تفسير سورة الإخلاص

تفسير ابن جزي

تفسير سورة سورة الإخلاص من كتاب التسهيل لعلوم التنزيل المعروف بـتفسير ابن جزي.
لمؤلفه ابن جُزَيِّ . المتوفي سنة 741 هـ
سورة الإخلاص
مكية، وآياتها ٤، نزلت بعد الناس.
سبب نزول هذه السورة أن اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد، صف لنا ربك وانسبه، فإنه وصف نفسه في التوراة ونسبها، فارتعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خر مغشيا عليه، ونزل عليه جبريل بهذه السورة، وقيل : إن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك، فنزلت. وعلى الرواية الأولى السورة مدنية ؛ لأن سؤال اليهود بالمدينة، وعلى الرواية الثانية تكون مكية. واختلف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم :" قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ". فقيل : إن ذلك في الثواب، أي : لمن قرأها من الأجر مثل أجر من قرأ ثلث القرآن، وقيل : إن ذلك فيما تضمنته من المعاني والعلوم، وذلك أن علوم القرآن ثلاثة : توحيد وأحكام وقصص، وقد اشتملت هذه السورة على التوحيد، فهي ثلث القرآن بهذا الاعتبار، وهذا أظهر، وعليه حمل ابن عطية الحديث. ويؤيده أن في بعض روايات الحديث :" ن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء : فجعل قل هو الله أحد جزءا من أجزاء القرآن " ؛ وخرج النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرؤها فقال :" أما هذا فقد غفر له "، وفي رواية أنه قال :" وجبت له الجنة "، وخرج مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في الصلاة ( قل هو الله أحد )، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :" سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن، فأنا أحب أن أقرأها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبروه أن الله يحبه "، وفي رواية خرجها الترمذي :" أنه صلى الله عليه وسلم قال للرجل : حبك إياها أدخلك الجنة "، وخرج الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من قرأ ( قل هو الله أحد ) مائة مرة كل يوم غفرت له ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين ".

سورة الإخلاص
مكية وآياتها ٤ نزلت بعد الناس بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة الإخلاص) سبب نزول هذه السورة أن اليهود دخلوا على رسول الله ﷺ فقالوا يا محمد صف لنا ربك وانسبه فإنه وصف نفسه في التوراة ونسبها، فارتعد رسول الله ﷺ حتى خرّ مغشيا عليه ونزل عليه جبريل بهذه السورة، وقيل: إن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنسب لنا ربك فنزلت. وعلى الرواية الأولى تكون السورة مدنية، لأن سؤال اليهود بالمدينة وعلى الرواية الثانية تكون مكية.
واختلف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن «١». فقيل: إن ذلك في الثواب، أي لمن قرأها من الأجر مثل أجر من قرأ ثلث القرآن، وقيل: إن ذلك فيما تضمنته من المعاني والعلوم وذلك أن علوم القرآن ثلاثة توحيد وأحكام وقصص، وقد اشتملت هذه السورة على التوحيد فهي ثلث القرآن بهذا الإعتبار، وهذا أظهر وعليه حمل ابن عطية الحديث. ويؤيده أن في بعض روايات الحديث إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل قل هو الله أحد جزءا من أجزاء القرآن وأخرج النسائي أن رسول الله ﷺ سمع رجلا يقرؤها فقال: أما هذا فقد غفر له، وفي رواية أنه قال وجبت له الجنة، وأخرج مسلم أن رسول الله ﷺ بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في الصلاة قل هو الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأها فقال رسول الله ﷺ أخبروه أن الله يحبه وفي رواية خرجّها الترمذي أنه ﷺ قال للرجل: حبك إياها أدخلك الجنة.
وخرّج الترمذي أن رسول الله ﷺ قال: من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة كل يوم غفرت له ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الضمير هنا عند البصريين ضمير الأمر والشأن والذي يراد به التعظيم والتفخيم، وإعرابه مبتدأ وخبره الجملة
(١). رواه مسلم عن أبي هريرة عن رياض الصالحين للنووي.
التي بعده وهي المفسرة له، والله مبتدأ وأحد خبره وقيل: الله هو الخبر وأحد بدل منه وقيل: الله بدل وأحد هو الخبر. وأحد له معنيان أحدهما أن يكون من أسماء النفي التي لا تقع إلا في غير الواجب كقولك: ما جاءني أحد وليس هذا موضع هذا المعنى وإنما موضعه قوله: ولم يكن له كفوا أحد والآخر أن يكون بمعنى واحد وأصله وحد بواو ثم أبدل من الواو همزة وهذا هو المراد هنا.
واعلم أن وصف الله تعالى بالواحد له ثلاثة معان كلها صحيحة في حق الله تعالى.
الأول أنه واحد لا ثاني معه فهو نفي للعدد. والثاني أنه واحد لا نظير ولا شريك له كما تقول: فلان واحد عصره أي لا نظير له والثالث أنه واحد لا ينقسم ولا يتبعض، والأظهر أن المراد في السورة نفي الشريك لقصد الرد على المشركين ومنه قوله تعالى: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [البقرة: ١٦٣] قال الزمخشري أحد وصف بالوحدانية ونفي الشركاء قلت: وقد أقام الله في القرآن براهين قاطعة على وحدانيته وذلك في القرآن كثير جدا أوضحها أربعة براهين: الأول قوله أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ [النحل: ١٧] لأنه إذا ثبت أن الله تعالى خالق لجميع الموجودات لم يمكن أن يكون واحد منها شريكا له، والثاني قوله لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: ٢٢] والثالث قوله قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا والرابع قوله: وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ [المؤمنون: ٩١] وقد فسرنا هذه الآيات في مواضعها وتكلمنا على حقيقة التوحيد في قوله وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [البقرة: ١٦٣]
اللَّهُ الصَّمَدُ في معنى الصمد ثلاثة أقوال: أحدها أن الصمد الذي يصمد إليه في الأمور أي يلجأ إليه والآخر أنه لا يأكل ولا يشرب فهو كقوله: وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ والثالث أنه الذي لا جوف له، والأول هو المراد هنا على الأظهر، ورجحه ابن عطية بأن الله موجد الموجودات وبه قوامها، فهي مفتقرة إليه أي تصمد إليه إذ لا تقوم بأنفسها. ورجّحه شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير! لورود معناه في القرآن حيثما ورد نفي الولد عن الله تعالى كقوله في مريم «وقالوا اتخذ الله ولدا» ثم أعقبه بقوله إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً [مريم: ٩٣] وقوله بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ [البقرة: ١١٧] وقوله:
وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [البقرة: ١١٦] وكذلك هنا ذكره مع قوله لم يلد فيكون برهانا على نفي الولد، قال الزمخشري: صمد فعل بمعنى مفعول لأنه مصمود إليه في الحوائج لَمْ يَلِدْ. هذا ردّ على كل من جعل لله ولدا فمنهم النصارى في قولهم: «عيسى ابن الله» واليهود في قولهم: «عزير ابن الله» والعرب في قولهم: «الملائكة بنات الله» وقد أقام الله البراهين في القرآن على نفي الولد، وأوضحها أربعة أقوال: الأول، أن الولد لا بد أن يكون من جنس والده. والله تعالى ليس له جنس فلا
﴿ لم يلد ﴾ هذا رد على كل من جعل لله ولدا، فمنهم النصارى في قولهم :" عيسى ابن الله "، واليهود في قولهم :" عزير ابن الله "، والعرب في قولهم :" الملائكة بنات الله "، وقد أقام الله البراهين في القرآن على نفي الولد، وأوضحها أربعة أقوال :
الأول : أن الولد لا بد أن يكون من جنس والده. والله تعالى ليس له جنس، فلا يمكن أن يكون له ولد، وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿ ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام ﴾ [ المائدة : ٧٥ ]، فوصفهما بصفة الحدوث لينفي عنهما صفة القدم، فتبطل مقالة الكفار.
والثاني : أن الوالد إنما يتخذ ولدا للحاجة إليه، والله لا يفتقر إلى شيء، فلا يتخذ ولدا، وإلى هذا أشار بقوله :﴿ قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني ﴾ [ يونس : ٦٨ ].
الثالث : أن جميع الخلق عباد الله، والعبودية لا تنافي النبوة، وإلى هذا أشار بقوله تعالى :﴿ إن كل من في السموات والأرض إلا آت الرحمن عبدا ﴾ [ مريم : ٩٣ ].
الرابع : أنه لا يكون له ولد إلا لمن له زوجة، والله تعالى لم يتخذ زوجة، فلا يكون له ولد، وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى :﴿ أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ﴾ [ الأنعام : ١٠١ ].
﴿ ولم يولد ﴾ هذا رد على الذين قالوا : انسب لنا ربك، وذلك أن كل مولود محدث، والله تعالى هو الأول الذي لا افتتاح لوجوده، القديم الذي كان ولم يكن معه شيء غيره، فلا يمكن أن يكون مولودا تعالى عن ذلك.
يمكن أن يكون له ولد وإليه الإشارة بقوله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ [المائدة: ٧٥] فوصفهما بصفة الحدوث لينفي عنهما صفة القدم فتبطل مقالة الكفار والثاني: أن الوالد إنما يتخذ ولدا للحاجة إليه، والله لا يفتقر إلى شيء فلا يتخذ ولدا وإلى هذا أشار بقوله: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ [يونس: ٦٨] الثالث: أن جميع الخلق عباد الله والعبودية تنافي النبوة وإلى هذا أشار بقوله تعالى إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً [مريم: ٩٣] الرابع أنه لا يكون له ولد إلا لمن له زوجة، والله تعالى لم يتخذ زوجة فلا يكون له ولد وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى: أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ [الأنعام: ١٠١] وَلَمْ يُولَدْ هذا رد على الذين قالوا: أنسب لنا ربك، وذلك أن كل مولود محدث، والله تعالى هو الأول الذي لا افتتاح لوجوده، القديم الذي كان ولم يكن معه شيء غيره، فلا يمكن أن يكون مولودا تعالى عن ذلك
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ الكفؤ هو النظير والمماثل قال الزمخشري يجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح، فيكون نفيا للصاحبة وهذا بعيد والأول هو الصحيح ومعناه أن الله ليس له نظير ولا شبيه ولا مثيل، ويجوز في كفوءا ضم الفاء وإسكانها مع ضم الكاف، وقد قرئ بالوجهين ويجوز أيضا كسر الكاف وإسكان الفاء، ويجوز كسر الكاف وفتح الفاء والمدّ ويجوز فيه الهمزة والتسهيل «١» وانتصب كفوا على أنه خبر كان، وأحد اسمها قال ابن عطية: ويجوز أن يكون كفوا حالها لكونه كان صفة للنكرة فقدم عليها، فإن قيل: لم قدّم المجرور وهو له على اسم كان وخبرها، وشأن الظرف إذا وقع غير خبر أن يؤخر؟
فالجواب من وجهين: أحدهما أنه قدم للاعتناء به والتعظيم، لأنه ضمير الله تعالى وشأن العرب تقديم ما هو أهم وأولى. والآخر أن هذا المجرور به يتم معنى الخبر وتكمل فائدته، فإنه ليس المقصود نفي الكفؤ مطلقا إنما المقصود نفي الكفؤ عن الله تعالى، فلذلك اعتنى بهذا المجرور الذي يحرز هذا المعنى، فقدم.
فإن قيل: إن قوله: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يقتضي نفي الولد والكفؤ فلم نص على ذلك بعده؟ فالجواب أن هذا من التجريد، وهو تخصيص الشيء بالذكر بعد دخوله في عموم ما تقدم، كقوله تعالى: وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ [البقرة: ٩٨] ويفعل ذلك لوجهين يصح كل واحد منهما هنا أحدهما الاعتناء، ولا شك أن نفي الولد والكفؤ عن الله ينبغي الاعتناء به للرد على من قال خلاف ذلك من الكفار. والآخر الإيضاح والبيان، فإن دخول الشيء في ضمن العموم ليس كالنص عليه فنص على هذا بيانا. وإيضاحا للمعنى ومبالغة في الرد على الكفار، وتأكيدا لإقامة الحجة عليهم.
(١). قرأ حفص بالتسهيل: كفوا وقرأ الباقون بالهمزة: كفؤا وحمزة بسكون الفاء كفؤا.
سورة الإخلاص
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الإخلاص) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الناس)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل ثُلُثَ القرآن، ومحورها إثباتُ وَحْدانية الله عز وجل، والإخلاصُ في عبادته، والتوجُّهُ إليه وَحْده، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرؤها في مواضعَ كثيرة.

ترتيبها المصحفي
112
نوعها
مكية
ألفاظها
15
ترتيب نزولها
22
العد المدني الأول
4
العد المدني الأخير
4
العد البصري
4
العد الكوفي
4
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ ١ اْللَّهُ اْلصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ} [الإخلاص: 1-4]:

عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه: «أنَّ المشركين قالوا لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: انسُبْ لنا رَبَّك؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ ١ اْللَّهُ اْلصَّمَدُ}؛ فالصَّمَدُ: الذي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}؛ لأنَّه ليس شيءٌ يُولَدُ إلا سيموتُ، ولا شيءَ يموتُ إلا سيُورَثُ، وإنَّ اللهَ عز وجل لا يموتُ ولا يُورَثُ، {وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ}، قال: لم يكُنْ له شبيهٌ ولا عِدْلٌ، وليس كمِثْلِه شيءٌ». أخرجه الترمذي (٣٣٦٤).

* سورة (الإخلاص):

سُمِّيت سورة (الإخلاص) بهذا الاسم؛ لحديثها عن إخلاص العبادة لله عز وجل، وتوحيده.

* سورة {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد ورد في كثير من الأحاديث؛ من ذلك:

ما جاء عن أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «أيَعجِزُ أحدُكم أن يَقرأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القرآنِ؟»، قالوا: وكيف يَقرأُ ثُلُثَ القرآن؟ قال: «{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}: تَعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ» . أخرجه مسلم (٨١١).

* سورة (الإخلاص) تَعدِل ثُلُثَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

وعن أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «أيَعجِزُ أحدُكم أن يَقرأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القرآنِ؟»، قالوا: وكيف يَقرأُ ثُلُثَ القرآن؟ قال: «{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}: تَعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ» . أخرجه مسلم (٨١١).

قال ابنُ تيميَّةَ في تحديدِ وجهِ عَدِّ سورة (الإخلاص) ثُلُثَ القرآن: «لأنَّ القرآنَ ثلاثةُ أثلاثٍ: ثُلُثٌ: توحيد، وثلث: قَصَص، وثلث: أمرٌ ونهيٌ. وثُلُثُ التوحيد أفضَلُ من غيره». "مجموع الفتاوى" (9/306).

كان النبيُّ عليه الصلاة والسلام يقرأ سورةَ (الإخلاص) في غير موضع:

* في سُنَّة الفجر:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي ركعتَينِ قبل الفجرِ، وكان يقولُ: «نِعْمَ السُّورتانِ يُقرَأُ بهما في ركعتَيِ الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}»». أخرجه ابن ماجه (1150).

وعن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ النبيَّ ﷺ شهرًا، فكان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه الترمذي (٤١٧).

* في صلاة الوتر:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرأُ في الوترِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} في ركعةٍ ركعةٍ». أخرجه الترمذي (٤٦٢).

* في سُنَّة صلاة المغرب:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ رسولَ اللهِ ﷺ عِشْرينَ مرَّةً، يَقرأُ في الرَّكعتَينِ بعد المغربِ وفي الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (992).

* قبل النوم:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوَى إلى فراشِه، جمَعَ كفَّيْهِ، ثم نفَثَ فيهما، وقرَأَ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}، ثمَّ يَمسَحُ بهما ما استطاعَ مِن جسدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ». أخرجه ابن حبان (٥٥٤٤).

* في ركعتَيِ الطواف خلف مقام إبراهيمَ:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ - أي: ركعتَيِ الطَّوافِ -: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}». صحيح مسلم (١٢١٨).

 وَحْدانية الله، والإخلاص في عبادته (١-٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /452).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «إثباتُ وَحْدانية الله تعالى.
وأنه لا يُقصَد في الحوائج غيرُه.

وتنزيهُه عن سمات المُحدَثات.
وإبطال أن يكونَ له ابنٌ.
وإبطال أن يكونَ المولودُ إلهًا؛ مثل: عيسى عليه السلام». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /612).