تفسير سورة الأعراف

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة الأعراف من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء ﴾ ( ٢ ).
٤٢٤- هذا بظاهره يوجب الرجوع إلى الكتاب فقط، لكن دل الكتاب على اتباع السنة، والسنة على اتباع الإجماع، والإجماع على القياس، وصار ذلك منزلا، فهو المتبع دون أقوال العباد. [ المستصفى : ٢/٣٨٦ ].
٤٢٥- وجهها : أن الله يحدث في صحائف الأعمال وزنا بحسب درجات الأعمال عند الله تعالى، فتصير مقادير أعمال العباد معلومة للعباد حتى يظهر لهم العدل في العقاب أو الفضل في العفو وتضعيف الثواب [ الإحياء : ١/١٣٦ ].
﴿ وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون ﴾ ( ٩ ).
٤٢٦- فجعلها١ ربك نعمة وطلب الشكر عليها. [ نفسه : ٢/٧٠ ].
١ - أي المعايش..
٤١٢٧- لأجل اكتناف الشهوات للقلب من جوانبه، قال الله تعالى إخبارا عن إبليس :﴿ لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتيناهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ﴾ [ نفسه : ٣/٣١ ].
٤٢٨- قيل في تفسير قوله عز وجل :﴿ لأقعدن لهم صراطك المستقيم ﴾ أي طريق مكة، يقعد الشيطان عليها ليمنع الناس منها [ نفسه : ١/٢٨٦ ]
٤٢٩- قال عز وجل إخبارا عن إبليس اللعين :﴿ لأقعدن لهم صراطك المستقيم ﴾ قيل : هو طريق الشكر. [ نفسه : ٤/١٦ ].
﴿ يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ﴾ ( ٢٥ ).
٤٣٠- قيل في قوله تعالى :﴿ يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم ﴾ يعني العلم ﴿ وريشا ﴾ يعني اليقين ﴿ ولباس التقوى ﴾ يعني الحياء. [ نفسه : ٢٤ ].
﴿ حتى يلج الجمل في سم الخياط ﴾ ( ٣٩ ).
٤٣١- معناه الإبعاد : لا ما يفهم عن صيغة التعليق، فإنه يستحيل أن يطلب من المكلف ما لا يطيق. [ نفسه : ١/١٥ ].
﴿ ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ ( ٤٢ ).
٤٣٢- قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ينادي منادي أهل الجنة : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبدا، فذلك قوله عز وجل :﴿ ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ " ١ [ الإحياء : ٤/٥٧٠ ].
١ - أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري كتاب الجنة ٤/ ٢١٨٢ حديث رقم ٢٨٣٧..
﴿ ثم استوى على العرش ﴾١ ( ٥٣ ).
﴿ ألا له الخلق والأمر ﴾
٤٣٣- الإنسان من عالم الخلق من جانب، ومن عالم الأمر من جانب، فكل شيء يجوز عليه المساحة والمقدار والكيفية من عالم الخلق... وعالم الأمر عبارة عن شيء من الأشياء لا يكون للمساحة والتقدير طريق إليه.
[ كمياء السعادة ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٥ ص ١٢٦ ]
١ - ن تفسير قوله تعالى : ﴿الرحمان على العرش استوى﴾ طه: ٤.
﴿ ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ﴾ ( ٥٤ ).
٤٣٤- قيل معناه : التكلف للاسجاع [ الإحياء : ١/٣٦٣ ].
﴿ إن رحمة الله قريب من المحسنين ﴾ ( ٥٥ ).
٤٣٥- حيث أخبر تعالى بقرب رحمته من المحسنين، وقد قال صلى الله عليه وسلم :( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه )١ فهو يفيد بعد رحمته من غير المحسنين. [ خلاصة التصانيف في التصوف ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٢ ص : ١٣٥ ].
١ - أخرجه البخاري في كتاب الإيمان حديث رقم ٥٠ ومسلم كتاب الإيمان ١/٣٦-٣٧ حديث رقم ١..
﴿ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات ﴾ ( ٥٦ ).
٤٣٦- ﴿ فأنزلنا به الماء ﴾ يعني : السحاب ﴿ فأخرجنا به من كل الثمرات ﴾ يعني : الماء. [ الإحياء : ١/٣٤٦ ].
﴿ قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم ﴾ ( ٧٤ ).
٤٣٧- معناه : الذين استكبروا لمن آمن من الذين استضعفوا. [ نفسه : ١/٣٤٣ ].
﴿ إنكم لتاتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون ﴾ ( ٨٠ ).
٤٣٨- سميت اللواطة : الإسراف [ ميزان العمل : ٣١٧ ]
﴿ أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون ﴾ ( ٩٩ ).
٤٣٩- ربط عدم السماع بالطبع بالذنوب [ الإحياء : ٣/١٣ ].
﴿ سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ﴾.
٤٤٠- قيل في التفسير : سأرفع فهم القرآن عن قلوبهم، وفي بعض التفاسير : سأحجب قلوبهم عن الملكوت، وقال ابن جريج١ : سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها ويعتبروا بها. [ نفسه : ٣/٣٦٤ ].
٤٤١- قال [ الحسن البصري ] : امنع قلوبهم التفكر في أمري. [ نفسه : ٤/٤٥٠ ].
﴿ ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ﴾ [ ١٥٧ ]
٤٤٢- الأغلال معنى الأوزار والأثقال. [ فضائح الباطنية : ١١-١٢ ].
١ - هو عبد المالك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام العلامة الحافظ شيخ الحرم، صاحب التصانيف، وأول من دون العلم بمكة، حدث عن عطاء ونافع وغيرهما، وحدث عنه الأوزاعي والسفيانان وغيرهم ت ١٥٠هـ.
ن. تاريخ بغداد ١٠/ ٤٠٠ وفيات الأعيان: ٣/١٦٣- ١٦٤ وسير أعلام النبلاء ٦/ ٣٢٥-٣٢٦..

﴿ فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بيس بما كانوا يفسقون ﴾.
٤٤٣- فبين أنهم استفادوا النجاة بالنهي عن السوء، ويدل ذلك على الوجوب أيضا. [ الإحياء : ٢/٣٣٤ ]
﴿ فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا ﴾.
٤٤٤- أخبر عن النصارى إذ قال الله تعالى :﴿ فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا ﴾، ومعناه : أنهم :﴿ ورثوا الكتاب ﴾ أي : هم علماء ﴿ يأخذون عرض هذا الأدنى ﴾ أي شهواتهم من الدنيا، حراما كان أو حلالا. [ نفسه : ٣/٤٠٩ ].
﴿ وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ﴾.
٤٤٥- فالمراد : إقرار نفوسهم لا إقرار الألسنة، فإنهم انقسموا في إقرار الألسنة حيث وجدت الألسنة والأشخاص إلى مقر وإلى جاحد. [ الإحياء : ١/١٠٣ ]
٤٤٦- فالمراد بإقرار نفوسهم : المعنى الذي أشرنا إليه من كونها موجودة بالقوة، دون إقرار الألسنة، فإنها لم تحصل من كلهم عند الظهور، بل من بعضهم. [ ميزان العمل : ٣٣٥ ].
٤٤٧- الحياة الأولية١ يوم أشهدهم على أنفسهم ﴿ ألست بربكم قالوا بلى ﴾. [ الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٦ : ص١١٥ ].
٤٤٨- ﴿ بلى ﴾ لاستدراك النفي، ولو قال : نعم، لكان معناه نفي الإلهية. [ المنخول من تعليقات الأصول : ٩٤ ].
١ - الإمام الغزالي يقسم الحياة إلى ثلاثة أنواع : هنالك الحياة الأولى، والحياة الثانية وهي حياة الأنفس، والحياة الثالثة هي الحياة بعد الحساب، ولا يعتد الإمام الغزالي بالحياة الدنيوية لأنها مسخرة للتنعيم. ن الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٦ ص١١٥..
٤٤٩- قال تعالى في قصة بلعام ابن باعوراء ﴿ واتل عليهم نبأ الذين آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ﴾ حتى قال :﴿ فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ﴾ فكذلك العالم الفاجر. فإن بلعام أوتي كتاب الله تعالى فأخلد إلى الشهوات فشبه بالكلب، أي سواء أوتي الحكمة أو لم يؤت فهو يلهث إلى الشهوات. [ الإحياء : ١/٧٤ ].
٤٥٠- قال في بلعم بم باعوراء :﴿ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ﴾ حتى بلغ ﴿ فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما : أوتي بلعم كتابا فأخلد إلى شهوات الأرض، أي سكن حبه إليها، فمثله بالكلب :﴿ إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ﴾ أي سواء آتيته الحكمة أو لم أوته لا يدع شهوته. [ الإحياء : ١/٧٤ ].
٤٥١- كان بحيث إذا نظر يرى العرش، وهو المعني بقوله :﴿ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان ﴾ ولم يكن منه إلا أنه مال إلى الدنيا وأهلها ميلة واحدة... فسلبه معرفته، وجعله بمنزلة الكلب المطرود فقال :﴿ فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث ﴾ فأوقعه في بحر الضلال والهلاك إلى الأبد، حتى سمعت بعض العلماء يقول : إنه كان أول أمره بحيث يكون في مجلسه اثنا عشر ألف محبرة للمتعلمين الذين يكتبون عنه، ثم صار بحيث كان أول من صنف كتابا أن ليس للعالم صانع، نعوذ بالله من سخطه وعذابه العظيم، وفظيع خذلانه الذي لا طاقة لنا به. فانظر إلى خبث الدنيا وشؤمها ماذا تجلب للعلماء خاصة [ منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين : ٢٥٩ ]
٤٥٢- ﴿ واتل عليهم نبأ الذين آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ﴾
تقدير الكلام : أنا أنعمنا على هذا العبد بالنعم العظام، والأيادي الجسام في باب الدين، بما مكناه في ذلك من تحصيل الرتبة الكبيرة، والمنزلة الرفيعة على بابنا ويصير رفيعا عندنا، عظيم القدر، كبير الجاه، ولكنه جهل قدر نعمتنا، فمال إلى الدنيا الخسيسة الحقيرة، وآثر شهوة نفسه الدنيئة الرديئة، ولم يعلم أن الدنيا كلها لا تزن عند الله أدنى نعمة من نعم الدين، ولا تساوي عنده جناح بعوضة، وكان في ذلك بمنزلة الكلب الذي لا يعرف الإكرام من الإهانة، والرفعة من الحقارة، وإنما الكرامة كلها عنده في كسرة يطعم، أو عراق مائدة يرمي إليه، سواء تقعده على سرير معك أو تقيمه في التراب والقذر بين يديك، فهمته وكرامته ونعمته كلها في ذلك.
فهذا العبد السوء إذ جهل قدر نعمتنا، ولم يعرف حق ما آتيناه من كرامتنا وكلت بصيرته، وساء في مقام القربة أدبه بالالتفات إلى غيرنا، والاشتغال عن ذكر نعمتنا، بدنيا حقيرة ولذة خسيسة، فنظرنا إليه نظر السياسة، وأحضرناه ميدان العدل وأمرنا فيه بحكم الجبروت فسلبناه جميع خلعنا وكرماتنا، ونزعنا من قلبه معرفتنا، فانسلخ عاريا عن جميع ما آتيناه من فضلنا، فصار كلبا طريدا، أو شيطانا رجيما، نعوذ بالله، ثم نعوذ بالله من سخطه وأليم عقابه، إنه رؤوف رحيم. [ نفسه : ٣٢٧-٣٢٨ ]
٤٥٣- ﴿ ولكنه اخلد إلى الأرض واتبع هواه ﴾ فكان الميل واتباع الهوى بقلبه، فحمله على ذلك الذنب المشؤوم بنفسه. [ نفسه : ١٤٦ ].
٤٥٤- قال الله تعالى في بلعم بن باعوراء وهو من أكابر العلماء :﴿ فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ﴾ الآية، لأنه أخلد إلى الشهوات [ كتاب الأربعين في أصول الدين : ١١٨ ].
﴿ لهم قلوب لا يفقهون بها ﴾.
٤٥٥- أراد به معاني الإيمان دون الفتاوى.
﴿ أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ﴾.
٤٥٦- ﴿ أولئك كالأنعام بل هم أضل ﴾ وإنما كانوا أضل لأن الأنعام ليس في قوتها طلب درجة الملائكة، فتركها الطلب للعجز، وأما الإنسان ففي قوته ذلك، والقادر على نبل الكمال أحرى بالذم وأجدر بالنسبة إلى الضلال مهما تقاعد عن طلب الكمال. [ نفسه : ٤/٢٨٠ ].
٤٥٧- يتفاوت الناس في الأخذ من الملك تفاوتا لا نهاية له، ومن الناس من لا يأخذ شيئا، وهم المراد بقوله تعالى :﴿ أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ﴾ [ معراج السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ١ ص : ١٠٥ ].
﴿ سندرجهم من حيث لا يعلمون ﴾.
٤٥٨- إنهم كلما أحدثوا ذنبا لهم نعمة ليزيد غرورهم. [ الإحياء : ٣/٤٠٥ ].
٤٥٩- أي نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر، كما قال الشاعر : وسالمتك الليالي فاغترت بها *** وعند صفو الليالي يحدث الكدر [ منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين : ٣٣٢-٣٣٣ ]
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
﴿ ثقلت في السماوات والأرض ﴾.
٤٦٠- معناه خفيت على أهل السماوات والأرض، والشيء إذا خفي ثقل، فأبدل اللفظ به وأقيم ( في ) مقام ( على ). [ الإحياء : ١/٣٤٤ ].
﴿ إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ﴾.
٤٦١- بين أن كل ما سوى الله تعالى عبد مسخر، حاجته مثل حاجتكم فكيف يتوكل عليه ؟ [ نفسه : ٤/٢٦٠ ].
﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ﴾.
٤٦٢- قال النبي صلى الله عليه وسلم :( يا جبريل ما هذا العفو ؟ فقال إن الله تعالى يأمرك أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك }١
٤٦٣- سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حسن الخلق فتلا قوله تعالى :﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ﴾ ثم قال صلى الله عليه وسلم :( هو أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك )٢ [ نفسه : ٣/٥٤ ].
٤٦٤- ﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ﴾ معناه : تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك وتصل من قطعك، وتعرض عمن جهل عليك وتحسن إلى من أساء إليك. [ روضة الطالبين وعمدة السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم٢ : ص ١١٧ ].
١ - لم أقف على تخريج لهذا الحديث بهذا اللفظ..
٢ - قال الحافظ العراقي أخرجه ابن مردويه من حديث جابر وقيس ابن سعد ابن عبادة وأنس بأسانيد حسان. ن المغني بهامش الإحياء: ٣/٥٤.
.

﴿ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ﴾.
٤٦٥- فأخبر أن جلاء القلب وإبصاره يحصل بالذكر، وأنه لا يتمكن منه إلا الذين اتقوا، فالتقوى باب الذكر، والذكر باب الكشف، والكشف باب الفوز الأكبر، وهو الفوز بلقاء الله تعالى. [ الإحياء : ٣/١٤ ].
٤٦٦- ﴿ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ﴾ أي رجعوا إلى نور العلم، ﴿ فإذا هم مبصرون ﴾ أي ينكشف لهم الإشكال، فأما من لم يرض نفسه بالتقوى فيميل طبعه إلى الإذعان بتلبيسه بمتابعة الهوى، فيكثر فيه غلطه ويتعجل هلاكه وهو لا يشعر. [ نفسه : ٣/٣٣ ].
﴿ وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا.. ﴾.
٤٦٧- قيل أراد به الخطبة، سمي قرآنا لاشتمالها عليه، ولأنه يؤدي كلامهم إلى هتلمة١ تمنع الأربعين من السماع. [ الوسيط في المذهب : ٢/٧٥٤ ].
١ - في اللسان : الهتلمة في الكلام الخفي. (هتلم).
﴿ واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين ﴾.
٤٦٨- بين المراتب والأوقات، والذكر الخفي أجمل، إذ ليس فيه أذى لسامعه، وهو خالص عن الرياء والنفاق مثل صوم السر وصدقته والحث عليه كثير. [ سر العالمين وكشف ما في الدارين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٦ ص : ٧٦ ].
٤٦٩- ﴿ ولا تكن من الغافلين ﴾ نهي، وظاهره التحريم. [ الإحياء : ١/١٨٩ ].
سورة الأعراف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

افتُتِحت هذه السُّورة بالتنويه بعظمةِ هذا الكتاب، موضِّحةً مهمةَ القرآن ووجوبَ اتِّباعه، محذِّرةً من الشَّيطان وفتنتِه، كما وصَفتْ هذه السُّورةُ العظيمة أهوالَ يومِ القيامةِ، وخطابَ أهل النَّار لأهل الجنَّة، وحالَ الأعراف، واصفةً ما يَتبَع تلك الأحداثَ، وكذلك اشتملت على كثيرٍ من قصص الأنبياء؛ للدَّلالة على عظمةِ الله وقوَّته، وقهرِه وقُدْرته، وبيَّنتْ حُكْمَ من أطاع واتَّبَع، وحُكْمَ من عصى وابتدع؛ داعيةً للرجوع إلى الله؛ للفوز بالجنَّة، والنَّجاة من النار، وقد أُثِر عن النبيِّ ﷺ قراءتُه لها في صلاة المغرب.

ترتيبها المصحفي
7
نوعها
مكية
ألفاظها
3343
ترتيب نزولها
39
العد المدني الأول
206
العد المدني الأخير
206
العد البصري
205
العد الكوفي
206
العد الشامي
205

* قوله تعالى: ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٖ وَكُلُواْ وَاْشْرَبُواْ﴾ [الأعراف: 31]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كانت المرأةُ تطُوفُ بالبيتِ وهي عُرْيانةٌ، فتقولُ: مَن يُعِيرُني تِطْوافًا؟ تَجعَلُهُ على فَرْجِها، وتقولُ:

اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ***فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ

فنزَلتْ هذه الآيةُ: ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٖ﴾ [الأعراف: 31]». أخرجه مسلم (٣٠٢٨).

* (الأعراف):

سُمِّيتْ بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ (الأعراف).

* (طُولَى الطُّولَيَينِ):

لِما جاء عن مَرْوانَ بن الحكَمِ، قال: قال لي زيدُ بن ثابتٍ: «ما لك تَقرَأُ في المغربِ بقِصَارٍ وقد سَمِعْتُ النبيَّ ﷺ يَقرَأُ بطُولَى الطُّولَيَيْنِ؟!». أخرجه البخاري (764).

ولعلَّ الإطلاقَ الوارد في السورة من بابِ الوصف، لا من باب التسمية؛ وهذا أقرب.

انظر: "أسماء سور القرآن الكريم وفضائلها" لمنيرة الدوسري (ص196).

* مَن أخَذها عُدَّ حَبْرًا:

فعن عائشةَ رضي الله عنها، عن رسولِ الله ﷺ، قال: «مَن أخَذَ السَّبْعَ الأُوَلَ مِن القرآنِ، فهو حَبْرٌ». أخرجه أحمد (24575).

* ومِن عظيم فضلها أنها تقابِلُ التَّوْراةَ مع بقيةِ السُّوَر الطِّوال:

فعن واثلةَ بن الأسقَعِ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أُعطِيتُ مكانَ التَّوْراةِ السَّبْعَ الطِّوالَ». أخرجه أحمد (17023).

أُثِر عن النبيِّ ﷺ قراءتُه لسورة (الأعراف) في صلاةِ المغرب:

فعن مَرْوانَ بن الحكَمِ: أنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ قال: «ما لي أراكَ تَقرأُ في المغربِ بقِصارِ السُّوَرِ وقد رأيتُ رسولَ اللهِ يَقرأُ فيها بأطوَلِ الطُّوليَينِ؟! قلتُ: يا أبا عبدِ اللهِ، ما أطوَلُ الطُّوليَينِ؟ قالَ: الأعرافُ». أخرجه النسائي (٩٨٩).

اشتمَلتْ سورةُ (الأعراف) على عِدَّة موضوعاتٍ؛ وهي على الترتيب:

مهمَّة القرآن ووجوبُ اتباعه (١-٩).

خَلْقُ آدم وعداوةُ الشيطان له (١٠-٢٥).

تحذير الناس من فتنة الشيطان (٢٦-٣٠).

إباحةُ الطيِّبات، وتحريم الفواحش (٣١-٣٤).

إرسال الرسول، وعاقبة التكذيب (٣٥-٤١).

بين أصحاب الجنَّة وأصحاب النار (٤٢-٤٥).

أصحاب الأعراف (٤٦-٥٣).

مظاهر قدرة الله تعالى (٥٤-٥٨).

قصة نوح عليه السلام (٥٩-٦٤).

قصة هود عليه السلام (٦٥-٧٢).

قصة صالح عليه السلام (٧٣-٧٩).

قصة لوط عليه السلام (٨٠-٨٤).
قصة شُعَيب عليه السلام (٨٥-٩٣).

أقوام الأنبياء وموقفُهم من الدعوة (٥٩-٩٣).

سُنَّة الله في المكذِّبين (٩٤-١٠٢).

قصة موسى عليه السلام (١٠٣-١٧١).

موقف فِرْعونَ من دعوة موسى (١٠٣-١٢٦).

البِطانة الفاسدة (١٢٧-١٢٩).

عاقبة الكفار، وحُسْنُ عاقبة المؤمنين (١٣٠-١٣٧).

بنو إسرائيل وعبادة الأصنام (١٣٨-١٤١).

مجيء موسى للميقات (١٤٢-١٤٧).

بنو إسرائيل وعبادة العِجل (١٤٨-١٥٩).

مخالفات بني إسرائيل وانحرافاتهم (١٦٠-١٧١).

أخذُ الميثاق على بني آدم (١٧٢-١٧٨).

أهل النار أضَلُّ من الأنعام (١٧٩-١٨٦).

السؤال عن الساعة (١٨٧-١٨٨).

الناس مخلوقون من نفسٍ واحدة (١٨٩-١٩٥).

أولياء الرحمن (١٩٦-٢٠٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي" لمجموعة من العلماء (3 /9).

اشتملت السُّورةُ على جملةٍ من المقاصدِ العظيمة، ذكَرها ابنُ عاشور رحمه الله؛ وهي:

«التنويهُ بالقرآن، والوعد بتيسيره على النبي ﷺ ليُبلِّغَه.

النهيُ عن اتخاذ الشركاء من دون الله، وإنذارُ المشركين عن سُوءِ عاقبة الشرك في الدنيا والآخرة، ووصفُ حال المشركين وما حَلَّ بهم.

تذكيرُ الناس بنعمة خَلْق الأرض، وتحذيرُهم من التلبُّس ببقايا مكرِ الشيطان.

وصفُ أهوالِ يوم الجزاء للمجرمين، وكراماتِه للمتَّقين.

التذكير بالبعث، وتقريبُ دليله.

النهيُ عن الفساد في الأرض التي أصلَحها اللهُ لفائدة الإنسان.

التذكير ببديعِ ما أوجَده الله لإصلاحِها وإحيائها.

التذكير بما أودَع اللهُ في فطرة الإنسان من وقتِ تكوين أصله أن يَقبَلوا دعوةَ رُسُلِ الله إلى التقوى والإصلاح».

"التحرير والتنوير" لابن عاشور (8/8).