مكية، وهي ثلاث آيات. ولما كان اللهو بالدنيا والتكاثر منها يؤدي إلى تضييع العمر، وهو الخسران، أقسم تعالى على ذلك، فقال :
بسم الله الرحمان الرحيم :
﴿ وَالْعَصْرِ ﴾*﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾*﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ ﴾.
ﰡ
وهذا بيان لتكميلهم لأنفسهم، وقوله تعالى :﴿ وتواصَوْا بالحق ﴾ بيان لتكميلهم لغيرهم، أي : وصَّى بعضُهم بعضاً بالأمر الثابت، الذي لا سبيل إلى إنكاره، ولا زوال في الدارين لمحاسن آثاره، وهو الخير كله، من الإيمان بالله عزّ وجل، واتباع كتبه ورسله في كل عقد وعمل، ﴿ وتواصَوْا بالصبرِ ﴾ عن المعاصي التي تُساق إليها النفس الأمّارة، وعلى الطاعة التي يشق عليها أداؤها، وعلى البلية التي تتوجه إليه من جهة قهريته تعالى، وعلى النعمة بالقيام بتمام شكرها، وتخصيص هذا التواصي بالذكر، مع اندراجه تحت التواصي بالحق ؛ لإبراز كمال الاعتناء به، أو : لأن الأول عبارة عن رتبة العبادة، التي هي فعل ما يُرضي الله عزّ وجل، والثاني عن العبودية التي هي الرضا بما فعل اللهُ تعالى، فإنَّ المراد ليس مجرد حبس النفس عمّا تتوق إليه من فعلٍ وترك ؛ بل هو تلقي ما يَرِد منه تعالى بالجميل والرضا ظاهراً وباطناً. قاله أبو السعود.