تفسير سورة العصر

صفوة التفاسير

تفسير سورة سورة العصر من كتاب صفوة التفاسير المعروف بـصفوة التفاسير.
لمؤلفه محمد علي الصابوني .

التفسِير: ﴿والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ﴾ أي أُقسمُ بالدهر والزمان لما فيه من أصناف الغرائب والعجائب، والعبر والعظات، على أن الإِنسان في خسران، لأنه يفضِّل العاجلة على الآجلة وتغلب عليه الأهواء والشهوات قال ابن عباس: العصر هو الدهر أقسم تعالى به لاشتماله على أصناف العجائب وقال قتادة: العصرُ هو آخر ساعات النهار، أقسم به كما أقسم بالضحى لما فيهما من دلائل القدرة الباهرة، والعظة البالغة.. وإنما أقسم تعالى بالزمان لأنه رأس عمر الإِنسان، فكل لحظةٍ تمضي فإِنها من عمرك ونقص من أجلك، كما قال القائل:
إِنا لنفرحُ بالأيام نقطعها وكلُّ يومٍ مضى نقصٌ من الأجل
قال القرطبي: أقسم الله عَزَّ وَجَلَّ بالعصر وهو الدهر لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها، وما فيها من الدلائل على الصانع، وقيل: هو قسمٌ بصلاة العصر لأنها أفضل الصلوات {
574
إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} أي جعوا بين الإِيمان وصالح الأعمال، فهؤلاء هم الفائزون لأنهم باعوا الخسيس بالنفيس، واستبدلوا الباقيات الصالحات عوضاً عن الشهوات العاجلات ﴿وَتَوَاصَوْاْ بالحق﴾ أي أوصى بعضهم بعضاً بالحق، وهو الخير كله، من الإِيمان، والتصديق، وعبادة الرحمن ﴿وَتَوَاصَوْاْ بالصبر﴾ أي وتواصوا بالصبر على الشدائد والمصائب، وعلى فعل الطاعات، وترك المحرمات.. حكم تعالى بالخسار على جميع الناس إِلا من أتى بهذه الأشياء الأربعة وهي: الإِيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، فإِن نجاة الإِنسان لا تكون إِلا إِذا كمَّل الإِنسان نفسه بالإِيمان والعمل الصالح، وكمَّل غيره بالنصح والإِرشاد، فيكون قد جمع بين حق الله، وحق العباد، وهذا هو السرُّ في تخصيص هذه الأمور الأربعة.
البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي:
١ - إِطلاق البعض وإرادة الكل ﴿إِنَّ الإنسان﴾ أي الناس بدليل الاستثناء.
٢ - التنكير للتعظيم ﴿لَفِى خُسْرٍ﴾ أي في خسرٍ عظيم ودمار شديد.
٣ - الإِطناب بتكرار الفعل ﴿وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر﴾ لإِبراز كمال العناية به.
٤ - ذكر الخاص بعد العام ﴿وَتَوَاصَوْاْ بالصبر﴾ بعد قوله ﴿بالحق﴾ فإن الصبر داخل في عموم الحق، إِلا أنه أفرده بالذكر إِشادة بفضيلة الصبر.
٥ - السجع غير المتكلف مثل ﴿العصر، الصبر، خُسْرٍ﴾ وهو من المحسنات البديعية.
تنبيه: أخرج البيهقي في الشعب عن «أبي حذيفة» وكانت له صحبة قال: كان الرجلان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة ﴿والعصر﴾ ثم يسلم أحدهما على الآخر.
575
سورة العصر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العصر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الشَّرح)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(العصر)؛ وهو: الدَّهر، وفي هذه السورة إثباتُ الفلاح للمؤمنين الذين اتبَعوا طريق الحق، وتواصَوْا به، وصبَروا عليه، وبيَّنتِ السورة الكريمة منهجَ الحياة، وسبب سعادة الإنسان أو شقاوته، ومما يشار إليه: أن الصحابةَ كانوا يَتواصَون بهذه السورة.

ترتيبها المصحفي
103
نوعها
مكية
ألفاظها
14
ترتيب نزولها
13
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* سورة (العصر):

سُمِّيت سورة (العصر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله بـ(العصر)؛ وهو: الدَّهْر.

منهج الحياة، وسبب سعادة الإنسان أو شقاوته (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /329).

إثباتُ الخسران والضَّلال لكلِّ مَن ابتعد عن منهج الله، والفائزُ مَن آمن بالله، واتبَع هُداه، ودعا الناسَ إلى هذا الطريق القويم.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /528).