تفسير سورة الأعراف

تفسير الشافعي

تفسير سورة سورة الأعراف من كتاب تفسير الشافعي
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٢٣٦- قال الشافعي رحمه الله : من زعم ـ من أهل العدالة ـ أنه يرى الجن، أبطلت شهادته، لأن الله عز وجل يقول :﴿ إِنَّهُ يَرياكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمُ ﴾ إلا أن يكون نبيًّا. ( أحكام الشافعي : ٢/١٩٤-١٩٥. ون مناقب الإمام الشافعي ص : ٣٠٥. )
٢٣٧- قال الشافعي رحمه الله تعالى : قال الله عز وجل :﴿ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ قال الشافعي : فقيل ـ والله سبحانه وتعالى أعلم ـ إنه الثياب، وهو يشبه ما قيل.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه١ منه شيء »٢. فدل على أن ليس لأحد أن يصلي إلا لابسا إذا قدر على ما يلبس. ( الأم : ١/٨٨-٨٩. )
ــــــــــــ
٢٣٨- قال الشافعي : وفي الثياب زينتان ؛ إحداهما٣ : جمال الثياب على اللابس التي تجمع الجمال، وتستر العورة، قال الله تعالى :﴿ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾٤ فقال بعض أهل العلم بالقرآن : الثياب، فالثياب زينة لمن لبسها.
وإذا أفردت العرب التزيين على بعض اللابسين دون بعض، فإنما تقول : تزين : من زين الثياب التي هي الزينة، بأن يدخل عليها شيء من غيرها من الصبغ خاصة. ( الأم : ٥/٢٣٢. ون مختصر المزني ص : ٢٢٣. )
١ - العاتق: هو ما بين المنكب والعنق. وقيل: مُعْوَجُّ مَوْضِعِ الرداء. اللسان: عتق..
٢ - أخرجه عن أبي هريرة:
البخاري في الصلاة في الثياب (٩) باب: إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه (٤)(ر٣٥٢).
ومسلم في الصلاة (٤) باب: الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه (٥٢)(ر٥١٦).
وأبو داود في الصلاة (٢) باب: جماع أبواب ما يصلى فيه (٧٨)(ر٦٢٦).
والنسائي في القبلة (٩) باب: صلاة الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (١٨)(ر٧٦٨).
وأخرجه أحمد، والبيهقي، والشافعي في المسند (ر١٨٥) و (ر١٨٦)..

٣ - اكتفى الشافعي بالحديث عن الزينة الأولى، ولم يتحدث عن الثانية ؟!.
٤ - الأعراف: ٣١..
٢٣٩- قال الشافعي : واعلموا أن آجال الناس وسائر الحيوانات واحدة. ومعناه : أن من كان في معلوم الله تعالى أن يموت أو يقتل في وقت معلوم، لا يجوز أن يتأخر عن وقته، لأنه محال أن يكون الأمر بخلاف معلومه، قال الله تعالى :﴿ فَإِذَا جَاء اجَلُهُمْ لا يَسْتَاخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾١. ( الكوكب الأزهر شرح الفقه الأكبر ص : ٢٣. )
١ - الأعراف: ٣٤..
٢٤٠- قال الشافعي رحمه الله تعالى : أصل التحريم نص كتاب أو سنة، أو جُملةُ كتاب أو سنة، أو إجماع، قال الله تبارك وتعالى :﴿ اَلذِينَ يَتَّبِعُونَ اَلرَّسُولَ اَلنَّبِىءَ اَلاُمِّىَّ اَلذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِندَهُمْ فِى اِلتَّوْرياةِ وَالاِنجِيلِ يَامُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَياهُمْ عَنِ اِلْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ اَلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ اَلْخَبَائِثَ ﴾ وقال عز وجل :﴿ يَسْئَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ﴾١ الآية، وإنما تكون الطيبات والخبائث عند الآكلين كانوا لها، وهم العرب الذين سألوا عن هذا، ونزلت فيهم الأحكام، وكانوا يكرهون من خبيث المأكل ما لا يكرهها غيرهم.
ــــــــــــ
٢٤٠- الأم : ٢/٢٤٧.
١ - المائدة: ٤..
٢٤١- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى :﴿ وَسْئَلْهُمْ عَنِ اِلْقَرْيَةِ اِلتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ اَلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى اِلسَّبْتِ إِذْ تَاتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَاتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ فابتدا جل ثناؤه ذِكْرَ الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال :﴿ إِذْ يَعْدُونَ فِى اِلسَّبْتِ ﴾ الآية، دل على أنه إنما أراد أهل القرية، لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بَلاَهم بما كانوا يفسقون.
وقال :﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَت ظَّالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ـاخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴾١ وهذه الآية في مثل معنى الآية قبلها، فذكر قَصْمَ القرية فلما ذكر أنها ظالمة بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها، دون منازلها التي لا تظلم، ولما ذكر القوم المنشئين بعدها، وذكر إحساسهم البأس عند القصم، أحاط العلم أنه إنما أحس البأس من يعرف البأس من الآدميين.
ــــــــــــ
٢٤١- الرسالة : ٦٢-٦٣.
٢٤٢- قال الشافعي : أخبرني يحيى بن سُلَيْم٢، نا ابن جريج، عن عكرمة قال : دخلت على ابن عباس وهو يقرا في المصحف، قبل أن يذهب بصره، وهو يبكي، فقلت : ما يبكيك يا أبا عباس ؟ جعلني الله فداك. فقال : هل تعرف أيْلَةَ٣ ؟ قلت : وما أيلةُ ؟ قال : قرية كان بها ناس من اليهود، فحرم الله عليهم الحيتان يوم السبت، فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم شرعا٤ بيضٌ سِمَانٌ كأمثال المخاض، بأفنياتهم وأبنياتهم٥، فإذا كان في غير يوم السبت لم يجدوها، ولم يدركوها إلا في مشقة ومونة٦ شديدة : فقال بعضهم أو من قال ذلك منهم : لَعَلَّنَا لو أخذناها يوم السبت وأكلناها في غير يوم السبت ؟ ! ففعل ذلك أهل بيت منهم، فَأَخَذُوا فَشَوَوْا ؛ فوجد جيرانهم ريح الشَّوِيْ، فقالوا : والله ما نرى إلا أصاب بني فلان شيء ! فأخذها آخرون حتى فشا ذلك فيهم فكثر ؛ فافترقوا فرقا ثلاثا : فرقة أكلت، وفرقة نَهَتْ، وفرقة قالت :﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْما اِللَّهُ مُهْلِكُهُمُ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابا شَدِيداً ﴾٧ فقالت الفرقة التي نهت : إنا نحذركم غضب الله وعقابه ؛ أن يصيبكم الله بخسف أو قذف أو ببعض ما عنده من العذاب ؛ والله لا نبايتكم في مكان وأنتم فيه. قال : فخرجوا من البيوت، فغدوا عليهم من الغد، فضربوا باب البيوت، فلم يجبهم أحد، فأتوا بسُلَّم فأسندوه إلى البيوت، ثم رَقَى منهم راق على السور، فقال : يا عباد الله، قردة والله، لها أذناب تعاوى ثلاث مرات. ثم نزل من السور، ففتح البيوت، فدخل الناس عليهم، فعرفت القرود أنسابها من الإنس ولم يعرف الإنس أنسابها من القرود.
قال : فيأتي القرد إلى نسيبه وقريبه من الإنس، فيحتك به ويلصق، ويقول الإنسان : أنت فلان ؟ فيشير برأسه : أي نعم، ويبكي. وتأتي القردة إلى نسيبها وقريبها من الإنس فيقول لها الإنسان : أنت فلانة ؟ فتشير برأسها : أي نعم، وتبكي. فيقول لها الإنسان : إنا حذرناكم غضب الله وعقابه : أن يصيبكم بخسف أو مسخ أو ببعض ما عنده من العذاب.
قال ابن عباس : واسمع الله عز وجل يقول :﴿ أَنجَيْنَا اَلذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ اِلسُّوءِ وَأَخَذْنَا اَلذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾٨ فلا أدري ما فعلت الفرقة الثالثة ؟ قال ابن عباس : فكم قد رأينا من منكر فلم ننه عنه. قال عكرمة : ألا ترى ـ جعلني الله فداك ـ أنهم أنكروا وكرهوا حين قالوا :{ لِمَ تَعِظُونَ قَوْما اِللَّهُ مُهْلِكُهُمُ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً
شَدِيداً }٩ فأعجبه قولي ذلك، وأمر لي ببردين غليضين كسانيهما١٠.
ــــــــــــــــــــــ
٢٤٢- أحكام الشافعي : ٢/١٧٣-١٧٧.
١ - الأنبياء: ١١-١٢..
٢ - يحيى بن سليم الطائفي مولى قريش. عن: عبد الله بن عثمان بن خثعم، وداود بن أبي هند. وعنه: أحمد، وإسحاق. ثقة. قال أبو حاتم لا يحتج به. وقال النسائي: منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر، ت سنة: ١٩٥هـ. الكاشف: ٣/٢٤٤. ون التهذيب:
٩/٢٤٢. وقال في التقريب: صدوق سيئ الحفظ. وتعقبه صاحب التحرير ٤/٨٦ فقال: بل صدوق حسن الحديث، ضعيف في روايته عن عبيد الله بن عمر..

٣ - أيلة: قرية عربية فيما بين مصر والشام. ن اللسان: أيم..
٤ - شرعا: قيل معناه رافعة رؤوسها، وقيل: خافضة لها للشرب. وحيتان شُرَّعٌ أي شارعات من غمرة الماء إلى الجُدِّ. اللسان: شرع..
٥ - أي: على كثرة أنواعها وأشكالها..
٦ - المونة: القوت. اللسان: مأن..
٧ - الأعراف: ١٦٤..
٨ - الأعراف: ١٦٥..
٩ - الأعراف: ١٦٤..
١٠ - أخرجه البيهقي في كتاب آداب القاضي باب: ما يستدل به على أن القضاء وسائر أعمال الولاة مما يكون أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر من فروض الكفايات ١٠/٩٢-٩٣.
وأخرجه الطبري في التفسير: ٦/٩٥..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٣:٢٤١- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى :﴿ وَسْئَلْهُمْ عَنِ اِلْقَرْيَةِ اِلتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ اَلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى اِلسَّبْتِ إِذْ تَاتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَاتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ فابتدا جل ثناؤه ذِكْرَ الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال :﴿ إِذْ يَعْدُونَ فِى اِلسَّبْتِ ﴾ الآية، دل على أنه إنما أراد أهل القرية، لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بَلاَهم بما كانوا يفسقون.
وقال :﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَت ظَّالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ـاخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴾١ وهذه الآية في مثل معنى الآية قبلها، فذكر قَصْمَ القرية فلما ذكر أنها ظالمة بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها، دون منازلها التي لا تظلم، ولما ذكر القوم المنشئين بعدها، وذكر إحساسهم البأس عند القصم، أحاط العلم أنه إنما أحس البأس من يعرف البأس من الآدميين.
ــــــــــــ

٢٤١-
الرسالة : ٦٢-٦٣.

٢٤٢-
قال الشافعي : أخبرني يحيى بن سُلَيْم٢، نا ابن جريج، عن عكرمة قال : دخلت على ابن عباس وهو يقرا في المصحف، قبل أن يذهب بصره، وهو يبكي، فقلت : ما يبكيك يا أبا عباس ؟ جعلني الله فداك. فقال : هل تعرف أيْلَةَ٣ ؟ قلت : وما أيلةُ ؟ قال : قرية كان بها ناس من اليهود، فحرم الله عليهم الحيتان يوم السبت، فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم شرعا٤ بيضٌ سِمَانٌ كأمثال المخاض، بأفنياتهم وأبنياتهم٥، فإذا كان في غير يوم السبت لم يجدوها، ولم يدركوها إلا في مشقة ومونة٦ شديدة : فقال بعضهم أو من قال ذلك منهم : لَعَلَّنَا لو أخذناها يوم السبت وأكلناها في غير يوم السبت ؟ ! ففعل ذلك أهل بيت منهم، فَأَخَذُوا فَشَوَوْا ؛ فوجد جيرانهم ريح الشَّوِيْ، فقالوا : والله ما نرى إلا أصاب بني فلان شيء ! فأخذها آخرون حتى فشا ذلك فيهم فكثر ؛ فافترقوا فرقا ثلاثا : فرقة أكلت، وفرقة نَهَتْ، وفرقة قالت :﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْما اِللَّهُ مُهْلِكُهُمُ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابا شَدِيداً ﴾٧ فقالت الفرقة التي نهت : إنا نحذركم غضب الله وعقابه ؛ أن يصيبكم الله بخسف أو قذف أو ببعض ما عنده من العذاب ؛ والله لا نبايتكم في مكان وأنتم فيه. قال : فخرجوا من البيوت، فغدوا عليهم من الغد، فضربوا باب البيوت، فلم يجبهم أحد، فأتوا بسُلَّم فأسندوه إلى البيوت، ثم رَقَى منهم راق على السور، فقال : يا عباد الله، قردة والله، لها أذناب تعاوى ثلاث مرات. ثم نزل من السور، ففتح البيوت، فدخل الناس عليهم، فعرفت القرود أنسابها من الإنس ولم يعرف الإنس أنسابها من القرود.
قال : فيأتي القرد إلى نسيبه وقريبه من الإنس، فيحتك به ويلصق، ويقول الإنسان : أنت فلان ؟ فيشير برأسه : أي نعم، ويبكي. وتأتي القردة إلى نسيبها وقريبها من الإنس فيقول لها الإنسان : أنت فلانة ؟ فتشير برأسها : أي نعم، وتبكي. فيقول لها الإنسان : إنا حذرناكم غضب الله وعقابه : أن يصيبكم بخسف أو مسخ أو ببعض ما عنده من العذاب.
قال ابن عباس : واسمع الله عز وجل يقول :﴿ أَنجَيْنَا اَلذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ اِلسُّوءِ وَأَخَذْنَا اَلذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾٨ فلا أدري ما فعلت الفرقة الثالثة ؟ قال ابن عباس : فكم قد رأينا من منكر فلم ننه عنه. قال عكرمة : ألا ترى ـ جعلني الله فداك ـ أنهم أنكروا وكرهوا حين قالوا :{ لِمَ تَعِظُونَ قَوْما اِللَّهُ مُهْلِكُهُمُ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً
شَدِيداً }٩ فأعجبه قولي ذلك، وأمر لي ببردين غليضين كسانيهما١٠.
ــــــــــــــــــــــ

٢٤٢-
أحكام الشافعي : ٢/١٧٣-١٧٧.
١ - الأنبياء: ١١-١٢..
٢ - يحيى بن سليم الطائفي مولى قريش. عن: عبد الله بن عثمان بن خثعم، وداود بن أبي هند. وعنه: أحمد، وإسحاق. ثقة. قال أبو حاتم لا يحتج به. وقال النسائي: منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر، ت سنة: ١٩٥هـ. الكاشف: ٣/٢٤٤. ون التهذيب:
٩/٢٤٢. وقال في التقريب: صدوق سيئ الحفظ. وتعقبه صاحب التحرير ٤/٨٦ فقال: بل صدوق حسن الحديث، ضعيف في روايته عن عبيد الله بن عمر..

٣ - أيلة: قرية عربية فيما بين مصر والشام. ن اللسان: أيم..
٤ - شرعا: قيل معناه رافعة رؤوسها، وقيل: خافضة لها للشرب. وحيتان شُرَّعٌ أي شارعات من غمرة الماء إلى الجُدِّ. اللسان: شرع..
٥ - أي: على كثرة أنواعها وأشكالها..
٦ - المونة: القوت. اللسان: مأن..
٧ - الأعراف: ١٦٤..
٨ - الأعراف: ١٦٥..
٩ - الأعراف: ١٦٤..
١٠ - أخرجه البيهقي في كتاب آداب القاضي باب: ما يستدل به على أن القضاء وسائر أعمال الولاة مما يكون أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر من فروض الكفايات ١٠/٩٢-٩٣.
وأخرجه الطبري في التفسير: ٦/٩٥..


نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٣:٢٤١- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى :﴿ وَسْئَلْهُمْ عَنِ اِلْقَرْيَةِ اِلتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ اَلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى اِلسَّبْتِ إِذْ تَاتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَاتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ فابتدا جل ثناؤه ذِكْرَ الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال :﴿ إِذْ يَعْدُونَ فِى اِلسَّبْتِ ﴾ الآية، دل على أنه إنما أراد أهل القرية، لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بَلاَهم بما كانوا يفسقون.
وقال :﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَت ظَّالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ـاخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴾١ وهذه الآية في مثل معنى الآية قبلها، فذكر قَصْمَ القرية فلما ذكر أنها ظالمة بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها، دون منازلها التي لا تظلم، ولما ذكر القوم المنشئين بعدها، وذكر إحساسهم البأس عند القصم، أحاط العلم أنه إنما أحس البأس من يعرف البأس من الآدميين.
ــــــــــــ

٢٤١-
الرسالة : ٦٢-٦٣.

٢٤٢-
قال الشافعي : أخبرني يحيى بن سُلَيْم٢، نا ابن جريج، عن عكرمة قال : دخلت على ابن عباس وهو يقرا في المصحف، قبل أن يذهب بصره، وهو يبكي، فقلت : ما يبكيك يا أبا عباس ؟ جعلني الله فداك. فقال : هل تعرف أيْلَةَ٣ ؟ قلت : وما أيلةُ ؟ قال : قرية كان بها ناس من اليهود، فحرم الله عليهم الحيتان يوم السبت، فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم شرعا٤ بيضٌ سِمَانٌ كأمثال المخاض، بأفنياتهم وأبنياتهم٥، فإذا كان في غير يوم السبت لم يجدوها، ولم يدركوها إلا في مشقة ومونة٦ شديدة : فقال بعضهم أو من قال ذلك منهم : لَعَلَّنَا لو أخذناها يوم السبت وأكلناها في غير يوم السبت ؟ ! ففعل ذلك أهل بيت منهم، فَأَخَذُوا فَشَوَوْا ؛ فوجد جيرانهم ريح الشَّوِيْ، فقالوا : والله ما نرى إلا أصاب بني فلان شيء ! فأخذها آخرون حتى فشا ذلك فيهم فكثر ؛ فافترقوا فرقا ثلاثا : فرقة أكلت، وفرقة نَهَتْ، وفرقة قالت :﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْما اِللَّهُ مُهْلِكُهُمُ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابا شَدِيداً ﴾٧ فقالت الفرقة التي نهت : إنا نحذركم غضب الله وعقابه ؛ أن يصيبكم الله بخسف أو قذف أو ببعض ما عنده من العذاب ؛ والله لا نبايتكم في مكان وأنتم فيه. قال : فخرجوا من البيوت، فغدوا عليهم من الغد، فضربوا باب البيوت، فلم يجبهم أحد، فأتوا بسُلَّم فأسندوه إلى البيوت، ثم رَقَى منهم راق على السور، فقال : يا عباد الله، قردة والله، لها أذناب تعاوى ثلاث مرات. ثم نزل من السور، ففتح البيوت، فدخل الناس عليهم، فعرفت القرود أنسابها من الإنس ولم يعرف الإنس أنسابها من القرود.
قال : فيأتي القرد إلى نسيبه وقريبه من الإنس، فيحتك به ويلصق، ويقول الإنسان : أنت فلان ؟ فيشير برأسه : أي نعم، ويبكي. وتأتي القردة إلى نسيبها وقريبها من الإنس فيقول لها الإنسان : أنت فلانة ؟ فتشير برأسها : أي نعم، وتبكي. فيقول لها الإنسان : إنا حذرناكم غضب الله وعقابه : أن يصيبكم بخسف أو مسخ أو ببعض ما عنده من العذاب.
قال ابن عباس : واسمع الله عز وجل يقول :﴿ أَنجَيْنَا اَلذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ اِلسُّوءِ وَأَخَذْنَا اَلذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾٨ فلا أدري ما فعلت الفرقة الثالثة ؟ قال ابن عباس : فكم قد رأينا من منكر فلم ننه عنه. قال عكرمة : ألا ترى ـ جعلني الله فداك ـ أنهم أنكروا وكرهوا حين قالوا :{ لِمَ تَعِظُونَ قَوْما اِللَّهُ مُهْلِكُهُمُ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً
شَدِيداً }٩ فأعجبه قولي ذلك، وأمر لي ببردين غليضين كسانيهما١٠.
ــــــــــــــــــــــ

٢٤٢-
أحكام الشافعي : ٢/١٧٣-١٧٧.
١ - الأنبياء: ١١-١٢..
٢ - يحيى بن سليم الطائفي مولى قريش. عن: عبد الله بن عثمان بن خثعم، وداود بن أبي هند. وعنه: أحمد، وإسحاق. ثقة. قال أبو حاتم لا يحتج به. وقال النسائي: منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر، ت سنة: ١٩٥هـ. الكاشف: ٣/٢٤٤. ون التهذيب:
٩/٢٤٢. وقال في التقريب: صدوق سيئ الحفظ. وتعقبه صاحب التحرير ٤/٨٦ فقال: بل صدوق حسن الحديث، ضعيف في روايته عن عبيد الله بن عمر..

٣ - أيلة: قرية عربية فيما بين مصر والشام. ن اللسان: أيم..
٤ - شرعا: قيل معناه رافعة رؤوسها، وقيل: خافضة لها للشرب. وحيتان شُرَّعٌ أي شارعات من غمرة الماء إلى الجُدِّ. اللسان: شرع..
٥ - أي: على كثرة أنواعها وأشكالها..
٦ - المونة: القوت. اللسان: مأن..
٧ - الأعراف: ١٦٤..
٨ - الأعراف: ١٦٥..
٩ - الأعراف: ١٦٤..
١٠ - أخرجه البيهقي في كتاب آداب القاضي باب: ما يستدل به على أن القضاء وسائر أعمال الولاة مما يكون أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر من فروض الكفايات ١٠/٩٢-٩٣.
وأخرجه الطبري في التفسير: ٦/٩٥..


سورة الأعراف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

افتُتِحت هذه السُّورة بالتنويه بعظمةِ هذا الكتاب، موضِّحةً مهمةَ القرآن ووجوبَ اتِّباعه، محذِّرةً من الشَّيطان وفتنتِه، كما وصَفتْ هذه السُّورةُ العظيمة أهوالَ يومِ القيامةِ، وخطابَ أهل النَّار لأهل الجنَّة، وحالَ الأعراف، واصفةً ما يَتبَع تلك الأحداثَ، وكذلك اشتملت على كثيرٍ من قصص الأنبياء؛ للدَّلالة على عظمةِ الله وقوَّته، وقهرِه وقُدْرته، وبيَّنتْ حُكْمَ من أطاع واتَّبَع، وحُكْمَ من عصى وابتدع؛ داعيةً للرجوع إلى الله؛ للفوز بالجنَّة، والنَّجاة من النار، وقد أُثِر عن النبيِّ ﷺ قراءتُه لها في صلاة المغرب.

ترتيبها المصحفي
7
نوعها
مكية
ألفاظها
3343
ترتيب نزولها
39
العد المدني الأول
206
العد المدني الأخير
206
العد البصري
205
العد الكوفي
206
العد الشامي
205

* قوله تعالى: ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٖ وَكُلُواْ وَاْشْرَبُواْ﴾ [الأعراف: 31]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كانت المرأةُ تطُوفُ بالبيتِ وهي عُرْيانةٌ، فتقولُ: مَن يُعِيرُني تِطْوافًا؟ تَجعَلُهُ على فَرْجِها، وتقولُ:

اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ***فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ

فنزَلتْ هذه الآيةُ: ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٖ﴾ [الأعراف: 31]». أخرجه مسلم (٣٠٢٨).

* (الأعراف):

سُمِّيتْ بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ (الأعراف).

* (طُولَى الطُّولَيَينِ):

لِما جاء عن مَرْوانَ بن الحكَمِ، قال: قال لي زيدُ بن ثابتٍ: «ما لك تَقرَأُ في المغربِ بقِصَارٍ وقد سَمِعْتُ النبيَّ ﷺ يَقرَأُ بطُولَى الطُّولَيَيْنِ؟!». أخرجه البخاري (764).

ولعلَّ الإطلاقَ الوارد في السورة من بابِ الوصف، لا من باب التسمية؛ وهذا أقرب.

انظر: "أسماء سور القرآن الكريم وفضائلها" لمنيرة الدوسري (ص196).

* مَن أخَذها عُدَّ حَبْرًا:

فعن عائشةَ رضي الله عنها، عن رسولِ الله ﷺ، قال: «مَن أخَذَ السَّبْعَ الأُوَلَ مِن القرآنِ، فهو حَبْرٌ». أخرجه أحمد (24575).

* ومِن عظيم فضلها أنها تقابِلُ التَّوْراةَ مع بقيةِ السُّوَر الطِّوال:

فعن واثلةَ بن الأسقَعِ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أُعطِيتُ مكانَ التَّوْراةِ السَّبْعَ الطِّوالَ». أخرجه أحمد (17023).

أُثِر عن النبيِّ ﷺ قراءتُه لسورة (الأعراف) في صلاةِ المغرب:

فعن مَرْوانَ بن الحكَمِ: أنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ قال: «ما لي أراكَ تَقرأُ في المغربِ بقِصارِ السُّوَرِ وقد رأيتُ رسولَ اللهِ يَقرأُ فيها بأطوَلِ الطُّوليَينِ؟! قلتُ: يا أبا عبدِ اللهِ، ما أطوَلُ الطُّوليَينِ؟ قالَ: الأعرافُ». أخرجه النسائي (٩٨٩).

اشتمَلتْ سورةُ (الأعراف) على عِدَّة موضوعاتٍ؛ وهي على الترتيب:

مهمَّة القرآن ووجوبُ اتباعه (١-٩).

خَلْقُ آدم وعداوةُ الشيطان له (١٠-٢٥).

تحذير الناس من فتنة الشيطان (٢٦-٣٠).

إباحةُ الطيِّبات، وتحريم الفواحش (٣١-٣٤).

إرسال الرسول، وعاقبة التكذيب (٣٥-٤١).

بين أصحاب الجنَّة وأصحاب النار (٤٢-٤٥).

أصحاب الأعراف (٤٦-٥٣).

مظاهر قدرة الله تعالى (٥٤-٥٨).

قصة نوح عليه السلام (٥٩-٦٤).

قصة هود عليه السلام (٦٥-٧٢).

قصة صالح عليه السلام (٧٣-٧٩).

قصة لوط عليه السلام (٨٠-٨٤).
قصة شُعَيب عليه السلام (٨٥-٩٣).

أقوام الأنبياء وموقفُهم من الدعوة (٥٩-٩٣).

سُنَّة الله في المكذِّبين (٩٤-١٠٢).

قصة موسى عليه السلام (١٠٣-١٧١).

موقف فِرْعونَ من دعوة موسى (١٠٣-١٢٦).

البِطانة الفاسدة (١٢٧-١٢٩).

عاقبة الكفار، وحُسْنُ عاقبة المؤمنين (١٣٠-١٣٧).

بنو إسرائيل وعبادة الأصنام (١٣٨-١٤١).

مجيء موسى للميقات (١٤٢-١٤٧).

بنو إسرائيل وعبادة العِجل (١٤٨-١٥٩).

مخالفات بني إسرائيل وانحرافاتهم (١٦٠-١٧١).

أخذُ الميثاق على بني آدم (١٧٢-١٧٨).

أهل النار أضَلُّ من الأنعام (١٧٩-١٨٦).

السؤال عن الساعة (١٨٧-١٨٨).

الناس مخلوقون من نفسٍ واحدة (١٨٩-١٩٥).

أولياء الرحمن (١٩٦-٢٠٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي" لمجموعة من العلماء (3 /9).

اشتملت السُّورةُ على جملةٍ من المقاصدِ العظيمة، ذكَرها ابنُ عاشور رحمه الله؛ وهي:

«التنويهُ بالقرآن، والوعد بتيسيره على النبي ﷺ ليُبلِّغَه.

النهيُ عن اتخاذ الشركاء من دون الله، وإنذارُ المشركين عن سُوءِ عاقبة الشرك في الدنيا والآخرة، ووصفُ حال المشركين وما حَلَّ بهم.

تذكيرُ الناس بنعمة خَلْق الأرض، وتحذيرُهم من التلبُّس ببقايا مكرِ الشيطان.

وصفُ أهوالِ يوم الجزاء للمجرمين، وكراماتِه للمتَّقين.

التذكير بالبعث، وتقريبُ دليله.

النهيُ عن الفساد في الأرض التي أصلَحها اللهُ لفائدة الإنسان.

التذكير ببديعِ ما أوجَده الله لإصلاحِها وإحيائها.

التذكير بما أودَع اللهُ في فطرة الإنسان من وقتِ تكوين أصله أن يَقبَلوا دعوةَ رُسُلِ الله إلى التقوى والإصلاح».

"التحرير والتنوير" لابن عاشور (8/8).