تفسير سورة الإسراء

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة الإسراء من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ إنه كان عبدا شكورا ﴾ [ الإسراء : ٣ ].
٥٧٩- ابن كثير : قال مالك عن زيد بن أسلم : كان يحمد الله على كل حال. ١
١ - تفسير القرآن العظيم: ٣/٢٥..
الآية الثانية : قوله تعالى :﴿ فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ﴾ [ الإسراء : ٥ ].
٥٨٠- ابن العربي : روى ابن القاسم، عن مالك إذا خرج على الإمام العدل خارج وجب الدفع عنه، مثل عمر بن عبد العزيز، فأما غيره فدعه ينتقم الله من ظالم بمثله ثم ينتقم من كليهما. قال الله تعالى :﴿ فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ﴾. ١
قال مالك : إذا بويع الإمام فقام عليه إخوانه قوتلوا إذا كان الأول عدلا، فأما هؤلاء فلا بيعة لهم إذا كان بويع لهم على الخوف.
قال مالك : ولابد من إمام بر وفاجر.
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ٤/١٧٢١-١٧٢٢..
الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ﴾ [ الإسراء : ٩ ].
٥٨١- الثعالبي : قال الباجي : قال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : إن استطعت أن تجعل القرآن إماما فافعل فهو الإمام الذي يهدي إلى الجنة. ١
١ - الجواهر الحسان: ٢/٣٣٢..
الآية الرابعة : قوله تعالى :﴿ أمرنا مترفيها ﴾ [ الإسراء : ١٦ ].
٥٨٢- ابن كثير : قال مالك : عن الزهري :﴿ أمرنا مترفيها ﴾ : أكثرنا. ١
١ - تفسير القرآن العظيم: ٣/٣٤..
الآية الخامسة : قوله تعالى :﴿ فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ﴾ [ الإسراء : ٢٣ ].
٥٨٣- ابن العربي : قال أشهب : سمعت مالكا يقول : لا يقل لهما أف وإن أخذا ماله وأعنتاه، وسمعته مرة أخرى يقول : لا تشرد النظر إليهما. ١
١ - القبس: ٣/١٠٧٣ كتاب التفسير. وقد عقب ابن العربي على تفسير مالك قائلا: "هذه الآية أصل في بر الوالدين وقد قرر الله عز وجل حفظهما بحقه فقال: ﴿أن اشكر لي ولوالديك﴾ [لقمان: ١٤]. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الكبائر، فقال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين" فبين الله عز وجل في هذه الآية: كيفية البر بتحديد الأقل من المعصية فيهما، وهو: التأفف كراهية لهما أو لما يصدر عنهما، من قول أو فعل. ونزل مالك بفضل علمه الفعل بمنزلة القول فقال: لا تشرد النظر إليهما، لأن تشريد النظر تأفيف أو أكثر منه. وهذه الآية من أصول القرآن في علم الأصول والأحكام".
وقال القرطبي في الجامع: "روى عن مالك: أن رجلا قال له: إن أبي في بلد السودان، وقد كتب إلي أن أقدم عليه، وأمي تمنعني من ذلك فقال له: أطع أباك، ولا تعص أمك. فدل قول مالك هذا أن برهما متساو عنده": ١٠/ ٢٣٩..

الآية السادسة : قوله تعالى :﴿ فإنه كان للأوابين غفورا ﴾ [ الإسراء : ٢٥ ].
٥٨٤- ابن جرير : حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال : حدثني مالك، عن يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب ﴿ فإنه كان للأوابين غفورا ﴾ قال : هو العبد يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب. ١
١ -جامع البيان: م٩ج١٥/٧٠. وينظر: الهداية: ٢٣٧م خ ع ق ٥٨، وأحكام الجصاص: ٣/١٩٧، والبيان والتحصيل: ١٨/٥١٣ وتفسير عبد الله بن وهب: ١/٤٧-٤٨..
الآية السابعة : قوله تعالى :﴿ ولا تبذر تبذيرا ﴾ [ الإسراء : ٢٦ ].
٥٨٥- ابن العربي : قال أشهب، عن مالك : التبذير هو منعه من حقه، ووضعه في غير حقه. ١
١ -أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٢٠٣. وينظر: البيان والتحصيل: ١٨/٣٠٧، والجامع: ١٠/ ٢٤٧..
الآية الثامنة : قوله تعالى :﴿ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا ﴾ [ الإسراء : ٣٣ ].
٥٨٦- ابن العربي : قال ابن وهب : قال مالك : السلطان، أمر الله في أرضه. ١
١ -أحكام القرآن لابن العربي: ٣/ ١٢٠٨. وينظر: تفسير ابن كثير: ١٠/٢٥٥. وقال مكي في الهداية: "قال مالك: إذا كان ورثة المقتول بنين وبنات، فعفت إحدى البنات، لم يجز عفوها، فإن عفا أحد البنين جاز العفو وأخذت الدين ويرثها الورثة على قدر موارثهم من الميت، ويقضي عن الميت من الدية دين إن كان عليه". ٢٤٠م. خ ع ق ٥٨. ينظر: أحكام الجصاص: ٣/٢٠١، والمحلى: ٧/٤٧٨، وأحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٢٠٧..
الآية التاسعة : قوله تعالى :﴿ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ﴾ [ الإسراء : ٣٤ ].
٥٨٧- ابن عطية : قال مالك رحمه الله : يأخذ منه بقدر تعبه. ١
قوله تعالى :﴿ حتى يبلغ أشده ﴾ [ الإسراء : ٣٤ ].
٥٨٨- ابن رشد : قال مالك : قال الله تعالى :﴿ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ﴾ فالأشد هاهنا : الحلم. ٢
١ - المحرر: ١٠/٢٩٠. وزاد ابن عطية قائلا: "فهذه كلها تدخل في هو أحسن"..
٢ -البيان والتحصيل: ١٨/٣٥٨. وينظر: الهداية: ٢٤١م. خ ع ق ٥٨ وكذا م. خ ع٢١٧-٤٤١ وزاد مكي قائلا: "وكذا قال بيعة وزيد بن أسلم". وينظر: أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٠٨١، والمحرر: ٦/١٨١ و ١٠/٢٩٠، والدر: م٥ ج٨/٨٥، ولباب التأويل: ٢/٢٠٠..
الآية العاشرة : قوله تعالى :﴿ أو خلقا مما يكبر في صدوركم ﴾ [ الإسراء : ٥١ ].
٥٨٩- ابن كثير : وقع في التفسير المروي عن الإمام مالك عن الزهري في قوله :﴿ أو خلقا مما يكبر في صدوركم ﴾ قال : النبي صلى الله عليه وسلم. قال مالك : ويقولون : هو الموت. ١
١ - تفسير القرآن العظيم: ٣/٤٦..
الآية الحادية عشرة : قوله تعالى :﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس ﴾ [ الإسراء : ٧٨ ].
٥٩٠- يحيى : عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول : دلوك١ الشمس ميلها٢. ٣
٥٩١- ابن رشد : قال مالك : وقت الصلوات كلها في كتاب الله عز وجل فقوله تعالى :﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس ﴾ صلاة الظهر. ٤
قوله تعالى :﴿ إلى غسق الليل ﴾ [ الإسراء : ٧٨ ].
٥٩٢- محمد بن الحسن : أخبرنا مالك، حدثنا داود بن الحسين، عن ابن عباس، قال : كان يقول :﴿ لدلوك الشمس ﴾ ميلها٥ ﴿ وغسق الليل ﴾ اجتماع الليل وظلمته. ٦
٥٩٣- ابن رشد : قال مالك :﴿ إلى غسق الليل ﴾ قال : الغسق٧ غيبوبة الشفق واجتماع الليل وظلمته. ٨
١ - دلوك الشمس: يراد به زوالها عن وسط السماء. وغروبها أيضا. وأصل الدلوك: الميل. النهاية: ٢/١٣٠. (٢) وفي موطأ القعنبي: "دلوك الشمس" ظلها: ٣٧..
٢ - وفي موطأ القعنبي: "دلوك الشمس" ظلها: ٣٧..
٣ -الموطأ: ٢/ : قال ابن العربي في أحكام القرآن: "وقد روى مالك في الموطأ عن ابن عباس أنه قال: دلوك الشمس ميلها. وغسق الليل، اجتماع الليل وظلمته، ورواية مالك عنه أصح من رواية غيره، "وهو اختيار مالك في تأويل هذه الآية" ٣/١٢١٩. وينظر: موطأ مالك برواية محمد بن الحسن: ٣٤٥، كتاب التفسير الحديث رقم ١٠٠٦ قال محمد معقبا: "هذا قول ابن عمر وابن عباس"، وقال عبد الله ابن مسعود: "ذلوكها غروبها، وكل حسن". ينظر: تفسير عبد الله بن مسعود: ٢/٣٩٧-٣٩٨-٣٩٩، وموطأ مالك برواية القعنبي: ٣٧ والبيان والتحصيل: ١/٢٢٢، والجامع: ١٠/٣٠٤..
٤ - البيان والتحصيل: ١/٢٢٢، وفي موطأ مالك برواية يحيى: ﴿دلوك الشمس﴾ ميلها وكذا ورد في رواية محمد بن الحسن عن مالك، عن داود بن الحصين، عن ابن عباس: ٣٤٥ كتاب التفسير وفي موطأ القعنبي: عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر ﴿دلوك الشمس﴾ ظلها.
وفي رواية أخرى عن العقنبي، عن مالك، عن داود بن الحصين، عن عبد الله بن عباس: ﴿دلوك الشمس﴾ إذا فاء الفيء: ٣٧..

٥ - في رواية القعنبي: "دلوك الشمس" إذا فاء الفيء: ٣٧..
٦ - الموطأ: ٣٤٥ كتاب التفسير الحديث رقم: ١٠٠٧. وينظر: البيان والتحصيل: ١/٢٢١، والجامع: ١٠/٣٠٤..
٧ -غسق: يغسق غسوقا فهو غاسق إذا أظلم. النهاية: ٣/٣٦٦..
٨ - البيان والتحصيل: ١/٢٢٢، والجامع: ١٠/٣٠٤..
الآية الثانية عشرة : قوله تعالى :﴿ ويسألونك عن الروح ﴾ [ الإسراء : ٨٥ ].
٥٩٤- ابن العربي : قال ابن وهب عن مالك : لم يأته في ذلك جواب. ١
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٢٢٤..
الآية الثالثة عشرة : قوله تعالى :﴿ ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات ﴾ [ الإسراء : ١٠١ ].
٥٩٥- ابن العربي : روى ابن وهب عن مالك، هي : الحجر، والعصا، واليد، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطود، وقال مالك : الطوفان : الماء. ١
وروى مطرف عن مالك : هي : الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والعصا، واليد، والبحر، والجبل.
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٢٢٥. وقال ابن العربي في القبس، في كتاب التفسير: ٣/١٠٧٤ قال ابن القاسم: "سمعت مالكا يذكر نحوه، وأسقط الطوفان، والطور، وذكر الحجر والجبل"، ٢/١٦٨. وينظر: البيان والتحصيل: ١٨/١٩، والمحرر: ١٠/٣٥٢، والجامع: ١٠/٢١٧، والهداية: ٢٧٠م. خ ع ق: ٥٨، وتفسير عبد الله بن وهب: ٢/١٣٦.
قال في العارضة: ١١/٣٠١ "روى ابن وهب عن مالك قال: التسع الآيات التي أوتي موسى فذكرها كما ذكرها هنا..

الآية الرابعة عشرة : قوله تعالى :﴿ لتقرأه على الناس على مكث ﴾ [ الإسراء : ١٠٦ ].
٥٩٦- مكي : قال مالك :﴿ على مكث ﴾ على تثبت وترسل. ١
٥٩٧- ابن العربي : قال أشهب : سمعت مالكا يقول : على تفهم. ٢
١ - الهداية: ٢٧٢م. خ ع ق: ٥٨. كذا في الجامع: ١٠/٣٤٠..
٢ - القبس: ٣/١٠٧٥ كتاب التفسير. وزاد ابن العربي قائلا: "قال جماعة معنى قوله: ﴿على مكث﴾ لا يأتيهم في دفعة واحدة، ولكن يأتي شيئا بعد شيء في زمان طويل ليكون ذلك أبين لهم وأثبت في قلوبهم، وليس يأبى مالك هذا فإن الاشتقاق يعطيه والحال يشهد له، وإنما أراد مالك أن يبين المكث الأولى والمقصود الأعلى وهو: الفهم والعلم به الذي أخذ على الخلق ذلك. منه فيه. ولهذا مكث ابن عمر في سورة البقرة ثماني سنين، ولذلك كانت القراءة المرتلة أفضل من القراءة المحددة"..
الآية الخامسة عشرة : قوله تعالى :﴿ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ﴾ [ الإسراء : ١١٠ ].
٥٩٨- يحيى : عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه قال : إنما أنزلت هذه الآية :﴿ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ﴾ : في الدعاء. ١
١ - الموطأ: ١/٢١٨. كتاب القرآن، باب العمل في الدعاء. وأخرجه ابن العربي في أحكام: ٣/ ١٢٢٦، وابن كثير في تفسيره: ٣/٧٠..
سورة الإسراء
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الإسراء) أو سورةُ (سُبْحانَ) من السُّوَر المكية، وقد تضمَّنتْ مِحْورَينِ رئيسَينِ:

الأول: الحديث عن معجزةِ (الإسراء والمِعراج)، وما دلَّ ذلك عليه من عظيمِ قدرة الله تعالى، وتصرُّفِه في الكون كيف شاء، وما تَبِع ذلك من مُحاجَجة المشركين في إنكارِهم البعثَ، والجزاء، وغير ذلك.

أما المحور الثاني: فقد دلَّ عليه الاسمُ الآخَر للسورة؛ وهو (سُبْحانَ)، فجاءت السورةُ لتنزيهِ الله عزَّ وجلَّ عن كلِّ نقصٍ وعيبٍ؛ فهو صاحبُ القَدْر والملكوت، المستحِقُّ للعبادة، وقد أُثِر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الإسراء) قبل أن ينامَ على فراشه.

ترتيبها المصحفي
17
نوعها
مكية
ألفاظها
1563
ترتيب نزولها
50
العد المدني الأول
110
العد المدني الأخير
110
العد البصري
110
العد الكوفي
111
العد الشامي
110

* قوله تعالى: {أُوْلَٰٓئِكَ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ اْلْوَسِيلَةَ} [الإسراء: 57]:

عن عبدِ اللهِ بن عُتْبةَ بن مسعودٍ، عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «نزَلتْ في نَفَرٍ مِن العرَبِ كانوا يعبُدون نَفَرًا مِن الجِنِّ، فأسلَمَ الجِنِّيُّونَ، والإنسُ الذين كانوا يعبُدونهم لا يشعُرون؛ فنزَلتْ: {أُوْلَٰٓئِكَ اْلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ اْلْوَسِيلَةَ} [الإسراء: 57]». أخرجه مسلم (٣٠٣٠).

* قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِاْلْأٓيَٰتِ إِلَّآ أَن كَذَّبَ بِهَا اْلْأَوَّلُونَۚ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ اْلنَّاقَةَ مُبْصِرَةٗ} [الإسراء: 59]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «سألَ أهلُ مكَّةَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يَجعَلَ لهم الصَّفَا ذهَبًا، وأن يُنحِّيَ الجبالَ عنهم فيَزْدَرِعُوا، فقيل له: إن شِئْتَ أن تستأنيَ بهم، وإن شِئْتَ أن تؤتيَهم الذي سألوا، فإن كفَروا أُهلِكوا كما أهلَكْتُ مَن قَبْلهم، قال: لا، بل أستأني بهم؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل هذه الآيةَ: {وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِاْلْأٓيَٰتِ إِلَّآ أَن كَذَّبَ بِهَا اْلْأَوَّلُونَۚ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ اْلنَّاقَةَ مُبْصِرَةٗ} [الإسراء: 59]». أخرجه النسائي(١١٢٩٠)، وأحمد (٢٣٣٣).

* قوله تعالى: {وَيَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اْلرُّوحِۖ قُلِ اْلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ اْلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلٗا} [الإسراء: 85]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «بَيْنا أنا أمشي مع النبيِّ ﷺ في بعضِ حَرْثِ المدينةِ وهو يَتوكَّأُ على عَسِيبٍ معه، فمرَرْنا على نَفَرٍ مِن اليهودِ، فقال بعضُهم لبعضٍ: سَلُوه عن الرُّوحِ، فقال بعضُهم: لا تَسألوه؛ أن يَجِيءَ فيه بشيءٍ تَكرَهونه، فقال بعضُهم: لَنَسألَنَّهُ، فقامَ إليه رجُلٌ منهم، فقال: يا أبا القاسمِ، ما الرُّوحُ؟ فسكَتَ عنه النبيُّ ﷺ، فعَلِمْتُ أنَّه يُوحَى إليه، فقال: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 85]». قال الأعمَشُ: «هكذا في قراءتِنا». أخرجه البخاري (٧٤٦٢). قوله: «هكذا في قراءتِنا»: يَقصِدُ قولَه: (أُوتُوا).

* قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَاْبْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا} [الإسراء: 110]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «أُنزِلتْ ورسولُ اللهِ ﷺ مُتَوَارٍ بمكَّةَ، فكان إذا رفَعَ صوتَه سَمِعَ المشركون، فسَبُّوا القرآنَ ومَن أنزَلَه ومَن جاءَ به، فقال اللهُ تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}: {لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} حتى يَسمَعَ المشركون، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عن أصحابِك فلا تُسمِعُهم، {وَاْبْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا}: أسمِعْهم ولا تَجهَرْ؛ حتى يأخذوا عنك القرآنَ». أخرجه البخاري (٧٤٩٠).

لسورة (الإسراء) اسمانِ آخران غيرُ هذا؛ هما:

* سورةُ (بني إسرائيل):

وقد ثبَت ذلك في حديث عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «كان النبيُّ ﷺ لا ينامُ على فراشِه حتى يَقرأَ (بني إسرائيلَ)، و(الزُّمَرَ)». أخرجه الترمذي (٢٩٢٠).

وجهُ تسميتِها بذلك: أنها اشتملت على ذِكْرِ أحوال بني إسرائيل؛ كما أسلفنا في موضوعات السورة.

* سورة (سُبْحانَ):

ودلَّ على ذلك افتتاحُ السورة بهذا اللفظ.

صحَّ في فضلها ما يلي:

* كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها قبل أن ينامَ على فراشه:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان النبيُّ ﷺ لا ينامُ على فراشِه حتى يَقرأَ (بني إسرائيلَ)، و(الزُّمَرَ)». أخرجه الترمذي (٢٩٢٠).

والمقصودُ بـ(بني إسرائيل): سورةُ (الإسراء).

* أنَّها من قديم ما تعلَّمَه الصحابةُ من النبي صلى الله عليه وسلم:

عن عبدِ الرَّحْمنِ بن يَزيدَ بن جابرٍ، قال: «سَمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ في (بني إسرائيلَ)، و(الكهفِ)، و(مَرْيمَ)، و(طه)، و(الأنبياءِ): إنَّهنَّ مِن العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلَادي». أخرجه البخاري (٤٩٩٤).

قال أبو عُبَيدٍ: «قولُه: «مِن تِلادي»: يعني: مِن قديم ما أخذتُ من القرآن؛ وذلك أن هذه السُّوَرَ نزَلتْ بمكَّةَ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص247).

اشتمَلتِ السُّورةُ على عدَّة موضوعات؛ جاءت كما يلي:

1. قصةُ الإسراء (١).

2. إكرام سيِّدنا موسى عليه السلام (٢-٣).

3. أحوال بني إسرائيلَ في التاريخ (٣-٨).

4. أهداف القرآن الكريم (٩-١١).

5. التذكير بنِعَم الله، ودلائلِ قدرته (١٢-١٧).

6. من أراد الدنيا، ومن أراد الآخرة (١٨-٢٢).

7. توجيهاتٌ ربانية في المعاملات والأخلاق (٢٣- ٣٩).

8. إبطالُ دعوى الشريك لله تعالى (٤٠- ٤٤).

9. السر في كفرِ المشركين وعنادِهم (٤٥- ٤٨).

10. إنكار المشركين للبعث، والرد عليهم (٤٩- ٥٥).

11. مناقشة المشركين في عقائدهم الفاسدة (٥٦- ٦٠).

12. الحسد أصلُ الداء (٦١- ٦٥).

13. من نِعَم الله تعالى على الإنسان (٦٦- ٧٠).

14. من مشاهدِ يوم القيامة (٧١- ٧٢).

15. محاولةُ المشركين فتنةَ النبي صلى الله عليه و سلم (٧٣-٧٧).

16. أوامرُ وإرشاداتٌ للنبي عليه السلام (٧٨- ٨٥).

17. إعجاز القرآن الكريم (٨٦-٨٩).

18. اقتراحُ مشركي مكة الآياتِ الحسيةَ (٩٠-٩٣).

19. بعض شُبهات المشركين، والردُّ عليها (٩٤-١٠٠).

20. آيات موسى، وصفة القرآن الكريم (١٠١-١٠٩).

21. الدعاء بأسماء الله الحسنى (١١٠-١١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /212).

بيَّنتْ هذه السورةُ معجزةً عظيمة؛ وهي معجزةُ (الإسراء والمعراج)، فجاءت تدعو إلى الإقبالِ على الله وحده، وخَلْعِ كل ما سِواه؛ لأنه وحده المالكُ لتفاصيل الأمور، وتفضيلِ بعض الخَلْق على بعض.

وذلك هو العملُ بالتقوى؛ التي أدناها: خَلْعُ الأنداد واعتقادُ التَّوحيد، وأعلاها: الإحسانُ.

كما أنها قامت على تنزيهِ الله عزَّ وجلَّ عن كل عيبٍ ونقص.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /230).