تفسير سورة الإخلاص

فتح الرحمن في تفسير القرآن

تفسير سورة سورة الإخلاص من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن
لمؤلفه تعيلب . المتوفي سنة 2004 هـ
( ١١٢ ) سورة الإخلاص مكية.
وآياتها ٤، نزلت بعد الناس.
كلماتها : ١٥. حروفها : ٧٧

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ قل هو الله أحد ( ١ ) الله الصمد ( ٢ ) لم يلد ولم يولد ( ٣ ) ولم يكن له كفوا أحد ( ٤ ) ﴾.
المعبود بحق إله واحد، لا إله غيره، ولا معبود سواه ؛ بهذا بعث النبي الخاتم، وأرسل كل رسول سبق، وإلى هذا دعا ودعوا صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، وبهذا التوحيد والتمجيد لهجت ألسنتهم، وعكفت على هذا الذكر أممهم، وصدق نبينا محمد الذي لا ينطق عن الهوى، إذ علمنا الحق والهدى : " أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله " ؛ فأول أولي العزم من المرسلين نوح عليه السلام كان أول ندائه إلى من بعث إليهم :﴿ .. يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره... ﴾١ ؛ وهود عليه السلام- وقد أرسل بعد نوح- ﴿ .. قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره.. ﴾٢، وبعث الله ﴿ .. إلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره.. ﴾٣، وأبطل إبراهيم عليه السلام ما اتخذ قومه من أوثان، ثم نادى على التوحيد، وشهد بذلك الكتاب المجيد في الآية الكريمة :﴿ إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ﴾٤، ونودي موسى عليه السلام :﴿ إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني.. ﴾٥، وكثير من الآيات جاء الأمر فيها بالتوحيد واضحا بينا، منها الآية الكريمة :﴿ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو.. ﴾٦، ومنها :﴿ فاعلم أنه لا إله إلا الله.. ﴾٧، ﴿ .. وما من إله إلا إله واحد.. ﴾٨، ﴿ .. وما أمروا إلا ليعبدوا إلها وحدا لا إله هو... ﴾٩، حتى لقد تكرر وصف العلي الأعلى بصفة الوحدانية- صريحا- في ثلاثين آية ؛ والإقرار بالتوحيد والنطق بالشهادتين أول قواعد الإسلام، وبها تعصم الأموال والدماء، وفي الحديث : " فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام... "، وقال صلى الله عليه وسلم : " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " خرجه مسلم.
[ ﴿ قل هو الله أحد( ١ ) ﴾ المشهور أن ﴿ هو ﴾ ضمير الشأن، ومحله الرفع على الابتداء، خبره الجملة بعده١٠، ومثلها لا يكون لها رابط ؛ لأنها عين المبتدأ في المعنى، والسر في تصديرها به التنبيه من أول الأمر على فخامة مضمونها، مع ما فيه من زيادة التحقيق والتقرير، فإن الضمير لا يفهم منه من أول الأمر إلا شأن مبهم له خطر جليل، فيبقى الذهن مترقبا لما أمامه مما يفسره ويزيل إبهامه، فيتمكن عند وروده له فضل تمكن... ١١ وجوز أن يكون ﴿ هو ﴾ ضمير المسئول عنه، أو المطلوب صفته.. فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده، والبخاري في تاريخه، والترمذي، والبغوي في معجمه.. والحاكم وصححه.. عن أبي بن كعب أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد ! انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى :﴿ قل هو الله أحد ﴾ السورة ]١٢.
قال الأزهري : لا يوصف شيء بالأحدية غير الله تعالى...
وقال غيره : الفرق بين الواحد والأحد من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الواحد يدخل في الأحد، والأحد لا يدخل فيه.
وثانيها : أنك إذا قلت : فلان لا يقاومه واحد، جاز أن يقال : لكنه يقاومه اثنان.
وثالثها : أن الواحد يستعمل في الإثبات، كقولك : رأيت رجلا واحدا ؛ والأحد يستعمل في النفي نحو : ما رأيت أحدا، فيفيد العموم. قلت : ولعل وجه تخصيص الله بالأحد هو هذا المعنى... ومن هنا قال بعضهم : إن الأحد يدل على جميع المعاني السلبية ككونه ليس بجوهر ولا عرض ولا متحيز، وغير ذلك، كما أن اسم ﴿ الله ﴾ يدل على مجامع الصفات.. فتبين أن قوله :﴿ قل هو الله أحد ﴾ يدل على الذات والصفات جميعا١٣.
١ - سورة الأعراف. من الآية ٥٩..
٢ - سورة الأعراف. من الآية ٦٥..
٣ - سورة هود. من الآية ٦١..
٤ - سورة الأنعام. الآية ٧٩..
٥ سورة طه. من الآية ١٤..
٦ - سورة البقرة. من الآية ١٦٣..
٧ - سورة محمد. من الآية ١٩..
٨ - سورة المائدة. من الآية ٧٣..
٩ سورة التوبة. من الآية ٣١..
١٠ - مما نقل صاحب جامع البيان: واختلف أهل العربية في الرافع لـ ﴿أحد﴾ فقال بعضهم: الرافع له ﴿الله﴾. وقال آخر: بل هو مرفوع وإن كان نكرة بالاستئناف.. وقال آخرون: ﴿أحد﴾ بمعنى واحد.. اهـ..
١١ - ثم أورد صاحب روح المعاني بحثا يزيد على أربعمائة كلمة نقل فيه عن عبد القاهر والشهاب وابن مالك والغنيمي بعض ما قالوه في ضمير الشأن والجملة الواقعة خبرا له، وهل ما صدق عليه ضمير الشأن- وهو مفرد- يخبر عنه [بما صدق] الجملة وهو مركب؟!
.

١٢ - ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب روح المعاني.
١٣ - ما بين العارضتين من تفسير غرائب القرآن..
﴿ الصمد ﴾ الذي يقصد، ويصمد الخلق إليه في الحوائج.
﴿ الله الصمد( ٢ ) ﴾١ الذي يقصد ويصمد الخلق إليه في الحوائج، الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء عمن ناداه ؛ قال السدي : إنه المقصود في الرغائب، والمستعان به في المصائب.
[ سؤال : لم جاء الخبر هاهنا معرفا، وفي وقوله :﴿ الله أحد ﴾ منكرا ؟ الجواب : لأنه كان معلوما عندهم أنه غني على الإطلاق، ومرجوع إليه في الحوائج، فإذا مس الإنسان الضر دعا ربه، أما التوحيد فلم يكن ثابتا في أوهامهم... ]٢.
١ - روى الترمذي عن أبي بن كعب: ان المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك؛ فأنزل الله عز وجل ﴿قل هو الله أحد. الله الصمد﴾ والصمد: الذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد لا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وأن الله تعالى لا يموت ولا يورث..
٢ - ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب روح المعاني..
﴿ لم يلد ولم يولد. ( ٣ ) ولم يكن له كفوا أحد( ٤ ) ﴾ ليس الله تعالى شبيه يلحقه، فإنه سبحانه لا ولد له ؛ ﴿ وما ينبغي للرحمان أن يتخذا ولدا. إن كل من في السماوات والأرض إلا أتى الرحمان عبدا ﴾١ وليس له شبيه تقدم عليه، فإنه عز وجل لم يولد ؛ وليس لربنا الكبير المتعال مثيل ولا شبيه يقارنه، فما له مثلا أحد ؛ وقوله تعالى :﴿ الله الصمد ﴾ مبتدأ وخبر.. و﴿ الصمد ﴾ قال ابن الأنباري : لا خلاف بين أهل اللغة أنه السيد الذي ليس فوقه أحد، الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم ؛ وقال الزجاج : هو الذي ينتهي إليه السؤدد، ويصمد إليه- أي يقصده- كل شيء... وعن ابن جبير : هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله٢.
هذا وقد أورد جمهور من المفسرين عدة أسماء لهذه السورة الكريمة٣ ؛ وذكروا في فضلها عشرات الأحاديث- قريبا من ثلاثين حديثا- لكن صح منها : ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سمع رجلا يقرأ ﴿ قل هو الله أحد ﴾ يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي عليه وسلم، فذكر ذلك، وكان الرجل يتقالها- أي يعتقد أنها قليلة، في العمل، لا في القدر- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن " ؛ وعنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة " ؟ فشق ذلك عليهم ؛ وقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال : " الله الواحد الصمد ثلث القرآن ". في شرح العيني : قوله :( الله الواحد الصمد ) كناية عن :﴿ قل هو الله أحد ﴾ خرجه مسلم.
عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله جل وعز جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل ﴿ قل هو الله أحد ﴾ جزءا من أجزاء القرآن " ؛ رواه مسلم.
وروى مسلم عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم ب ﴿ قل هو الله أحد ﴾ ؛ فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " سلوه لأي شيء صنع ذلك " ؟ فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن، فأنا أحب أن أقرأ بها ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخبروه أن الله عز وجل يحبه ".
روى البخاري في كتاب الصلاة... عن أنس رضي الله عنه قال : كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح ب ﴿ قل هو الله أحد ﴾ حتى يفرغ منها، ثم كان يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا : إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بالأخرى، فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى ؛ فقال : ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر ؛ فقال : " يا فلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ؟ وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة " ؟ قال : إني أحبها، قال : " حبك إياها أدخلك الجنة ".
١ - سورة مريم. الآيتان: ٩٢، ٩٣..
٢ - ما بين العارضتين مما أورد صاحب روح المعاني؛ ثم تابع القول في الرد على من نسبوا إلى الله تعالى الولد، وأفاض في ذكر الأقانيم الثلاثة التي زعمها أهل التثليث، وأبطل مزاعمهم المنافية للاحدية والصمدية، وكتب في ذلك صفحات متتابعات..
٣ - واستشهدوا بأثار، وأحاديث فيها انقطاع وضعف؛ إلا القليل..
﴿ كفوا ﴾ نظير.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣:﴿ لم يلد ولم يولد. ( ٣ ) ولم يكن له كفوا أحد( ٤ ) ﴾ ليس الله تعالى شبيه يلحقه، فإنه سبحانه لا ولد له ؛ ﴿ وما ينبغي للرحمان أن يتخذا ولدا. إن كل من في السماوات والأرض إلا أتى الرحمان عبدا ﴾١ وليس له شبيه تقدم عليه، فإنه عز وجل لم يولد ؛ وليس لربنا الكبير المتعال مثيل ولا شبيه يقارنه، فما له مثلا أحد ؛ وقوله تعالى :﴿ الله الصمد ﴾ مبتدأ وخبر.. و﴿ الصمد ﴾ قال ابن الأنباري : لا خلاف بين أهل اللغة أنه السيد الذي ليس فوقه أحد، الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم ؛ وقال الزجاج : هو الذي ينتهي إليه السؤدد، ويصمد إليه- أي يقصده- كل شيء... وعن ابن جبير : هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله٢.
هذا وقد أورد جمهور من المفسرين عدة أسماء لهذه السورة الكريمة٣ ؛ وذكروا في فضلها عشرات الأحاديث- قريبا من ثلاثين حديثا- لكن صح منها : ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سمع رجلا يقرأ ﴿ قل هو الله أحد ﴾ يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي عليه وسلم، فذكر ذلك، وكان الرجل يتقالها- أي يعتقد أنها قليلة، في العمل، لا في القدر- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن " ؛ وعنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه :" أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة " ؟ فشق ذلك عليهم ؛ وقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال :" الله الواحد الصمد ثلث القرآن ". في شرح العيني : قوله :( الله الواحد الصمد ) كناية عن :﴿ قل هو الله أحد ﴾ خرجه مسلم.
عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن الله جل وعز جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل ﴿ قل هو الله أحد ﴾ جزءا من أجزاء القرآن " ؛ رواه مسلم.
وروى مسلم عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم ب ﴿ قل هو الله أحد ﴾ ؛ فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال :" سلوه لأي شيء صنع ذلك " ؟ فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن، فأنا أحب أن أقرأ بها ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أخبروه أن الله عز وجل يحبه ".
روى البخاري في كتاب الصلاة... عن أنس رضي الله عنه قال : كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح ب ﴿ قل هو الله أحد ﴾ حتى يفرغ منها، ثم كان يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا : إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بالأخرى، فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى ؛ فقال : ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر ؛ فقال :" يا فلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ؟ وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة " ؟ قال : إني أحبها، قال :" حبك إياها أدخلك الجنة ".
١ - سورة مريم. الآيتان: ٩٢، ٩٣..
٢ - ما بين العارضتين مما أورد صاحب روح المعاني؛ ثم تابع القول في الرد على من نسبوا إلى الله تعالى الولد، وأفاض في ذكر الأقانيم الثلاثة التي زعمها أهل التثليث، وأبطل مزاعمهم المنافية للاحدية والصمدية، وكتب في ذلك صفحات متتابعات..
٣ - واستشهدوا بأثار، وأحاديث فيها انقطاع وضعف؛ إلا القليل..

سورة الإخلاص
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الإخلاص) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الناس)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل ثُلُثَ القرآن، ومحورها إثباتُ وَحْدانية الله عز وجل، والإخلاصُ في عبادته، والتوجُّهُ إليه وَحْده، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرؤها في مواضعَ كثيرة.

ترتيبها المصحفي
112
نوعها
مكية
ألفاظها
15
ترتيب نزولها
22
العد المدني الأول
4
العد المدني الأخير
4
العد البصري
4
العد الكوفي
4
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ ١ اْللَّهُ اْلصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ} [الإخلاص: 1-4]:

عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه: «أنَّ المشركين قالوا لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: انسُبْ لنا رَبَّك؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ ١ اْللَّهُ اْلصَّمَدُ}؛ فالصَّمَدُ: الذي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}؛ لأنَّه ليس شيءٌ يُولَدُ إلا سيموتُ، ولا شيءَ يموتُ إلا سيُورَثُ، وإنَّ اللهَ عز وجل لا يموتُ ولا يُورَثُ، {وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ}، قال: لم يكُنْ له شبيهٌ ولا عِدْلٌ، وليس كمِثْلِه شيءٌ». أخرجه الترمذي (٣٣٦٤).

* سورة (الإخلاص):

سُمِّيت سورة (الإخلاص) بهذا الاسم؛ لحديثها عن إخلاص العبادة لله عز وجل، وتوحيده.

* سورة {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد ورد في كثير من الأحاديث؛ من ذلك:

ما جاء عن أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «أيَعجِزُ أحدُكم أن يَقرأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القرآنِ؟»، قالوا: وكيف يَقرأُ ثُلُثَ القرآن؟ قال: «{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}: تَعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ» . أخرجه مسلم (٨١١).

* سورة (الإخلاص) تَعدِل ثُلُثَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

وعن أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «أيَعجِزُ أحدُكم أن يَقرأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القرآنِ؟»، قالوا: وكيف يَقرأُ ثُلُثَ القرآن؟ قال: «{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}: تَعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ» . أخرجه مسلم (٨١١).

قال ابنُ تيميَّةَ في تحديدِ وجهِ عَدِّ سورة (الإخلاص) ثُلُثَ القرآن: «لأنَّ القرآنَ ثلاثةُ أثلاثٍ: ثُلُثٌ: توحيد، وثلث: قَصَص، وثلث: أمرٌ ونهيٌ. وثُلُثُ التوحيد أفضَلُ من غيره». "مجموع الفتاوى" (9/306).

كان النبيُّ عليه الصلاة والسلام يقرأ سورةَ (الإخلاص) في غير موضع:

* في سُنَّة الفجر:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي ركعتَينِ قبل الفجرِ، وكان يقولُ: «نِعْمَ السُّورتانِ يُقرَأُ بهما في ركعتَيِ الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}»». أخرجه ابن ماجه (1150).

وعن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ النبيَّ ﷺ شهرًا، فكان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه الترمذي (٤١٧).

* في صلاة الوتر:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرأُ في الوترِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} في ركعةٍ ركعةٍ». أخرجه الترمذي (٤٦٢).

* في سُنَّة صلاة المغرب:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ رسولَ اللهِ ﷺ عِشْرينَ مرَّةً، يَقرأُ في الرَّكعتَينِ بعد المغربِ وفي الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (992).

* قبل النوم:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوَى إلى فراشِه، جمَعَ كفَّيْهِ، ثم نفَثَ فيهما، وقرَأَ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}، ثمَّ يَمسَحُ بهما ما استطاعَ مِن جسدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ». أخرجه ابن حبان (٥٥٤٤).

* في ركعتَيِ الطواف خلف مقام إبراهيمَ:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ - أي: ركعتَيِ الطَّوافِ -: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}». صحيح مسلم (١٢١٨).

 وَحْدانية الله، والإخلاص في عبادته (١-٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /452).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «إثباتُ وَحْدانية الله تعالى.
وأنه لا يُقصَد في الحوائج غيرُه.

وتنزيهُه عن سمات المُحدَثات.
وإبطال أن يكونَ له ابنٌ.
وإبطال أن يكونَ المولودُ إلهًا؛ مثل: عيسى عليه السلام». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /612).