تفسير سورة الفيل

معاني القرآن

تفسير سورة سورة الفيل من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم.
قوله عز وجل :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ ﴾.
يقول : ألم تُخبرَ عن الحبشة، وكانوا غزوا البيت وأهلَ مكة، فلما كانوا بذي المجاز مروا براعٍ لعبد المطلب فاستاقوا إبله، فركب دابته وجاء إلى مكة، فصرخ بصراخ الفزع ثم أخبرهم الخبر، فجال عبد المطلب في متن فرسه ثم لحقهم، فقال له رجلان من كندة وحضرموت : ارجع [ ١٤٩/ا ]، وكانا صديقين له، فقال : والله لا أبرح حتى آخذ إبلي، أو أُوخَذَ معها، فقالوا لأَصْحمة رئيس الحبشة : أرددها عليه ؛ فإنه آخذها غدوة، فرجع بإبله، وأخبر أهل مكة الخبر، فمكثوا أياما لا يرون شيئًا، فعاد عبد المطلب إلى مكانهم فإِذا هم كما قال الله تبارك وتعالى :«كالْعَصْف المأكُولِ » قد بعث الله تبارك وتعالى عليهم طيرا في مناقيرها الحجارة كبعر الغنم، فكان الطائر يرسل الحجر فلا يخطئ رأس صاحبه، فيخرج من دبره فقتلتهم جميعا، فأخذ عبد المطلب من الصفراء والبيضاء يعني : الذهب والفضة ما شاء، ثم رجع إلى أهل مكة فأخبرهم، فخرجوا إلى عسكرهم فانتهبوا ما فيه.
وقوله عز وجل :﴿ أَبَابِيلَ ﴾.
لا واحد لها، مثل : الشماطيط، والعباديد، والشعارير، كل هذا لا يفرد له واحد، وزعم لي الرؤاسي -وكان ثقة مأمونا- أنه سمع واحدها : إِبَّالة، لا ياء فيها. ولقد سمعت من العرب من يقول :«ضِغث على إبَّالة »، يريدون : خِصب على خِصب. وأما الإيبالة : فهي الفضلة تكون على حمل الحمار أو البعير من العلف، وهو مثل الخِصبِ على الخصب، وحمل فوق حمل، فلو قال قائل : واحد الأبابيل إيبالة كان صوابا، كما قالوا : دينار دنانير. وقد قال بعض النحويين- وهو الكسائي- : كنت أسمع النحويين يقولون : أبوك مثل العِجّول والعجاجيل.
ويقال :﴿ سِجِّيلٍ ﴾ كالآجر مطبوخ من طين، فقال الكلبي : حدثني أبو صالح قال : رأيت في بيت أم هانئ بنت أبي طالب نحوا من قفيز من تلك الحجارة سودا مخططة بحمرة.
وقوله عز وجل :﴿ كَعَصْفٍ ﴾.
والعصف : أطراف الزرع قبل أن يدرك ويسنبل.
سورة الفيل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفيل) من السُّوَر المكية، وفيها تذكيرُ قُرَيش بقدرة الله عز وجل؛ إذ حمَى بيته ممن يَكِيد له، وانفرَد بحمايته دُونَ الأصنام العاجزة عن ذلك، وفيها تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بأن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفعَ كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه.

ترتيبها المصحفي
105
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
19
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفيل):

سُمِّيت سورة (الفيل) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ قصة (الفيل) فيها، ولم يَرِدْ في غيرها.

قدرة الله في تعذيبِ مَن انتهَك حُرْمةَ بيته (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /353).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «قد تضمَّنتِ التذكيرَ بأن الكعبة حرَمُ الله، وأن اللهَ حماه ممن أرادوا به سوءًا، أو أظهَرَ غضبَه عليهم فعذَّبهم؛ لأنهم ظلموا بطمعِهم في هدمِ مسجد إبراهيم وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيدًا، وليكونَ ما حَلَّ بهم تذكرةً لقريش بأن فاعل ذلك هو ربُّ ذلك البيت، وأنْ لا حظَّ فيه للأصنام التي نصَبوها حوله.
وتنبيهَ قُرَيش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند الله؛ إذ أهلَك أصحابَ الفيل في عام ولادته.
ومِن وراء ذلك تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن اللهَ يدفع عنه كيدَ المشركين؛ فإن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفع كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه، ويُشعِر بهذا قولُه: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٖ} [الفيل: 2].
ومن وراء ذلك كلِّه التذكير بأن اللهَ غالبٌ على أمره، وألا تغُرَّ المشركين قوَّتُهم ووفرةُ عددهم، ولا يُوهِنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تألُّبُ قبائلهم عليه؛ فقد أهلك اللهُ من هو أشدُّ منهم قوةً، وأكثَرُ جمعًا». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /543-544).