تفسير سورة المجادلة

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة المجادلة من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

٥٩٠- أخبرنا إسحاقُ بنُ إبراهيم، قال: أخبرنا جريرٌ، عن الأعمشِ، عن تميم بن سلمة، عن عُروةَ، عن/ عائشة، أنها قالت: الحمدُ لله الذي وسع سمعُهُ الأصوات، لقد جاءت خولةُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها، فكان يخفي عليّ كلامُها، فأنزل اللهُ (عزَّ وجلَّ) ﴿ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ ﴾ الآية [١].
قولهُ: ﴿ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ ﴾ [٨]٥٩١- أخبرنا يُوسف بن عيسى، قال: أخبرنا الفضلُ بن موسى، قال: أخبرنا الأعمشُ، عن مُسلمٍ، عن مسروقٍ، عن عائشة، قالت:" دخل يهوديُّ على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السَّامَ عليكَ، فقال النبيَّ صلى الله عليه وسلم: " وعليكَ " [فقالت عائشةُ: وعليك] السَّامُ وغضبُ اللهِ (قال): فخرج اليهوديُّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة إنَّ الله (تبارك وتعالى) لا يُحبُّ الفاحشَ المتفحشَ، قالت: يا رسول اللهِ، أما تدري ما (قال)، قال: " وما قال؟ " قالت: قال السَّامُ عليكَ فهو (قولُهُ) ﴿ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ ﴾ قال: فخرج اليهوديُّ وهو يقولُ بينهُ وبين نفسهِ، فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ ﴿ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ [يَصْلَوْنَهَا] فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴾ ". ٥٩٢- أخبرنا سعيدُ بنُ عبد الرحمنِ، قال: حدثنا سفيان، عن الزُّهري، عن عروةَ، عن عائشة،" أن رهطاً من اليهودِ دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السَّامُ عليك، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: عليكم، قالت عائشة: فقلتُ: بل عليكم السَّامُ واللَّعنةُ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " يا عائشةُ، إن الله يُحبُّ الرِّفق في الأمر كُلِّهِ، قالت عائشةُ: فقلتُ: يا رسول اللهِ، ألم تسمع ما قالوا، قال: " قلتُ عليكم "ذيل التفسيرقوله تعالى: [ ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ﴾ [٨] ]٢٤/ ٧٥٩- أخبرني عمران بن بكَّار، قال: حدثنا أبو اليَمَان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزُّهري، أخبرني عروة، أن عائشة قالت:" دخل رجل من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السَّام عليكم، فقال: وعليكم، ففهمتُها فقلت: السَّام عليكم واللعنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة عليك بالرِّفق، فإن الله يحبُّ الرِّفق في الأمر كله ". قلت: يا رسول الله! ألم ترَ إلى ما قال؟ السَّام عليكم. قال: " قد قلت: وعليكم " ". ٢٥/ ٧٦٠- أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، حدثنا عمي، قال: أخبرنا عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عروة، أن عائشة قالت:" دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السَّام عليكم، ففهمتها فقلت: السَّام عليكم واللعنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مهلاً يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله " قلت: يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد قلت: عليكم " ". ٢٦/ ٧٦١- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرَّزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزُّهري، عن عروة، عن عائشة، قالت:" دخل رجل من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السَّام عليكم، فقال: " وعليكم " ففهمتها فقلت: السَّام عليكم واللعنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة عليك بالرفق، فإن الله يحبُّ الرفق في الأمر كله " قلت: يا رسول الله ألم تر إلي ما قال؟ السَّام عليكم؟ قال: " قد قلت: وعليكم " ".
سورة المجادلة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المجادلة) من السُّوَر المدنية، نزَلتْ لتحريم عادةٍ من عادات الجاهلية؛ وهي (الظِّهار)، وذلك في حادثةِ مظاهرة أوسِ بن الصامت مِن زوجِه خَوْلةَ، وقد جاءت السورةُ بمقصدٍ عظيم؛ وهو إثبات علمِ الله، وإحاطتِه بكل شيء، ومِن كمال ألوهيته سبحانه: الحُكْمُ العدل فيما يصلُحُ لهم من الشرائع، وخُتمت السورة ببيان حال أعداء الله، وحالِ أوليائه.

ترتيبها المصحفي
58
نوعها
مدنية
ألفاظها
475
ترتيب نزولها
105
العد المدني الأول
28
العد المدني الأخير
28
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
28

* قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اْللَّهُ قَوْلَ اْلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيٓ إِلَى اْللَّهِ وَاْللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ اْللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1]:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «الحمدُ للهِ الذي وَسِعَ سَمْعُه الأصواتَ، لقد جاءت خَوْلةُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تشكو زوجَها، فكان يَخفَى عليَّ كلامُها؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اْللَّهُ قَوْلَ اْلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] إلى آخرِ الآيةِ». أخرجه النسائي (٣٤٦٠)، وابن ماجه (١٨٨).

* قوله تعالى: {وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اْللَّهُ} [المجادلة: 8]:

عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو رضي الله عنهما، قال: «إنَّ اليهودَ كانوا يقولون لرسولِ اللهِ ﷺ: سامٌ عليك! ثم يقولون في أنفسِهم: {لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اْللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ} [المجادلة: 8]؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ: {وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اْللَّهُ} [المجادلة: 8] إلى آخرِ الآيةِ». أخرجه أحمد (٦٥٨٩).

* قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى اْلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [المجادلة: 14]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يدخُلُ عليكم رجُلٌ ينظُرُ بعينِ شيطانٍ، أو بعَيْنَيْ شيطانٍ»، قال: فدخَلَ رجُلٌ أزرَقُ، فقال: يا مُحمَّدُ، علامَ سبَبْتَني -أو: شتَمْتَني، أو نحوَ هذا-؟ قال: وجعَلَ يَحلِفُ، قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ في المجادلةِ: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى اْلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [المجادلة: 14]، والآيةُ الأخرى». أخرجه أحمد (٢١٤٧).

قال محقِّقو "المسند" (4 /48): «قوله: «فقال: يا مُحمَّدُ، علامَ سبَبْتَني؟»؛ كذا جاء في جميع الأصول، وكذلك هو في "مسند البزار"، وزيادة: «يا محمد» - كما قال الشيخُ أحمد شاكر- خطأٌ ينافي السياق؛ فإن الذي نُسِب إليه السبُّ والشَّتم هنا هو المنافقُ الأزرق، ورسولُ الله يَسأله ويتَّهِمُه، وهو يَحلِف كاذبًا يَتبرَّأ من التُّهمة، وقد جاء في "تفسير الطبري" على الصواب بإسقاطِ هذه الزيادة، وسيأتي على الصواب أيضًا عند أحمد (2407)»، انظر السبب الآتي.

* قوله تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اْللَّهُ جَمِيعٗا فَيَحْلِفُونَ لَهُۥ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍۚ أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ اْلْكَٰذِبُونَ} [المجادلة: 18]:

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ، أنَّ ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما حدَّثه، قال: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ظلِّ حُجْرةٍ مِن حُجَرِه، وعنده نَفَرٌ مِن المسلمين، قد كاد يَقلِصُ عنهم الظِّلُّ، قال: فقال: «إنَّه سيأتيكم إنسانٌ ينظُرُ إليكم بعَيْنَيْ شيطانٍ، فإذا أتاكم، فلا تُكلِّموه»، قال: فجاء رجُلٌ أزرَقُ، فدعاه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فكلَّمَه، قال: «علامَ تَشتِمُني أنتَ، وفلانٌ، وفلانٌ؟»، نَفَرٌ دعَاهم بأسمائهم، قال: فذهَبَ الرَّجُلُ، فدعَاهم، فحلَفوا باللهِ واعتذَروا إليه، قال: فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {فَيَحْلِفُونَ لَهُۥ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ ...} [المجادلة: 18] الآيةَ» أخرجه أحمد (2407).

* سورةُ (المجادلة):

سُمِّيت سورةُ (المجادلة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقصَّة مجادلةِ امرأةِ أوس بن الصامت عند النبي صلى الله عليه وسلم.

وتُسمَّى كذلك بـ (قَدْ سَمِعَ)؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

1. الظِّهار وكفَّارته (١-٤).

2. خَسارة مَن عادى اللهَ، وتعدَّى حدوده (٥-١٩).

3. حال أعداء الله، ومدحُ أوليائه (٢٠-٢٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /34).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقصد السورةِ: «الحُكْمُ في قضيَّة مظاهرة أوسِ بن الصامت من زوجه خَوْلة.
وإبطالُ ما كان في الجاهلية من تحريم المرأة إذا ظاهَر منها زوجُها، وأن عملهم مخالفٌ لِما أراده الله، وأنه من أوهامهم وزُورِهم التي كبَتَهم اللهُ بإبطالها، وتخلَّصَ من ذلك إلى ضلالاتِ المنافقين؛ ومنها مناجاتُهم بمرأى المؤمنين ليَغِيظوهم ويحزُنوهم.
ومنها موالاتهم اليهودَ، وحَلِفُهم على الكذب، وتخلَّل ذلك التعرُّض لآداب مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم.

وشرع التصدُّق قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

والثناء على المؤمنين في مجافاتهم اليهودَ والمشركين.

وأن اللهَ ورسوله وحِزْبَهما هم الغالبون». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /6).