تفسير سورة الأعراف

الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه

تفسير سورة سورة الأعراف من كتاب الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه
لمؤلفه مكي بن أبي طالب . المتوفي سنة 437 هـ

﴿ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾

قوله تعالى: ﴿وذَرُوا الّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِه﴾:
قال ابن زيد: هذا منسوخٌ نَسَخَه القتالُ.
وقيل: إن هذا محكمٌ، وإنما هو تهديدٌ ووعيدٌ من الله؛ لا أَنَّه أَمرَ نَبِيَّهُ أَن يَتْرُكَهُم يُلْحِدون فِي آيات الله، وهو مثلُ قوله تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يأكلواويتمتعوا﴾ [الحجر: ٣]. - في الحِجْر -.

﴿ خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ ﴾

قولُه تعالى: ﴿خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِض عَن الجَاهِلِين﴾:
رُوُيَ عن ابن عباسٍ أن قولَه: ﴿خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ﴾ منسوخٌبالزكاة.
وقال (ابنُ زيد): (نُسِخَت بالأَمرِ) بالغِلْظَةِ عَليهم والقتالِ.
وقالَ مجاهدٌ: هي مُحْكَمَةٌ، والمرادُ بها الزكاةُ لأَِنَّها قَليلٌ مِن كثير.
وقال القاسمُ وسالم: هي محكمةٌ يُرادُ بها غيرُ الزكاة عن ظهر غنى، فكأنها عندهما على النَّدب.
وقال عبد الله وعُروة ابنا الزُّبَيْر: هِيَ محكمةٌ، ومعناها: خذ العفو من(أخلاق الناس).
وقال ابنُ زيد في قوله: ﴿وأَعْرِضْ عَن الجَاهِلِين﴾ [الأعراف: ١٩٩] هو منسوخٌبالأمر بالقتال والقتل.
والصحيحُ عند أهل النظر: أنها مُحْكَمَةٌ، ومعناها: أَعرض يا محمد عن مخَالَطَتِهِم ومُجالَسَتِهِم. وهذا لا يُنْسَخُ إلاَّ بالأمر بمخالَطَتِهِم، وهذا لا يجوز.

سورة الأعراف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

افتُتِحت هذه السُّورة بالتنويه بعظمةِ هذا الكتاب، موضِّحةً مهمةَ القرآن ووجوبَ اتِّباعه، محذِّرةً من الشَّيطان وفتنتِه، كما وصَفتْ هذه السُّورةُ العظيمة أهوالَ يومِ القيامةِ، وخطابَ أهل النَّار لأهل الجنَّة، وحالَ الأعراف، واصفةً ما يَتبَع تلك الأحداثَ، وكذلك اشتملت على كثيرٍ من قصص الأنبياء؛ للدَّلالة على عظمةِ الله وقوَّته، وقهرِه وقُدْرته، وبيَّنتْ حُكْمَ من أطاع واتَّبَع، وحُكْمَ من عصى وابتدع؛ داعيةً للرجوع إلى الله؛ للفوز بالجنَّة، والنَّجاة من النار، وقد أُثِر عن النبيِّ ﷺ قراءتُه لها في صلاة المغرب.

ترتيبها المصحفي
7
نوعها
مكية
ألفاظها
3343
ترتيب نزولها
39
العد المدني الأول
206
العد المدني الأخير
206
العد البصري
205
العد الكوفي
206
العد الشامي
205

* قوله تعالى: ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٖ وَكُلُواْ وَاْشْرَبُواْ﴾ [الأعراف: 31]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كانت المرأةُ تطُوفُ بالبيتِ وهي عُرْيانةٌ، فتقولُ: مَن يُعِيرُني تِطْوافًا؟ تَجعَلُهُ على فَرْجِها، وتقولُ:

اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ***فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ

فنزَلتْ هذه الآيةُ: ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٖ﴾ [الأعراف: 31]». أخرجه مسلم (٣٠٢٨).

* (الأعراف):

سُمِّيتْ بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ (الأعراف).

* (طُولَى الطُّولَيَينِ):

لِما جاء عن مَرْوانَ بن الحكَمِ، قال: قال لي زيدُ بن ثابتٍ: «ما لك تَقرَأُ في المغربِ بقِصَارٍ وقد سَمِعْتُ النبيَّ ﷺ يَقرَأُ بطُولَى الطُّولَيَيْنِ؟!». أخرجه البخاري (764).

ولعلَّ الإطلاقَ الوارد في السورة من بابِ الوصف، لا من باب التسمية؛ وهذا أقرب.

انظر: "أسماء سور القرآن الكريم وفضائلها" لمنيرة الدوسري (ص196).

* مَن أخَذها عُدَّ حَبْرًا:

فعن عائشةَ رضي الله عنها، عن رسولِ الله ﷺ، قال: «مَن أخَذَ السَّبْعَ الأُوَلَ مِن القرآنِ، فهو حَبْرٌ». أخرجه أحمد (24575).

* ومِن عظيم فضلها أنها تقابِلُ التَّوْراةَ مع بقيةِ السُّوَر الطِّوال:

فعن واثلةَ بن الأسقَعِ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أُعطِيتُ مكانَ التَّوْراةِ السَّبْعَ الطِّوالَ». أخرجه أحمد (17023).

أُثِر عن النبيِّ ﷺ قراءتُه لسورة (الأعراف) في صلاةِ المغرب:

فعن مَرْوانَ بن الحكَمِ: أنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ قال: «ما لي أراكَ تَقرأُ في المغربِ بقِصارِ السُّوَرِ وقد رأيتُ رسولَ اللهِ يَقرأُ فيها بأطوَلِ الطُّوليَينِ؟! قلتُ: يا أبا عبدِ اللهِ، ما أطوَلُ الطُّوليَينِ؟ قالَ: الأعرافُ». أخرجه النسائي (٩٨٩).

اشتمَلتْ سورةُ (الأعراف) على عِدَّة موضوعاتٍ؛ وهي على الترتيب:

مهمَّة القرآن ووجوبُ اتباعه (١-٩).

خَلْقُ آدم وعداوةُ الشيطان له (١٠-٢٥).

تحذير الناس من فتنة الشيطان (٢٦-٣٠).

إباحةُ الطيِّبات، وتحريم الفواحش (٣١-٣٤).

إرسال الرسول، وعاقبة التكذيب (٣٥-٤١).

بين أصحاب الجنَّة وأصحاب النار (٤٢-٤٥).

أصحاب الأعراف (٤٦-٥٣).

مظاهر قدرة الله تعالى (٥٤-٥٨).

قصة نوح عليه السلام (٥٩-٦٤).

قصة هود عليه السلام (٦٥-٧٢).

قصة صالح عليه السلام (٧٣-٧٩).

قصة لوط عليه السلام (٨٠-٨٤).
قصة شُعَيب عليه السلام (٨٥-٩٣).

أقوام الأنبياء وموقفُهم من الدعوة (٥٩-٩٣).

سُنَّة الله في المكذِّبين (٩٤-١٠٢).

قصة موسى عليه السلام (١٠٣-١٧١).

موقف فِرْعونَ من دعوة موسى (١٠٣-١٢٦).

البِطانة الفاسدة (١٢٧-١٢٩).

عاقبة الكفار، وحُسْنُ عاقبة المؤمنين (١٣٠-١٣٧).

بنو إسرائيل وعبادة الأصنام (١٣٨-١٤١).

مجيء موسى للميقات (١٤٢-١٤٧).

بنو إسرائيل وعبادة العِجل (١٤٨-١٥٩).

مخالفات بني إسرائيل وانحرافاتهم (١٦٠-١٧١).

أخذُ الميثاق على بني آدم (١٧٢-١٧٨).

أهل النار أضَلُّ من الأنعام (١٧٩-١٨٦).

السؤال عن الساعة (١٨٧-١٨٨).

الناس مخلوقون من نفسٍ واحدة (١٨٩-١٩٥).

أولياء الرحمن (١٩٦-٢٠٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي" لمجموعة من العلماء (3 /9).

اشتملت السُّورةُ على جملةٍ من المقاصدِ العظيمة، ذكَرها ابنُ عاشور رحمه الله؛ وهي:

«التنويهُ بالقرآن، والوعد بتيسيره على النبي ﷺ ليُبلِّغَه.

النهيُ عن اتخاذ الشركاء من دون الله، وإنذارُ المشركين عن سُوءِ عاقبة الشرك في الدنيا والآخرة، ووصفُ حال المشركين وما حَلَّ بهم.

تذكيرُ الناس بنعمة خَلْق الأرض، وتحذيرُهم من التلبُّس ببقايا مكرِ الشيطان.

وصفُ أهوالِ يوم الجزاء للمجرمين، وكراماتِه للمتَّقين.

التذكير بالبعث، وتقريبُ دليله.

النهيُ عن الفساد في الأرض التي أصلَحها اللهُ لفائدة الإنسان.

التذكير ببديعِ ما أوجَده الله لإصلاحِها وإحيائها.

التذكير بما أودَع اللهُ في فطرة الإنسان من وقتِ تكوين أصله أن يَقبَلوا دعوةَ رُسُلِ الله إلى التقوى والإصلاح».

"التحرير والتنوير" لابن عاشور (8/8).