ﰡ
لقد أقسم اللهُ تعالى بالعصْرِ لما فيه من عجائبَ وعبَرٍ تدلّ على قدرة الله وحكمته، وما فيه من سرّاء وضَرّاء، وصحة وسُقْم، وراحة وتعب، وحزنٍ وفزع.. إلى غير ذلك. وقال بعض المفسّرين : أقسَم بآخرِ النهار، كما أقسَم بالضحى...
إن الإنسانَ في ضلال وهلاكٍ ما دام يفضّل العاجلةَ على الآجلة، وتَغْلِبُ عليه الأهواءُ والشهوات.
الصبر : تحمُّل المكروه دون جزع، واحتمالُ المشقّة في سبيل الله، والغير، والعملِ الطيب.
ثم بيّن الله تعالى بوضوح أن الإنسانَ المعتدِلَ الذي يقوم بما عليه من الواجباتِ ليس من الخَاسِرين، فاستثناه بقوله تعالى :
﴿ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر ﴾
إن الناس في ضلال وهلاكٍ إلا الذين آمنوا بالله، وعملوا الأعمالَ الصالحة في سبيل الله ومجتمعهم، وصدقوا في إيمانهم، وأوصى بعضُهم بعضاً بالتمسّك بالحق والصبرِ على المشاق.
هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الفضائل الأربع :
الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، يعملون الخير ويدعون إلى العمل به. والصبرُ فضيلة ليس لها مثيل. وقد ذُكر الصبر في القرآن الكريم أكثر من ستين مرة. ﴿ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور ﴾ [ الشورى : ٤٣ ].
﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [ الزمر : ١٠ ]، إلى آياتٍ لا حصر لها... اللهم اجعلنا في زمرة الصابرين العاملين الّذين تواصَوا بالحق وتواصَوا بالصبر.