تفسير سورة المعارج

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة المعارج من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ دَعَا دَاعٍ، وهو «النضرُ بنُ الحَارِثِ» القرشيُّ أو غيرُه من المكذبين، فقالوا: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
﴿ذِي المَعَارِجِ﴾ الدرجاتِ التي تَرْتَقِي فيها الملائكةُ.
﴿وَالرُّوحُ﴾ جبريلُ، وَإِفْرَادُهُ بِالذِّكْرِ -وَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ المَلَائِكَةِ- لِشَرَفِهِ وَفَضْلِهِ وَمَنْزِلَتِهِ.
﴿كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ مُدَّةُ يَوْمِ القِيَامَةِ؛ لأنه طَوِيلٌ عَلَى الكَافِرِينَ، وقيل: مُدَّةُ العروجِ لغيرِ الملائكةِ.
﴿صَبْرًا جَمِيلًا﴾ لا جَزَعَ فيه وَلَا شَكْوَى.
﴿كَالمُهْلِ﴾ كَعَكَرِ الزَّيْتِ، وقيل: ما أُذِيبَ من النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ.
﴿كَالْعِهْنِ﴾ أي الصوفِ المصبوغِ، وقيل: المصبوغ مُطْلَقًا.
﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ أي: قَرِيبٌ قَرِيبَهُ؛ لانشغالِ كُلٍّ بِحَالِهِ.
﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ أي: يُبْصِرُ كُلُّ حَمِيمٍ حَمِيمَهُ؛ إذ لا يَخْفَى منهم أحدٌ عن أحدٍ، ولا يتساءلون، ولا يُكَلِّمُ بعضُهم بَعْضًا.
﴿فَصِيلَتِهِ﴾ عَشِيرَته التي تَضُمُّهُ إليها نَسَبًا وَتَحْمِيهِ من الأذَى عند الشدةِ.
﴿لَظَى﴾ مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ، وَاشْتِقَاقُهَا مِنَ التَّلَظِّي، وهو التَّلَهُّبُ.
﴿نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى﴾ تَنْزِعُ جِلْدَةَ الرأسِ وَتَأْتِي عَلَى مَكَارِمِ الوجهِ وَحُسْنِهِ وَتَبْرِي الجِلْدَ من العظمِ حتى لا تَتْرُكَ شَيْئًا.
﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى﴾ أَيْ: جَمَعَ المالَ وَأَمْسَكَهُ في وِعَائِهِ ولم يُؤَدِّ حَقَّ اللهِ مِنْهُ.
﴿هَلُوعًا﴾ الهلعُ في اللغةِ أَشَدُّ الحِرْصِ، وأسوءُ الجَزَعِ وَأَفْحَشُهُ، والمعنى أن الإنسانَ سريعُ الجزعِ، شديدُ الحِرْصِ.
﴿جَزُوعًا﴾ الجزعُ حُزْنًا يَصْرِفُ الإنسانَ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ وَيَقْطَعُهُ عنه.
﴿مَنُوعًا﴾ بَخِيلًا كثيرَ المنعِ والإمساكِ.
﴿عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ لا يَشْغَلُهُمْ عنها شَاغِلٌ، وقلوبهم مُعَلَّقَةٌ بها، فَهُمْ فِي صَلَاةٍ دَائِمَةٍ.
﴿حَقٌّ مَّعْلُومٌ﴾ وهو الزكاةُ؛ لأن فيه قَيْدًا (مَعْلُومًا).
﴿لِّلسَّائِلِ وَالمَحْرُومِ﴾ المُحْتَاجِ الَّذِي يَسْأَلُ النَّاسَ.
﴿لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ حَافِظُونَ لَهَا، وَقَائِمُونَ بها، والأمانةُ والعهدُ يَجْمَعَانِ كُلَّ مَا يَحْمِلُهُ الإنسانُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وهذا يَعُمُّ كُلَّ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ، وما هُوَ بَيْنَهُ وبينَ الناسِ.
﴿بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ﴾ يُقِيمُونَهَا عندَ الحُكَّامِ عَلَى ما كانت عَلَيْهِ من قريبٍ أو بعيدٍ من دُونِ تَحْرِيفٍ ولا تَبْدِيلٍ، وإقامةُ الشهاداتِ من جُمْلَةِ الأماناتِ إلا أنه خَصَّهَا بالذِّكْرِ لِفَضْلِهَا؛ لأن بها تَحْيَا الحقوقُ وَتُطَهَّرُ، وفي تَرْكِهَا تموتُ وَتَضِيعُ.
﴿عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ يُحَافِظُونَ عَلَى أَرْكَانِهَا وَآدَابِهَا؛ لأنها أَعْظَمُ عباداتِ الإسلامِ.
﴿مُّكْرَمُونَ﴾ فِيهَا بأنواعِ اللَّذَّاتِ وَالمَسَرَّاتِ.
﴿مُهْطِعِينَ﴾ مُسْرِعِينَ إِلَيْكَ، مُتَطَلِّعِينَ نَحْوَكَ، مُدِيمِي النظرِ إليكَ، وقد كان المشركون يَجْلِسُونَ إلى الرسولِ - ﷺ - وَيَسْمَعُونَ كلامَه وَيَسْتَهْزِئُونَ به، وَيُكَذِّبُونَهُ.
﴿عِزِينَ﴾ جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقَةً.
﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ بِمَغْلُوبِينَ وَلَا عَاجِزِينَ.
﴿الْأَجْدَاثِ﴾ القُبُورِ.
﴿سِرَاعًا﴾ جَمْعُ سَرِيعٍ، يُسَابِقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ﴾ النُّصُبُ هُوَ ما نُصِبَ للإِسْرَاعِ إليه كالعَلَمِ والرَّايَةِ أو ما نُصِبَ لِيُعْبَدَ مِنْ دُونِ اللهِ، وهي الأصنامُ.
﴿يُوفِضُونَ﴾ يُسْرِعُونَ، والإيفاضُ: الإسراعُ.
43
سُورة نُوحٍ
سورة المعارج
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المعارج) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الحاقة)، وقد أكدت وقوعَ يوم القيامة بأهواله العظيمة، التي يتجلى فيها جلالُ الله وعظمته، وقُدْرتُه الكاملة على الجزاء، وأن مَن استحق النار فسيدخلها، ومَن أكرمه الله بجِنانه فسيفوز بذلك، وخُتمت ببيانِ جزاء مَن آمن، وتهديدٍ شديد للكفار؛ حتى يعُودُوا عن كفرهم.

ترتيبها المصحفي
70
نوعها
مكية
ألفاظها
217
ترتيب نزولها
79
العد المدني الأول
44
العد المدني الأخير
44
العد البصري
44
العد الكوفي
44
العد الشامي
43

* سورة (المعارج):

سُمِّيت سورة (المعارج) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (المعارج) فيها؛ قال تعالى: {مِّنَ اْللَّهِ ذِي اْلْمَعَارِجِ} [المعارج: 3]، قال ابنُ جريرٍ: «وقوله: {ذِي اْلْمَعَارِجِ} يعني: ذا العُلُوِّ، والدرجاتِ، والفواضلِ، والنِّعمِ». " جامع البيان" للطبري (29 /44).

1. المقدمة (١-٥).

2. مُنكِرو البعث (٦-٢١).

3. المؤمنون بالبعث (٢٢-٣٥).

4. هل يتساوى الجزاءانِ؟ (٣٦-٤١).

5. تهديدٌ شديد (٤٢-٤٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /343).

يقول ابن عاشور عن مقصدها: «تهديدُ الكافرين بعذاب يوم القيامة، وإثباتُ ذلك اليوم، ووصفُ أهواله.
ووصفُ شيء من جلال الله فيه، وتهويلُ دار العذاب - وهي جهنَّمُ -، وذكرُ أسباب استحقاق عذابها.
ومقابلةُ ذلك بأعمال المؤمنين التي أوجبت لهم دارَ الكرامة، وهي أضدادُ صفات الكافرين.
وتثبيتُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وتسليتُه على ما يَلْقاه من المشركين.
ووصفُ كثيرٍ من خصال المسلمين التي بثها الإسلامُ فيهم، وتحذير المشركين من استئصالهم وتبديلهم بخيرٍ منهم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /153).