مكية في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة وجابر١. ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي.
بسم الله الرحمان الرحيم
ﰡ
(شِهابُ حُروب لا تَزالُ جيادُه | عوابسَ يعْلُكْنَ الشكيمَ المُصَمّدا) |
(ألا بكّر الناعي بخَيريْ بني أسدْ | بعمرِو بن مَسعودٍ وبالسيّد الصَّمَد.) |
(عَلوْتُه بحُسامٍ ثم قلت له | خُذْها حُذَيْفَ فأنت السيّد الصَّمَدُ.) |
(ساروا جَميعاً بنصْفِ الليلِ واعْتَمدوا | ألاّ رهينةَ إلا السيّدُ الصَمَدُ.) |
شِهابُ حُروب لا تَزالُ جيادُه | عوابسَ يعْلُكْنَ الشكيمَ المُصَمّدا |
الثالث : أنه الباقي الذي لا يفنى، قاله قتادة، وقال الحسن : إنه الدائم الذي لم يزل ولا يزال.
الرابع : هو الذي لم يلد ولم يولد، قاله محمد بن كعب.
الخامس : أنه الذي يصمد الناس إليه في حوائجهم، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر :
ألا بكّر الناعي بخَيريْ بني أسدْ | بعمرِو بن مَسعودٍ وبالسيّد الصَّمَد٢. |
عَلوْتُه بحُسامٍ ثم قلت له | خُذْها حُذَيْفَ فأنت السيّد الصَّمَدُ٣. |
ساروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا***ألا رهينة إلا السيد الصمد
الثامن : أنه المقصود إليه في الرغائب، والمستغاث به في المصائب، قاله السدي.
التاسع : أنه المستغني عن كل أحد، قاله أبو هريرة.
العاشر : أنه الذي يفعل ما يشاء ويحكم بما يريد، قاله الحسين بن فضيل.
٢ ورد في اللسان مادة صمد غير منسوب..
٣ ورد في اللسان أيضا وقد أنشده الجوهري..
أحدهما : لم يلد فيكون والداً، ولم يولد فيكون ولداً، قاله ابن عباس.
الثاني : لم يلد فيكون في العز مشاركاً، ولم يولد فيكون موروثاً هالكاً، قاله الحسين بن فضيل.
وإنما كان كذلك لأمرين :
أحدهما : أن هاتين صفتا نقص فانتفتا عنه.
الثاني : أنه لا مثل له، فلو وَلَدَ أو وُلدِ لصار ذا مثل، والله تعالى منزه عن أن يكون له مثل.
أحدها : لم يكن له مثل ولا عديل، قاله أبي بن كعب وعطاء.
الثاني : يعني لم تكن له صاحبة، فنفى عنه الولد والوالدة والصاحبة، قاله مجاهد.
الثالث : أنه لا يكافئه في خلقه أحد، قاله قتادة، وفيه تقديم وتأخير، تقديره : ولم يكن له أحدٌ كُفواً، فقدم خبر كان على اسمها لتنساق أواخر الآي على نظم واحد.
سورة الإخلاص
سورة (الإخلاص) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الناس)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل ثُلُثَ القرآن، ومحورها إثباتُ وَحْدانية الله عز وجل، والإخلاصُ في عبادته، والتوجُّهُ إليه وَحْده، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرؤها في مواضعَ كثيرة.
ترتيبها المصحفي
112نوعها
مكيةألفاظها
15ترتيب نزولها
22العد المدني الأول
4العد المدني الأخير
4العد البصري
4العد الكوفي
4العد الشامي
5* قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ ١ اْللَّهُ اْلصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ} [الإخلاص: 1-4]:
عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه: «أنَّ المشركين قالوا لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: انسُبْ لنا رَبَّك؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ ١ اْللَّهُ اْلصَّمَدُ}؛ فالصَّمَدُ: الذي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}؛ لأنَّه ليس شيءٌ يُولَدُ إلا سيموتُ، ولا شيءَ يموتُ إلا سيُورَثُ، وإنَّ اللهَ عز وجل لا يموتُ ولا يُورَثُ، {وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ}، قال: لم يكُنْ له شبيهٌ ولا عِدْلٌ، وليس كمِثْلِه شيءٌ». أخرجه الترمذي (٣٣٦٤).
* سورة (الإخلاص):
سُمِّيت سورة (الإخلاص) بهذا الاسم؛ لحديثها عن إخلاص العبادة لله عز وجل، وتوحيده.
* سورة {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}:
سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد ورد في كثير من الأحاديث؛ من ذلك:
ما جاء عن أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:
«أيَعجِزُ أحدُكم أن يَقرأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القرآنِ؟»، قالوا: وكيف يَقرأُ
ثُلُثَ القرآن؟ قال: «{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}: تَعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ» . أخرجه مسلم (٨١١).
* سورة (الإخلاص) تَعدِل ثُلُثَ القرآن:
عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).
وعن أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «أيَعجِزُ أحدُكم أن يَقرأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القرآنِ؟»، قالوا: وكيف يَقرأُ ثُلُثَ القرآن؟ قال: «{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}: تَعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ» . أخرجه مسلم (٨١١).
قال ابنُ تيميَّةَ في تحديدِ وجهِ عَدِّ سورة (الإخلاص) ثُلُثَ القرآن: «لأنَّ القرآنَ ثلاثةُ أثلاثٍ: ثُلُثٌ: توحيد، وثلث: قَصَص، وثلث: أمرٌ ونهيٌ. وثُلُثُ التوحيد أفضَلُ من غيره». "مجموع الفتاوى" (9/306).
كان النبيُّ عليه الصلاة والسلام يقرأ سورةَ (الإخلاص) في غير موضع:
* في سُنَّة الفجر:
عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي ركعتَينِ قبل الفجرِ، وكان يقولُ: «نِعْمَ السُّورتانِ يُقرَأُ بهما في ركعتَيِ الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}»». أخرجه ابن ماجه (1150).
وعن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ النبيَّ ﷺ شهرًا، فكان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه الترمذي (٤١٧).
* في صلاة الوتر:
عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرأُ في الوترِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} في ركعةٍ ركعةٍ». أخرجه الترمذي (٤٦٢).
* في سُنَّة صلاة المغرب:
عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ رسولَ اللهِ ﷺ عِشْرينَ مرَّةً، يَقرأُ في الرَّكعتَينِ بعد المغربِ وفي الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (992).
* قبل النوم:
عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوَى إلى فراشِه، جمَعَ كفَّيْهِ، ثم نفَثَ فيهما، وقرَأَ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}، ثمَّ يَمسَحُ بهما ما استطاعَ مِن جسدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ». أخرجه ابن حبان (٥٥٤٤).
* في ركعتَيِ الطواف خلف مقام إبراهيمَ:
عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ - أي: ركعتَيِ الطَّوافِ -: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}». صحيح مسلم (١٢١٨).
وَحْدانية الله، والإخلاص في عبادته (١-٤).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /452).
يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «إثباتُ وَحْدانية الله تعالى.
وأنه لا يُقصَد في الحوائج غيرُه.
وتنزيهُه عن سمات المُحدَثات.
وإبطال أن يكونَ له ابنٌ.
وإبطال أن يكونَ المولودُ إلهًا؛ مثل: عيسى عليه السلام». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /612).