم، فكان يجب عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به، وفيها مع ذلك عجائب من قدرة الله وشدة عقابه، وقد ذكرت القصة في كتب السير وغيرها واختصارها: أن أبرهة ملك الحبشة بنى بيتا باليمن، وأراد أن يحج الناس إليه كما يحجون إلى الكعبة فذهب أعرابي وأحدث في البيت [قضى حاجته] فغضب أبرهة وحلف أن يهدم الكعبة، فاحتفل في جموعه وركب الفيل وقصد مكة. فلما وصل قريبا منها فرّ أهلها إلى الجبال وأسلموا له الكعبة، وأخذ لعبد المطلب مائتي بعير. فكلّمه فيها فقال له: كيف تكلمني في الإبل ولا تكلمني في الكعبة، وقد جئت لهدمها وهي شرفك وشرف قومك؟ فقال له: أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه فبرك الفيل بذي الغميس، ولم يتوجه إلى مكة فكانوا إذا وجهوه إلى غيرها هرول، وإذا وجهوه إليها توقف ولو بضعوه بالحديد، فبينما هم كذلك أرسل الله عليهم طيورا سودا وقيل: خضرا عند كل طائر ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه، فرمتهم الطيور بالحجارة، فكان الحجر يقتل من وقع عليه ووقع في سائرهم الجدري والأسقام. وانصرفوا فماتوا في الطريق متفرقين في المراحل وتقطع أبرهة أنملة أنملة.
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ معناه: ألم تعلم وكيف في موضع نصب بفعل ربك لا بألم تر والجملة معمول ألم تر في تضليل أي إبطال وتخسير أَبابِيلَ معناها جماعات شيئا بعد شيء قال الزمخشري واحدها أبالة وقال جمهور الناس هو جمع لا واحد له من لفظه بِحِجارَةٍ روي أن كل حجر منها كان فوق العدسة ودون الحمصة. قال ابن عباس: إنه أدرك عند أم هانئ نحو قفتين من هذه الحجارة، وأنها كانت مخططة بحمرة وروي أنه كان على كل حجر اسم من يقع عليه مكتوبا سِجِّيلٍ قد ذكر كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ العصف ورق الزرع وتبنه والمراد أنهم صاروا رميما، وفي تشبيههم به ثلاثة أوجه الأول أنه شبههم بالتبن إذا أكلته الدواب ثم راثته فجمع التلف والخسة، ولكن الله كنّى عن هذا على حسب آدب القرآن. الثاني أنه أراد ورق الزرع إذا أكلته الدود. الثالث أنه أراد كعصف مأكول زرعه وبقي هو لا شيء.
﴿ في تضليل ﴾ أي : إبطال وتخسير.
﴿ أبابيل ﴾ معناه جماعات، شيئا بعد شيء. قال الزمخشري : واحدها أبلة، وقال جمهور الناس : هو جمع لا واحد له من لفظه.
﴿ بحجارة ﴾ روي أن كل حجر منها كان فوق العدسة ودون الحمصة. قال ابن عباس : إنه أدرك عند أم هانئ نحو قفتين من هذه الحجارة، وأنها كانت مخططة بحمرة، وروي : أنه كان على كل حجر اسم من يقع عليه مكتوبا.
﴿ سجيل ﴾ قد ذكر.
﴿ كعصف مأكول ﴾ العصف ورق الزرع وتبنه، والمراد أنهم صاروا رميما، وفي تشبيههم به ثلاثة أوجه :
الأول : أنه شبههم بالتبن إذا أكلته الدواب، ثم راثته، فجمع التلف والخسة، ولكن الله كنى عن هذا على حسب أدب القرآن.
الثاني : أنه أراد ورق الزرع إذا أكلته الدود.
الثالث : أنه أراد كعصف مأكول زرعه، وبقي هو لا شيء.
سورة الفيل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفيل) من السُّوَر المكية، وفيها تذكيرُ قُرَيش بقدرة الله عز وجل؛ إذ حمَى بيته ممن يَكِيد له، وانفرَد بحمايته دُونَ الأصنام العاجزة عن ذلك، وفيها تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بأن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفعَ كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه.

ترتيبها المصحفي
105
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
19
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفيل):

سُمِّيت سورة (الفيل) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ قصة (الفيل) فيها، ولم يَرِدْ في غيرها.

قدرة الله في تعذيبِ مَن انتهَك حُرْمةَ بيته (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /353).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «قد تضمَّنتِ التذكيرَ بأن الكعبة حرَمُ الله، وأن اللهَ حماه ممن أرادوا به سوءًا، أو أظهَرَ غضبَه عليهم فعذَّبهم؛ لأنهم ظلموا بطمعِهم في هدمِ مسجد إبراهيم وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيدًا، وليكونَ ما حَلَّ بهم تذكرةً لقريش بأن فاعل ذلك هو ربُّ ذلك البيت، وأنْ لا حظَّ فيه للأصنام التي نصَبوها حوله.
وتنبيهَ قُرَيش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند الله؛ إذ أهلَك أصحابَ الفيل في عام ولادته.
ومِن وراء ذلك تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن اللهَ يدفع عنه كيدَ المشركين؛ فإن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفع كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه، ويُشعِر بهذا قولُه: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٖ} [الفيل: 2].
ومن وراء ذلك كلِّه التذكير بأن اللهَ غالبٌ على أمره، وألا تغُرَّ المشركين قوَّتُهم ووفرةُ عددهم، ولا يُوهِنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تألُّبُ قبائلهم عليه؛ فقد أهلك اللهُ من هو أشدُّ منهم قوةً، وأكثَرُ جمعًا». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /543-544).