تفسير سورة الفيل

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الفيل من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لَمَّا بيَّن ما للكفار في الآخرة بيّن حَالَ بعضهم في الدنيا فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * أَلَمْ تَرَ ﴾: أي: أعجب، إذِ التواترُ كالرؤْية ﴿ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ ﴾: إرهاصا لبنوتك في سنة ولادتك، وهم عسكر أبرهة ملك اليمن جاءوا لتخريب الكعبة ومعهم الفيل، فلمّا تهيّأُوا لدخول مكة أهلكهم الله بما أخبر عنه بقوله: ﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ ﴾: في تخريب لكعبة ﴿ فِي تَضْلِيلٍ ﴾: أي: تضييع وإبطال ﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً ﴾: من البحر كالخطاطيف مع كل واحد ثلاثة أحجار، أصغر من حمصة في منقاره ورجليه ﴿ أَبَابِيلَ ﴾: اسم جمع أي: جماعات في تفرقة ﴿ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴾: طين محجر كما مر، يقع على رءوسهم ويخرج من أدبارهم ويخرق البيضة والفارس والفيل ﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ ﴾: أي: ورق زرع ﴿ مَّأْكُولٍ ﴾: للدودة أو للدواب، إذا راثته، والله أعلم بالصَّواب.
سورة الفيل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفيل) من السُّوَر المكية، وفيها تذكيرُ قُرَيش بقدرة الله عز وجل؛ إذ حمَى بيته ممن يَكِيد له، وانفرَد بحمايته دُونَ الأصنام العاجزة عن ذلك، وفيها تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بأن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفعَ كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه.

ترتيبها المصحفي
105
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
19
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفيل):

سُمِّيت سورة (الفيل) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ قصة (الفيل) فيها، ولم يَرِدْ في غيرها.

قدرة الله في تعذيبِ مَن انتهَك حُرْمةَ بيته (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /353).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «قد تضمَّنتِ التذكيرَ بأن الكعبة حرَمُ الله، وأن اللهَ حماه ممن أرادوا به سوءًا، أو أظهَرَ غضبَه عليهم فعذَّبهم؛ لأنهم ظلموا بطمعِهم في هدمِ مسجد إبراهيم وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيدًا، وليكونَ ما حَلَّ بهم تذكرةً لقريش بأن فاعل ذلك هو ربُّ ذلك البيت، وأنْ لا حظَّ فيه للأصنام التي نصَبوها حوله.
وتنبيهَ قُرَيش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند الله؛ إذ أهلَك أصحابَ الفيل في عام ولادته.
ومِن وراء ذلك تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن اللهَ يدفع عنه كيدَ المشركين؛ فإن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفع كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه، ويُشعِر بهذا قولُه: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٖ} [الفيل: 2].
ومن وراء ذلك كلِّه التذكير بأن اللهَ غالبٌ على أمره، وألا تغُرَّ المشركين قوَّتُهم ووفرةُ عددهم، ولا يُوهِنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تألُّبُ قبائلهم عليه؛ فقد أهلك اللهُ من هو أشدُّ منهم قوةً، وأكثَرُ جمعًا». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /543-544).