تفسير سورة يوسف

غريب القرآن لابن قتيبة

تفسير سورة سورة يوسف من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة.
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة يوسف
مكية كلها
٥- فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً أي يحتالوا لك ويغتالوك.
٦- وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ أي يختارك.
وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أي من تفسير غامضها، وتفسير الرؤيا.
٧- آياتٌ لِلسَّائِلِينَ أي مواعظ لمن سأل.
٨- وَنَحْنُ عُصْبَةٌ أي جماعة. يقال: العصبة من العشرة إلى الأربعين.
٩- يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ أي يفرغ لكم من الشغل بيوسف.
وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد إهلاكه قَوْماً صالِحِينَ أي تائبين.
١٢- يَرْتَعْ بتسكين العين: يأكل. يقال: رتعت الإبل، إذا رعت. وأرتعتها: إذا تركتها ترعى «١».
(١) رتعت المشاية: أكلت ما شاءت وبابه خضع أو يقال: خرجنا نلعب ونرتع أي ننعم ونلهو والموضع (مرتع). (انظر مختار الصحاح ص ٢٣٢).
ومن قرأ: (نرتع) بكسر العين- أراد: نتحارس ويرعى بعضنا بعضا، أي: يحفظ. ومنه يقال: رعاك الله، أي حفظك.
١٥- و (الجبّ) : الرّكيّة التي لم تطو بالحجارة. فإذا طويت:
فليست بجبّ.
١٧- إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ أي ننتضل، يسابق بعضنا بعضا في الرمي. يقال: سابقته فسبقته سبقا. والخطر هو: السّبق بفتح الباء.
وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا أي بمصدّق لنا.
١٨- وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ أي مكذوب به.
قالَ بَلْ سَوَّلَتْ أي زينت. وكذلك «سور لهم الشيطان أعمالهم» أي زيّنها.
١٩- وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ: قوم يسيرون.
فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ أي وارد الماء ليستقي لهم.
فَأَدْلى دَلْوَهُ أي أرسلها. يقال: أدلى دلوه، إذا أرسلها للاستقاء.
ودلى يدلو: إذا جذبها ليخرجها.
قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وذلك: أن يوسف تعلّق بالحبل حين أدلاه، أي أرسله.
(وأسرّوه) أي أسرّوا في أنفسهم أنه بضاعة وتجارة.
٢٠- وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ يكون: اشتروه، يعني: السيارة.
ويكون: باعوه، يعني: الإخوة. وهذا حرف من الأضداد. يقال شريت الشيء، يعني: بعته واشتريته. وقد ذكرت هذا وما أشبهه في كتاب «تأويل المشكل».
و (البخس) الخسيس الذي بخس به البائع «١».
دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ: يسيرة سهل عددها لقّلتها، ولو كانت كثيرة:
لثقل عددها.
٢١- أَكْرِمِي مَثْواهُ أي أكرمي منزله ومقامه عندك. من قولك:
ثويت بالمكان، إذا أقمت به.
أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً أي نتبنّاه.
٢٢- بَلَغَ أَشُدَّهُ: إذا انتهى منتهاه قبل أن يأخذ في النقصان. وهو جمع. يقال: لواحده أشدّ. ويقال: شدّ وأشدّ. مثل: قدّ وأقدّ. وهو الجلد. ولا واحد له.
وقد اختلف في وقت بلوغ الأشدّ، فيقال: هو بلوغ ثلاثين سنة.
ويقال: بلوغ ثمان وثلاثين.
٢٣- وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ أي هلمّ لك. يقال: هيّت فلان لفلان، إذا دعاه وصاح به. قال الشاعر:
قد رابني أنّ الكريّ أسكتا لو كان معنيا بها لهتّا
٢٤- لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ أي حجّته عليه.
٢٥- وَأَلْفَيا سَيِّدَها: وجداه لَدَى عند الْبابَ.
٢٩- إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ قال الأصمعي: يقال: خطىء الرجل يخطأ خطأ-: إذا تعمد الذنب. فهو خاطئ. والخطيئة [منه] وأخطأ يخطىء-: إذا غلط ولم يتعمّد. والاسم منه الخطأ.
(١) البخس: الناقص، يقال: شراه بثمن بخس وقد بخسه حقه أي نقصه وبابه قطع، ويقال للبيع إذا كان قصدا لا بخس فيه ولا شطط. (انظر مختار الصحاح ص ٤٢).
185
٣٠- قَدْ شَغَفَها حُبًّا «١» أي بلغ حبّه شفافها. وهو غلاف القلب.
ولم يرد الغلاف إنما أراد القلب. يقال: قد شفغت فلانا إذا أصبت شفافه.
كما يقال: كبدته، إذا أصبت كبده. وبطنته: إذا أصبت بطنه.
ومن قرأ: «شغفها» - بالعين- «٢» أراد فتنها. من قولك. فلان مشعوف بفلانة.
٣١- فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أي بقولهن وغيبتهن.
وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ أعتدت من العتاد.
مُتَّكَأً أي طعاما. يقال: اتكأنا عند فلان: إذا طعمنا. وقد بينت أصل هذا في كتاب «المشكل».
ومن قرأ «متكا» فإنه يريد الأترج. ويقال: الزّماورد «٣».
وأيّا ما كان فإني لا أحسبه سمي متّكأ إلّا بالقطع، كأنه مأخوذ من البتك. وأبدلت الميم فيه من الباء. كما يقال: سمّد رأسه وسبّده. وشرّ لازم ولازب. والميم تبدل من الباء كثيرا لقرب مخرجهما. ومنه قيل للمرأة التي لم تخفض والتي لا تحبس بولها: متكاء- أي خرقاء- والأصل بتكاء.
ومما يدل على هذا قوله: وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً لأنه طعام
(١) الشغف بالفتح: غلاف القلب وهو جلدة دونه كالحجاب يقال: شغفه الحب أي بلغ شغافه وبابه باب شغف وقراء ابن عباس رضي الله عنهما: قَدْ شَغَفَها حُبًّا وقال:
دخل حبه تحت الشغاف.
(٢) شعفه الحب يشعفه بفتح العين فيهما شعفا بفتحتين: أحرق قلبه وقيل أمرضه، وقراء الحسن: قَدْ شَغَفَها حُبًّا قال: بطنها حبا وقد شعف بكذا على ما لم يسم فاعله فهو مشعوف. (انظر مختار الصحاح ص ٣٤٠).
(٣) أخرج الخاري عن فضيل عن حصين عن مجاهد: متكا: الأترج، قال فضيل:
الأترج بالحبشية متكا، وقال ابن عيينة عن رجل عن مجاهد: متكا: كل شيء قطع بالسكين. وهناك أقوال أخرى غير ذلك أوردهما البخاري في صحيحه.
186
لا يؤكل حتى يقطع. وقال جويبر عن الضّحاك: [المتك] كلّ شيء يحزّ بالسكاكين.
أَكْبَرْنَهُ: هالهن فأعظمنه.
٣٢- فَاسْتَعْصَمَ أي امتنع.
٣٦- أَعْصِرُ خَمْراً يقال لا، عنبا. قال الأصمعي: أخبرني المعتمر بن سليمان أنه لقي أعرابيا معه عنب، فقال ما معك؟ فقال: خمر.
وتكون الخمر بعينها، كما يقال: عصرت زيتا، وإنما عصرت زيتونا.
٤٢- اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ أي عند سيدك. قال الأعشى يصف ملكا:
ربي كريم لا يكدر نعمة وإذا يناشد بالمهارق أنشدا
فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ يقال: ما بين الواحد إلى تسعة.
وقال أبو عبيدة: هو ما [لم] يبلغ العقد ولا نصفه. يريد: ما بين الواحد إلى الأربعة.
٤٤- قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ أي أخلاط أحلام. مث أضغاث النبات يجمعها الرجل فيكون ضروب مختلفة. والأحلام واحدها حلم.
٤٥- وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أي بعد حين. يقال: بعد سبع سنين. ومن قرأ (بعد أمه) أراد: بعد نيسان.
٤٦- الصِّدِّيقُ: الكثير الصدق. كما يقال: فسّيق وشرّيب وسكّير، إذا كثر ذلك منه.
٤٧- تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً أي جدّا في الزراعة ومتابعة. وتقرأ (دأبا) : بفتح الهمزة. وهما واحد. يقال دأبت أدأب دأبا ودأبا.
٤٨- تُحْصِنُونَ أي تحرزون.
٤٩- يُغاثُ النَّاسُ أي يمطرون. والغيث: المطر.
وَفِيهِ يَعْصِرُونَ يعني: الأعناب والزيت. وقال أبو عبيدة:
(يعصرون) : ينجون والعصرة النّجاة. قال الشاعر:
ولقد كان عصرة المنجود أي غياثا ومنجاة للمكروب.
٥١- ما خَطْبُكُنَّ ما أمركنّ، ما شأنكنّ؟
الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أي وضح وتبيّن.
٥٩- خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ أي خير المضيفين.
٦٥- وَنَمِيرُ أَهْلَنا من الميرة. يقال: مار أهله ويميرهم ميرا وهو مائر أهله، إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدة.
وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ أي حمل بعير.
٦٦- إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ أي تشرفوا على الهلكة وتغلبوا.
اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ أي كفيل.
٦٧- وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ، وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ، يريد: إذا دخلتم مصر، فادخلوا من أبواب متفرقة. يقال: خاف عليهم العين إذا دخلوا جملة.
٦٩- آوى إِلَيْهِ أَخاهُ أي ضمّه إليه. يقال: آويت فلانا إليّ بمد الألف-: إذا ضممته إليك. وأويت إلى بني فلان- بقصر الألف-: إذا لجأت إليهم.
فَلا تَبْتَئِسْ من البؤس.
٧٠- (السّقاية) : المكيال. وقال قتادة: مشربة الملك.
ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أي قال قائل، أو نادى مناد.
أَيَّتُهَا الْعِيرُ: القوم على الإبل.
٧٢- (صواع الملك) وصاعه واحد.
وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ أي ضمين.
٧٥- قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ أي يستعبد بذلك. وكانت سنة آل يعقوب في السارق.
٧٦- كِدْنا لِيُوسُفَ أي احتلنا له. ولكيد: الحيلة. ومنه قوله:
إن كيدهن عظيم.
فِي دِينِ الْمَلِكِ أي في سلطانه.
٧٧- قالُوا: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ، يعنون يوسف وكان سرق صنما يعبد، وألقاه.
٨٠- فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ أي يئسوا. خَلَصُوا نَجِيًّا أي اعتزلوا الناس ليس معهم غيرهم، يتناجون ويتناظرون ويتسارّون. يقال: قوم نجيّ، والجميع أنجية. قال الشاعر:
إنّي إذا ما القوم كانوا أنجيه واضطربت أعناقهم كالأرشية
قالَ كَبِيرُهُمْ أي أعقلهم. وهو: شمعون. وكأنه كان رئيسهم. وأما أكبرهم في السن: فروبيل. وهذا قول مجاهد. وفي رواية الكلبي: كبيرهم في العقل، وهو: يهوذا.
٨١- وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ يريدون: حين أعطيناك الموثق لنأتينّك [به]، أي [لم] نعلم أنه يسرق، فيؤخذ.
٨٤- وَقالَ يا أَسَفى الأسف: أشدّ الحسرة.
فَهُوَ كَظِيمٌ أي كاظم. كما تقول: قدير وقادر. والكاظم:
الممسك على حزنه، لا يظهره، ولا يشكوه.
٨٥- تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ أي لا تزال تذكر يوسف.
قال أوس بن حجر:
فما فتئت خيل تثوب وتدّعي حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أي دنفا. يقال: أحرضه الحزن، أي:
أدنفه. ولا أحسبه قيل للرجل الساقط: حارض، إلّا من هذا. كأنّه الذاهب الهالك.
أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ يعني: الموتى.
٨٦- و (البثّ لا (أشد الحزن. سمي بذلك: لأن صاحبه لا يصبر عليه، حتى يبثّه، أي يشكوه.
٨٨- بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ أي قليلة، ويقال: رديئة، لا تنفق في الطعام، وتنفق في غيره. لأن الطعام لا يؤخذ فيه إلّا الجيد.
وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا يعنون: [تفضل بما] بين البضاعة وبين ثمن الطعام.
٩٢- قالَ: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ: لا تعيير عليكم بعد هذا اليوم بما صنعتم. وأصل التّثريب: الإفساد. يقال: ثرّب علينا، إذا أفسد.
وفي الحديث: «إذا زنت أمة أحدكم: فليجلدها الحدّ، ولا يثرّب» «١»
أي لا يعيّرها بالزنا.
٩٤- لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ أي تعجّزون. ويقال: لولا أن تجهّلون يقال: أفنده الهرم، إذا خلّط في كلامه.
١٠٠- وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ أي على السرير.
(١) أخرجه الترمذي عن أبي هريرة بلفظ مقارب برقم ١٤٤٠.
١٠٥- وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ أي كم من دليل وعلامة. فِي خلق السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ- ١٠٦- وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ يريد: إذا سئلوا:
من خلقهم؟ قالوا: الله. ثم يشركون بعد ذلك. أي يجعلون لله شركاء.
١٠٧- غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أي مجلّلة تغشاهم. ومنه قوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ [سورة الغاشية آية: ١] أي خبرها.
١٠٨- أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أي على يقين. ومنه يقال:
فلان مستبصر في كذا، أي مستيقن له.
١١٠- حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مفسّر في كتاب «تأويل المشكل».
١١١- ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى أي يختلق ويصنع.
سورة يوسف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (يوسُفَ) مِن السُّوَر المكية، وقد كان لها من اسمها الحظُّ الأكبر؛ فقد قامت السورةُ بأكملها على سرد قصة (يوسف) بالتفصيل، ولا يوجد في القرآن نظيرٌ لهذا السردِ والاختصاص؛ أن تَختصَّ سورةٌ بذكرِ قصة نبيٍّ من الأنبياء، وتُسمَّى باسمه. وقد بيَّنت هذه السورةُ قواعدَ التمكين في الأرض، ومُلئت بالعِبَر والعظات المستخلَصة من قصة يوسف؛ فهي مثال يحتذى في الصبر، والتحلِّي بمكارم الأخلاق، والخوف من الله في السِّر والعلن، وصِدْقِ التوكل على الله؛ فهو الذي بيده مقاليدُ كل شيء.

ترتيبها المصحفي
12
نوعها
مكية
ألفاظها
1794
ترتيب نزولها
53
العد المدني الأول
111
العد المدني الأخير
111
العد البصري
111
العد الكوفي
111
العد الشامي
111

* قوله تعالى: {الٓرۚ تِلْكَ ءَايَٰتُ اْلْكِتَٰبِ اْلْمُبِينِ} [يوسف: 1] إلى قوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ اْلْقَصَصِ} [يوسف: 3]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه، قال : «أُنزِلَ القرآنُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فتلا عليهم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، لو قصَصْتَ علينا؛ فأنزَلَ اللهُ: {الٓرۚ تِلْكَ ءَايَٰتُ اْلْكِتَٰبِ اْلْمُبِينِ} [يوسف: 1] إلى قولِه: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ اْلْقَصَصِ} [يوسف: 3]، فتلاها عليهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، لو حدَّثْتَنا؛ فأنزَلَ اللهُ: {اْللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ اْلْحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا} [الزمر: 23]». أخرجه ابن حبان (٦٢٠٩).

* سورة (يوسُفَ):

وسببُ تسميةِ سورة (يوسُفَ) بهذا الاسمِ واضحٌ جليٌّ؛ فإنَّ قصةَ (يوسُفَ) هي موضوعها الرئيسُ.

جاء الموضوع الرئيسُ للسورة عن قصَّة (يوسف) عليه السلام على التفصيل الآتي:

1. من أدلة إعجاز القرآن الكريم (١-٣).

2. رؤيا يوسف عليه السلام (٤-٦).

3. تآمُرُ إخوته عليه عليه السلام (٧-١٨).

4. محنة يوسف عليه السلام في مصر (١٩- ٣٤).

5. محنة يوسف عليه السلام في السِّجن (٣٥-٥٣).

6. تسلُّمُه عليه السلام الحُكْمَ بعد السجن (٥٤- ٥٧).

7. لقاؤه عليه السلام مع إخوته مرة ثانية (٥٩- ٩٨).

8. لقاء العائلة (٩٩-١٠٢).

9. تعقيبات على القصة (١٠٣- ١١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /503).

لم تأتِ قصةُ (يوسف) عليه السلام لمجردِ السَّرد والتسلية؛ إنما جاءت للعِبْرة والعِظة في كثيرٍ من الأمور؛ من ذلك: لطفُ الله بمَن يصطفيه من عباده، والاقتداءُ بصبر الأنبياء - مثل: يعقوب ويوسف عليهما السلام - على البلوى، وكيف تكون لهم العاقبةُ؛ ليَتسلَّى بذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وكلُّ من سار بطريق الدعوة، كما أبانت السورةُ عن قواعدِ التمكين في الأرض، وما تخلَّلَ ذلك من الحكمة في أقوال الصالحين؛ كقوله: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اْلْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف: 67]، وقوله: {إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اْللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ اْلْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].

ينظر " التحرير والتنوير" لابن عاشور (12 /200)