تفسير سورة الفيل

التفسير الحديث

تفسير سورة سورة الفيل من كتاب التفسير الحديث
لمؤلفه دروزة . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة الفيل
في السورة تذكير بما كان من نكال الله في أصحاب الفيل في معرض الإنذار.

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل( ١ ) ألم يجعل كيدهم في تضليل( ٢ ) وأرسل عليهم طيرا أبابيل( ٣ )١ ترميهم بحجارة من سجيل( ٤ )٢ فجعلهم كعصف٣ مأكول( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
معنى آيات السورة واضح، وهي تذكر السامعين في معرض الإنذار بما كان من نكال الله في أصحاب الفيل، فجعل كيدهم حابطا خاسرا ؛ حيث أرسل عليهم جماعات من الطير فرمتهم بحجارة طينية وجعلتهم كورق الزرع الممضوغ.
وجمهور المفسرين١ على أن المقصد من أصحاب الفيل هم الأحباش الذين غزوا مكة، فإذا كان هذا صحيحا فإنه يؤيد الروايات التي ترويها الكتب العربية القديمة عن الغزوة التي تعرف في تاريخ العرب قبل الإسلام بغزوة الفيل، والتي قام بها الأحباش بقيادة أبرهة. وسميت كذلك ؛ لأنه كان في الحملة الحبشية بعض الأفيال.
وملخص ما جاء في الروايات٢ أن الأحباش غزوا اليمن قبل البعثة النبوية بذريعة نصر النصارى الذين اضطهدهم الملك الحميري ذو نواس الذي كان يعتنق اليهودية، وانتصروا على الدولة الحميرية، ووطدوا سلطانهم في اليمن. وقد اضطهدوا بدورهم اليهود واليهودية، وأخذوا يدعون العرب إلى النصرانية، وينشئون الكنائس في اليمن ؛ وقد أنشأوا كنيسة كبرى سمتها الكتب العربية باسم القليس. غير أن العرب لم يستجيبوا إلى الدعوة، وظلوا متعلقين بتقاليدهم وبالحج إلى الكعبة في الحجاز، حتى إن بعضهم نجس القليس فغضب الأحباش، وأرادوا أن يخضعوا الحجاز لحكمهم، ويهدموا الكعبة التي يتعلق بها العرب، فجاءوا بحملة كبيرة، فلما وصلت قرب مكة شرد أهل مكة إلى الجبال ؛ لأنهم رأوا أن لا طاقة لهم بها. ولكن الله حبس الفيل الكبير الذي كان في طليعة الحملة عن مكة فتوقفت الحملة، فسلط الله عليها جماعات كثيرة من الطيور تحمل بمناقيرها حجارة صغيرة من طين متحجر، وأخذت ترمي بالحجارة على الأحباش، فلا يكاد الحجر يصيب جسم الحبشي حتى يتهرأ. وقد تمزق شمل الحملة نتيجة لذلك ونجا الحجاز والكعبة. وقد كان لهذا الحادث نتيجته رد فعل عظيم في بلاد العرب، حتى صاروا يؤرخون أحداثهم بعام الفيل. وقد روي فيما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في هذا العام، كما روي أن الحادث كان قبل ولادته بمدة تراوحت بين ثلاث عشرة سنة وأربعين سنة على اختلاف الروايات، ومما ذكرته الروايات أن عربيا اسمه أبو رغال صار دليلا للحملة، فمات في مكان اسمه المغمس، فصار العرب يرجمون قبره استنكارا لخيانته لقومه، وظلوا على ذلك دهرا.
وأسلوب الآيات ومضمونها يدلان :
أولا : على أن الحادث كان لا يزال صداه يتردد على الألسنة في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزلت السورة.
وثانيا : على أن العرب كانوا يعتقدون أن البلاء الذي وقع على الأحباش وهرّأ أجسامهم ومزق شملهم هو بلاء رباني.
وثالثا : على أن القصد من التذكير بالحادث الذي كان قريب العهد، وكان مالئا للأذهان هو الموعظة ودعوة السامعين أو زعماء قريش إلى الارعواء عن مواقف الأذى والجحود التي يقفونها. فالله الذي كان من قدرته أن يصب بلاءه على الأحباش، ويمزقهم شر ممزق مع ما هم عليه من شدة البأس قادر على أن يصب بلاءه عليهم ويمزقهم. وهم يعرفون ذلك فعليهم أن يرعووا ويحذروا ويتركوا الأذى والعناد.
١ - انظر تفسير السورة في تفسير الطبري والنيسابوري وابن كثير والبغوي والزمخشري والخازن والطبرسي الخ..
٢ - انظر تاريخ الطبري مطبعة الاستقامة جـ١ ص ٥٢٩ – ٥٦٠ وغزو الحبشة لليمن وسيطرتهم عليها مما أيدته المنقوشات والآثار القديمة أيضا انظر الجزء الخامس من كتابنا الجنس العربي ص ٧٦ وما بعدها..
( ١ ) أبابيل : جماعات وفرق يتبع بعضها بعضا. أو الجماعات الكثيرة، وقيل : إن واحدها أبيل، وقيل : إنها جمع إبالة وهي الحزمة، وهذا في نفس المعنى الأول.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل( ١ ) ألم يجعل كيدهم في تضليل( ٢ ) وأرسل عليهم طيرا أبابيل( ٣ )١ ترميهم بحجارة من سجيل( ٤ )٢ فجعلهم كعصف٣ مأكول( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
معنى آيات السورة واضح، وهي تذكر السامعين في معرض الإنذار بما كان من نكال الله في أصحاب الفيل، فجعل كيدهم حابطا خاسرا ؛ حيث أرسل عليهم جماعات من الطير فرمتهم بحجارة طينية وجعلتهم كورق الزرع الممضوغ.
وجمهور المفسرين١ على أن المقصد من أصحاب الفيل هم الأحباش الذين غزوا مكة، فإذا كان هذا صحيحا فإنه يؤيد الروايات التي ترويها الكتب العربية القديمة عن الغزوة التي تعرف في تاريخ العرب قبل الإسلام بغزوة الفيل، والتي قام بها الأحباش بقيادة أبرهة. وسميت كذلك ؛ لأنه كان في الحملة الحبشية بعض الأفيال.
وملخص ما جاء في الروايات٢ أن الأحباش غزوا اليمن قبل البعثة النبوية بذريعة نصر النصارى الذين اضطهدهم الملك الحميري ذو نواس الذي كان يعتنق اليهودية، وانتصروا على الدولة الحميرية، ووطدوا سلطانهم في اليمن. وقد اضطهدوا بدورهم اليهود واليهودية، وأخذوا يدعون العرب إلى النصرانية، وينشئون الكنائس في اليمن ؛ وقد أنشأوا كنيسة كبرى سمتها الكتب العربية باسم القليس. غير أن العرب لم يستجيبوا إلى الدعوة، وظلوا متعلقين بتقاليدهم وبالحج إلى الكعبة في الحجاز، حتى إن بعضهم نجس القليس فغضب الأحباش، وأرادوا أن يخضعوا الحجاز لحكمهم، ويهدموا الكعبة التي يتعلق بها العرب، فجاءوا بحملة كبيرة، فلما وصلت قرب مكة شرد أهل مكة إلى الجبال ؛ لأنهم رأوا أن لا طاقة لهم بها. ولكن الله حبس الفيل الكبير الذي كان في طليعة الحملة عن مكة فتوقفت الحملة، فسلط الله عليها جماعات كثيرة من الطيور تحمل بمناقيرها حجارة صغيرة من طين متحجر، وأخذت ترمي بالحجارة على الأحباش، فلا يكاد الحجر يصيب جسم الحبشي حتى يتهرأ. وقد تمزق شمل الحملة نتيجة لذلك ونجا الحجاز والكعبة. وقد كان لهذا الحادث نتيجته رد فعل عظيم في بلاد العرب، حتى صاروا يؤرخون أحداثهم بعام الفيل. وقد روي فيما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في هذا العام، كما روي أن الحادث كان قبل ولادته بمدة تراوحت بين ثلاث عشرة سنة وأربعين سنة على اختلاف الروايات، ومما ذكرته الروايات أن عربيا اسمه أبو رغال صار دليلا للحملة، فمات في مكان اسمه المغمس، فصار العرب يرجمون قبره استنكارا لخيانته لقومه، وظلوا على ذلك دهرا.

وأسلوب الآيات ومضمونها يدلان :

أولا : على أن الحادث كان لا يزال صداه يتردد على الألسنة في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزلت السورة.
وثانيا : على أن العرب كانوا يعتقدون أن البلاء الذي وقع على الأحباش وهرّأ أجسامهم ومزق شملهم هو بلاء رباني.
وثالثا : على أن القصد من التذكير بالحادث الذي كان قريب العهد، وكان مالئا للأذهان هو الموعظة ودعوة السامعين أو زعماء قريش إلى الارعواء عن مواقف الأذى والجحود التي يقفونها. فالله الذي كان من قدرته أن يصب بلاءه على الأحباش، ويمزقهم شر ممزق مع ما هم عليه من شدة البأس قادر على أن يصب بلاءه عليهم ويمزقهم. وهم يعرفون ذلك فعليهم أن يرعووا ويحذروا ويتركوا الأذى والعناد.
١ - انظر تفسير السورة في تفسير الطبري والنيسابوري وابن كثير والبغوي والزمخشري والخازن والطبرسي الخ..
٢ - انظر تاريخ الطبري مطبعة الاستقامة جـ١ ص ٥٢٩ – ٥٦٠ وغزو الحبشة لليمن وسيطرتهم عليها مما أيدته المنقوشات والآثار القديمة أيضا انظر الجزء الخامس من كتابنا الجنس العربي ص ٧٦ وما بعدها..

( ٢ ) سجيل : الطين المتحجر، وقيل : إنها تعريب سنك كيل الفارسية التي تعني ذلك. وقد تكرر ورودها في القرآن، مما يدل على أن دخولها في اللسان العربي قديم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل( ١ ) ألم يجعل كيدهم في تضليل( ٢ ) وأرسل عليهم طيرا أبابيل( ٣ )١ ترميهم بحجارة من سجيل( ٤ )٢ فجعلهم كعصف٣ مأكول( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
معنى آيات السورة واضح، وهي تذكر السامعين في معرض الإنذار بما كان من نكال الله في أصحاب الفيل، فجعل كيدهم حابطا خاسرا ؛ حيث أرسل عليهم جماعات من الطير فرمتهم بحجارة طينية وجعلتهم كورق الزرع الممضوغ.
وجمهور المفسرين١ على أن المقصد من أصحاب الفيل هم الأحباش الذين غزوا مكة، فإذا كان هذا صحيحا فإنه يؤيد الروايات التي ترويها الكتب العربية القديمة عن الغزوة التي تعرف في تاريخ العرب قبل الإسلام بغزوة الفيل، والتي قام بها الأحباش بقيادة أبرهة. وسميت كذلك ؛ لأنه كان في الحملة الحبشية بعض الأفيال.
وملخص ما جاء في الروايات٢ أن الأحباش غزوا اليمن قبل البعثة النبوية بذريعة نصر النصارى الذين اضطهدهم الملك الحميري ذو نواس الذي كان يعتنق اليهودية، وانتصروا على الدولة الحميرية، ووطدوا سلطانهم في اليمن. وقد اضطهدوا بدورهم اليهود واليهودية، وأخذوا يدعون العرب إلى النصرانية، وينشئون الكنائس في اليمن ؛ وقد أنشأوا كنيسة كبرى سمتها الكتب العربية باسم القليس. غير أن العرب لم يستجيبوا إلى الدعوة، وظلوا متعلقين بتقاليدهم وبالحج إلى الكعبة في الحجاز، حتى إن بعضهم نجس القليس فغضب الأحباش، وأرادوا أن يخضعوا الحجاز لحكمهم، ويهدموا الكعبة التي يتعلق بها العرب، فجاءوا بحملة كبيرة، فلما وصلت قرب مكة شرد أهل مكة إلى الجبال ؛ لأنهم رأوا أن لا طاقة لهم بها. ولكن الله حبس الفيل الكبير الذي كان في طليعة الحملة عن مكة فتوقفت الحملة، فسلط الله عليها جماعات كثيرة من الطيور تحمل بمناقيرها حجارة صغيرة من طين متحجر، وأخذت ترمي بالحجارة على الأحباش، فلا يكاد الحجر يصيب جسم الحبشي حتى يتهرأ. وقد تمزق شمل الحملة نتيجة لذلك ونجا الحجاز والكعبة. وقد كان لهذا الحادث نتيجته رد فعل عظيم في بلاد العرب، حتى صاروا يؤرخون أحداثهم بعام الفيل. وقد روي فيما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في هذا العام، كما روي أن الحادث كان قبل ولادته بمدة تراوحت بين ثلاث عشرة سنة وأربعين سنة على اختلاف الروايات، ومما ذكرته الروايات أن عربيا اسمه أبو رغال صار دليلا للحملة، فمات في مكان اسمه المغمس، فصار العرب يرجمون قبره استنكارا لخيانته لقومه، وظلوا على ذلك دهرا.

وأسلوب الآيات ومضمونها يدلان :

أولا : على أن الحادث كان لا يزال صداه يتردد على الألسنة في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزلت السورة.
وثانيا : على أن العرب كانوا يعتقدون أن البلاء الذي وقع على الأحباش وهرّأ أجسامهم ومزق شملهم هو بلاء رباني.
وثالثا : على أن القصد من التذكير بالحادث الذي كان قريب العهد، وكان مالئا للأذهان هو الموعظة ودعوة السامعين أو زعماء قريش إلى الارعواء عن مواقف الأذى والجحود التي يقفونها. فالله الذي كان من قدرته أن يصب بلاءه على الأحباش، ويمزقهم شر ممزق مع ما هم عليه من شدة البأس قادر على أن يصب بلاءه عليهم ويمزقهم. وهم يعرفون ذلك فعليهم أن يرعووا ويحذروا ويتركوا الأذى والعناد.
١ - انظر تفسير السورة في تفسير الطبري والنيسابوري وابن كثير والبغوي والزمخشري والخازن والطبرسي الخ..
٢ - انظر تاريخ الطبري مطبعة الاستقامة جـ١ ص ٥٢٩ – ٥٦٠ وغزو الحبشة لليمن وسيطرتهم عليها مما أيدته المنقوشات والآثار القديمة أيضا انظر الجزء الخامس من كتابنا الجنس العربي ص ٧٦ وما بعدها..

( ٣ ) العصف : ورق الزرع.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل( ١ ) ألم يجعل كيدهم في تضليل( ٢ ) وأرسل عليهم طيرا أبابيل( ٣ )١ ترميهم بحجارة من سجيل( ٤ )٢ فجعلهم كعصف٣ مأكول( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
معنى آيات السورة واضح، وهي تذكر السامعين في معرض الإنذار بما كان من نكال الله في أصحاب الفيل، فجعل كيدهم حابطا خاسرا ؛ حيث أرسل عليهم جماعات من الطير فرمتهم بحجارة طينية وجعلتهم كورق الزرع الممضوغ.
وجمهور المفسرين١ على أن المقصد من أصحاب الفيل هم الأحباش الذين غزوا مكة، فإذا كان هذا صحيحا فإنه يؤيد الروايات التي ترويها الكتب العربية القديمة عن الغزوة التي تعرف في تاريخ العرب قبل الإسلام بغزوة الفيل، والتي قام بها الأحباش بقيادة أبرهة. وسميت كذلك ؛ لأنه كان في الحملة الحبشية بعض الأفيال.
وملخص ما جاء في الروايات٢ أن الأحباش غزوا اليمن قبل البعثة النبوية بذريعة نصر النصارى الذين اضطهدهم الملك الحميري ذو نواس الذي كان يعتنق اليهودية، وانتصروا على الدولة الحميرية، ووطدوا سلطانهم في اليمن. وقد اضطهدوا بدورهم اليهود واليهودية، وأخذوا يدعون العرب إلى النصرانية، وينشئون الكنائس في اليمن ؛ وقد أنشأوا كنيسة كبرى سمتها الكتب العربية باسم القليس. غير أن العرب لم يستجيبوا إلى الدعوة، وظلوا متعلقين بتقاليدهم وبالحج إلى الكعبة في الحجاز، حتى إن بعضهم نجس القليس فغضب الأحباش، وأرادوا أن يخضعوا الحجاز لحكمهم، ويهدموا الكعبة التي يتعلق بها العرب، فجاءوا بحملة كبيرة، فلما وصلت قرب مكة شرد أهل مكة إلى الجبال ؛ لأنهم رأوا أن لا طاقة لهم بها. ولكن الله حبس الفيل الكبير الذي كان في طليعة الحملة عن مكة فتوقفت الحملة، فسلط الله عليها جماعات كثيرة من الطيور تحمل بمناقيرها حجارة صغيرة من طين متحجر، وأخذت ترمي بالحجارة على الأحباش، فلا يكاد الحجر يصيب جسم الحبشي حتى يتهرأ. وقد تمزق شمل الحملة نتيجة لذلك ونجا الحجاز والكعبة. وقد كان لهذا الحادث نتيجته رد فعل عظيم في بلاد العرب، حتى صاروا يؤرخون أحداثهم بعام الفيل. وقد روي فيما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في هذا العام، كما روي أن الحادث كان قبل ولادته بمدة تراوحت بين ثلاث عشرة سنة وأربعين سنة على اختلاف الروايات، ومما ذكرته الروايات أن عربيا اسمه أبو رغال صار دليلا للحملة، فمات في مكان اسمه المغمس، فصار العرب يرجمون قبره استنكارا لخيانته لقومه، وظلوا على ذلك دهرا.

وأسلوب الآيات ومضمونها يدلان :

أولا : على أن الحادث كان لا يزال صداه يتردد على الألسنة في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزلت السورة.
وثانيا : على أن العرب كانوا يعتقدون أن البلاء الذي وقع على الأحباش وهرّأ أجسامهم ومزق شملهم هو بلاء رباني.
وثالثا : على أن القصد من التذكير بالحادث الذي كان قريب العهد، وكان مالئا للأذهان هو الموعظة ودعوة السامعين أو زعماء قريش إلى الارعواء عن مواقف الأذى والجحود التي يقفونها. فالله الذي كان من قدرته أن يصب بلاءه على الأحباش، ويمزقهم شر ممزق مع ما هم عليه من شدة البأس قادر على أن يصب بلاءه عليهم ويمزقهم. وهم يعرفون ذلك فعليهم أن يرعووا ويحذروا ويتركوا الأذى والعناد.
١ - انظر تفسير السورة في تفسير الطبري والنيسابوري وابن كثير والبغوي والزمخشري والخازن والطبرسي الخ..
٢ - انظر تاريخ الطبري مطبعة الاستقامة جـ١ ص ٥٢٩ – ٥٦٠ وغزو الحبشة لليمن وسيطرتهم عليها مما أيدته المنقوشات والآثار القديمة أيضا انظر الجزء الخامس من كتابنا الجنس العربي ص ٧٦ وما بعدها..

سورة الفيل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفيل) من السُّوَر المكية، وفيها تذكيرُ قُرَيش بقدرة الله عز وجل؛ إذ حمَى بيته ممن يَكِيد له، وانفرَد بحمايته دُونَ الأصنام العاجزة عن ذلك، وفيها تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بأن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفعَ كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه.

ترتيبها المصحفي
105
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
19
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفيل):

سُمِّيت سورة (الفيل) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ قصة (الفيل) فيها، ولم يَرِدْ في غيرها.

قدرة الله في تعذيبِ مَن انتهَك حُرْمةَ بيته (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /353).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «قد تضمَّنتِ التذكيرَ بأن الكعبة حرَمُ الله، وأن اللهَ حماه ممن أرادوا به سوءًا، أو أظهَرَ غضبَه عليهم فعذَّبهم؛ لأنهم ظلموا بطمعِهم في هدمِ مسجد إبراهيم وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيدًا، وليكونَ ما حَلَّ بهم تذكرةً لقريش بأن فاعل ذلك هو ربُّ ذلك البيت، وأنْ لا حظَّ فيه للأصنام التي نصَبوها حوله.
وتنبيهَ قُرَيش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند الله؛ إذ أهلَك أصحابَ الفيل في عام ولادته.
ومِن وراء ذلك تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن اللهَ يدفع عنه كيدَ المشركين؛ فإن الذي دفَع كيدَ من يَكِيد لبيته لَأحقُّ بأن يدفع كيدَ من يَكِيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودِينِه، ويُشعِر بهذا قولُه: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٖ} [الفيل: 2].
ومن وراء ذلك كلِّه التذكير بأن اللهَ غالبٌ على أمره، وألا تغُرَّ المشركين قوَّتُهم ووفرةُ عددهم، ولا يُوهِنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تألُّبُ قبائلهم عليه؛ فقد أهلك اللهُ من هو أشدُّ منهم قوةً، وأكثَرُ جمعًا». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /543-544).