تفسير سورة العلق

تفسير البغوي

تفسير سورة سورة العلق من كتاب معالم التنزيل المعروف بـتفسير البغوي.
لمؤلفه البغوي . المتوفي سنة 516 هـ

فِي الْعَشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ.
سُورَةُ الْعَلَقِ
مَكِّيَّةٌ [وهي تسع عشرة آية] [١]
[سورة العلق (٩٦) : آيَةً ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)، أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: عَلَى أَنَّ هَذِهِ أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ خَمْسُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى قَوْلِهِ: مَا لَمْ يَعْلَمْ.
«٢٣٦٩» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، وَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءَ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ، وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ:
اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فغطَّني الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فدخل على خديجة بنت
٢٣٦٩- إسناده صحيح على شرط البخاري.
- يحيى هو ابن عبد الله، وينسب إلى جده، الليث هو ابن سعد، عقيل هو ابن خالد، ابن شهاب هو الزهري اسمه محمد ابن مسلم، عروة هو ابن الزبير.
- وهو في «شرح السنة» ٣٦٢٩ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٣ و٤٩٥٣ و٦٩٨٢ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ بِهَذَا الإسناد.
- وأخرجه الواحدي في «الوسيط» ٤/ ٥٢٧- ٥٢٨ من طريق يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
- وأخرجه البخاري ٣٣٩٢ ومسلم ١٦٠ ح ١٥٤ والطيالسي ١٤٦٧ والطبري ٣٧٦٦٤ وأبو عوانة ١/ ١١٠ و١١٣ من طرق عن الزهري به.
- وأخرجه البخاري ٤٩٥٦ و٦٩٨٢ ومسلم ١٦٠ ح ٢٥٣ وأحمد ٦/ ٢٣٢- ٢٣٣ وابن حبان ٣٣ وأبو عوانة ١/ ١١٣ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ١٣٥- ١٣٦ وأبو نعيم في «الدلائل» ١/ ٢٧٥- ٢٧٧ من طرق عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عن الزهري به وهو في «مصنف عبد الرزاق» برقم ٩٧١٩.
(١) زيد في المطبوع.
خُوَيْلِدٍ، فَقَالَ: زمِّلُونِي زمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ مَا لِي؟ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، وَقَالَ:
لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لِتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتُقِرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنِ عَمِّ خَدِيجَةَ، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ مَا يَقُولُ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: أو مخرجي هُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رجل قط بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة إلى أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الْوَحْيُ.
«٢٣٧٠» وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بن محمد ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عائشة وذكر الحديث، وقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) حَتَّى بَلَغَ مَا لَمْ يَعْلَمْ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَقَالَ [١] : وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كي [٢] يتردى من رؤوس شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ مِنْهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقَرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.
«٢٣٧١» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَانَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حامد الوراق أنا مكي بن عبدان أنا عبد الرحمن بن بشر ثنا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَجَازُهُ: اقْرَأِ اسْمَ رَبِّكَ يَعْنِي أَنَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ، وَالْمَعْنَى: اذْكُرِ اسْمَهُ، أُمِرَ أَنْ يَبْتَدِئَ الْقِرَاءَةَ بِاسْمِ اللَّهِ تَأْدِيبًا، الَّذِي خَلَقَ قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي الْخَلَائِقَ ثُمَّ فَسَّرَهُ فقال:
[سورة العلق (٩٦) : الآيات ٢ الى ١٠]
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥) كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦)
أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (٧) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠)
٢٣٧٠- هذه الرواية عند البخاري برقم: ٦٩٨٢.
٢٣٧١- صحيح. إسناده ضعيف، فيه عنعنة ابن إسحاق، وهو مدلس، لكن للحديث شواهد وطرق، منها المتقدم.
- وأخرجه الطبري ٣٧٦٦٨ والواحدي في «الوسط» ٤/ ٥٢٨ من طريق عبد الرحمن بن بشر بهذا الإسناد.
- وصححه الحاكم على شرط مسلم! ووافقه الذهبي! مع أن مسلما روى لابن إسحاق متابعة.
- وأخرجه الحاكم ٢/ ٥٢٩ من طريق الحميدي عن سفيان عن الزهري به، وقال الحاكم: لم يسمعه ابن عيينة من الزهري.
- قلت: ذكر الحاكم هذه الطريق قبل الطريق المتقدمة، لذا ذكر الواسطة بين سفيان والزهري، وهو محمد بن إسحاق.
(١) قوله، وقال: هو مدرج من كلام الزهري، فهو مرسل، ومراسيل الزهري واهية، وهي زيادة منكرة لا تصح.
- وتقدم تخريجه.
(٢) في المطبوع «حتى».
خَلَقَ الْإِنْسانَ يعني ابْنَ آدَمَ، مِنْ عَلَقٍ، جَمْعُ عَلَقَةٍ.
اقْرَأْ، كَرَّرَهُ تَأْكِيدًا ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، فَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْحَلِيمُ عَنْ جَهْلِ الْعِبَادِ لَا يَعْجَلُ عَلَيْهِمْ بِالْعُقُوبَةِ.
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤)، يَعْنِي الْخَطَّ وَالْكِتَابَةَ.
عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)، مِنْ أَنْوَاعِ الْهُدَى وَالْبَيَانِ. وَقِيلَ: عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا. وَقِيلَ:
الْإِنْسَانُ هَاهُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيَانُهُ: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ
[النِّسَاءَ: ١١٣].
كَلَّا، حَقًّا، إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى، لَيَتَجَاوَزُ حَدَّهُ وَيَسْتَكْبِرُ عَلَى رَبِّهِ.
أَنْ، لِأَنْ، رَآهُ اسْتَغْنى، أَنْ رَأَى نَفْسَهُ غَنِيًّا، قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَرْتَفِعُ عَنْ مَنْزِلَةٍ إِلَى مَنْزِلَةٍ فِي اللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِمَا.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ كَانَ إِذَا أَصَابَ مَالًا زَادَ فِي ثِيَابِهِ وَمَرْكَبِهِ وَطَعَامِهِ فَذَلِكَ طُغْيَانُهُ.
إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى
(٨)، أَيِ المرجع في الآخرة.
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠)، نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ.
«٢٣٧٢» أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عِيسَى الْجُلُودِيُّ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ ثَنَا مسلم بن الحجاج ثَنَا عُبَيْدُ [١] اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ قالا ثنا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنِي نَعِيمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ فَقِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لْأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ وَلِأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ، قَالَ: فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، زعم لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَمَا فَجَأَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، قَالَ فَقِيلَ له: مالك يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ، وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا»، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ- لَا نَدْرِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ شَيْءٍ بَلَغَهُ- كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (٧) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠) الْآيَاتِ. وَمَعْنَى أَرَأَيْتَ هَاهُنَا تَعْجِيبٌ لِلْمُخَاطَبِ، وَكَرَّرَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لِلتَّأْكِيدِ.
[سورة العلق (٩٦) : الآيات ١١ الى ١٩]
أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى (١٤) كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (١٥)
ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (١٨) كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)
٢٣٧٢- إسناده على شرط مسلم.
- معتمر هو ابن سليمان بن طرخان التيمي، أبو حازم هو سلمة بن دينار.
- وهو في «صحيح مسلم» ٢٧٩٧ عن عبيد اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الأعلى القيسي بهذا الإسناد.
- وأخرجه النسائي في «الكبرى» ١١٦٨٣ وأحمد ٢/ ٣٧٠ وابن حبان ٦٥٧١ والبيهقي ٢/ ٨٩ وأبو نعيم في «الدلائل» ١٥٨ والواحدي في «الوسيط» ٤/ ٥٢٩ من طرق عن معتمر بن سليمان به.
- وأخرجه الطبري ٣٧٦٨٧ من طريق ابن ثور عن أبيه عن نعيم بن أبي هند به.
(١) في المطبوع «عبد» وهو خطأ.
281
أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١)، يَعْنِي الْعَبْدَ الْمَنْهِيَّ وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢)، يَعْنِي بِالْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ.
أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ، يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ، وَتَوَلَّى، عَنِ الْإِيمَانِ، وَتَقْدِيرُ نَظْمِ الْآيَةِ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عبدا إذا صلى وهو عَلَى الْهُدَى، آمِرٌ بِالتَّقْوَى، وَالنَّاهِي مُكَذِّبٌ مُتَوَلٍّ عَنِ الْإِيمَانِ، فَمَا أَعْجَبَ مِنْ هَذَا.
أَلَمْ يَعْلَمْ، يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ، بِأَنَّ اللَّهَ يَرى، ذَلِكَ فَيُجَازِيهِ بِهِ.
كَلَّا، لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ، عن إيذاء مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتكذيبه، لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ، لنأخذن بناصيته فلنجزنه إِلَى النَّارِ، كَمَا قَالَ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ [الرحمن: ٤١]، يقال: سعفت بِالشَّيْءِ إِذَا أَخَذْتُهُ وَجَذَبْتُهُ جَذْبًا شديدا، والناصية: شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ.
ثُمَّ قَالَ عَلَى الْبَدَلِ: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦)، أَيْ صَاحِبُهَا كَاذِبٌ خَاطِئٌ.
«٢٣٧٢» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَهَى أَبُو جَهْلٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ انْتَهَرَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فقال أبو جهل أتنتهرني؟ فو الله لَأَمْلَأَنَّ عَلَيْكَ هَذَا الْوَادِي إِنْ شِئْتَ خَيْلًا جُرْدًا وَرِجَالًا مُرْدًا.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧)، أَيْ قَوْمَهُ وَعَشِيرَتَهُ، أَيْ فَلْيَسْتَنْصِرْ بِهِمْ.
سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (١٨)، جَمْعُ زِبْنِيٌّ مَأْخُوذٌ مِنَ الزِّبْنِ، وَهُوَ الدَّفْعُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ زَبَانِيَةَ جَهَنَّمَ سَمُّوا بِهَا لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ أَهْلَ النَّارِ إِلَيْهَا، قَالَ الزَّجَّاجُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ الْغِلَاظُ الشِّدَادُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لَأَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ اللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ: كَلَّا، لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَبُو جَهْلٍ، لَا تُطِعْهُ، فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَاسْجُدْ، صِلِّ لِلَّهِ، وَاقْتَرِبْ، مِنَ اللَّهِ.
«٢٣٧٣» أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ [١] عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاشَانِيُّ أَنَا أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ ثنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللؤلؤي ثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الأشعث ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عمرو بن السرح [٢] وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا [ابْنُ] [٣] وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فأكثروا الدعاء».
٢٣٧٢- صحيح. أخرجه الترمذي ٣٣٤٩ والنسائي ١١٦٨٤ وأحمد ١/ ٢٥٦ والطبري ٣٧٦٨٥ و٣٧٦٨٦ من طرق عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وإسناده صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي.
٢٣٧٣- إسناده صحيح على شرط مسلم.
- ابن وهب هو عبد الله، سميّ هو مولى أبي بن بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارث، أبو صالح اسمه ذكوان مشهور بكنيته.
- وهو في «شرح السنة» ٦٥٩.
- وهو في «سنن أبي داود» ٨٧٥ عن أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عمرو، ومحمد بن سلمة بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٤٨٢ والنسائي ٢/ ٢٢٦ وأحمد ٢/ ٤٢١ وأبو يعلى ٦٦٥٨ وابن حبان ١٩٢٨ وأبو عوانة ٢/ ١٨٠ والبيهقي ٢/ ١١٠ من طرق عن ابن وهب به. [.....]
(١) تصحف في المطبوع «ظاهر».
(٢) تصحف في المطبوع «السراج».
(٣) سقط من المطبوع.
282
سورة العلق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العَلَق) من السُّوَر المكية، وهي أولُ سورةٍ نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بدأت بأمرِ النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة؛ ليُعلِّمَه اللهُ عز وجل هذا الكتابَ، وقد جاءت على ذِكْرِ عظمة الله، وتذكيرِ الإنسان بخَلْقِ الله له من عدمٍ، وخُتمت بتأييد الله للنبي صلى الله عليه وسلم، ونصرِه له، وكفايتِه أعداءَه.

ترتيبها المصحفي
96
نوعها
مكية
ألفاظها
72
ترتيب نزولها
1
العد المدني الأول
20
العد المدني الأخير
20
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
18

* قوله تعالى: {كَلَّآ إِنَّ اْلْإِنسَٰنَ لَيَطْغَىٰٓ ٦ أَن رَّءَاهُ اْسْتَغْنَىٰٓ ٧ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ اْلرُّجْعَىٰٓ ٨ أَرَءَيْتَ اْلَّذِي يَنْهَىٰ ٩ عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰٓ ١٠ أَرَءَيْتَ إِن كَانَ عَلَى اْلْهُدَىٰٓ ١١ أَوْ أَمَرَ بِاْلتَّقْوَىٰٓ ١٢ أَرَءَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ ١٣ أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اْللَّهَ يَرَىٰ ١٤ كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعَۢا بِاْلنَّاصِيَةِ ١٥ نَاصِيَةٖ كَٰذِبَةٍ خَاطِئَةٖ ١٦ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُۥ ١٧ سَنَدْعُ اْلزَّبَانِيَةَ ١٨ كَلَّا لَا تُطِعْهُ} [العلق: 13-19]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: «قال أبو جهلٍ: هل يُعفِّرُ مُحمَّدٌ وجهَه بَيْنَ أظهُرِكم؟ قال: فقيل: نَعم، فقال: واللَّاتِ والعُزَّى، لَئِنْ رأَيْتُه يَفعَلُ ذلك، لَأَطأنَّ على رقَبتِه، أو لَأُعفِّرَنَّ وجهَه في التُّرابِ، قال: فأتى رسولَ اللهِ ﷺ وهو يُصلِّي، زعَمَ لِيطأَ على رقَبتِه، قال: فما فَجِئَهم منه إلا وهو يَنكِصُ على عَقِبَيهِ، ويَتَّقي بيدَيهِ، قال: فقيل له: ما لكَ؟ فقال: إنَّ بَيْني وبَيْنَه لَخَنْدقًا مِن نارٍ، وهَوْلًا، وأجنحةً، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «لو دنَا منِّي، لَاختطَفَتْهُ الملائكةُ عضوًا عضوًا»، قال: فأنزَلَ اللهُ عز وجل - لا ندري في حديثِ أبي هُرَيرةَ، أو شيءٌ بلَغَه -: {كَلَّآ إِنَّ اْلْإِنسَٰنَ لَيَطْغَىٰٓ ٦ أَن رَّءَاهُ اْسْتَغْنَىٰٓ ٧ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ اْلرُّجْعَىٰٓ ٨}؛ يَعني: أبا جهلٍ، {أَرَءَيْتَ اْلَّذِي يَنْهَىٰ ٩ عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰٓ ١٠ أَرَءَيْتَ إِن كَانَ عَلَى اْلْهُدَىٰٓ ١١ أَوْ أَمَرَ بِاْلتَّقْوَىٰٓ ١٢ أَرَءَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ ١٣ أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اْللَّهَ يَرَىٰ ١٤ كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعَۢا بِاْلنَّاصِيَةِ ١٥ نَاصِيَةٖ كَٰذِبَةٍ خَاطِئَةٖ ١٦ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُۥ ١٧ سَنَدْعُ اْلزَّبَانِيَةَ ١٨ كَلَّا لَا تُطِعْهُ} [العلق: 13-19]». زاد عُبَيدُ اللهِ في حديثِه قال: «وأمَرَه بما أمَرَه به». وزادَ ابنُ عبدِ الأعلى: «{فَلْيَدْعُ نَادِيَهُۥ}؛ يَعني: قومَهُ». أخرجه مسلم (٢٧٩٧).

* سورة (العَلَق):

سُمِّيت سورة (العَلَق) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (العَلَق) في أولها؛ قال تعالى: {اْقْرَأْ بِاْسْمِ رَبِّكَ اْلَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ اْلْإِنسَٰنَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 1-2].

* وكذلك تُسمَّى بسورة {اْقْرَأْ}، و{اْقْرَأْ بِاْسْمِ رَبِّكَ}؛ للسبب نفسه.

1. الخَلْقُ والتعليم مُوجِب للشكر (١-٥).

2. انحرافُ صِنْفٍ من البشر عن الشكر (٦-٨).

3. صورة من صُوَر طغيان البشر (٩-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /253).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «تلقينُ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الكلامَ القرآني وتلاوتَه؛ إذ كان لا يَعرِف التلاوةَ من قبل.
والإيماء إلى أنَّ عِلْمَه بذلك مُيسَّر؛ لأن اللهَ الذي ألهم البشرَ العلمَ بالكتابة قادرٌ على تعليم من يشاءُ ابتداءً.
وإيماء إلى أن أمَّتَه ستَصِير إلى معرفة القراءة والكتابة والعلم.
وتوجيهه إلى النظر في خلقِ الله الموجودات، وخاصةً خَلْقَه الإنسانَ خَلْقًا عجيبًا مستخرَجًا من علَقةٍ، فذلك مبدأ النظر.
وتهديد مَن كذَّب النبيَّ صلى الله عليه وسلم وتعرَّضَ ليصُدَّه عن الصلاة والدعوة إلى الهدى والتقوى.
وإعلام النبي صلى الله عليه وسلم أن اللهَ عالمٌ بأمرِ مَن يناوُونه، وأنه قامِعُهم، وناصرُ رسولِه.
وتثبيت الرسول على ما جاءه من الحقِّ، والصلاة، والتقرب إلى الله.
وألا يعبأ بقوةِ أعدائه؛ لأن قوَّةَ الله تقهرهم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /434).