تفسير سورة الفيل

فتح الرحمن في تفسير القرآن

تفسير سورة سورة الفيل من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن المعروف بـفتح الرحمن في تفسير القرآن.
لمؤلفه مجير الدين العُلَيْمي . المتوفي سنة 928 هـ

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾.
[١] قال الله تعالى مُعَجِّبًا من قصتهم، مخاطبًا نبيه - ﷺ -: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ أي: تعلم ﴿كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ نُسبوا إليه؛ لأنه كان مقدَّمهم.
* * *
﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢)﴾.
[٢] ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ﴾ مكرَهم فيما أرادوا من تخريب الكعبة.
﴿فِي تَضْلِيلٍ﴾ تضييع وإبطال.
* * *
﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣)﴾.
[٣] ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا﴾ لها خراطيمُ كخراطيم الطير، وأَكُفُّ كأكفِّ الكلاب، وكانت سودًا ﴿أَبَابِيلَ﴾ جماعات في تفرقة يتبع بعضُها بعضًا.
* * *
﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤)﴾.
[٤] ﴿تَرْمِيهِمْ﴾ أَي: الطيرُ ﴿بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيل﴾ طينٍ مطبوخ بالنار، فصاحت الطيور، ورمتهم بالحجارة، وبعث الله ريحًا فضربت الحجارة، فزادتها شدة، فما وقع حجر على رجل إِلَّا خرج من الجانب الآخر، وإن وقع على رأسه خرج من دبره.
* * *
﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾.
[٥] ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ﴾ ورق الزرع، وهو التبن ﴿مَأْكُولٍ﴾ أكلته الدواب فراثَتْه فيبس وتفرقت أجزاؤه، شبه تقطع أوصالهم تفرق أجزاء الروث، والله أعلم.
* * *
سورة الفيل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفيل) من السُّوَر المكية، وفيها تذكيرُ قُرَيش بقدرة الله عز وجل؛ إذ حمَى بيته ممن يَكِيد له، وانفرَد بحمايته دُونَ الأصنام العاجزة عن ذلك، وفيها تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بأن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفعَ كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه.

ترتيبها المصحفي
105
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
19
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفيل):

سُمِّيت سورة (الفيل) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ قصة (الفيل) فيها، ولم يَرِدْ في غيرها.

قدرة الله في تعذيبِ مَن انتهَك حُرْمةَ بيته (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /353).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «قد تضمَّنتِ التذكيرَ بأن الكعبة حرَمُ الله، وأن اللهَ حماه ممن أرادوا به سوءًا، أو أظهَرَ غضبَه عليهم فعذَّبهم؛ لأنهم ظلموا بطمعِهم في هدمِ مسجد إبراهيم وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيدًا، وليكونَ ما حَلَّ بهم تذكرةً لقريش بأن فاعل ذلك هو ربُّ ذلك البيت، وأنْ لا حظَّ فيه للأصنام التي نصَبوها حوله.
وتنبيهَ قُرَيش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند الله؛ إذ أهلَك أصحابَ الفيل في عام ولادته.
ومِن وراء ذلك تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن اللهَ يدفع عنه كيدَ المشركين؛ فإن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفع كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه، ويُشعِر بهذا قولُه: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٖ} [الفيل: 2].
ومن وراء ذلك كلِّه التذكير بأن اللهَ غالبٌ على أمره، وألا تغُرَّ المشركين قوَّتُهم ووفرةُ عددهم، ولا يُوهِنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تألُّبُ قبائلهم عليه؛ فقد أهلك اللهُ من هو أشدُّ منهم قوةً، وأكثَرُ جمعًا». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /543-544).