تفسير سورة الإخلاص

جهود ابن عبد البر في التفسير

تفسير سورة سورة الإخلاص من كتاب جهود ابن عبد البر في التفسير
لمؤلفه ابن عبد البر . المتوفي سنة 463 هـ
٥٤٣- حدثنا خلف ابن القاسم، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن مهران السراج وعبد الله بن محمد بن عبد الله الحصيبي القاضي، قالا : حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج، قال : حدثنا أبو معمر، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن مالك، عن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي صعصعة الأنصاري، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال : أخبرني قتادة بن النعمان أن رجلا قال : يا رسول الله، إن فلانا قام الليلة يقرأ :﴿ قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ﴾، يرددها لا يزيد عليها، كأن الرجل يثقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- : " والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن " ١. ( ت : ١٩/٢٢٧ )
٥٤٤- قال قتادة : هي سورة خالصة لله، ليس فيها شيء من أمر الدنيا والآخرة، وقال : إن الله أسس السماوات السبع والأرضين السبع على هذه السورة :﴿ قل هو الله أحد ﴾٢. ( س : ٨/١١٥ ).
١ أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب فضل: ﴿قل هو الله أحد﴾: ٦/١٠٥. وأبو داود في الصلاة، باب في سورة الصمد: ٢/٧٢. والترمذي في أبواب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص: ٣/٢٤٢-٢٤٣.
وقال : هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في الافتتاح، باب الفضل في قراءة: ﴿قل هو الله أحد﴾: ٢/١٧١. والإمام أحمد في مسنده: ٣/٣٥ و ٤٣. والإمام مالك في كتاب القرآن، باب في قراءة: ﴿قل هو الله أحد﴾ ﴿وتبارك الذي بيده الملك﴾: ١٢٨..

٢ انظر جامع البيان: ٣٠/٣٤٧..

سورة الإخلاص
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الإخلاص) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الناس)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل ثُلُثَ القرآن، ومحورها إثباتُ وَحْدانية الله عز وجل، والإخلاصُ في عبادته، والتوجُّهُ إليه وَحْده، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرؤها في مواضعَ كثيرة.

ترتيبها المصحفي
112
نوعها
مكية
ألفاظها
15
ترتيب نزولها
22
العد المدني الأول
4
العد المدني الأخير
4
العد البصري
4
العد الكوفي
4
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ ١ اْللَّهُ اْلصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ} [الإخلاص: 1-4]:

عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه: «أنَّ المشركين قالوا لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: انسُبْ لنا رَبَّك؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ ١ اْللَّهُ اْلصَّمَدُ}؛ فالصَّمَدُ: الذي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}؛ لأنَّه ليس شيءٌ يُولَدُ إلا سيموتُ، ولا شيءَ يموتُ إلا سيُورَثُ، وإنَّ اللهَ عز وجل لا يموتُ ولا يُورَثُ، {وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ}، قال: لم يكُنْ له شبيهٌ ولا عِدْلٌ، وليس كمِثْلِه شيءٌ». أخرجه الترمذي (٣٣٦٤).

* سورة (الإخلاص):

سُمِّيت سورة (الإخلاص) بهذا الاسم؛ لحديثها عن إخلاص العبادة لله عز وجل، وتوحيده.

* سورة {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد ورد في كثير من الأحاديث؛ من ذلك:

ما جاء عن أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «أيَعجِزُ أحدُكم أن يَقرأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القرآنِ؟»، قالوا: وكيف يَقرأُ ثُلُثَ القرآن؟ قال: «{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}: تَعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ» . أخرجه مسلم (٨١١).

* سورة (الإخلاص) تَعدِل ثُلُثَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

وعن أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «أيَعجِزُ أحدُكم أن يَقرأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القرآنِ؟»، قالوا: وكيف يَقرأُ ثُلُثَ القرآن؟ قال: «{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}: تَعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ» . أخرجه مسلم (٨١١).

قال ابنُ تيميَّةَ في تحديدِ وجهِ عَدِّ سورة (الإخلاص) ثُلُثَ القرآن: «لأنَّ القرآنَ ثلاثةُ أثلاثٍ: ثُلُثٌ: توحيد، وثلث: قَصَص، وثلث: أمرٌ ونهيٌ. وثُلُثُ التوحيد أفضَلُ من غيره». "مجموع الفتاوى" (9/306).

كان النبيُّ عليه الصلاة والسلام يقرأ سورةَ (الإخلاص) في غير موضع:

* في سُنَّة الفجر:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي ركعتَينِ قبل الفجرِ، وكان يقولُ: «نِعْمَ السُّورتانِ يُقرَأُ بهما في ركعتَيِ الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}»». أخرجه ابن ماجه (1150).

وعن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ النبيَّ ﷺ شهرًا، فكان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه الترمذي (٤١٧).

* في صلاة الوتر:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرأُ في الوترِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} في ركعةٍ ركعةٍ». أخرجه الترمذي (٤٦٢).

* في سُنَّة صلاة المغرب:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ رسولَ اللهِ ﷺ عِشْرينَ مرَّةً، يَقرأُ في الرَّكعتَينِ بعد المغربِ وفي الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (992).

* قبل النوم:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوَى إلى فراشِه، جمَعَ كفَّيْهِ، ثم نفَثَ فيهما، وقرَأَ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}، ثمَّ يَمسَحُ بهما ما استطاعَ مِن جسدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ». أخرجه ابن حبان (٥٥٤٤).

* في ركعتَيِ الطواف خلف مقام إبراهيمَ:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ - أي: ركعتَيِ الطَّوافِ -: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}». صحيح مسلم (١٢١٨).

 وَحْدانية الله، والإخلاص في عبادته (١-٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /452).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «إثباتُ وَحْدانية الله تعالى.
وأنه لا يُقصَد في الحوائج غيرُه.

وتنزيهُه عن سمات المُحدَثات.
وإبطال أن يكونَ له ابنٌ.
وإبطال أن يكونَ المولودُ إلهًا؛ مثل: عيسى عليه السلام». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /612).