تفسير سورة العصر

تفسير ابن كثير ط العلمية

تفسير سورة سورة العصر من كتاب تفسير القرآن العظيم المعروف بـتفسير ابن كثير ط العلمية.
لمؤلفه ابن كثير . المتوفي سنة 774 هـ

وظل الحائط والخبز، يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ يُسْأَلُ عَنْهُ» ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا بَهْزٌ وَعَفَّانُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ عَفَّانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ- يَا ابْنَ آدَمَ حَمَلْتُكَ عَلَى الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَزَوَّجْتُكَ النِّسَاءَ وَجَعَلْتُكَ تَرْبَعُ وَتَرْأَسُ فَأَيْنَ شُكْرُ ذَلِكَ؟» تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ التَّكَاثُرِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
تَفْسِيرُ
سُورَةِ الْعَصْرِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ ذَكَرُوا أَنَّ عَمْرَو بن العاص وقد على مسيلمة الكذاب، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَمْرٌو، فقال له مسليمة: مَاذَا أُنْزِلَ عَلَى صَاحِبِكُمْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ؟ فقال: لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ سُورَةٌ وَجِيزَةٌ بَلِيغَةٌ فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَ: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ فَفَكَّرَ مُسَيْلِمَةُ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ:
وَقَدْ أُنْزِلَ عَلِيَّ مِثْلُهَا، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: يَا وَبْرُ يَا وَبْرُ، إنما أنت أذنان وصدر وسترك حفر نقر، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَى يَا عَمْرُو؟ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ تَكْذِبُ.
وَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الْخَرَائِطِيَّ أسند في كتابه المعروف (بمساوئ الْأَخْلَاقِ) فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. وَالْوَبْرُ دُوَيْبَةٌ تُشْبِهُ الْهِرَّ أَعْظَمُ شَيْءٍ فِيهِ أُذُنَاهُ وَصَدْرُهُ وَبَاقِيهِ دَمِيمٌ، فَأَرَادَ مُسَيْلِمَةُ أَنَّ يَرَكِّبَ مِنْ هَذَا الْهَذَيَانِ مَا يُعَارِضُ بِهِ الْقُرْآنَ. فَلَمْ يَرُجْ ذَلِكَ عَلَى عَابِدِ الْأَوْثَانِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. وَذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عن ثابت عن عبيد الله بن حصن قَالَ:
كَانَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يفترقا إِلَّا عَلَى أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ سُورَةَ الْعَصْرِ إِلَى آخِرِهَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَوْ تَدَبَّرَ النَّاسُ هَذِهِ السُّورَةَ لَوَسِعَتْهُمْ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة العصر (١٠٣) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)
(١) المسند ٢/ ٤٩٢.
سورة العصر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العصر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الشَّرح)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(العصر)؛ وهو: الدَّهر، وفي هذه السورة إثباتُ الفلاح للمؤمنين الذين اتبَعوا طريق الحق، وتواصَوْا به، وصبَروا عليه، وبيَّنتِ السورة الكريمة منهجَ الحياة، وسبب سعادة الإنسان أو شقاوته، ومما يشار إليه: أن الصحابةَ كانوا يَتواصَون بهذه السورة.

ترتيبها المصحفي
103
نوعها
مكية
ألفاظها
14
ترتيب نزولها
13
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* سورة (العصر):

سُمِّيت سورة (العصر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله بـ(العصر)؛ وهو: الدَّهْر.

منهج الحياة، وسبب سعادة الإنسان أو شقاوته (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /329).

إثباتُ الخسران والضَّلال لكلِّ مَن ابتعد عن منهج الله، والفائزُ مَن آمن بالله، واتبَع هُداه، ودعا الناسَ إلى هذا الطريق القويم.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /528).