تفسير سورة الفيل

المنتخب في تفسير القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الفيل من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم
لمؤلفه المنتخب . المتوفي سنة 2008 هـ
يخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بقصة أصحاب الفيل الذين قصدوا هدم بيت الله، ويلفته إلى ما حوته القصة من عبرة دالة على عظم قدرته تعالى وانتقامه من المعتدين على حرماته. فقد سلط الله عليهم من جنوده ما قطع أوصالهم وأذهب ألبابهم، ولم يبق منهم غير أثر كأنه غلاف بر ذهب لبه١.
١ تعليق الخبراء على السورة:
تشير هذه السورة الشريفة إلى حملة أبرهة الأشرم الحبشي التي وجهها من اليمن نحو مكة لهدم الكعبة ليصرف عنها حجاج العرب، فقد جرد جيشا كبيرا مزودا ببعض الفيلة، وسار به إلى الحجاز، وعسكر بقرب مكة في مكان يدعى المغمس، على ثلثي فرسخ من مكة في طريق الطائف، وهناك دارت مناوشات بينه وبين العرب ولكن حملته باءت بالفشل، وذلك بسبب المتاعب الكثيرة التي لاقاها من القبائل اليمنية والحجازية، ولتفشي المرض في جيشه كذلك على نحو ما تشير إليه السورة الشريفة، فعاد إلى بلده بعد أن هلك معظم جيشه دون أن يحقق هدفه، وقد دخلت هذه الغزوة التي تكون قد وقعت عام ٥٧٠ أو ٥٧١ ميلادية، في تقويم عرب الحجاز قبل الإسلام، وعرفت عندهم بعام الفيل وقيل: إن الرسول ولد فيه..

١- قد علمت - يا محمد - علماً لا يخالطه شك فِعْل ربك بأصحاب الفيل ؛ الذين قصدوا الاعتداء على البيت الحرام.
٢- قد علمت أن الله قد جعل سعيهم لتخريب الكعبة في تضييع وإبطال، فخيب مسعاهم، ولم ينالوا قصدهم.
٣- وسلَّط الله عليهم من جنوده طيرا أتتهم جماعات متتابعة، وأحاطت بهم من كل ناحية.
٤- تقذفهم بحجارة من جهنم.
٥- فجعلهم كورق زرع أصابته آفة فأتلفته.
سورة الفيل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفيل) من السُّوَر المكية، وفيها تذكيرُ قُرَيش بقدرة الله عز وجل؛ إذ حمَى بيته ممن يَكِيد له، وانفرَد بحمايته دُونَ الأصنام العاجزة عن ذلك، وفيها تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بأن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفعَ كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه.

ترتيبها المصحفي
105
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
19
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفيل):

سُمِّيت سورة (الفيل) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ قصة (الفيل) فيها، ولم يَرِدْ في غيرها.

قدرة الله في تعذيبِ مَن انتهَك حُرْمةَ بيته (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /353).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «قد تضمَّنتِ التذكيرَ بأن الكعبة حرَمُ الله، وأن اللهَ حماه ممن أرادوا به سوءًا، أو أظهَرَ غضبَه عليهم فعذَّبهم؛ لأنهم ظلموا بطمعِهم في هدمِ مسجد إبراهيم وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيدًا، وليكونَ ما حَلَّ بهم تذكرةً لقريش بأن فاعل ذلك هو ربُّ ذلك البيت، وأنْ لا حظَّ فيه للأصنام التي نصَبوها حوله.
وتنبيهَ قُرَيش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند الله؛ إذ أهلَك أصحابَ الفيل في عام ولادته.
ومِن وراء ذلك تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن اللهَ يدفع عنه كيدَ المشركين؛ فإن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفع كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه، ويُشعِر بهذا قولُه: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٖ} [الفيل: 2].
ومن وراء ذلك كلِّه التذكير بأن اللهَ غالبٌ على أمره، وألا تغُرَّ المشركين قوَّتُهم ووفرةُ عددهم، ولا يُوهِنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تألُّبُ قبائلهم عليه؛ فقد أهلك اللهُ من هو أشدُّ منهم قوةً، وأكثَرُ جمعًا». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /543-544).