﴿ بسم الله ﴾ الذي كل شيء هالك إلا وجهه ﴿ الرحمن ﴾ الذي عمّ الوجود بإنعامه، فليس شيء شبهه ﴿ الرحيم ﴾ الذي أعز أولياءه، فكانوا للدّهر غرّة، ولأهله جبهة.
ﰡ
ونقل ابن عادل عن مالك أنّ من حلف أن لا يكلم الرجل عصراً لم يكلمه سنة. قال ابن العربيّ : إنما حمل مالك يمين الحالف على السنة ؛ لأنه أكثر ما قيل فيه. ونقل عن الشافعي : يبرّ بساعة، إلا أن تكون له نية.
تنبيه : تنكير ( خسر ) يحتمل التهويل والتحقير، فإن حمل على الأوّل -وهو الظاهر- كان المعنى أنّ الإنسان لفي خسر عظيم، لا يعلم كنهه إلا الله تعالى ؛ لأنّ الذنب يعظم إمّا لعظم من في حقه الذنب، أو لأنه وقع في مقابلة النعم العظيمة، فلذلك كان الذنب في غاية العظم، وإن حمل على الثاني كان المعنى : إن خسران الإنسان دون خسران الشيطان.
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح : المراد بالإنسان الكافر، وقال في رواية الضحاك : يريد به جماعة من المشركين : الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد المطلب. وقيل : لفي خسر غبن، وقال الأخفش : لفي هلكة، وقال الفراء : لفي عقوبة. وقال ابن زيد : لفي شرّ. وروى ابن عوف عن إبراهيم قال : أراد أن الإنسان إذا عمر في الدنيا وأهرم لفي ضعف ونقص وتراجع، إلا المؤمنين فإنه يكتب لهم أجورهم التي كانوا يعملونها في حال شبابهم، ونظيره قوله تعالى :﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ٤ ثم رددناه أسفل سافلين ٥ إلا الذين آمنوا ﴾ [ التين : ٤ ٦ ].
ولما كان الإنسان بعد كماله في نفسه بالأعمال لا ينتفي عنه مطلق الخسر إلا بتكميل غيره، وحينئذ كان وارثاً ؛ لأنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعثوا للتكميل، قال تعالى مخصصاً لما دخل في الأعمال الصالحة منبهاً على عظمه :﴿ وتواصوا ﴾ أي : أوصى بعضهم بعضاً بلسان الحال والمقال ﴿ بالحق ﴾ أي : الأمر الثابت، وهو كل ما حكم الشرع بصحته، ولا يسوغ إنكاره، وهو الخير كله من توحيد الله تعالى وطاعته، واتباع كتبه ورسله، والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، ﴿ وتواصوا ﴾ أيضاً ﴿ بالصبر ﴾ عن المعاصي وعلى الطاعات، وعلى ما يبتلي الله به عباده من الأمراض وغيرها.