تفسير سورة النّاس

أحكام القرآن للجصاص

تفسير سورة سورة الناس من كتاب أحكام القرآن المعروف بـأحكام القرآن للجصاص.
لمؤلفه الجصَّاص . المتوفي سنة 370 هـ

مقدمة

تعريف بالإمام الجصّاص الحنفي المتوفى ٣٧٠ سنة هجرية الإمام أحمد بن على أبو بكر الرازي المعروف بالجصاص نسبة إلى عمله بالجص هو إمام الحنفية في عصره ومن المجتهدين المبرزين في المذهب.
ولد في بغداد سنة خمس وثلاثمائة هجرية، وتفقه على أبى سهل الزجاج وعلى أبى الحسن الكرخي عن أبى سعيد البردعي عن موسى بن نصير الرازي عن محمد.
وروى الحديث عن عبد الباقي بن قانع.
خرج إلى الأهواز ثم عاد إلى بغداد ثم خرج إلى نيسابور مع الحاكم النيسابوري برأى شيخه أبى الحسن الكرخي ومشورته فمات الكرخي وهو بنيسابور.
عاد الإمام إلى بغداد سنة أربعة وأربعون وثلاثمائة واستقر للتدريس بها وخوطب في أن يلي القضاء فامتنع وأعيد عليه الخطاب فلم يفعل.
انتهت للإمام الزاهد رئاسة الأصحاب وأخذ عنه وتفقه عليه الكثيرون ومنهم أبو عبد الله محمد بن يحيى الجرجانى شيخ القدورى وأبو الحسن محمد بن أحمد الزعفراني.
ومن مصنفات الإمام كتاب أحكام القرآن وشرح مختصر الكرخي وشرح مختصر الطحاوي وشرح الجامع لمحمد بن الحسن وشرح الأسماء الحسنى وكتاب في أدب القضاء وآخر في أصول الفقه هو بمثابة المقدمة لكتابه في أحكام القرآن وله جوابات على مسائل وردت عليه.
توفى الإمام في السابع من ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة هجرية وقد لخصنا هذا التعريف بالإمام مما ذكر عنه وعن مؤلفاته في كتاب الفوائد البهية في تراجم الحنفية لعبد الحي اللكنوى الهندي وفي كتاب كشف الظنون وفي كتاب طبقات
3
القارئ وفي كتاب شرح المواهب اللدنية لمحمد بن عبد الباقي الزرقانى وكذلك مما أورده صاحب القاموس في طبقاته للحنفية.
تغمد الله الإمام بواسع رحماته وأفاض علينا من خيراته وبركاته وصلّى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
4
سورة الناس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الناس) من السُّوَر المكية، وتسمى مع سورة (الفَلَق) بـ(المُعوِّذتَينِ)، ومحورها يدور حول تعليمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الالتجاءَ إلى الله عز وجل؛ ليَحمِيَهم ويُعِيذَهم من شرِّ الخلق الظاهر والباطن، وقد أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءتها في غير موضع: بعد كل صلاةٍ، وصباحًا ومساءً، وكان صلى الله عليه وسلم إذا تأذى أحدٌ من أهلِ بيته قرأ عليه (المُعوِّذتَينِ)، وفيها الاستعاذة من الشيطان الذي يوسوس ليُفسِدَ الأعمال.

ترتيبها المصحفي
114
نوعها
مكية
ألفاظها
20
ترتيب نزولها
21
العد المدني الأول
6
العد المدني الأخير
6
العد البصري
6
العد الكوفي
6
العد الشامي
7

* سورة (النَّاس):

سُمِّيت سورة (النَّاس) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقول الله عزَّ وجلَّ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ} [الناس: 1].

* وتُسمَّى مع سورة (الفَلَق) بـ(المُعوِّذتَينِ):

عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَتعوَّذُ مِن عينِ الجانِّ، وعينِ الإنسِ، فلمَّا نزَلتِ المُعوِّذتانِ، أخَذَ بهما، وترَكَ ما سِوى ذلك». أخرجه النسائي (٥٥٠٩).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرَأَ المُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَرقِي أهلَه بـ(المُعوِّذات):

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا مَرِضَ أحدٌ مِن أهلِ بيتِه، نفَثَ عليه بالمُعوِّذاتِ...». أخرجه مسلم (٢١٩٢).

* وصفهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنْ لا مثيلَ لهن:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «ألَمْ ترَ آياتٍ أُنزِلتِ اللَّيلةَ لم يُرَ مِثْلُهنَّ قطُّ؟! {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}». أخرجه مسلم (٨١٤).

قرأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم (المُعوِّذتَينِ) في غير موضع:

* في صلاة الفجر:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَّهم بالمُعوِّذتَينِ في صلاةِ الصُّبْحِ». أخرجه ابن حبان (١٨١٨).

* في الوتر:

عن عبدِ العزيزِ بن جُرَيجٍ، قال: «سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين: بأيِّ شيءٍ كان يُوتِرُ رسولُ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان يَقرأُ في الركعةِ الأُولى بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ بـ{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ بـ{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، والمُعوِّذتَينِ». أخرجه أحمد (25906).

* قبل النوم:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوَى إلى فراشِه، جمَعَ كفَّيْهِ، ثم نفَثَ فيهما، وقرَأَ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}، ثمَّ يَمسَحُ بهما ما استطاعَ مِن جسدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ». أخرجه ابن حبان (٥٥٤٤).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) صباحًا ومساءً:

عن عبدِ اللهِ بن خُبَيبٍ رضي الله عنه، قال: «خرَجْنا في ليلةِ مطَرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نطلُبُ رسولَ اللهِ ﷺ ليُصلِّيَ لنا، فأدرَكْناه، فقال: «أصلَّيْتم؟»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، فقال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ؟ قال: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} والمُعوِّذتَينِ حينَ تُمسِي وحينَ تُصبِحُ ثلاثَ مرَّاتٍ: تَكفِيك مِن كلِّ شيءٍ»». أخرجه أبو داود (٥٠٨٢).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرَأَ المُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

الاستعاذة بالله من شرِّ الخلق الباطن (١-٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /481).

إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن يَتعوَّذَ من شرِّ الوسواس الذي يُفسِد الأعمالَ؛ فالله هو المُجِيرُ والحافظ من الشرور كلِّها.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /632)