تفسير سورة المعارج

الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه

تفسير سورة سورة المعارج من كتاب الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه
لمؤلفه مكي بن أبي طالب . المتوفي سنة 437 هـ

﴿ فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً ﴾

قوله تعالى: ﴿فاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً﴾:
قال ابنُ زيد: هو منسوخ بالأمر بالقتال والقتل والغِلْظَةِ عليهم.
وقد قيل: هي محكمةٌ، ولم يَزَلْ - صلى الله عليه وسلم - صابراً عليهم رفيقاً بهم.

﴿ وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾

قولُه تعالى: ﴿والَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ والمَحْرُوم﴾:
وذكرنا قول مَن قال: إنَّه مَنْسوخٌ بالزَّكاة، ومَنْ قال: هو شيءٌ غيرُالزَّكاةِ، وبيَّنا ذلك في "والذَّاريات".
وذكر ابنُ حبيب أَنَّ قولَه تعالى: ﴿أأمِنتُم مَن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَبِكُمُ الأَرْضَ﴾ [الملك: ١٦]، إلى قوله: ﴿كَيْفَ نَذِير﴾ [الملك: ١٧]، أنه منسوخ بقوله: ﴿بَلِالسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ﴾ [القمر: ٤٦] - الآية - وذلكَ أَنه تَوَعَّدَهُم في الدنيا بذلك، ثم أخبرأنه أَخَّرَ عذابَهُم إلى الآخرة.
قال أبو محمد: وهذا تَوَعُّدٌ مِنَ اللهِ لِلْكُفَّار وتَهَدُّدٌ، لا يجوزُ نَسْخُهُإِلاَّ بِضِدِّه، ولا يجوزُ وُقوعُ ضِدِّه لمن تمادى على كُفْرِه، ولم يَقُلْ تعالى: إنه(يَخْسِفُ) بهم الأرض، ولا أنه يُرْسِل عليهم الحاصِبَ قولاً قطعاًوعزماً، إنما جاء على التهدُّدِ والوعيد، إن شاء فَعَلَه، وإن شاء لم يفعلْه، وهومثل قوله: ﴿أَفأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُون﴾ [الأعراف: ٩٧] ﴿أَوَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأعراف: ٩٨] - الآيتين -، فهذا كُلُّه تَهَدُّدٌ ووعيد، إن شاءَ - تعالى - فَعَلَه وإنْ شاءَ أَخَّرَه، وليس هو بحَتْمٍ ولا عَزْمٍ لا بُدَّ مِنْ وقوعه في الدُّنْيا. فلا نَسْخَ (في هذا)، ولا يَحْسُنُ، ولا يجوز. وما عَلِمْتُ أَنَّ أحداً ذَكَرَ هذا غيرُ ابنِ حبيب.

سورة المعارج
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المعارج) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الحاقة)، وقد أكدت وقوعَ يوم القيامة بأهواله العظيمة، التي يتجلى فيها جلالُ الله وعظمته، وقُدْرتُه الكاملة على الجزاء، وأن مَن استحق النار فسيدخلها، ومَن أكرمه الله بجِنانه فسيفوز بذلك، وخُتمت ببيانِ جزاء مَن آمن، وتهديدٍ شديد للكفار؛ حتى يعُودُوا عن كفرهم.

ترتيبها المصحفي
70
نوعها
مكية
ألفاظها
217
ترتيب نزولها
79
العد المدني الأول
44
العد المدني الأخير
44
العد البصري
44
العد الكوفي
44
العد الشامي
43

* سورة (المعارج):

سُمِّيت سورة (المعارج) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (المعارج) فيها؛ قال تعالى: {مِّنَ اْللَّهِ ذِي اْلْمَعَارِجِ} [المعارج: 3]، قال ابنُ جريرٍ: «وقوله: {ذِي اْلْمَعَارِجِ} يعني: ذا العُلُوِّ، والدرجاتِ، والفواضلِ، والنِّعمِ». " جامع البيان" للطبري (29 /44).

1. المقدمة (١-٥).

2. مُنكِرو البعث (٦-٢١).

3. المؤمنون بالبعث (٢٢-٣٥).

4. هل يتساوى الجزاءانِ؟ (٣٦-٤١).

5. تهديدٌ شديد (٤٢-٤٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /343).

يقول ابن عاشور عن مقصدها: «تهديدُ الكافرين بعذاب يوم القيامة، وإثباتُ ذلك اليوم، ووصفُ أهواله.
ووصفُ شيء من جلال الله فيه، وتهويلُ دار العذاب - وهي جهنَّمُ -، وذكرُ أسباب استحقاق عذابها.
ومقابلةُ ذلك بأعمال المؤمنين التي أوجبت لهم دارَ الكرامة، وهي أضدادُ صفات الكافرين.
وتثبيتُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وتسليتُه على ما يَلْقاه من المشركين.
ووصفُ كثيرٍ من خصال المسلمين التي بثها الإسلامُ فيهم، وتحذير المشركين من استئصالهم وتبديلهم بخيرٍ منهم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /153).