تفسير سورة المجادلة

تفسير القرآن

تفسير سورة سورة المجادلة من كتاب تفسير القرآن
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
سورة المجادلة ( وهي مدنية )

بسم الله الرحمن الرحيم١
عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق في قوله تعالى :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك ﴾ قال : نزلت في امرأة اسمها خويلة، قال معمر : قال عكرمة أيضا : اسمها خولة٢ بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت فقال : جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أراك إلا وقد حرمت٣ عليه، وهو حينئذ يغسل رأسه، فقالت : انظر جعلني الله فداك يا نبي الله، قال : ما أراك إلا قد حرمت عليه، قالت : انظر في شأني، فجعلت تجادله، ثم حول شق رأسه الآخر لتغسله٤ فتحولت من الجانب الآخر، فقالت : انظر جعلني الله فداك يا نبي الله، فقالت الغاسلة : أقصري من حديثك ومجادلتك يا خولة، أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تربد ليوحى إليه فأنزل الله تعالى٥ :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ حتى بلغ ﴿ ثم يعودون ﴾ قال قتادة : حرمها ثم يريد أن يعود لها يطؤها ﴿ فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ﴾ حتى بلغ ﴿ بما تعملون خبير ﴾. عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أحسبه ذكره عن عكرمة أن الرجل قال والله يا نبي الله ما أجد رقبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أنا بزائدك٦ فأنزل الله تعالى عليه :﴿ فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ﴾ فقال : والله يا نبي الله ما أطيق الصوم إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة لقيت ولقيت فجعل يشكو إليه، فقال ما أنا بزائدك فنزلت ﴿ فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ﴾٧.
١ قوله (وهي مدنية، والبسملة) من (م)..
٢ في (م) خويلة..
٣ في (م) ما أراك إلا حراما..
٤ في (م) ليغسله بالياء. وكما صرحت الروايات أن الغاسلة كانت عائشة رضي الله عنها..
٥ وردت الرواية بألفاظ وسياقات مختلفة ولعل أقربها إلى رواية الإمام الصنعاني ما رواه الطبراني عن ابن عباس. انظر الدر ج ٦ ص ١٨٢.
ورواه أبو داود في الطلاق ج ٣ ص ١١٤٠ مع اختلاف اختصار..

٦ المراد بما أنا بزايدك: أي لن أزيد في التخفيف عنك في الكفارة..
٧ لم يورد أحد من أصحاب الكتب الستة الحديث بهذا السياق وقريب منه حادثة الظهار التي وقع فيها سلمة بن صخر الأنصاري التي رواها الترمذي في الطلاق ج ٢ ص ٣٣٥ وغيره.... ولكن السياق يبين أن الحادثة وقعت بعد نزول آيات الظهار، حيث ورد في سياقه: (فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرني فقال أنت بذاك قلت أنا بذاك... وها أنا فأمض في حكم الله فإني صابر لذلك قال أعتق رقبة، فضربت صفحة عنقي بيدي قلت لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها قال فصم شهرين متتابعين، قلت وهل أصابني إلا في الصيام، قال فأطعم ستين مسكينا، قلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وبني ما لنا عشاء، وقال: اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل لع فليدفعها إليك فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا ثم استعن بسائرها عليك وعلى عيالك) الحديث..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:بسم الله الرحمن الرحيم١
عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق في قوله تعالى :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك ﴾ قال : نزلت في امرأة اسمها خويلة، قال معمر : قال عكرمة أيضا : اسمها خولة٢ بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت فقال : جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أراك إلا وقد حرمت٣ عليه، وهو حينئذ يغسل رأسه، فقالت : انظر جعلني الله فداك يا نبي الله، قال : ما أراك إلا قد حرمت عليه، قالت : انظر في شأني، فجعلت تجادله، ثم حول شق رأسه الآخر لتغسله٤ فتحولت من الجانب الآخر، فقالت : انظر جعلني الله فداك يا نبي الله، فقالت الغاسلة : أقصري من حديثك ومجادلتك يا خولة، أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تربد ليوحى إليه فأنزل الله تعالى٥ :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ حتى بلغ ﴿ ثم يعودون ﴾ قال قتادة : حرمها ثم يريد أن يعود لها يطؤها ﴿ فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ﴾ حتى بلغ ﴿ بما تعملون خبير ﴾. عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أحسبه ذكره عن عكرمة أن الرجل قال والله يا نبي الله ما أجد رقبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أنا بزائدك٦ فأنزل الله تعالى عليه :﴿ فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ﴾ فقال : والله يا نبي الله ما أطيق الصوم إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة لقيت ولقيت فجعل يشكو إليه، فقال ما أنا بزائدك فنزلت ﴿ فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ﴾٧.
١ قوله (وهي مدنية، والبسملة) من (م)..
٢ في (م) خويلة..
٣ في (م) ما أراك إلا حراما..
٤ في (م) ليغسله بالياء. وكما صرحت الروايات أن الغاسلة كانت عائشة رضي الله عنها..
٥ وردت الرواية بألفاظ وسياقات مختلفة ولعل أقربها إلى رواية الإمام الصنعاني ما رواه الطبراني عن ابن عباس. انظر الدر ج ٦ ص ١٨٢.
ورواه أبو داود في الطلاق ج ٣ ص ١١٤٠ مع اختلاف اختصار..

٦ المراد بما أنا بزايدك: أي لن أزيد في التخفيف عنك في الكفارة..
٧ لم يورد أحد من أصحاب الكتب الستة الحديث بهذا السياق وقريب منه حادثة الظهار التي وقع فيها سلمة بن صخر الأنصاري التي رواها الترمذي في الطلاق ج ٢ ص ٣٣٥ وغيره.... ولكن السياق يبين أن الحادثة وقعت بعد نزول آيات الظهار، حيث ورد في سياقه: (فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرني فقال أنت بذاك قلت أنا بذاك... وها أنا فأمض في حكم الله فإني صابر لذلك قال أعتق رقبة، فضربت صفحة عنقي بيدي قلت لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها قال فصم شهرين متتابعين، قلت وهل أصابني إلا في الصيام، قال فأطعم ستين مسكينا، قلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وبني ما لنا عشاء، وقال: اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل لع فليدفعها إليك فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا ثم استعن بسائرها عليك وعلى عيالك) الحديث..


عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ منكرا من القول وزورا ﴾ قال : الزور الكذب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:بسم الله الرحمن الرحيم١
عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق في قوله تعالى :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك ﴾ قال : نزلت في امرأة اسمها خويلة، قال معمر : قال عكرمة أيضا : اسمها خولة٢ بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت فقال : جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أراك إلا وقد حرمت٣ عليه، وهو حينئذ يغسل رأسه، فقالت : انظر جعلني الله فداك يا نبي الله، قال : ما أراك إلا قد حرمت عليه، قالت : انظر في شأني، فجعلت تجادله، ثم حول شق رأسه الآخر لتغسله٤ فتحولت من الجانب الآخر، فقالت : انظر جعلني الله فداك يا نبي الله، فقالت الغاسلة : أقصري من حديثك ومجادلتك يا خولة، أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تربد ليوحى إليه فأنزل الله تعالى٥ :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ حتى بلغ ﴿ ثم يعودون ﴾ قال قتادة : حرمها ثم يريد أن يعود لها يطؤها ﴿ فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ﴾ حتى بلغ ﴿ بما تعملون خبير ﴾. عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أحسبه ذكره عن عكرمة أن الرجل قال والله يا نبي الله ما أجد رقبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أنا بزائدك٦ فأنزل الله تعالى عليه :﴿ فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ﴾ فقال : والله يا نبي الله ما أطيق الصوم إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة لقيت ولقيت فجعل يشكو إليه، فقال ما أنا بزائدك فنزلت ﴿ فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ﴾٧.
١ قوله (وهي مدنية، والبسملة) من (م)..
٢ في (م) خويلة..
٣ في (م) ما أراك إلا حراما..
٤ في (م) ليغسله بالياء. وكما صرحت الروايات أن الغاسلة كانت عائشة رضي الله عنها..
٥ وردت الرواية بألفاظ وسياقات مختلفة ولعل أقربها إلى رواية الإمام الصنعاني ما رواه الطبراني عن ابن عباس. انظر الدر ج ٦ ص ١٨٢.
ورواه أبو داود في الطلاق ج ٣ ص ١١٤٠ مع اختلاف اختصار..

٦ المراد بما أنا بزايدك: أي لن أزيد في التخفيف عنك في الكفارة..
٧ لم يورد أحد من أصحاب الكتب الستة الحديث بهذا السياق وقريب منه حادثة الظهار التي وقع فيها سلمة بن صخر الأنصاري التي رواها الترمذي في الطلاق ج ٢ ص ٣٣٥ وغيره.... ولكن السياق يبين أن الحادثة وقعت بعد نزول آيات الظهار، حيث ورد في سياقه: (فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرني فقال أنت بذاك قلت أنا بذاك... وها أنا فأمض في حكم الله فإني صابر لذلك قال أعتق رقبة، فضربت صفحة عنقي بيدي قلت لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها قال فصم شهرين متتابعين، قلت وهل أصابني إلا في الصيام، قال فأطعم ستين مسكينا، قلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وبني ما لنا عشاء، وقال: اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل لع فليدفعها إليك فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا ثم استعن بسائرها عليك وعلى عيالك) الحديث..


عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه ﴿ ثم يعودون لما قالوا ﴾ قال : الوطء.
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله تعالى :﴿ فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ﴾ قال : يجزي ها هنا الطفل.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ حيوك بما لم يحيك به الله ﴾ قال : كانت اليهود يقولون : سام عليك للنبي صلى الله عليه وسلم. عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رهطا من اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك، قالت عائشة : ففطنت إلى قولهم فقلت : عليكم السام واللعنة. فقال لها : مهلا يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله١ فقلت : يا نبي الله أولم تسمع ما يقولون ؟ قال : أفلم تسمعيني٢ أرد٣ ذلك عليهم ؟ فأقول : عليكم٤. عبد الرزاق عن جعفر بن برقان الجزري٥ أنه حدث بهذا الحديث إلا أنه قال عند قوله مهلا يا عائشة، فإن الفحش لو كان رجلا كان رجل سوء.
١ في (م) في الأمور كلها..
٢ في (م) أما سمعتني..
٣ في (ق) أردد..
٤ رواه البخاري في الاستئذان ج ٧ ص ١٣٣ ومسلم في السلام ج ٧ ص ٥.
والترمذي في الاستئذان ج ٤ ص ١٦٢..

٥ في (م) عبد الرزاق عن معمر عن جعفر..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : كان المسلمون إذا رأوا المنافقين خلوا متناجين١ شق عليهم فنزلت :﴿ إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ﴾ الآية.
١ في (م) متناجين، وفي (ق) طمس..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ تفسحوا في المجالس ﴾١ قال : كان الناس يتنافسون في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقيل لهم : إذا قيل لكم : تفسحوا فافسحوا، وإذا قيل : انشزوا فانشزوا يقول إذا دعيتم إلى خير فانشزوا٢ يقول فأجيبوا، قال عبد الرزاق : قال معمر : قال الحسن : هذا كله في الغزو.
١ قرئت الجمع والإفراد وهما سبعيتان. انظر التبصرة ص ٥٢٦..
٢ كلمة (انشزوا) من (ق)..
عبد الرزاق عن ابن عيينة عن سليمان الأحول عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ﴾ قال : أمروا ألا يناجي أحد النبي صلى الله عليه وسلم حين يتصدق بين يدي ذلك فكان أول من تصدق بين ذلك علي بن أبي طالب، فناجاه ولم يناجه أحد غيره، ثم نزلت الرخصة ﴿ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم ﴾ الآية.
عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن مجاهد في قوله :﴿ إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم ﴾ قال علي : ما عمل بهذا١ أحد غيري حتى نسخت، قال : أحسبه قال : وما كانت إلا ساعة.
عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي وقتادة في قوله تعالى :﴿ إذا ناجيتم الرسول فقدموا ﴾ أنها منسوخة، قالا : ما كانت إلا ساعة من نهار.
١ في (م) هذه..
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال الكلبي : جاء علي بدينار فتصدق به وكلم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمسك الناس عن كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نزل التخفيف فقال :﴿ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم ﴾ حتى بلغ ﴿ خبير بما تعلمون ﴾.
معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ﴾ قال : هم اليهود تولاهم المنافقون.
معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون لكم ﴾ قال : إن المنافق يحلف لله يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدنيا.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ يحادون الله ورسوله ﴾ قال : يعادون الله ورسوله.
سورة المجادلة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المجادلة) من السُّوَر المدنية، نزَلتْ لتحريم عادةٍ من عادات الجاهلية؛ وهي (الظِّهار)، وذلك في حادثةِ مظاهرة أوسِ بن الصامت مِن زوجِه خَوْلةَ، وقد جاءت السورةُ بمقصدٍ عظيم؛ وهو إثبات علمِ الله، وإحاطتِه بكل شيء، ومِن كمال ألوهيته سبحانه: الحُكْمُ العدل فيما يصلُحُ لهم من الشرائع، وخُتمت السورة ببيان حال أعداء الله، وحالِ أوليائه.

ترتيبها المصحفي
58
نوعها
مدنية
ألفاظها
475
ترتيب نزولها
105
العد المدني الأول
28
العد المدني الأخير
28
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
28

* قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اْللَّهُ قَوْلَ اْلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيٓ إِلَى اْللَّهِ وَاْللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ اْللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1]:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «الحمدُ للهِ الذي وَسِعَ سَمْعُه الأصواتَ، لقد جاءت خَوْلةُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تشكو زوجَها، فكان يَخفَى عليَّ كلامُها؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اْللَّهُ قَوْلَ اْلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] إلى آخرِ الآيةِ». أخرجه النسائي (٣٤٦٠)، وابن ماجه (١٨٨).

* قوله تعالى: {وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اْللَّهُ} [المجادلة: 8]:

عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو رضي الله عنهما، قال: «إنَّ اليهودَ كانوا يقولون لرسولِ اللهِ ﷺ: سامٌ عليك! ثم يقولون في أنفسِهم: {لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اْللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ} [المجادلة: 8]؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ: {وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اْللَّهُ} [المجادلة: 8] إلى آخرِ الآيةِ». أخرجه أحمد (٦٥٨٩).

* قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى اْلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [المجادلة: 14]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يدخُلُ عليكم رجُلٌ ينظُرُ بعينِ شيطانٍ، أو بعَيْنَيْ شيطانٍ»، قال: فدخَلَ رجُلٌ أزرَقُ، فقال: يا مُحمَّدُ، علامَ سبَبْتَني -أو: شتَمْتَني، أو نحوَ هذا-؟ قال: وجعَلَ يَحلِفُ، قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ في المجادلةِ: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى اْلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [المجادلة: 14]، والآيةُ الأخرى». أخرجه أحمد (٢١٤٧).

قال محقِّقو "المسند" (4 /48): «قوله: «فقال: يا مُحمَّدُ، علامَ سبَبْتَني؟»؛ كذا جاء في جميع الأصول، وكذلك هو في "مسند البزار"، وزيادة: «يا محمد» - كما قال الشيخُ أحمد شاكر- خطأٌ ينافي السياق؛ فإن الذي نُسِب إليه السبُّ والشَّتم هنا هو المنافقُ الأزرق، ورسولُ الله يَسأله ويتَّهِمُه، وهو يَحلِف كاذبًا يَتبرَّأ من التُّهمة، وقد جاء في "تفسير الطبري" على الصواب بإسقاطِ هذه الزيادة، وسيأتي على الصواب أيضًا عند أحمد (2407)»، انظر السبب الآتي.

* قوله تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اْللَّهُ جَمِيعٗا فَيَحْلِفُونَ لَهُۥ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍۚ أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ اْلْكَٰذِبُونَ} [المجادلة: 18]:

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ، أنَّ ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما حدَّثه، قال: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ظلِّ حُجْرةٍ مِن حُجَرِه، وعنده نَفَرٌ مِن المسلمين، قد كاد يَقلِصُ عنهم الظِّلُّ، قال: فقال: «إنَّه سيأتيكم إنسانٌ ينظُرُ إليكم بعَيْنَيْ شيطانٍ، فإذا أتاكم، فلا تُكلِّموه»، قال: فجاء رجُلٌ أزرَقُ، فدعاه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فكلَّمَه، قال: «علامَ تَشتِمُني أنتَ، وفلانٌ، وفلانٌ؟»، نَفَرٌ دعَاهم بأسمائهم، قال: فذهَبَ الرَّجُلُ، فدعَاهم، فحلَفوا باللهِ واعتذَروا إليه، قال: فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {فَيَحْلِفُونَ لَهُۥ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ ...} [المجادلة: 18] الآيةَ» أخرجه أحمد (2407).

* سورةُ (المجادلة):

سُمِّيت سورةُ (المجادلة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقصَّة مجادلةِ امرأةِ أوس بن الصامت عند النبي صلى الله عليه وسلم.

وتُسمَّى كذلك بـ (قَدْ سَمِعَ)؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

1. الظِّهار وكفَّارته (١-٤).

2. خَسارة مَن عادى اللهَ، وتعدَّى حدوده (٥-١٩).

3. حال أعداء الله، ومدحُ أوليائه (٢٠-٢٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /34).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقصد السورةِ: «الحُكْمُ في قضيَّة مظاهرة أوسِ بن الصامت من زوجه خَوْلة.
وإبطالُ ما كان في الجاهلية من تحريم المرأة إذا ظاهَر منها زوجُها، وأن عملهم مخالفٌ لِما أراده الله، وأنه من أوهامهم وزُورِهم التي كبَتَهم اللهُ بإبطالها، وتخلَّصَ من ذلك إلى ضلالاتِ المنافقين؛ ومنها مناجاتُهم بمرأى المؤمنين ليَغِيظوهم ويحزُنوهم.
ومنها موالاتهم اليهودَ، وحَلِفُهم على الكذب، وتخلَّل ذلك التعرُّض لآداب مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم.

وشرع التصدُّق قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

والثناء على المؤمنين في مجافاتهم اليهودَ والمشركين.

وأن اللهَ ورسوله وحِزْبَهما هم الغالبون». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /6).