تفسير سورة يوسف

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة يوسف من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

قوله تعالى: ﴿ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ ﴾ [٧]٢٦٩- أنا عمرو بن علي، ومحمد بن المثنى، عن يحيى، نا عُبيد الله، حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قيل:" يا رسول الله من / أكرمُ الناس؟ قال: " أتقاهم "، قالوا: ليس عن هذا نسئلك قال: " يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله " قالوا: ليس عن هذا نسئلك. قال: " فعن معادن العرب تسألوني؟ فإن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فَقهوا " ". قال أبو عبد الرحمن: خالفه محمد بن بشر. ٢٧٠- أنا أحمد بن سليمان، نا محمد بن بشر، نا عُبيد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة - مِثْله.
قوله تعالى: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴾ [١٨]٢٧١- أنا أبو داود - سليمان بن سيف - نا يعقوب بن إبراهيم، نا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: حدثني عروة بن الزُّبير، وسعيد بن المُسيب، وعلقمة بن وَقَّاص، وعبيد الله بن عبد الله، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال أهل الإفك ما قالوا فبرَّأها الله منه. قال: وكلُّهم حدثني طائفة من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت له اقتصاصا، وقد وعيت عن كل رجل منهم الحديث الذي حدثني عن عائشة، وبعض حديثهم يُصدِّق بعضا، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض. قالت:" دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّم ثم جلس فتشهد حين جلس، ثم قال: " أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيُبرِّئُك الله، وإن كنت أَلْمَمت بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب، تاب الله عليه " فقلت لأبي: أَجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال: فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال. قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: وأنا جارية حديثة السِّنِّ / لا أقرأ من القرآن كثيراً -: إني والله لقد علمتُ، لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدَّقتم به، فلئن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - لتُصدِّقُنني. فوالله ما أجد لي مثلا ولا لكم إلا أبا يوسف حين قال: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴾ فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى أنزل الله عز وجل: - ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ ﴾ [النور: ١١] "العشر الآيات كلها - مُختصر. ٢٧٢- أنا محمد بن سلمة، أنا ابن القاسم، عن مالك، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" " مُرُوا أبا بكر فليصلِّ للناس " قالت عائشة: يا رسول الله، إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يُسْمِعَ الناس من البكاء، فمُر عمر فليُصل بالناس، قال: " مروا أبا بكر فليُصلِّ بالناس ". قالت عائشة: فقلت لحفصة: قولي له إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يُسْمِعَ الناس من البكاء، فأْمر عمر فليصل بالناس ففعلت حفصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّكنَّ لأنتُنَّ صواحب يُوسف، مروا أبا بكر فليُصل للناس. قالت حفصة: ما كنت لأُصيب منك خيراً " ".
قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ ﴾ [٥٠]٢٧٣- أنا العباس بن عبد العظيم، نا عبد الله بن محمد، أنا جُويرية بن أسماء، عن مالك بن أنس، عن الزُّهري، أن سعيد بن المسيب، وأبا عبيد أخبراه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" رحم الله إبراهيم، نحن أحقُّ بالشِّك منه. قال: ﴿ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [البقرة: ٢٦٠] وقال: " يرحم الله لوطا، كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السِّجن ما لبث يوسف ثم جاءني الدَّاعي لأجبته ". قوله تعالى: ﴿ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ / فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾ [٥٠]٢٧٤- أنا يوسف بن عيسى، أنا الفضل، أنا محمد، نا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم جاءني الداعي لأجبته إذ ﴿ جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾ ".
قوله تعالى: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ ﴾ [١١٠]٢٧٥- أنا الحسن بن محمد، نا حجاج، عن ابن جريج، قال: قال لي ابن أبي مُليكة: أخبرني عروة، عن عائشة أنها خالفت ذلك وأَبَته - قالت: ما وعد الله محمداً صلى الله عليه وسلم من شيء إلا وقد علم أنه سيكون حتى مات، وإنه لم تزل البلايا بالرسل حتى ظنوا أن من معهم من المؤمنين قد كذبوهم.- قال ابن أبي مُليكة في حديث عروة: وكانت عائشة تقرؤها ﴿ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُواْ ﴾ مُثقلة. ٢٧٦- أنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن جُريج، قال: أخبرني ابن أبي مُليكة، عن ابن عباس ﴿ حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ ﴾ قال: ذهب ها هنا - وأشار إلى السماء - قال ابن أبي مُليكة: وتلا ابن عباس﴿ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ ﴾[البقرة: ٢١٤].
قال ابن أبي مُليكة فذكرت ذلك لعُروة بن الزُّبير قال: قالت عائشة: معاذ الله، والله ما حدث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت، ولكن نزل بالأنبياء البلاء حتى خافوا أن يكون من معهم من المؤمنين قد كذبوهم، وكانت تقرأ ﴿ كُذِّبُواْ ﴾ مُثقلة. ٢٧٧- أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا وهب بن جرير، نا أبي، عن كُلثوم / بن جبر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، أنه قرأ ﴿ حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ ﴾ خفيفة. قال: إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن قومهم أن الرسل كذبوهم.
سورة يوسف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (يوسُفَ) مِن السُّوَر المكية، وقد كان لها من اسمها الحظُّ الأكبر؛ فقد قامت السورةُ بأكملها على سرد قصة (يوسف) بالتفصيل، ولا يوجد في القرآن نظيرٌ لهذا السردِ والاختصاص؛ أن تَختصَّ سورةٌ بذكرِ قصة نبيٍّ من الأنبياء، وتُسمَّى باسمه. وقد بيَّنت هذه السورةُ قواعدَ التمكين في الأرض، ومُلئت بالعِبَر والعظات المستخلَصة من قصة يوسف؛ فهي مثال يحتذى في الصبر، والتحلِّي بمكارم الأخلاق، والخوف من الله في السِّر والعلن، وصِدْقِ التوكل على الله؛ فهو الذي بيده مقاليدُ كل شيء.

ترتيبها المصحفي
12
نوعها
مكية
ألفاظها
1794
ترتيب نزولها
53
العد المدني الأول
111
العد المدني الأخير
111
العد البصري
111
العد الكوفي
111
العد الشامي
111

* قوله تعالى: {الٓرۚ تِلْكَ ءَايَٰتُ اْلْكِتَٰبِ اْلْمُبِينِ} [يوسف: 1] إلى قوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ اْلْقَصَصِ} [يوسف: 3]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه، قال : «أُنزِلَ القرآنُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فتلا عليهم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، لو قصَصْتَ علينا؛ فأنزَلَ اللهُ: {الٓرۚ تِلْكَ ءَايَٰتُ اْلْكِتَٰبِ اْلْمُبِينِ} [يوسف: 1] إلى قولِه: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ اْلْقَصَصِ} [يوسف: 3]، فتلاها عليهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، لو حدَّثْتَنا؛ فأنزَلَ اللهُ: {اْللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ اْلْحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا} [الزمر: 23]». أخرجه ابن حبان (٦٢٠٩).

* سورة (يوسُفَ):

وسببُ تسميةِ سورة (يوسُفَ) بهذا الاسمِ واضحٌ جليٌّ؛ فإنَّ قصةَ (يوسُفَ) هي موضوعها الرئيسُ.

جاء الموضوع الرئيسُ للسورة عن قصَّة (يوسف) عليه السلام على التفصيل الآتي:

1. من أدلة إعجاز القرآن الكريم (١-٣).

2. رؤيا يوسف عليه السلام (٤-٦).

3. تآمُرُ إخوته عليه عليه السلام (٧-١٨).

4. محنة يوسف عليه السلام في مصر (١٩- ٣٤).

5. محنة يوسف عليه السلام في السِّجن (٣٥-٥٣).

6. تسلُّمُه عليه السلام الحُكْمَ بعد السجن (٥٤- ٥٧).

7. لقاؤه عليه السلام مع إخوته مرة ثانية (٥٩- ٩٨).

8. لقاء العائلة (٩٩-١٠٢).

9. تعقيبات على القصة (١٠٣- ١١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /503).

لم تأتِ قصةُ (يوسف) عليه السلام لمجردِ السَّرد والتسلية؛ إنما جاءت للعِبْرة والعِظة في كثيرٍ من الأمور؛ من ذلك: لطفُ الله بمَن يصطفيه من عباده، والاقتداءُ بصبر الأنبياء - مثل: يعقوب ويوسف عليهما السلام - على البلوى، وكيف تكون لهم العاقبةُ؛ ليَتسلَّى بذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وكلُّ من سار بطريق الدعوة، كما أبانت السورةُ عن قواعدِ التمكين في الأرض، وما تخلَّلَ ذلك من الحكمة في أقوال الصالحين؛ كقوله: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اْلْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف: 67]، وقوله: {إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اْللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ اْلْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].

ينظر " التحرير والتنوير" لابن عاشور (12 /200)