تفسير سورة الأنفال

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة الأنفال من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ...﴾ الآية. [١].
أخبرنا أبو سعيد النَّصْرُوبِيُّ، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثنا أبو معاوية، قال: حدَّثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن عبيد الله الثَّقَفِي، عن سعد بن أبي وقَّاص، قال:
لما كان يوم بدر قتل أخي عُمَير، وقَتَلْتُ سعيد بن العاص، فأخذت سيفه، وكان يسمى ذَا الكِيْفَة، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اذهب فاطرحه في القَبَضِ، قال: فرجعت وبي مالا يعلمه إلا الله، من قتل أخي، وأخذ سَلَبي، فما جاوزت إلا قريباً حتى نزلت سورة "الأنفال"، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فخذ سيفك.
وقال عكرمة، عن ابن عباس: لما كان يوم "بدر" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ فَعَلَ كذا وكذا فله كذا وكذا، فذهب شبان الرجال وجلس الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت الغنيمة جاء الشبان يطلبون نَفَلَهُم، فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا فإنا كنا تحت الرَّايات، ولو انهزمتم لكنا لكم رِدْءاً فأنزل الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾ فقسمها بينهما بالسوية.
أخبرنا أبو بكر [ابن] الحارث، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، قال: حدَّثنا أبو يحيى، قال: حدَّثنا سهل بن عثمان، قال: حدَّثنا يحيى بن [أبي] زائدة عن ابن أبي الزِّناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن سليمان بن موسى الأَشْدق، عن مَكْحُول، عن أبي سلام الباهلي، عن أبي أَمامة البَاهِلي، عن عُبادَةَ بن الصَّامِت، قال:
لما هزِم العدو يوم "بدر" واتبعتهم طائفة يقتلونهم، وأحدقت طائفة برسول الله عليه السلام، واستولت طائفة على العسكر والنهب. فلما نفى الله العدو ورجع الذين طلبوهم، قالوا: لنا النفل نحن طلبنا العدو وبنا نفاهم [الله] وهزمهم، وقال الذين أحْدقُوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما أنتم بأحق به منا، نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينال العدو منه غِرَّة، فهو لنا؛ وقال الذين استولوا على العسكر والنهب: والله ما أنتم بأحقَّ به منا، نحن أخذناه واستولينا عليه فهو لنا. فأنزل الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ﴾ فقسمه رسول الله عليه السلام بالسوية.
قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ﴾. [١٧].
أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد العطار، قال: حدَّثنا محمد بن عبد الله بن محمد البَيّاع، قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْرَاني، قال: حدَّثني جدي، قال: حدَّثنا إبراهيم بن المنذر الجِزَامِي، قال: حدَّثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عُقْبَة، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال:
أقبل أبيّ بن خَلَف يوم "أحد" إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريده، فاعترض له رجال من المؤمنين، فأمرهم رسول الله عليه السلام فخلوا سبيه، فاستقبله مُصْعَب بن عُمَيْر - أحد بني عبد الدَّار- ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبيّ من فُرْجَة بين سابِغَة البَيْضة والدرع، فطعنه بحربته، فسقط أبيّ عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم، وكسر ضلعاً من أضلاعه، فأتاه أصحابه، وهو يخور خوار الثور، فقالوا له: ما أعجزك! إنما هو خدش، فقال: والذي نفسي بيده، لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المَجَازِ لماتوا أجمعين. فمات أُبَيٌّ إلى النار، فسحقاً لأصحاب السعير، قبل أن يقدم مكة. فأنزل الله تعالى في ذلك: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ﴾.
وروى صَفْوَان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جُبَير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم "خيبر" دعا بقوس، فأُتِيَ بقوس طويلة، فقال: جيئووني بقوس غيرها. فجاءوه بقوس كبداء فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم [على] الحصن فأَقبل السهم يهوي حتى قتل كِنانة بن أبي الحُقَيق وهو على فراشه فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ﴾.
وأكثر أهل التفسير [على] أن الآية نزلت في رمى النبي عليه السلام القَبْضَة من حَصْبَاءِ الوادي يوم "بدر" حين قال للمشركين: شاهت الوجوه، ورماهم بتلك القبضة، فلم تبق عين مشرك إلا دخلها منه شيء.
قال حَكِيم بن حِزَام: لما كان يوم "بدر" سمعنا صوتاً وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طَسْت، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحصاة فانهزمنا. فذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ﴾.
قوله تعالى: ﴿إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ﴾. [١٩].
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد [بن الحسن] الحافظ، قال: حدَّثنا محمد بن يحيى، قال: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدَّثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: حدَّثني عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر، قال: كان المستفتح أبا جهل، وإنه قال حين التقى بالقوم: اللهم أينا كان أقطع للرحم، وأتانا بما لم نعرف - فأَحِنْه الغداة. وكان ذلك استفتاحه، فأنزل الله تعالى [في ذلك]: ﴿إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾. رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن القطيعي، عن ابن حنبل، عن أبيه، عن يعقوب.
وقال السُّدِّي والكَلْبي: كان المشركون حين خرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، أخذوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين، وأهْدَى الفئتين، وأكرم الحزبين، وأفضل الدينين. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال عكرمة: قال المشركون: الله لا نعرف ما جاء به محمد عليه السلام، فافتح بيننا وبينه بالحق. فأنزل الله تعالى: ﴿إِن تَسْتَفْتِحُواْ﴾ الآية.
قوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ...﴾ الآية. [٢٧].
نزلت في أبي لُبَابَة بن عَبد المُنْذِر الأنصاري، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حاصر يهود قُرَيْظَة إحدى وعشرين ليلة، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصُّلْحَ على ما صالح عليه إِخوانهم من بني النضير، على أن يسيروا إلى إخوانهم بأذْرِعَات وأرِيحا، من أرض الشام. فأبى أن يعطيهم ذلك إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن مُعّاذ، فأبوا وقالوا: أرسل إلينا أبا لُبَابَةَ، وكان مناصحاً لهم لأن ماله وعياله وولده كانت عندهم، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم، فقالوا: يا أبا لبابة، ما ترى؟ أننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه: إنه الذبح فلا تفعلوا. قال أبو لبابة: والله ما زالت قدماي حتى علمت أن قد خنتُ الله ورسوله. فنزلت فيه هذه الآية. فلما نزلت شدّ نفسه على سَارِيَةٍ من سَوَارِي السمجد وقال: والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله علي. فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاماً حتى خر مَغْشِيَّاً عليه، ثم تاب الله تعالى عليه فقيل له: يا أبا لُبَابة، قد تِيبَ عليك، فقال: لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني، فجاءه فحله بيده، ثم قال أبو لبابة: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصَبْتُ فيها الذنب وأن أنْخَلِع من مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجزيك الثلث أن تتصدق به.
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ...﴾ الآية. [٣٢-٣٣].
قال أهل التفسير: نزلت في النَّضْر بن الحارث؛ وهو الذي قال: إن كان ما يقوله محمد حقاً، فأمطر علينا حجارة من السماء.
أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن الحكم، قال: حدَّثنا محمد بن يعقوب الشيباني، قال: حدَّثنا أحمد بن النضر بن عبد الوهاب، قال: حدَّثنا عُبَيْد الله بن معاذ، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا شعبة، عن عبد الحميد صاحب الزيادي، سمع أنس بن مالك يقول:
قال أبو جهل: اللَّهُمَّ إن كان هذا هو الحقَّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزلت: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾ الآية.
رواه البخاري عن أحمد بن النضر.
ورواه مسلم عن عبد الله بن معاذ.
قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ...﴾ الآية. [٣٥].
أخبرنا أبو إسماعيل بن أبي عمرو النَّيْسَابُورِي، قال: أخبرنا حمزة بن شبيب المعمري، قال: أخبرنا عبيد الله بن إبراهيم بن بالويه، قال: حدَّثنا ابو المثنى معاذ بن المثنى قال: حدَّثنا عمرو، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا قُرَّة، عن عطية، عن ابن عمر، قال:
كانوا يطوفون بالبيت ويصفقون - ووصف الصفق بيده - ويصفرون، ووصف صفيرهم، ويضعون خدودهم بالأرض. فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ.....﴾ الآية [٣٦].
قال مقاتل والكلبي: نزلت في المُطْعِمِينَ يوم "بدر" وكانوا اثنى عشر رجلاً: أبو جهل بن هشام، وعُتْبة وشَيْبة ابنا ربيعة، ونُبَيْه ومُنَبِّه ابنا حجَّاج، وأبو البَخْتَرِي بن هشام، والنَّضْر بن الحارث، وحَكِيم بن حِزَام، وأُبيّ بن خلَف، وزمعة بن الأسود، والحارث بن عامر بن نَوْفَل، والعباس بن عبد المطلب، وكلهم من قريش، وكان يطعم كلّ واحد منهم كل يوم عشر جرائر.
وقال سعيد بن جُبَيْر وابن أبْزَى: نزلت في أبي سفيان بن حرب، استأجر يوم أحد ألفين من الأحَابِيش يقاتل بهم النبي صلى الله عليه وسلم سوى من استحباب له من العرب، وفيهم يقول كَعْبُ بن مالك:
فجئنا إِلى مَوْجٍ من البحر وَسْطَهُ * أحابِيشُ منهم حاسِرٌ وَمُقَنَّعُ
ثلاثةُ آلافٍ ونَحْنُ نَصِيَّــةٌ * ثَلاَثُ مِئينَ إِنْ كَثُرْنَا فأرْبَعُ
وقال الحكم بن عُتَيبة: أنفق أبو سفيان على المشركين يوم أحد أربعين أوقية [من الذهب]، فنزلت فيه [هذه] الآية.
وقال محمد بن إسحاق عن رجاله: لما أصيبت قريش يوم بدر فرجع فَلُّهُم إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيرهم- مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعِكْرِمة بن أبي جهل، وصَفْوان بن أمَيّة، في رجال من قريش أُصِيبَ آباؤُهم وأبناؤهم وإخوانهم ببدر، فكلّموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير تجارة، فقالوا: يا معشر قريش، إن محمداً قد وَتَرَكُم وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال الذي أَفْلَتَ على حربه، لعلنا ندرك منه ثأراً بمن أُصيب منا. ففعلوا، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾ [٦٤].
أخبرنا أبو بكر بن الحارث، قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، قال: حدَّثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، قال: حدَّثنا صفْوَان بن المغلس، قال: حدَّثنا إسحاق بن بشر، قال: حدَّثنا خلف بن خليفة عن [أنس بن] أبي هاشم الرّماني عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:
أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلاً، ثم إن عمر أسلم فصاروا أربعين، فنزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾.
قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ....﴾ الآية [٦٧].
قال مجاهد: كان عمر بن الخطاب يرى الرأي فيوافق رأيه ما يجيء من السماء، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، استشار في أسَارَى بدر، فقال المسلمون: يا رسول الله بنو عمك افدهم. فقال عمر لا يا رسول الله اقتلهم. قال فنزلت هذه الاية: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ﴾.
وقال ابن عمر: استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الأسارى أبا بكر، فقال: قومك وعشيرتك، خلِّ سبيلهم. واستشار عمر فقال: اقتلهم. فَفَادَاهمْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأَنزل الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً﴾ قال: فلقي النبي صلى الله عليه وسلم عمر، فقالَ: كاد أن يصيبنا في خِلاَفِكَ بلاء.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحِيرِي، قال: أخبرنا حاجب بن أحمد، قال: حدَّثنا محمد بن حماد، قال: حدَّثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله، قال:
لما كان يوم بدر وجيء بالأسارى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟
فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأهلك، استبقهم واسْتَأْنِ بهم، لعل الله عزّ وجلّ [أن] يتوب عليهم.
وقال عمر: كذّبوك وأخرجوك، فقدِّمهم فاضرب أعناقهم.
وقال عبد الله بن رَوَاحَة: يا رسول الله انظر وادياً كثيرَ الحطب فأدخلهم فيه، ثم أضرم عليهم ناراً. فقال العباس: قطعت رحمك.
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجبهم ثم دخل، فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله، ثم خرج عليهم فقال:
إن الله عز وجل لَيُلِينُ قلوبَ رجال فيه حتى تكون ألينَ من اللَّبَن، وإن الله عز وجل لَيُشَدِّدُ قلوبَ رجال فيه حتى تكون أشدَّ من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم، قال: ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ وإن مثلك يا ابا بكر كمثل عيسى، قال: ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ﴾.
وإن مثلك يا عمر كمثل موسى، قال: ﴿رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ﴾ ومثلك يا عمر كمثل نوح، قال: ﴿رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم عَالة، أنتم اليوم عَالة، فلاَ ينْقَلِبَنَّ منهم أحدٌ إلا بفداء أو ضرب عنق. قال: فأنزل الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ﴾ إلى آخر الآيات الثلاث.
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل، أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك، قال: حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثنا أبو نُوح قُرَاد، قال: حدَّثنا عَكْرِمة بن عمار، قال: حدَّثنا سِمَاكٌ الحنَفيِ أبو زُمَيْل، قال: حدَّثني ابن عباس، قال: حدَّثني عمر بن الخطاب، قال:
لما كان يوم بدر والتقوا، فهزم الله المشركين وقُتِلَ منهم سبعون رجلاً وأسر [منهم] سبعون رجلاً - استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعلياً، فقال أبة بكر: يا نبي الله، هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفِدْية، فيكونَ ما أخذنا منهم قُوّةَ لنا على الكفار، وعسى الله أن يَهْدِيَهُمْ [للإسلام]، فيكونوا لنا عضداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قال: قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكنني من فلان - قريب لعمر - فأضرب عنقه، وتمكن علياً من عَقِيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان - أخيه - فيضرب عنقه، حتى يعلم الله عز وجل أنه ليس في قلوبنا هَوَادَة للمشركين، هؤلاء صَنَادِيدهُم وأئمتهم وقادتهم. فَهَوِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فأخذ منهم الفداء. فلما كان من الغد قال عمر: غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو قاعد وأبو بكر الصديق وإذا هما يبكيان، فقلت: يا رسول الله، أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت [لبكائكما]. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبكي للذي عَرَضَ عليّ أصحابُكَ مِن الفداء، لقد عُرِضَ عليَّ عذابُكم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة - وأنزل الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ﴾ إلى قوله: ﴿لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ﴾ من الفداء ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
رواه مسلم في الصحيح عن هَنّاد بن السَّرِيّ، عن ابن مبارك، عن عكرمة ابن عمار.
قوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيۤ أَيْدِيكُمْ مِّنَ ٱلأَسْرَىٰ....﴾ الآية [٧٠].
قال الكلبي: نزلت في العباس بن عبد المطلب، وعقَيِل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث. وكان العباس أُسِرَ يوم بدر ومعه عشرون أوقية من الذهب، كان خرج بها معه إلى بدر ليطعم بها الناس، وكان أحد العشرة الذين ضَمِنُوا إطعام أهل بدر، ولم يكن بلغته النَّوْبَةُ حتى أُسر، فأُخذتْ معه وأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه. قال: فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لي العشرين الأوقية الذهب التي أخذها مني فداء، فأبى عليَّ وقال: أما شيء خرجت تستعين به علينا فلا. وكلفني فداء ابن أخي عَقِيل بن أبي طالب عشرين أوقية من فضة فقلت له: تركتني والله أسأل قريشاً بكفي والناس ما بقيت، قال: فأين الذهب الذي دفعته إلى أمِّ الفَضْل [قبل] مخرجك إلى بدر، وقلت لها: إن حدث بي حدث في وجهي هذا فهو لك ولعبد الله والفضل وقُثَم؟ قال: فقلت: وما يدريك؟ قال: أخبرني الله بذلك. قلت: أشهد إِنك لصادق، وإني قد دفعت إليها بالذهب ولم يطلع عليه أحد إلا الله، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال العباس: فأعطاني الله خيراً مما أخذ مني - كما قال، عشرين عبداً كلهم يَضْرِبُ بمال كثير مكان العشرين الأوقية، وأنا أرجو المغفرة من ربي.
سورة الأنفال
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

اعتنَتْ سورةُ (الأنفال) ببيانِ أحكامِ الحرب والغنائمِ والأَسْرى؛ ولذا سُمِّيتْ بهذا الاسمِ، وقد نزَلتْ هذه السورةُ في المدينةِ بعد غزوة (بَدْرٍ)؛ لذا تعلَّقتْ أسبابُ نزولها بهذه الغزوة، وقد أبانت السورةُ عن قوانين النَّصر المادية: كتجهيز العَتاد، والمعنوية: كوَحْدة الصَّف، وأوضَحتْ حُكْمَ الفِرار من المعركة، وقتالِ الكفار، وما يَتبَع ذلك من أحكامٍ ربانيَّة، كما أصَّلتْ - بشكل رئيسٍ - لقواعدِ عَلاقة المجتمع المسلم بغيره.

ترتيبها المصحفي
8
نوعها
مدنية
ألفاظها
1243
ترتيب نزولها
88
العد المدني الأول
76
العد المدني الأخير
67
العد البصري
76
العد الكوفي
75
العد الشامي
77

تعلَّقتْ سورةُ (الأنفال) بوقائعَ كثيرةٍ؛ لذا صحَّ في أسبابِ نزولها الكثيرُ؛ من ذلك:

* ما جاء عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «قلتُ لابنِ عباسٍ: سورةُ التَّوبة؟ قال: التَّوبةُ هي الفاضحةُ، ما زالت تَنزِلُ: ﴿وَمِنْهُمْ﴾ ﴿وَمِنْهُمْ﴾ حتى ظَنُّوا أنَّها لن تُبقِيَ أحدًا منهم إلا ذُكِرَ فيها، قال: قلتُ: سورةُ الأنفالِ؟ قال: نزَلتْ في بَدْرٍ، قال: قلتُ: سورةُ الحشرِ؟ قال: نزَلتْ في بني النَّضِيرِ». أخرجه مسلم (٣٠٣١).

* قوله تعالى: ﴿يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اْلْأَنفَالِۖ قُلِ اْلْأَنفَالُ لِلَّهِ وَاْلرَّسُولِۖ فَاْتَّقُواْ اْللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْۖ وَأَطِيعُواْ اْللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 1]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا كان يومُ بدرٍ جئتُ بسيفٍ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ اللهَ قد شَفَى صدري مِن المشركين - أو نحوَ هذا -، هَبْ لي هذا السيفَ، فقال: «هذا ليس لي، ولا لك»، فقلتُ: عسى أن يُعطَى هذا مَن لا يُبلِي بلائي، فجاءني الرسولُ، فقال: «إنَّك سألْتَني وليس لي، وإنَّه قد صار لي، وهو لك»، قال: فنزَلتْ: ﴿يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اْلْأَنفَالِۖ﴾ الآيةَ». أخرجه الترمذي (٣٠٧٩).

وعن عُبَادةَ بن الصامتِ رضي الله عنه، قال: «خرَجْنا مع النبيِّ ﷺ، فشَهِدتُّ معه بدرًا، فالتقى الناسُ، فهزَمَ اللهُ العدوَّ، فانطلَقتْ طائفةٌ في آثارِهم يَهزِمون ويقتُلون، وأكَبَّتْ طائفةٌ على العسكرِ يَحْوُونه ويَجمَعونه، وأحدَقتْ طائفةٌ برسولِ الله ﷺ؛ لا يُصِيبُ العدوُّ منه غِرَّةً، حتى إذا كان الليلُ وفاءَ الناسُ بعضُهم إلى بعضٍ، قال الذين جمَعوا الغنائمَ: نحن حوَيْناها وجمَعْناها؛ فليس لأحدٍ فيها نصيبٌ! وقال الذين خرَجوا في طلبِ العدوِّ: لستم بأحَقَّ بها منَّا؛ نحن نفَيْنا عنها العدوَّ وهزَمْناهم! وقال الذين أحدَقوا برسولِ اللهِ ﷺ: لستم بأحَقَّ بها منَّا؛ نحن أحدَقْنا برسولِ اللهِ ﷺ، وخِفْنا أن يُصِيبَ العدوُّ منه غِرَّةً، واشتغَلْنا به! فنزَلتْ: ﴿يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اْلْأَنفَالِۖ قُلِ اْلْأَنفَالُ لِلَّهِ وَاْلرَّسُولِۖ فَاْتَّقُواْ اْللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْۖ﴾ [الأنفال: 1]، فقسَمَها رسولُ اللهِ ﷺ على فُوَاقٍ بين المسلمين، قال: وكان رسولُ اللهِ ﷺ إذا أغارَ في أرضِ العدوِّ نفَّلَ الرُّبُعَ، وإذا أقبَلَ راجعًا وكَلَّ الناسُ نفَّلَ الثُّلُثَ، وكان يَكرَهُ الأنفالَ، ويقولُ: «لِيَرُدَّ قويُّ المؤمنين على ضعيفِهم»». أخرجه أحمد (٢٢٧٦٢).

* قوله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاْسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٖ مِّنَ اْلْمَلَٰٓئِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: 9]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «حدَّثني عُمَرُ بن الخطَّابِ، قال: لمَّا كان يومُ بَدْرٍ نظَرَ رسولُ اللهِ ﷺ إلى المشركين وهم ألفٌ، وأصحابُه ثلاثُمائةٍ وتسعةَ عشَرَ رجُلًا، فاستقبَلَ نبيُّ اللهِ ﷺ القِبْلةَ، ثم مَدَّ يدَيهِ، فجعَلَ يَهتِفُ برَبِّهِ: اللهمَّ أنجِزْ لي ما وعَدتَّني، اللهمَّ آتِ ما وعَدتَّني، اللهمَّ إن تَهلِكْ هذه العصابةُ مِن أهلِ الإسلامِ لا تُعبَدْ في الأرضِ، فما زالَ يَهتِفُ برَبِّهِ، مادًّا يدَيهِ، مستقبِلَ القِبْلةِ، حتى سقَطَ رداؤُهُ عن مَنكِبَيهِ، فأتاه أبو بكرٍ، فأخَذَ رداءَهُ، فألقاه على مَنكِبَيهِ، ثم التزَمَه مِن ورائِه، وقال: يا نبيَّ اللهِ، كفَاك مُناشَدتُك ربَّك؛ فإنَّه سيُنجِزُ لك ما وعَدَك؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاْسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٖ مِّنَ اْلْمَلَٰٓئِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: 9]، فأمَدَّه اللهُ بالملائكةِ». أخرجه مسلم (١٧٦٣).

* قوله تعالى: ﴿وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ﴾ [الأنفال: 16]:

عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه، قال: «نزَلتْ في يومِ بدرٍ: ﴿وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ﴾ [الأنفال: 16]». أخرجه أبو داود (٢٦٤٨).

* قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اْللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْۚ وَمَا كَانَ اْللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ٣٣ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اْللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ اْلْمَسْجِدِ اْلْحَرَامِ} [الأنفال: 33، 34]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «قال أبو جهلٍ: اللهمَّ إن كان هذا هو الحقَّ مِن عندِك، فأمطِرْ علينا حجارةً مِن السماءِ، أو ائتِنا بعذابٍ أليمٍ؛ فنزَلتْ: {وَمَا كَانَ اْللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْۚ وَمَا كَانَ اْللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ٣٣ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اْللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ اْلْمَسْجِدِ اْلْحَرَامِ} الآيةَ». أخرجه البخاري (٤٦٤٩).

سُمِّيتْ سورةُ (الأنفال) بذلك؛ لأنها بدأت بالحديثِ عن (الأنفال).

كما سُمِّيتْ أيضًا بسورة (بَدْرٍ): لِما صحَّ عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «قلتُ لابنِ عباسٍ: سورةُ الأنفالِ؟ قال: تلك سورةُ بَدْرٍ». أخرجه مسلم (٣٠٣١).

ووجهُ التسمية بذلك ظاهرٌ؛ لأنها نزَلتْ بعد غزوةِ (بَدْرٍ)، وتحدَّثتْ بشكلٍ رئيس عن هذه الغزوةِ.

* أنَّ من أخَذها عُدَّ حَبْرًا:

فعن عائشةَ رضي الله عنها، عن رسولِ الله ﷺ، قال: «مَن أخَذَ السَّبْعَ الأُوَلَ مِن القرآنِ، فهو حَبْرٌ». أخرجه أحمد (24575).

* أنها تقابِلُ التَّوْراةَ مع بقيَّةِ السُّوَر الطِّوال:

فعن واثلةَ بن الأسقَعِ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أُعطِيتُ مكانَ التَّوْراةِ السَّبْعَ الطِّوالَ». أخرجه أحمد (17023).

جاءت موضوعاتُ سورةِ (الأنفال) كما يلي:

* قوانينُ ربَّانية {وَمَا ‌اْلنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اْللَّهِۚ}:

1. الأنفالُ وصفاتُ المؤمنين الصادقين (١ -٤).

2. غزوة (بدر) (٥-١٤).

3. حرمةُ الفرار من المعركة، ومِنَّة الله بالنصر والتأييد (١٥-١٩).

4. طاعة الله ورسوله، والنهيُ عن خيانة الأمانة (٢٠-٢٩).

5. نماذجُ من عداوة المشركين للمؤمنين (٣٠-٤٠).

6. توزيعُ غنائمِ (بدر) مع التذكير بما دار في المعركة (٤١-٤٤).

* قوانينُ مادية {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اْسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٖ}:

7. من شروط النصر، وأسباب الهزيمة (٤٥-٤٩).

8. نماذجُ من تعذيب الله للكافرين (٥٠-٥٤).

9. قواعد السلم والحرب والمعاهَدات الدولية (٥٥-٦٣).

10. وَحْدة الصف، والتخفيف في القتال (٦٤-٦٦).

11. العتاب في أُسارى (بدر) (٦٧- ٧١).

12. قواعدُ في علاقة المجتمع الإسلامي بغيره (٧٢-٧٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /131).

افتُتِحت السُّورةُ بمقصدٍ عظيم؛ وهو بيانُ أحكامِ (الأنفال)، والأمرُ بتقوى الله وطاعتِه وطاعة رسوله، في ذلك وغيره، وأمرُ المسلمين بإصلاح ذاتِ بينهم، وأن ذلك من مقوِّمات معنى الإيمان الكامل، واشتمَلتْ على تذكيرِ النبي ﷺ بنعمةِ الله عليه إذ أنجاه من مكرِ المشركين به بمكَّةَ، وخلَّصه من عنادِهم. ثمَّ قصَدتْ دعوةَ المشركين للانتهاء عن مناوأةِ الإسلام، وإيذانِهم بالقتال، والتحذيرِ من المنافقين، وضربِ المَثَل بالأُمم الماضية التي عانَدتْ رُسُلَ الله ولم يشكروا نعمةَ الله، كما قصَدتْ بيانَ أحكام العهد بين المسلمين والكفار، وما يَترتَّب على نقضِهم العهدَ، ومتى يحسُنُ السلمُ.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (9 /248).