تفسير سورة النّاس

التحرير والتنوير

تفسير سورة سورة الناس من كتاب تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد المعروف بـالتحرير والتنوير.
لمؤلفه ابن عاشور . المتوفي سنة 1393 هـ
تقدم عند تفسير أول سورة الفلق أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى سورة الناس ﴿ قل أعوذ برب الناس ﴾.
وتقدم في سورة الفلق أنها وسورة الناس تسميان ﴿ المعوذتين ﴾، و﴿ المشقشقتين ﴾ بتقديم الشين على القافين، وتقدم أيضا أن الزمخشري والقرطبي ذكرا أنهما تسميان ﴿ المشقشقتين ﴾ بتقديم القافين على الشينين، وعنونها ابن عطية في المحرر الوجيز ﴿ سورة المعوذة الثانية ﴾ بإضافة ﴿ سورة ﴾إلى ﴿ المعوذة ﴾ من إضافة الموصوف إلى الصفة. وعنونهما الترمذي ﴿ المعوذتين ﴾، وعنونها البخاري في صحيحه ﴿ سورة قل أعوذ برب الناس ﴾.
وفي مصاحفنا القديمة والحديثة المغربية والمشرقية تسمية هذه السورة ﴿ سورة الناس ﴾ وكذلك أكثر كتب التفسير.
وهي مكية في قول الذين قالوا في سورة الفلق أنها مكية، ومدنية في قول الذين قالوا في سورة الفلق أنها مدنية. والصحيح أنهما نزلتا متعاقبتين، فالخلاف في إحداهما كالخلاف في الأخرى.
وقال في الإتقان : أن سبب نزولها قصة سحر لبيد بن الأعصم، وأنها نزلت مع ﴿ سورة الفلق ﴾ وقد سبقه على ذلك القرطبي والواحدي، وقد علمت تزييفه في سورة الفلق.
وعلى الصحيح من أنها مكية فقد عدت الحادية والعشرين من السور، نزلت عقب سورة الفلق وقبل سورة الإخلاص.
وعد آيها ست آيات، وذكر في الإتقان قولا : إنها سبع آيات وليس معزوا لأهل العدد.
أغراضها
إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم لأن يتعوذ بالله ربه من شر الوسواس الذي يحاول إفساد عمل النبي صلى الله عليه وسلم، وإفساد إرشاده ويلقي في نفوس الناس الإغراض عن دعوته. وفي هذا الأمر إيماء إلى الله تعالى معيذه في ذلك فعاصمه في نفسه من تسلط وسوسة الوسواس عليه، ومتمم دعوته حتى تعم في الناس. ويتبع ذلك تعليم المسلمين التعوذ بذلك، فيكون لهم من هذا التعوذ بذلك، فيكون لهم من هذا التعوذ ما هو حظهم. ومن قابلية التعرض إلى الوسواس، ومن السلامة منه بمقدار مراتبهم في الزلفى.

وَعَدَدُ آيِهَا سِتُّ آيَاتٍ، وَذَكَرَ فِي «الْإِتْقَانِ» قَوْلًا: إِنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ وَلَيْسَ معزوّا لأهل
أغراضها
إِرْشَادُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنْ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ رَبِّهِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الَّذِي يُحَاوِلُ إِفْسَادَ عَمِلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِفْسَادَ إرشاده النَّاس وَيُلْقِي فِي نُفُوسِ النَّاسِ الْإِعْرَاضَ عَنْ دَعْوَتِهِ. وَفِي هَذَا الْأَمْرِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُعِيذُهُ مِنْ ذَلِكَ فَعَاصِمُهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ تَسَلُّطِ وَسْوَسَةِ الْوَسْوَاسِ عَلَيْهِ، وَمُتَمِّمُ دَعْوَتِهِ حَتَّى تَعُمَّ فِي النَّاسِ. وَيَتْبَعُ ذَلِكَ تَعْلِيمُ الْمُسْلِمِينَ التَّعَوُّذَ بِذَلِكَ، فَيَكُونُ لَهُمْ مِنْ هَذَا التَّعَوُّذِ مَا هُوَ حَظُّهُمْ من قَابِلِيَّةِ التَّعَرُّضِ إِلَى الوسواس، وَمَعَ السَّلَامَةِ مِنْهُ بِمِقْدَارِ مَرَاتِبِهِمْ فِي الزلفى.
[١- ٦]
[سُورَة النَّاس (١١٤) : الْآيَات ١ إِلَى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤)
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)
شَابَهَتْ فَاتِحَتُهَا فَاتِحَةَ سُورَةِ الْفَلَقِ إِلَّا أَنَّ سُورَةَ الْفَلَقِ تَعَوُّذٌ مِنْ شُرُورِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ حَيَوَانٍ وَنَاسٍ، وَسُورَةَ النَّاسِ تَعَوُّذٌ مِنْ شُرُورِ مَخْلُوقَاتٍ خَفِيَّةٍ وَهِيَ الشَّيَاطِينُ.
وَالْقَوْلُ فِي الْأَمْرِ بِالْقَوْلِ، وَفِي الْمَقُولِ، وَفِي أَنَّ الْخِطَابَ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَقْصُودَ شُمُولُهُ أُمَّتَهُ، كَالْقَوْلِ فِي نظيرة من سُورَةِ الْفَلَقِ سَوَاءً.
وَعُرِّفَ (رَبِّ) بِإِضَافَتِهِ إِلَى النَّاسِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمَرْبُوبِينَ لِأَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرٍّ يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِ النَّاسِ فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ، فَالشَّرُّ الْمُسْتَعَاذُ مِنْهُ مَصَبُّهُ إِلَى النَّاسِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُسْتَحْضَرَ الْمُسْتَعَاذُ إِلَيْهِ بِعُنْوَانِ أَنَّهُ رَبُّ مَنْ يُلْقُونَ الشَّرَّ وَمَنْ يُلْقَى إِلَيْهِمْ لِيَصْرِفَ هَؤُلَاءِ وَيَدْفَعَ عَنِ الْآخَرِينَ كَمَا يُقَالُ لِمَوْلَى الْعَبْدِ: يَا مَوْلَى فُلَانٍ كُفَّ عَنِّي عَبْدَكَ.
وَقَدْ رُتِّبَتْ أَوْصَافُ اللَّهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّاسِ تَرْتِيبًا مُدَرَّجًا فَإِنَّ اللَّهَ خَالِقُهُمْ، ثُمَّ هُمْ غَيْرُ خَارِجِينَ عَنْ حُكْمِهِ إِذَا شَاءَ أَنْ يتَصَرَّف فِي شؤونهم، ثُمَّ زِيدَ بَيَانًا بِوَصْفِ
632
إِلَهِيَّتِهِ لَهُمْ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّ رُبُوبِيَّتَهُ لَهُمْ وَحَاكِمِيَّتَهُ فِيهِمْ لَيْسَتْ كَرُبُوبِيَّةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَحَاكِمِيَّةِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ.
وَفِي هَذَا التَّرْتِيبِ إِشْعَارٌ أَيْضًا بِمَرَاتِبِ النَّظَرِ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِن النَّاظر يعلم بادىء ذِي بَدْءٍ بِأَنَّ لَهُ رَبًّا يسبب مَا يَشْعُرُ بِهِ مِنْ وُجُودِ نَفْسِهِ، وَنِعْمَةِ تَرْكِيبِهِ، ثُمَّ يَتَغَلْغَلُ فِي النَّظَرِ فَيَشْعُرُ بِأَنَّ رَبَّهُ هُوَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْغَنِيُّ عَنِ الْخَلْقِ، ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ فَهُوَ إِلَهُ النَّاسِ كُلِّهِمْ.
ومَلِكِ النَّاسِ عَطْفُ بَيَانٍ مِنْ رَبِّ النَّاسِ وَكَذَلِكَ إِلهِ النَّاسِ فَتَكْرِيرُ لَفْظِ النَّاسِ دُونَ اكْتِفَاءٍ بِضَمِيرِهِ لِأَنَّ عَطْفَ الْبَيَانِ يَقْتَضِي الْإِظْهَارَ لِيَكُونَ الِاسْمُ الْمُبَيِّنُ (بِكَسْرِ الْيَاءِ) مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لِأَنَّ عَطْفَ الْبَيَانِ بِمَنْزِلَةِ عَلَمٍ لِلِاسْمِ الْمُبَيَّنِ (بِالْفَتْحِ).
والنَّاسِ: اسْمُ جَمْعٍ لِلْبَشَرِ جَمِيعِهِمْ أَوْ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِمْ عَلَى التَّحْقِيقِ.
والْوَسْواسِ: الْمُتَكَلِّمُ بِالْوَسْوَسَةِ، وَهِيَ الْكَلَامُ الْخَفِيُّ، قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ صَائِدًا فِي قُتْرَتِهِ:
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الْفَلَقْ فَالْوَسْوَاسُ اسْمُ فَاعِلٍ وَيُطْلَقُ الْوَسْوَاسُ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَجَازًا عَلَى مَا يَخْطُرُ بِنَفْسِ الْمَرْءِ مِنَ الْخَوَاطِرِ الَّتِي يَتَوَهَّمُهَا مِثْلَ كَلَامٍ يُكَلِّمُ بِهِ نَفْسَهُ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ أُذَيْنَةَ:
وَإِذَا وَجَدْتَ لَهَا وَسَاوِسَ سَلْوَةٍ شَفَعَ الْفُؤَادُ إِلَى الضَّمِيرِ فَسَلَّهَا
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْوَسْواسِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ وَإِطْلَاقُ الْوَسْواسِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ الْمَجَازِيِّ وَالْحَقِيقِيِّ يَشْمَلُ الشَّيَاطِينَ الَّتِي تُلْقِي فِي أَنْفُسِ النَّاسِ الْخَوَاطِرَ الشِّرِّيرَةَ، قَالَ تَعَالَى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ [طه: ١٢٠]، وَيَشْمَلُ الْوَسْوَاسُ كُلَّ مَنْ يَتَكَلَّمُ كَلَامًا خَفِيًّا مِنَ النَّاسِ وَهُمْ أَصْحَابُ الْمَكَائِدِ وَالْمُؤَامَرَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا إِلْحَاقُ الْأَذَى مِنِ اغْتِيَالِ نُفُوسٍ أَوْ سَرِقَةِ أَمْوَالٍ أَوْ إِغْرَاءٍ بِالضَّلَالِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْهُدَى، لِأَنَّ شَأْنَ مُذَاكَرَةِ هَؤُلَاءِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ أَنْ تَكُونَ سِرًّا لِئَلَّا يَطَّلِعَ عَلَيْهَا مَنْ يُرِيدُونَ الْإِيقَاعَ بِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّوَائِرَ وَيُغْرُونَ النَّاسَ بِأَذِيَّتِهِ.
633
والْخَنَّاسِ: الشَّدِيدُ الْخَنْسِ وَالْكَثِيرُهُ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ. وَالْخَنْسُ وَالْخُنُوسُ: الِاخْتِفَاءُ. وَالشَّيْطَانُ يُلَقَّبُ بِ الْخَنَّاسِ لِأَنَّهُ يَتَّصِلُ بِعَقْلِ الْإِنْسَانِ وَعَزْمِهِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ خَنَسَ فِيهِ، وَأَهْلُ الْمَكْرِ وَالْكَيْدِ وَالتَّخَتُّلِ خَنَّاسُونَ لِأَنَّهُمْ يَتَحَيَّنُونَ غَفَلَاتِ النَّاسِ وَيَتَسَتَّرُونَ بِأَنْوَاعِ الْحِيَلِ لِكَيْلَا يَشْعُرَ النَّاسُ بِهِمْ.
فَالتَّعْرِيفُ فِي الْخَنَّاسِ على وزان تَعْرِيفِ مَوْصُوفِهِ، وَلِأَنَّ خَوَاطِرَ الشَّرِّ يَهُمُّ بِهَا صَاحِبُهَا فَيُطْرِقُ وَيَتَرَدَّدُ وَيَخَافُ تَبِعَاتِهَا وَتَزْجُرُهُ النَّفْسُ اللَّوَّامَةُ، أَوْ يَزَعُهُ وَازِعُ الدِّينِ أَوِ الْحَيَاءِ أَوْ خَوْفُ الْعِقَابِ عِنْدَ اللَّهِ أَوْ عِنْدَ النَّاسِ ثُمَّ تُعَاوِدُهُ حَتَّى يَطْمَئِنَّ لَهَا وَيَرْتَاضَ بِهَا فَيُصَمِّمَ عَلَى فِعْلِهَا فَيَقْتَرِفَهَا، فَكَأَنَّ الشَّيْطَانَ يَبْدُو لَهُ ثُمَّ يَخْتَفِي، ثُمَّ يَبْدُو ثُمَّ يَخْتَفِي حَتَّى
يَتَمَكَّنَ مِنْ تَدْلِيَتِهِ بِغُرُورٍ.
وَوُصِفَ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ بِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ لِتَقْرِيبِ تَصْوِيرِ الْوَسْوَسَةِ كَيْ يَتَّقِيَهَا الْمَرْءُ إِذَا اعْتَرَتْهُ لِخَفَائِهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ بُيِّنَ أَنَّ مَكَانَ إِلْقَاءِ الْوَسْوَسَةِ هُوَ صُدُورُ النَّاسِ وَبَوَاطِنُهُمْ فَعَبَّرَ بِهَا عَنِ الْإِحْسَاسِ النَّفْسِيِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الْحَج: ٤٦] وَقَالَ تَعَالَى: إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبالِغِيهِ [غَافِر: ٥٦].
وَقَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ وَتَرَدَّدَ فِي الْقَلْبِ»
، فَغَايَةُ الْوَسْوَاسِ مِنْ وَسْوَسَتِهِ بَثُّهَا فِي نَفْسِ الْمَغْرُورِ وَالْمَشْبُوكِ فِي فَخِّهِ، فَوَسْوَسَةُ الشَّيَاطِينِ اتِّصَالَاتُ جَاذِبِيَّةِ النُّفُوسِ نَحْوَ دَاعِيَةِ الشَّيَاطِينِ. وَقَدْ قَرَّبَهَا النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آثَارٍ كَثِيرَةٍ بِأَنْوَاعٍ مِنَ التَّقْرِيبِ
مِنْهَا: «أَنَّهَا كَالْخَرَاطِيمِ يَمُدُّهَا الشَّيْطَانُ إِلَى قَلْبِ الْإِنْسَانِ»
وَشَبَّهَهَا مَرَّةً بِالنَّفْثِ، وَمَرَّةً بِالْإِبْسَاسِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا»
. وَإِطْلَاقُ فِعْلِ يُوَسْوِسُ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ الشَّيْطَانِيِّ مَجَازٌ إِذْ لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ كَلَامٌ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ. وَأَمَّا إِطْلَاقُهُ عَلَى تَسْوِيلِ الْإِنْسَانِ لِغَيْرِهِ عَمَلَ السُّوءِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ. وَتَعَلُّقُ الْمَجْرُورِ مِنْ قَوْلِهِ: فِي صُدُورِ النَّاسِ بِفِعْلِ يُوَسْوِسُ بِالنِّسْبَةِ لِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ تَعَلُّقٌ حَقِيقِيٌّ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوَسْوَسَةِ النَّاسِ فَهُوَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّ وَسُوسَةَ النَّاسِ سَبَبٌ لِوُقُوعِ أَثَرِهَا فِي الصُّدُورِ فَكَانَ فِي كُلٍّ مِنْ فِعْلِ يُوَسْوِسُ وَمُتَعَلِّقِهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظَيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ.
634
وَ (مِنَ) فِي قَوْلِهِ: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ بَيَانِيَّةٌ بَيَّنَتِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ بِأَنَّهُ جِنْسٌ يَنْحَلُّ بِاعْتِبَارِ إِرَادَةِ حَقِيقَتِهِ، وَمَجَازِهِ إِلَى صِنْفَيْنِ: صِنْفٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَهُوَ أَصْلُهُ، وَصِنْفٍ مِنَ النَّاسِ وَمَا هُوَ إِلَّا تَبَعٌ وَوَلِيٌّ لِلصِّنْفِ الْأَوَّلِ، وَجَمَعَ اللَّهُ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ فِي قَوْلِهِ: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الْأَنْعَام: ١١٢].
وَوَجْهُ الْحَاجَةِ إِلَى هَذَا الْبَيَانِ خَفَاءُ مَا يَنْجَرُّ مِنْ وَسْوَسَةِ نَوْعِ الْإِنْسَانِ، لِأَنَّ الْأُمَمَ اعْتَادُوا أَنْ يُحَذِّرَهُمُ الْمُصْلِحُونَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، وَرُبَّمَا لَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ أَنَّ مِنَ الْوَسْوَاسِ مَا هُوَ شَرٌّ مِنْ وَسْوَاسِ الشَّيَاطِينِ، وَهُوَ وَسْوَسَةُ أَهْلِ نَوْعِهِمْ وَهُوَ أَشَدُّ خَطَرًا وَهُمْ بِالتَّعَوُّذِ مِنْهُمْ أَجْدَرُ، لِأَنَّهُمْ مِنْهُمْ أَقْرَبُ وَهُوَ عَلَيْهِمْ أَخْطُرُ، وَأَنَّهُمْ فِي وَسَائِلِ الضُّرِّ أَدْخُلُ وَأَقْدَرُ.
وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ مِنَ بَيَانًا لِلنَّاسِ إِذْ لَا يُطْلَقُ اسْمُ النَّاسِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْجِنَّ وَمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ فَقَدْ أَبْعَدَ.
وَقُدِّمَ الْجِنَّةِ عَلَى النَّاسِ هُنَا لِأَنَّهُمْ أَصْلُ الْوَسْوَاسِ كَمَا عَلِمْتَ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْإِنْسِ عَلَى الْجِنِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [الْأَنْعَام: ١١٢] لِأَنَّ خُبَثَاءَ النَّاسِ أَشَدُّ مُخَالَطَةً لِلْأَنْبِيَاءِ مِنَ الشَّيَاطِينِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَصَمَ أَنْبِيَاءَهُ مِنْ تَسَلُّطِ الشَّيَاطِينِ عَلَى نُفُوسِهِمْ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ [الْحجر: ٤٢] فَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ إِبْلَاغَ وَحْيِهِ لِأَنْبِيَائِهِ فَزَكَّى نُفُوسَهُمْ مِنْ خُبْثِ وَسْوَسَةِ الشَّيَاطِينِ، وَلَمْ يَعْصِمْهُمْ مِنْ لِحَاقِ ضُرِّ النَّاسِ بِهِمْ وَالْكَيْدِ لَهُمْ لِضَعْفِ خَطَرِهِ، قَالَ تَعَالَى:
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [الْأَنْفَال: ٣٠] وَلَكِنَّهُ ضَمِنَ لِرُسُلِهِ النَّجَاةَ مِنْ كُلِّ مَا يَقْطَعُ إِبْلَاغَ الرِّسَالَةِ إِلَى أَنْ يَتِمَّ مُرَادُ اللَّهِ.
وَالْجِنَّةُ: اسْمُ جَمْعِ جِنِّيٍّ بِيَاءِ النَّسَبِ إِلَى نَوْعِ الْجِنِّ، فَالْجِنِّيُّ الْوَاحِدُ مِنْ نَوْعِ الْجِنِّ كَمَا يُقَالُ: إِنْسِيٌّ لِلْوَاحِدِ مِنَ الْإِنْسِ.
وَتَكْرِيرُ كَلِمَةِ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى وَاحِدٍ إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِقَصْدِ تَأْكِيدِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِلْكِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ
635
كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ [آل عمرَان: ٧٨].
وَأَمَّا تَكْرِيرُهُ الْمَرَّةَ الثَّالِثَةَ بِقَوْلِهِ: فِي صُدُورِ النَّاسِ فَهُوَ إِظْهَارٌ لِأَجْلِ بُعْدِ الْمَعَادِ.
وَأَمَّا تَكْرِيرُهُ الْمَرَّةَ الرَّابِعَةَ بِقَوْلِهِ: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ فَلِأَنَّهُ بَيَانٌ لِأَحَدِ صِنْفَيِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، وَذَلِكَ غير مَا صدق كَلِمَةِ النَّاسِ فِي الْمَرَّاتِ السَّابِقَةِ.
وَاللَّهُ يَكْفِينَا شَرَّ الْفَرِيقَيْنِ، وَيَنْفَعُنَا بِصَالِحِ الثَّقَلَيْنِ.
تَمَّ تَفْسِيرُ «سُورَةِ النَّاسِ» وَبِهِ تَمَّ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.
يَقُولُ مُحَمَّدٌ الطَّاهِرُ ابْنُ عَاشُورٍ: قَدْ وَفَيْتُ بِمَا نَوَيْتُ، وَحَقَّقَ اللَّهُ مَا ارْتَجَيْتُ فَجِئْتُ بِمَا سَمَحَ بِهِ الْجُهْدُ مِنْ بَيَانِ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَدَقَائِقِ نِظَامِهِ وَخَصَائِصِ بَلَاغَتِهِ، مِمَّا اقْتَبَسَ الذِّهْنُ مِنْ أَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ، وَاقْتَدَحَ مِنْ زَنْدٍ لِإِنَارَةِ الْفِكْرِ وَإِلْهَابِ الْهِمَّةِ، وَقَدْ جِئْتُ بِمَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ وُفِّقْتُ فِيهِ لِلْإِبَانَةِ عَنْ حَقَائِقَ مَغْفُولٍ عَنْهَا، وَدَقَائِقَ رُبَّمَا جَلَتْ وُجُوهًا وَلَمْ تَجْلُ كُنْهًا، فَإِنَّ هَذَا مَنَالٌ لَا يَبْلُغُ الْعَقْلُ الْبَشَرِيُّ إِلَى تَمَامِهِ، وَمَنْ رَامَ ذَلِكَ فَقَدْ رَامَ وَالْجَوْزَاءُ
دُونَ مَرَامِهِ (١).
وَإِنَّ كَلَامَ رَبِّ النَّاسِ، حَقِيقٌ بِأَنْ يُخْدَمَ سَعْيًا عَلَى الرَّأْسِ، وَمَا أَدَّى هَذَا الْحَقَّ إِلَّا قَلَمُ الْمُفَسِّرِ يَسْعَى عَلَى الْقِرْطَاسِ، وَإِنَّ قَلَمِي طَالَمَا اسْتَنَّ بِشَوْطٍ فَسِيحٍ، وَكَمْ زُجِرَ عِنْدَ الْكَلَالِ وَالْإِعْيَاءِ زَجْرَ الْمَنِيحِ، وَإِذْ قَدْ أَتَى عَلَى التَّمَامِ فَقَدْ حَقَّ لَهُ أَنْ يَسْتَرِيحَ.
وَكَانَ تَمَامُ هَذَا التَّفْسِيرِ عَصْرَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ عَامَ ثَمَانِينَ وَثَلَاثِمَائَةٍ وَأَلْفٍ. فَكَانَتْ مُدَّةُ تَأْلِيفِهِ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَهِيَ حِقْبَةٌ لَمْ تَخْلُ مِنْ أَشْغَالٍ صَارِفَةٍ، وَمُؤَلَّفَاتٍ أُخْرَى أَفْنَانُهَا وَارِفَةٌ، وَمُنَازِعَ بِقَرِيحَةٍ شَارِبَةٍ طَوْرًا
_________
(١) تضمين المصراع بَيت المعري:
636
وَطَوْرًا غَارِفَةٍ، وَمَا خَلَا ذَلِكَ مِنْ تَشَتُّتِ بَالٍ، وَتَطَوُّرِ أَحْوَالٍ، مِمَّا لَمْ تَخْلُ عَنِ الشِّكَايَةِ مِنْهُ الْأَجْيَالُ، وَلَا كُفْرَانَ لِلَّهِ فَإِنَّ نِعَمَهُ أَوْفَى، وَمَكَايِيلَ فَضْلِهِ عَلَيَّ لَا تُطَفَّفُ وَلَا تُكْفَا.
وَأَرْجُو مِنْهُ تَعَالَى لِهَذَا التَّفْسِيرِ أَنْ يُنْجِدَ وَيَغُورَ، وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ الْخَاصَّةَ وَالْجُمْهُورَ، وَيَجْعَلَنِي بِهِ مِنَ الَّذِينَ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ.
وَكَانَ تَمَامُهُ بِمَنْزِلِي بِبَلَدِ الْمَرْسَى شَرْقِيَّ مَدِينَة تونس،
وَكتبه: مُحَمَّدٌ الطَّاهِرُ ابْن عاشور.
637
سورة الناس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الناس) من السُّوَر المكية، وتسمى مع سورة (الفَلَق) بـ(المُعوِّذتَينِ)، ومحورها يدور حول تعليمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الالتجاءَ إلى الله عز وجل؛ ليَحمِيَهم ويُعِيذَهم من شرِّ الخلق الظاهر والباطن، وقد أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءتها في غير موضع: بعد كل صلاةٍ، وصباحًا ومساءً، وكان صلى الله عليه وسلم إذا تأذى أحدٌ من أهلِ بيته قرأ عليه (المُعوِّذتَينِ)، وفيها الاستعاذة من الشيطان الذي يوسوس ليُفسِدَ الأعمال.

ترتيبها المصحفي
114
نوعها
مكية
ألفاظها
20
ترتيب نزولها
21
العد المدني الأول
6
العد المدني الأخير
6
العد البصري
6
العد الكوفي
6
العد الشامي
7

* سورة (النَّاس):

سُمِّيت سورة (النَّاس) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقول الله عزَّ وجلَّ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ} [الناس: 1].

* وتُسمَّى مع سورة (الفَلَق) بـ(المُعوِّذتَينِ):

عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَتعوَّذُ مِن عينِ الجانِّ، وعينِ الإنسِ، فلمَّا نزَلتِ المُعوِّذتانِ، أخَذَ بهما، وترَكَ ما سِوى ذلك». أخرجه النسائي (٥٥٠٩).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرَأَ المُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَرقِي أهلَه بـ(المُعوِّذات):

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا مَرِضَ أحدٌ مِن أهلِ بيتِه، نفَثَ عليه بالمُعوِّذاتِ...». أخرجه مسلم (٢١٩٢).

* وصفهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنْ لا مثيلَ لهن:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «ألَمْ ترَ آياتٍ أُنزِلتِ اللَّيلةَ لم يُرَ مِثْلُهنَّ قطُّ؟! {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}». أخرجه مسلم (٨١٤).

قرأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم (المُعوِّذتَينِ) في غير موضع:

* في صلاة الفجر:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَّهم بالمُعوِّذتَينِ في صلاةِ الصُّبْحِ». أخرجه ابن حبان (١٨١٨).

* في الوتر:

عن عبدِ العزيزِ بن جُرَيجٍ، قال: «سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين: بأيِّ شيءٍ كان يُوتِرُ رسولُ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان يَقرأُ في الركعةِ الأُولى بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ بـ{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ بـ{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، والمُعوِّذتَينِ». أخرجه أحمد (25906).

* قبل النوم:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوَى إلى فراشِه، جمَعَ كفَّيْهِ، ثم نفَثَ فيهما، وقرَأَ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}، ثمَّ يَمسَحُ بهما ما استطاعَ مِن جسدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ». أخرجه ابن حبان (٥٥٤٤).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) صباحًا ومساءً:

عن عبدِ اللهِ بن خُبَيبٍ رضي الله عنه، قال: «خرَجْنا في ليلةِ مطَرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نطلُبُ رسولَ اللهِ ﷺ ليُصلِّيَ لنا، فأدرَكْناه، فقال: «أصلَّيْتم؟»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، فقال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ؟ قال: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} والمُعوِّذتَينِ حينَ تُمسِي وحينَ تُصبِحُ ثلاثَ مرَّاتٍ: تَكفِيك مِن كلِّ شيءٍ»». أخرجه أبو داود (٥٠٨٢).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرَأَ المُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

الاستعاذة بالله من شرِّ الخلق الباطن (١-٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /481).

إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن يَتعوَّذَ من شرِّ الوسواس الذي يُفسِد الأعمالَ؛ فالله هو المُجِيرُ والحافظ من الشرور كلِّها.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /632)

برومك والجوزاء دون مرامه عَدو بِعَيْب الْبَدْر عِنْد تَمَامه